السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شبابنا إللى فتَّح فى جناين ألمانيا

شبابنا إللى فتَّح فى جناين ألمانيا
شبابنا إللى فتَّح فى جناين ألمانيا


ليس شرطا أن تكون دبلوماسيا أو حتى وزيرًا فى حكومة كى تلعب دورا وطنيا لبلدك فى الخارج.. فهناك من يؤدون أدوارا قومية وحضارية بأشكال مختلفة فهم يبنون جسورا لتواصل إنسانى وعلمى مع الآخر لا يقل عن التواصل السياسى والاقتصادى.

وكما كان العلم جسرا، فإن اللغة والموسيقى من أكثر الجسور فاعلية فى تجميع الشعوب ونشر رسالة سلام وسط عالم يموج بالمشاكل والأزمات.
على ضفاف نهر تيجل ببرلين شباب مصرى زى الورد فتح فى جناين مقاطعة ريكندروف.. وعلى أنغام حلوة يابلدى وسالمة ياسلامة والحلوة دى قامت تعجن فى الفجرية، تراقص الألمان واهتزوا طرباً مثلما فعل المصريون والعرب المتواجدون هناك.
القاهرة من برلين
 لو محتاج تختبر مشاعرك تجاه بلدك شوفها من بره! فى عيون شباب مصرى بيشرفها فى الخارج أو حتى اسمع أغانى وطنية بتسمعها هنا كتير لكن جرب تسمعها بعيد وسط شعب آخر.. حالة مختلفة تماما.. بخلاف دموعك إللى هاتسبقك ونبضات قلبك إللى هاتتسارع فى صدرك.. هاتحس بحب وحنين وأنها مهما قست أو غلست فهى الحضن إللى بنحن له.
شباب الجامعة الألمانية بالقاهرة والموجودين فى فترة تدريبية صيفية فى فرع الجامعة ببرلين وأيضا فريق الأكاديمية الموسيقية بالجامعة بهروا الألمان بنغمات وألحان وطرب مصرى أصيل على مسرح حديقة مقاطعة ريكندروف الشاسعة والمليئة بالحضور.
فالجامعة تؤمن بأن لها دوراحضاريا ومجتمعيا لا يقتصر على التعليم والتعلم وتلقين الطلاب للمعلومات الأكاديمية التطبيقية.. لكن تعمل على مزج الدراسة بالعديد من مجالات الأنشطة الإنسانية والمجتمعية بغرض تنمية المسئولية الاجتماعية لدى الطالب وإتاحة الفرصة له للاندماج مع الآخر ليكتسب خبرات إيجابية.
حضرت الحفل (كاترين شولتز بيرند) وزيرة التعليم والثقافة بالمقاطعة الألمانية والدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة وعدد من أعضاء مجلس النواب الألمانى.
وأعربت وزيرة التعليم والثقافة بالمقاطعة عن سعادتها بالحفل والتواجد الكبير للطلاب المصريين بفرع الجامعة الألمانية بالقاهرة، وقالت: إنها فخورة بأنهم استطاعوا إقناع د.أشرف منصور بإقامة فرع الجامعة فى برلين فى مقاطعتها ريكندروف التى بها 250 ألف نسمة ولها طابع صناعى والمنطقة التى يوجد بها مقر الجامعة هنا تحمل اسم صانع قطارات السكة الحديد فى القرن الـ19 فى ألمانيا.
وهنا على بحيرة تيجل يوجد قصر لاثنين من أكبر علماء ألمانيا الكسندر هومبولد وأخوه الذى سميت باسمه جامعة هومبولد.. وأضافت قائلة: إن لغة الشعب تعبر عن روح ثقافته فتعلم اللغات يحقق التواصل والتفاهم مع بعضنا البعض.
وأنا سعيدة ومقدرة جدا جهود خلق فرص التفاعل والتقارب هنا سواء بمهرجان اللغة والموسيقى الذى تقيمه الجامعة أو بباقى الأنشطة التى تقيمها فى المنطقة وفكرة إحضار طلاب مصريين إلى هنا للتقارب والتفاعل والاحتكاك مع أقرانهم أعتقد أنه قرب ما بين القاهرة وبرلين أكثر ففرع الجامعة هنا ببرلين خلق جسر تواصل اجتماعى وعلمى وثقافى كبير مع المجتمع الألمانى.. أما فرانك تشيفل عضو البرلمان الألمانى ببرلين عن الحزب الديمقراطى فقال: إن هذه أكبر رسالة للعالم الذى أصبح مليئا بالمشكلات والصعاب بأن الموسيقى والفن يجمعان الشعوب بعيدا عن اختلافات اللغة والثقافات.
