الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

منبوذ و أفتخر

منبوذ و أفتخر
منبوذ و أفتخر


 حياتنا تبدأ بشلة صغيرة، شلة المدرسة، ثم شلة الجامعة، ثم شلة العمل ومنها إلى شلة الحياة العامة.. الشللية أسلوب حياة.. لكن هناك دائما نماذج منبوذه منها، إما لأن آراءهم وأفكارهم مخالفة لشروط وقوانين الشلة، أو لأنهم يرفضون الخضوع لها، أو لأن لهم أفكارا مستقلة، ويرفضون «سياسة القطيع».هؤلاء هم المنبوذون والمغضوب عليهم، المحرومون من امتيازات الشلة، الثابتون على موقفهم، تحدثنا مع هؤلاء المنبوذين.. المفتخرين بموقفهم، لنعرف منهم السبب الذى جعل كلا منهم «منبوذ الشلة».
• طلب سخيف
سهى عادل -23 سنة - تمهيدى ماجستير بقسم الآداب جامعة عين شمس، رفضها لقرار الشلة كان بمثابة الخروج من الجنة، أخبرتنا قائلة: كنت «ألالفا» وأكثر شخصية محبوبة ولها كاريزما فى الشلة.. وكنت دائما صوت الحق لأصدقائى أمام الأساتذة، والمدافعة عن حقوقهم فى غيابهم، كنا نجلس أنا والشلة معا قبل بدء أى محاضرة، ونتفق على النقاط التى سنناقش فيها أستاذ المادة، ليرانا يدا واحدة ورأيا واحدا ويوافق على طلبنا، سواء بإلغاء جزء فى المادة أو تأجيل محاضرة أو غيرها من هذه المطالب، «كنت زعيمة الشلة».
 تكمل سهى: وجاء يوم انقلبت فيه كل الموازين، تأخرنا جميعا على ميعاد المحاضرة، فألغى الأستاذ المحاضرة، وقرر أن نذاكرها بمفردنا، وخصم لنا أعمال السنة كاملة، فطلبت منى الشلة الدخول للأستاذ بمفردى، على اعتبار أنه «يحب البنات الحلوين»، وأن أطلب منه السماح وقبول اعتذارنا «بأسلوب ناعم»، فرفضت الطلب، ومن وقتها أصبحت منبوذة الشلة، ولم أعد أعرف أخبار الشلة، لكننى فخورة بتمسكى بمبادئى، مهما كانت الخسائر.
• كنت من المقربين
إسلام عبدالرحمن، طبيب امتياز بأحد المستشفيات الخاصة، كان من الشلة المقربة لمدير المستشفى، قبل أن يرفض المشاركة فى إحدى العمليات التى أطاحت به خارج المستشفى.
يحكى قائلا: الحياة داخل المستشفى عالم مليء بالشلل، شلة دكتور«فلان» وشلة الدكتور «علان»، وإللى أهله راضيين عنه يكون ضمن شلة من شلل المستشفى.. وكان لى نصيب أكون من الشلة المقربة لمدير المستشفى و«الذراع اليمين» لأستاذ الجراحة، لدرجة أننى كنت أقوم بصلاحياته فى حالة عدم وجوده فى القسم، وفى يوم أخبرنى مدير المستشفى بأن هناك عملية زرع كبد لمريض ويريدنى أن أشارك بها، يكمل: فرحت فى البداية، لأنى سأشارك أطباء كبار فى عملية كبيرة، وقبل إجراء العملية بيومين، عرفت من إحدى «عصافير المستشفى الذين ينقلون أخبارنا لرؤساء الأقسام»، أن العملية مشبوهة، وأن المستشفى يتاجر فى الأعضاء، فرفضت المشاركة فى الجريمة، وأخبرت مدير المستشفى بالأمر، فوافق على طلبى دون مناقشة، لكن إجراءاته كانت أسرع.. فقد حذفنى بعدها من شلة جروب «الواتس آب».. وبعدها بيوم وجدت شلة الأطباء يتجنبون الحديث معى وكأنهم أخذوا أوامر بذلك، وظللت على دكة المنبوذين لمدة أسبوع.. وبعد الأسبوع كنت خارج المستشفى كله..
• منبوذة بإرادتى
نرمين عادل، 29 سنة، تعمل فى شركة تسويق، تعترف بأنها منبوذة من موظفى الشركة وأن مهارتها فى التسويق هى سبب تمسك مدير الشركة بها حتى الآن، تروى قائلة: بطبعى شخصية هادئة قليلة الكلام، وهذا الهدوء يزعج الكثير من الزملاء فى الشركة، لأنهم يعتقدون أن هذا نوع من التلصص عليهم، ولنقل أخبارهم لمدير الشركة.. ويظهر هذا من خلال معاملتهم معى.. فرغم عِشْرة خمس سنوات جمعتنا فى المكان، مازالوا يخافون منى!!.. إذا جلست بالقرب منهم، يتركون المكان ويجلسون فى مكان آخر، وكأننى شخص غير مرغوب به.. ويتجاهلون الحديث معى.. وأحيانا يحيكون مؤامرات ضدى، لأننى أرفض الانضمام لسياستهم المليئة «بالنفسنة على الزملاء فى العمل» والنميمة والطاقة السلبية، لذلك قررت من البداية أن أكون من المنبوذين.
• ابعد عن الشلة وغنى لها..
محمد عبدالرحمن، مهندس اتصالات، 32 سنة، يرى أن الشلة هى التى تحكم المكان وليس مدير الشركة.. الحصول على امتيازات داخل الشركة يجب أن يكون من خلال هذه الشلة، يروى قائلا: حاولت فى البداية الانضمام للشلة، لكنه كان صعبا، لأن الصح يرونه خطأ والعكس صح.. وهذا ضد شخصيتى، يكافئون ناسا على حساب ناس وعندما أنبههم أنهم بذلك يظلمون أشخاصاً أخرين يستحقون هذه المكافأة، تتكاتف الشلة الحاكمة فى المكان ضدى، لأكون منبوذا عنهم، يرى باقى زملائى فى الشركة «إن الشلة ركنتنى على الرف».. لكننى تأقلمت سريعا.. وعرفت بعد ذلك أن البعد عن الشلة غنيمة.