الثلاثاء 2 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

صراع الشلة على الآثار شلة العميد التى تقرر كتبها على الطلاب

صراع الشلة على الآثار شلة العميد التى تقرر كتبها على الطلاب
صراع الشلة على الآثار شلة العميد التى تقرر كتبها على الطلاب


الشلة هتفضل موجودة، بهذه الكلمات يؤكد الدكتور مختار الكسبانى   - أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، والمستشار السابق لوزارة الآثار - وجود الشلة أو المجموعة التى   ترتبط معا بهدف إنجاز عمل أو مصالح أو تآمر لإزاحة شلة أخرى.
يضرب الكسبانى   المثل بشلة أحد العمداء، التى   تستمد قوتها من علو مكانة كبيرها، أو علو صوته، ويحرص أعضاؤها على   بقاء مصالحهم، مثل فرض كتبهم على   الطلبة، باعتبارها الكتب المقررة..وقد يستعين كبير الشلة بأساتذة ممن خرجوا للمعاش، ليضعهم فى   مناصب تدعم شلته، بينما يبعد بعض الكفاءات عن المناصب، ويبعد كتبهم عن أن تكون مقررة على   الطلبة.
وقد تستخدم الشلة بعض الطلاب فى   اتحاد الطلبة، ليروجوا شائعات بأن الطلبة تشتكى   من كتب الأساتذة الذين لا ينتمون للشلة، لتبقى   الكتب المقررة- التى   تدر دخلا على   أصحابها- حكرا على   أساتذة الشلة.
شلة الحفائر
فى   المقابل، يتذكرالدكتور مختار نموذجًا يسميه «الشلة الإيجابية» ضاربا المثل بما وصفه بشلة د. على   رضوان العميد الأسبق لكلية الآثار، وكيف أنه كان  يختار أصحاب الكفاءات للعمل معه، رغم اختلافه مع بعضهم، وتقديرا منه لمكانتهم العلمية، فقرب منه دكتور جاب الله على   جاب الله، ودكتورة تحفة حندوسة أستاذا وعالما الآثار المصرية - رحمهما الله، وكان من إنجازاتهما - حفائر منطقة المطرية وسقارة.
وعندما جاء دكتور جاب الله عميدا للكلية، استعان بمجموعة دكتور على رضوان، وضم إليهم د. سعيد الجوهرى   - رحمه الله، وأنجزوا الكثير من الحفائر العلمية، ويرجع لهذه المجموعة الفضل فى   إقامة أول مؤتمر علمى، نظمته كلية آثار، بمشاركة أشهر علماء الآثار فى   العالم.
حواس
يضرب الكسبانى   مثلا آخر، لما يصفه بالشلة الإيجابية كما يراها، وهى   شلة د. زاهى   حواس، حين كان رئيسا للمجلس الأعلى   للآثار، التى   يصفها بأنها العصر الذهبى   للآثار، لاستخدمه الفكر العلمى   فى   تطوير المناطق الآثرية وإلزام البعثات الدولية بترميم آثار المنطقة محل البحث، بحسب مختار. . يرى   الكسبانى   الذى   انضم إلى   «شلة حواس» وقتها كمستشار، أن من بين أسرار نجاح هذه الشلة برأيه، عالمية دكتور زاهى   وكاريزمته وجرأته، التى   جلبت ملايين الدولارات لخزينة الآثار، وروجت سياحيا للآثار المصرية، خاصة مع نقل فضائيات عالمية، أحداثا مهمة فى   عهده مثل أخذ عينة «دى   ان إيه» لمومياء توت عنخ آمون، ومحاولة الوصول إلى   باب سرى   بهرم خوفو، وانتهاء بنقل تمثال رمسيس الذى   تكلف نقله 8 ملايين دولار من ميزانية الدولة، لكنه ادخل لميزانيتها 45 مليون دولار، عندما نقلت الفضائيات العالمية هذا الحدث..؟ لكن  د. عبد الرحيم ريحان مدير آثار جنوب سيناء، يؤكد أن ظروفا سياسية واقتصادية ساعدت شلة زاهى   حواس فى   النجاح،  منها وصول عدد السائحين إلى   14 مليون سائح قبل ثورة يناير، وهو ما أدر دخلا كبيرا على   ميزانية المجلس الأعلى   للآثار، من تذاكر زيارة المناطق والمتاحف الأثرية..كما لا ينسى   العاملون بالمجلس الأعلى   للآثار أن زاهى   حواس هو أول من أدخل لهم التأمين الصحى   وإليه يرجع الفضل فى   ذلك.
مشروع الشلة
