روسيا.. عودة الدب القوى

صباح الخير
تأسس جهاز المخابرات السوفيتى لأول مرة فى 20 ديسمبر 1917 برئاسة فليكس دزر سنسكاى والرئيس فلاديمير لينين، وتفكك فى 11 أكتوبر 1991 عقب انهيار الاتحاد السوفيتى. . وتُعتبر المخابرات الفيدرالية فى روسيا من أكبر وأنجح المخابرات حول العالم، ومصنفة ضمن أفضل 10 أجهزة مخابرات دولية، وقد أعلنت المخابرات الروسية عن زيادة موازنتها فى عام 2006 بنسبة 40% تقريبًا، دون الإفصاح عن حجم المبلغ.
وقد سعى الدب الروسى جاهداً إلى استعادة دوره فى الشرق الأوسط، عقب ثورات الربيع العربى، التى جاءت بالإسلاميين المتحالفين مع الغرب، خوفاً من التطرف الإسلامى الذى سيحرك الجماعات الإسلامية فى القوقاز، وعاد لممارسة دوره المعتاد كإحدى القوى الدولية ذات الثقل فى النظام العالمى، بقيادة الرئيس «فلاديمير بوتين»، رجل المخابرات السوفيتية (KGB) التى تعرف الآن بجهاز الأمن الاتحادى الروسى (FSB) وظهر لعب أجهزة الاستخبارات الغربية جلياً مع موسكو فى الأزمة السورية والأوكرانية، وكذلك ضم شبه جزيرة القرم، وحرب الروس الناعمة التى جمعت بين التجسس والتسلح، والضغط الاقتصادى، وحرب المعلومات، والمناورات السياسية.
والحقيقة أن المحاولات الغربية بزعامة الولايات المتحدة فى العاصمة الأوكرانية «كييف» لتطويق روسيا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، لم تكن وليدة المصادفة بل تم التحضير لها منذ فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وهدفت إلى إغلاق كل منافذ خروج روسيا إلى العالم وإحكام القبضة عليها أمنياً بنشر نظام الدرع الصاروخية الأمريكية فى دول شرق أوروبا (بولندا، وجورجيا، وليتوانيا، مولدافيا). ومقابل ذلك، ووفقاً لتحقيق نشرته مجلة «تايم» الأمريكية، فى مايو 2015، عمد بوتين خلال العقد الماضى إلى تأسيس شبكة عمليات استخباراتية وتجهيزها وتمويلها، فى البلدان المهمة استراتيجياً لهم، من أستونيا الواقعة على البلطيق إلى أذربيجان فى القوقاز، وفى إيران وسوريا، وحتى بريطانيا وألمانيا لاحتواء أى حدث دراماتيكى كالذى شهدته أوكرانيا، وسوريا، واحتواء أى توسع للنفوذ الغربى، فى دول ذات استراتيجية ومصالح مهمة مع روسيا.
وفى الملف الأوكرانى، حافظت أجهزة الاستخبارات الروسية على موطئ قدم لها فى هذه الدولة منذ عقود بوجود عميق منذ كان جهاز الاستخبارات الأوكرانى فرعاً محلياً لـ(KGB)، وتغلغل النشطاء الروس، الذين يعملون لمصلحة جهاز (FSB)، فى صفوف الشرطة الأوكرانية ووكالة استخباراتها.
وفتح جهاز (FSB) قنوات مع نظرائه فى بلدان الشرق الأوسط، واستطاع توسيع علاقاته مع بلدان المنطقة، ومنها إسرائيل والتى تجرى معها روسيا منذ 2004 تدريبات مشتركة على مكافحة الإرهاب، ناهيك عن قيام «ديمترى كوزاك» مبعوث الرئيس بوتين إلى منطقة شمال القوقاز فور تعيينه فى مارس 2004 بعدة زيارات لإسرائيل أسفرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات بشأن مكافحة الإرهاب، من بينها بيع طائرات إسرائيلية دون طيار إلى روسيا لمراقبة الحدود حول جمهورية الشيشان. وفى تصريح لـ«جوناثان بولارد» الجاسوس الأمريكى الذى صدر ضده حكم بالسجن مدى الحياة، بعد أن تبين أنه كان يتجسس لصالح الموساد، اعترف أن جهاز الاستخبارات الروسية كان متوغلاً بعمق داخل الموساد، مشيراً إلى أن الأخير باع المعلومات السرية، الخاصة بالأمريكان، للاتحاد السوفيتى مقابل السماح لليهود بالهجرة من وإلى إسرائيل.
وكشفت الاستخبارات الروسية عن مساعدة إسرائيل لمقاتلى المعارضة فى سوريا، وهو ما أكده تقرير الأمم المتحدة، حيث رصدت قوات مراقبة وقف إطلاق النار «الأندوف» عام 2014، اتصالات بين عناصر مسلحة من المعارضة وجيش الاحتلال الإسرائيلى عبر خط وقف إطلاق النار بخاصة فى أثناء فترات الاشتباك العنيف بين القوات المسلحة السورية وأفراد المعارضة المسلحة. كما قامت إسرائيل بتسليم صندوقين إلى مسلحين من أفراد المعارضة على الجانب السورى فى هضبة الجولان المحتلة.•