الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شلة العدل تبحث عن العدل

شلة العدل تبحث عن العدل
شلة العدل تبحث عن العدل


يكفى أن تكون فى شلة حتى تسير  فى الطرقات مزهو النفس، منفوخ الجناحين، وأن يكون كل ما تفعله مسنودا، الشلة تبعث فى النفس الزهو والخيلاء والقوة، وأيضا الحامى والمدافع الذى يدفع عنك كل ما يسيء أو يضر.
 الشللية موجودة فى كل الأماكن والهيئات لا فرق في ذلك بين مؤسسات تحكم، وعمال عاديين يعملون فى أى مجال، حتى لو كانت «نصبة شاى» فى شارع، أو أمام عقار تحت الإنشاء، أو حتى على رصيف كورنيش النيل الذى هو ملك للعامة، الآن أصبحت الشلة تحكم، تسيطر، تدافع، تمنح وتمنع، يكفيك أن تكون موجودا ضمن «شلة» حتى تحصل على جميع المزايا، ومختلف الامتيازات..
كنا نعتقد أن لقب مستشار أو محام  كاف لفتح الأبواب المغلقة، ولكن الجديد أن وجود مستشار أو قاض أو محام ضمن مجموعة شلة لا يفتح الأبواب فقط، ولكن الشلة ستضمن وضعه فى دائرة صنع القرار، وبؤرة الضوء، حيث توجد فرق وجماعات شتى تروج له، وتدفع به إلى مصاف الدوائر.   
وكما أن الشللية لها مزايا فهى أيضا تحمل الكثير من الضرائب التى يجب دفعها ممن يفكر فى الانضمام إلى شلة، كالتبعية، الخضوع، الاستسلام، الاعتماد على الآخر، وأيضا عدم القدرة على اتخاذ القرار، والشللية فى القضاء تساعد على الكثير من الصعود من خلال الدعم فى مجالات عدة منها.
1- الانتداب فى القضاء
لا يمكن أن يحصل القضاة على الندب خارج هيئاتهم التى يعملون فيها دون تزكية، ولا يحصل على الندب إلا المنتمى «للشلة» المدفوع بدعمها، وهو أمر اشتكى منه غالبية القضاة ممن لا شلة لهم، الذين اتخذوا من عملهم الدافع والمعين، فهناك قضاة لم يتم ندبهم خارج هيئاتهم قط، وهناك قضاة آخرون يعملون فى عدة أماكن، بل إن الواحد منهم يتم ندبه فى جهة واثنتين وثلاث، وبالطبع يتقاضون الرواتب العالية من كل جهة ينتدبون إليها، وهؤلاء الذين بلا شلة منهم من يرفض الانضمام إلى الشلة، ومنهم من لا يعرف طريق الانضمام إليها، وفى كلتا الحالتين النتيجة واحدة، وهى ضياع الفرص ممن لا ينتمون لشلة.
2- السفر للخارج
تناقشت كثيرا مع بعض القضاة واكتشفت خلال حديثى معهم، أن سفر القضاة للخارج أمنية تداعب عقول جميع القضاة، خاصة مع ما تقدمه الدول للقضاة الذين يسافرون إليها، فهناك العديد من القضاة الذين حصلوا على تأشيرة الدخول والعمل فى بلد عربى أو أوروبى، وحصلوا بعدها على المناصب فى تلك الدول، وبالتالى تقاضوا الأموال الطائلة، فهناك المستشار الذى سافر ليعمل رئيسا لمحكمة كبرى فى بلد عربى، وهناك من سافر ليعمل مستشارا لحاكم البلد، أو على الأقل مستشارا لأحد الأمراء فيها، كل ذلك بسبب انتمائه إلى شلة، بحسب قولهم.
3- تعيين الأبناء
لا تتوقف امتيازات الشلة ومزاياها عند المنتمين إلى الشلة فقط، ولكنها تمتد إلى الأبناء أيضا، فغالبية القضاة لا يورثون أبناءهم العمل القضائى، ولكن يورثونهم أيضا الشلة التى ينتمون إليها، فأصحاب الشلة الأساسية يدفعون أبناءهم داخل الهيئات القضائية، فمن يعملون فى مختلف هيئات القضاء يحصلون على صكوك لتعيين أبنائهم وبناتهم فى الهيئات الأخرى والعكس.
 أروقة المحاكم مليئة بقضايا قام برفعها قضاة بلا شلة، تم رفض تعيين أبنائهم فى مقابل تعيين أبناء مستشارين آخرين كانت الشلة فى ظهرهم، وسندا لهم، وإذا كانت الشلة الأساسية تدفع بأبناء أعضائها داخل الهيئات القضائية، فالأولى أن تمنحهم صكوك الانتماء للشلة الكبرى، وصكوكا أخرى لتكوين فرق شللية لأنفسهم تتناسب مع أعمارهم وتفكيرهم، وهى فى النهاية تسير فى فلك الشلة الرئيسية الأولى.
 موسم حصاد الشلة
ولا يختلف الحال كثيرا فى نقابة المحامين عنه فى الهيئات القضائية، ولكن حجم الشللية فى نقابة المحامين لا يظهر إلا فى انتخابات النقابة لأجل السيطرة عليها، ولذلك تشهد نقابة المحامين أعمال عنف بين أنصار المرشحين على مقعد النقيب قبل وأثناء أى انتخابات.
ففى بداية التسعينيات سيطر تيار الإسلام السياسى الذى يحمل فكر جماعة الإخوان المسلمين على نقابة المحامين، وقد أخذ البعض على هذه التجربة انغماس أصحابها فى العمل النقابى ذات الصبغة السياسية من خلال طرح إسلامى معين له ميراث تاريخى مشين.
شهدت حديقة نقابة المحامين أحداثا مؤسفة بين أنصار المرشحين على مقعد النقيب، وصلت إلى حد التشابك بالأيدى والكراسى بين أنصار المرشحين فى كل انتخابات للنقابة. •