عندما صدر قرار بما يسمى   «مشروع القاهرة التاريخية» بقرارمن رئاسة الوزراء، للاهتمام بآثار القاهرة الإسلامية، برئاسة فاروق حسنى   وزير الثقافة وقتها، تساءل البعض عن ماهية هذا الكيان «المشروع»..فى   الوقت الذى   يوجد فيه «المجلس الأعلى   للآثار» الذى   يتبع الوزارة أيضا، وبالمجلس قطاع للآثار الإسلامية، يضم خبراء وعلماء فى   هذا التخصص..يقول أحد موظفى   الوزارة -لم يرد ذكر اسمه- إن مشروع القاهرة التاريخية، والشلة التى   وراءه، جعل الكثيرين يتشككون فى   أعمال الترميم، التى   أنجزت تحت لافتته، ووصلت هذه الشكوك فى   صورة شكاوى   لمنظمة اليونسكو..فنظم وزير الثقافة وقتها مؤتمرا بالقاهرة فى   2002 لخبراء اليونسكو لمعاينة عمليات الترميم، التى   كانت تتم وقتها فى   127 أثرا إسلاميا، وكان لعلماء اليونسكو العديد من الانتقادات حول أعمال الترميم بالفعل، التى   شاهدوها أثناء زيارتهم لترميمات سور مجرى   العيون وجامع ابن طولون، وغيرها..ويكمل المصدر: أن ما يؤكد هذه الشكوك هو أن جامع ابن طولون الذى   رمم وقتها، يعانى   الآن من مشكلات عديدة ويحتاج الى   ترميم، ولم يصبح ضمن خريطة الزيارات السياحية. .ميزانية هذا المشروع- الذى   لايزال قائما حتى الآن- كانت تأتى   من المجلس الأعلى   للآثار، وبعض مشروعاته تم تمويلها من جهات دولية، وقاد العمل فيه خبراء فى   الآثار والهندسة والترميم الدولى.
الترميم
يحكم مجال العمل فى   مشروعات ترميم الآثار، شلتان عادة، الأولى   شلة المرممين من خريجى   كلية الهندسة، والثانية شلة المرممين من خريجى   كلية الآثار، والصراع بين الشلتين قديم جدا، ولايزال مستمرا حتى   الآن، وكل شلة تشكك عادة فيما تقوم به الشلة الأخرى.
فأعضاء شلة المهندسين يرون أنهم الأقدر على   الترميم لعلمهم بخواص التربة والهيدروليك ، ويعيب عليهم أعضاء شلة الآثاريين عدم دراستهم لعلم الآثار، ويرون أنهم الأقدر على   الترميم.
بالطبع تتنافس الشلتان على   «فلوس» الترميم، وتدفع الآثار ثمن صراع الشلتين، والنموذج الصارخ على   هذا، ما حدث فى   ترميم الجامع الأزهر، الذى   رممه «المهندسون» واحتج الآثاريون بعدها على   الترميم، بدعوى   أنه أفقد الأثر قيمته التاريخية والأثرية، لأن ترميمه لم يراع الحفاظ على   الأثر، كما هو، بحسب الاتجاهات الحديثة فى   المحافظة على   المادة الأصلية للأثر.
وعندما تولى   دكتور أحمد قدرى، رئاسة هيئة الآثار فى   الثمانينيات، استعان بآثاريين مثل د. أحمد الزيات، والآثارى   عبد الله العطار، فى   إدارة العمل الأثرى   بالوزارة، لكنه  اعتمد على   مجموعة من المهندسين والمعماريين، فى   أعمال الترميم، ما أضر ببعض أعمال الترميم، كما يرى   الدكتور يوسف حامد خليفة، مدير الإدارة المركزية للمضبوطات والمقتنيات الأثرية بوزارة الآثار سابقا..وقد رممت شلة قدرى   من المهندسين، العديد من الآثار الإسلامية فى   عهده، أشهرها جامع محمد على..فى   المقابل كون الدكتور عبد الحليم نور الدين رئيس الهيئة فيما بعد، «شلة» من تلاميذه المتفوقين فى   كلية الآثار، كما يقول خليفة، واستطاعت هذه المجموعة أن تقوم بأكبر عملية تسجيل أثرى   لقطع الآثار الموجودة بالمخازن، وأقاموا إدارة لأول مرة لاحتياجات المناطق الأثرية، ودعمها بالمفتشين والحراس والأمن..ومن هؤلاء د. هشام الليثى   ود. محمود عباس، ود. أحمدعبيد، وهى   المجموعة التى   انضمت للدكتور زاهى   حواس عندما تولى   رئاسة المجلس، فيما بعد، وانضم إليهم من تلاميذه، منصور بريك وغيرهم، كما أنشأوا ولأول مرة بالمجلس الأعلى   للآثار، مركزا لتسجيل الآثار وحفظها إلكترونيا، بالزمالك «الميكروفيلم» وهو أرشيف إلكترونى   لجميع القطع الأثرية سواء المتحفية أو الموجودة بالمخازن.
شلة الوزير ورئيس القطاع
استطاعت شلة «م» رئيس القطاع بوزارة الآثار فى   زمن ما، أن تؤثر فى   العمل داخل الوزارة، فتقرب أعضاء الشلة وتقلدوا المناصب، وأبعدوا من لا ينتمى   للشلة بنقله أو تلفيق التهم وتشويه صورته، كما يقول «ك» الموظف بوزارة الآثار، للدرجة التى   تسببت فيها هذه الشلة بإصابة بعض كبار الموظفين بالأمراض قهرا وظلما، لقربهم من الوزير، أو من يطلق عليهم «رجاله».
ولا تزال شلة «م» تنفذ أفكار وأهداف كبيرها، رغم خروجه على المعاش منذ سنوات، ومازالت قادرة على   إيذاء من يقف أمام مصالحها، الغريب هو أن «زعيم الشلة» عين مؤخرا عضوا فى   إحدى   اللجان الدائمة للآثار بالوزارة وهى «مقر صنع القرار»، وسط تعجب وتساؤلات كثيرين، لصدور حكم ضده بالإيقاف عن العمل لمدة ثلاثة أشهر، من المحكمة التأديبية أثناء وجوده فى   الخدمة!!