وبعد انتهاء الحفل جلسنا مجموعة من الصحفيين مع الوزيرة وعضو البرلمان على نفس مقاعد الحفل نتحدث معهما فإذا بعامل الحديقة المسئول عن جمع المقاعد بعد انتهاء الحفل وانصراف الجمهور يأتى إلى الوزيرة وعضو البرلمان ويطلب منهما ترك المقعد لأن الحفل انتهى!! هو عامل يؤدى عمله وليست له علاقة بمن يجلس.. فطلبا منه السماح لهما بعدة دقائق حتى ننهى حديثنا معهما.. نظرنا لبعضنا ودماغنا رجعت على مصر ماذا لو كان الموقف عندنا!
برلين ذات الوجه الرومانسى
برلين ذات الألف وجه.. لأول وهلة يظنها الزائر أنها مدينة صلبة بلاروح، كأنها اكتسبت صفتها من شهرتها كمدينة الصناعة والاختراعات.. لكن الطبيعة الخلابة تقف على أبوابها لتكشف عن الوجه الرومانسى الممتع لها.
تحيطها الخضرة التى تتخللها بحيرة ونهر يجعلها مصدر جذب لكل باحث عن المتعة والاستجمام سواء سائحًا أو مقيمًا يبحث عن الراحة ما بين يوم العمل ويوم الإجازة.
فالشعب الألمانى شعب جاد ويعطى كل وقت فى حياته حقه حتى إجازته يعتبرها فترة الشحن المعنوى بالطاقة اللازمة لباقى أيام الأسبوع.
فى قلب المدينة أى منطقة وسط البلد كما يسمونها كنت نزيلة أحد فنادق ميدان ألكسندر «Alexanderplatz» وهو ميدان كبير فى وسط العاصمة الألمانية برلين، وهو واحد من أهم المناطق التجارية، وفيه عدد من المطاعم والمبانى الحديثة التى تعكس التطور الكبير الذى حدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سمى بميدان ألكسندر نسبة إلى القيصر الروسى ألكسندر الأول، الذى أطلق اسمه على الميدان هو ملك برلين وذلك عندما زار القيصر الروسى المدينة عام 1805.
وفى هذا الميدان تجد صورًا عديدة له على جدران محطة المترو كشاهد على تطوره عبر مراحل تاريخية مختلفة، وعلى كل صورة برواز معلوماتى يحكى قصة للميدان فى وسط ميدان ألكسندر بلاتز تجد الشباب وحفلاتهم المستمرة رقصاً وغناء وحالة من البهجة وكل من لديه موهبة يستعرضها أمام الناس بلاخجل.
عروسة الميدان
وقفت أتأمل مجموعة من الفتيات يرتدين زيا موحداً وشارة مكتوبًا عليها حفل زفاف وتتوسطهم فتاة ترتدى فستانًا أبيض وطرحة تكرر المشهد أكثر من مرة فى الميدان والفتيات يرقصن حول العروس التى تحمل صندوقا به بعض مقتنياتها القديمة ويعرضونها للبيع مقابل يورو أو من يريد التقاط صورة مع العروس يدفع لها يورو واحد.. وقفنا أنا ورفيقة الرحلة صفاء نوار نتحدث معهن فاتضح أنها تقليعة ألمانية وهو أن تذهب صديقات العروس إلى بيتها ويخترن من حجرتها أى مقتنيات لها قديمة أو جديدة ليست فى حاجة لها حتى لو كانت ألعابها وهى طفلة ويضعونها فى صندوق لبيعه قبل أيام من زفافها وتتفاءل باليوروهات التى كسبتها من هذا اليوم وأحيانا تكون مساهمة فى رحلة الزواج أو شراء ما ينقصها.
نهار خارجى ونهار داخلى
انتقلت ما بين مشهدين لكن كليهما بنفس العنوان وهو التواصل الحضارى والاجتماعى فمن مشهد غناء طلابنا المصريين أمام العشرات من الشباب وكبار السن.. إلى مشهد داخل مقر فرع الجامعة فى برلين حيث العشرات من الأطفال الألمان الصغار أبناء المقاطعة كأن الجامعة تحولت إلى ساقية الصاوى لأبناء المنطقة بمهرجان «القراءة واللغات».
جزء من هؤلاء الأطفال ألتف حول د. ريم عتمان الشخصية الجميلة الهادئة تحكى لهم قصصًا من تراثنا الأدبى الشهير بطريقتها السلسة الجذابة بمصاحبة العرائس المتحركة والأطفال يجلسون فى صمت وانبهار مع صوتها وجاذبية الحدوتة المصرية التى كانت تحكيها لهم باللغة الإنجليزية فى إطار تعليم اللغة لأبناء منطقة ريكندروف.
جزء آخر يلعب فى بهو الجامعة مع شباب الجامعة الذين راحوا يرسمون لهم بالالوان على أيديهم ووجوههم وهم مستمتعون معهم، وجزء ثالث ما إن انطلقت فرقة الشباب فى العزف والغناء حتى انطلقوا يرقصون فى حالة بهجة غمرتنا نحن الكبار واللافت والمفرح أن الأطفال الصغار لم تفارق أيديهم الأعلام المصرية سواء يلعبون أو يستمعون لحواديت مصرية أو يرقصون على أنغام حلوة يابلدى أو أشهر أغانيهم الألمانية. •
الورد إللى فتح
بعد انتهاء الحفل الغنائى المصرى الألمانى.. وقفت مع شباب الجامعة الألمانية بالقاهرة القادمين إلى فرع الجامعة ببرلين لقضاء كورس تدريبى لمدة شهر ومنهم محمد أشرف هندسة وعلى وشك التخرج وهو مطرب الجامعة الذى أمتع الألمان بأدائه فى الحفل فقال: إنه ينمى موهبة الغناء والموسيقى بجوار دراسته من خلال الأكاديمية الموسيقية بالجامعة ومن خلالها عملنا أكثر من تبادل وتفاعل مع الجانب الألمانى وغنينا مشترك عربى على جاز والألمان استقبلوا موسيقانا أفضل استقبال وفعلا الموسيقى أفضل وسيلة تقارب بين الشعوب.
سلوى طارق تدرس الإدارة بالجامعة فى القاهرة وحصلت على منحة سفر الأوائل فى السنة الأولى لها وجاءت إلى فرع الجامعة ببرلين فى الكورس الصيفى.. قالت لى: أشعر أننى نضجت بوجودى هنا بعيدا عن أهلى لأول مرة ومعتمدة على نفسى تماما. وهى تجربة هاتغير كتير فى حياتى وخططى المستقبلية.
الدراسة بالجامعة البعض بيقول عنها صعبة لكن بالعكس هى تعلمنا العمل تحت أى ضغط وفى أى مكان وبحلم أنى أتخرج وأتولى إدارة أى مشروع كبير.
يسرا أحمد المهدى حقوق.. أول سنة بالجامعة الألمانية حصلت على منحة الأوائل أيضا بكل براءة وثقة أيضا قالت عن نفسها: بصراحة سنة واحدة دراسة فى الجامعة فرقت معايا كتير حتى والدى لاحظ ده وقالى: إنت طريقة كلامك وحوارك اختلفت كنت قبل كده أفتح حوارًا وينتهى عشوائيًا والأفكار ليست مرتبة لكن تعلمت أن الكلام مهم ترتيبه واستخدام المعلومات فى مكانها لأن الكلمة محسوبة وممكن يكون لها كذا معنى بأحلم أكون وزيرة فى مصر.
وتضيف عليها زميلتها مريم بهاء طلحة تدرس الإدارة: أنا كنت كائنًا غير اجتماعى خالص قبل دخولى الجامعة لدرجة أنى كنت أبتعد عن الرد على التليفون حتى لا أتعامل مع الناس لكن دخلت الجامعة أصبحت اجتماعية جدا لدرجة أنى مستغربة نفسى وكمان جيت هنا برلين مع أصحابى بحلم أنى أتخرج وأفتح مشروعى الخاص ويكبر مع الأيام ويصبح سلسلة مثل كثير من المشروعات العالمية التى بدأت صغيرة.
بين جيلين
وانتهى يوم من أجمل أيامنا فى برلين يوم مصرى - ألمانى سواء فى الحديقة مع فئتين من المجتمع الألمانى فئة كبار السن فى الحديقة الذين كانوا يتساءلون من أين هؤلاء الشباب الذى يعتلى المسرح فنقول لهم بكل فخر من مصر.
والفئة الثانية هم الأطفال الألمان فى بيت العلم والثقافة والتواصل الحضارى وهو فرع الجامعة الألمانية بالقاهرة فى برلين كأنه لقاء وتواصل مع الحاضر والمستقبل فالأطفال هم شباب الغد ورجال الصناعة أو السياسة أو علماء الغد. •