الأحد 5 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اللواء محمد أبو بكر يكشف لصباح الخير  أسرار الطائرة الرئاسية

اللواء محمد أبو بكر يكشف لصباح الخير  أسرار الطائرة الرئاسية
اللواء محمد أبو بكر يكشف لصباح الخير  أسرار الطائرة الرئاسية


ثمينة وثرية هذه الطائرة الرئاسية.. تدار فيها المفاوضات بين الدول.. تحاك بها أكبر الخدع السياسية.. وتحمل بين جوانحها أسرارا وخفايا لا يعلمها أحد، يتعاقب عليها الرؤساء وتنتقل من عصر إلى آخر.. وما زالت تحتفظ بتلك الأسرار.
عاصرت الطائرة الرئاسية المصرية أحداثا كثيرة ومفاوضات عديدة، وكانت شاهدا على أهم الفترات الفارقة فى حياة مصر فى السلم قبل الحرب.
اللواء طيار محمد           أبو بكر- قائد الطائرة الرئاسية، الذى تخرج فى الكلية الجوية 1 يونيو 1967 وشارك فى حرب الاستنزاف، وضرب الثغرة فى نصر أكتوبر، ثم عمل مدرسا بالكلية الجوية حتى تم اختياره ليكون قائد الطائرة الرئاسية أثناء فترتىَّ.. الرئيس السادات ومن بعده الرئيس مبارك.

سمح لنا اللواء أبو بكر أن نحلق معه بالطائرة الرئاسية لنفتح الخزائن المدفونة.
• بداية.. كيف وقع عليك الاختيار لتكون طيار الرئيس أنور السادات ومن بعده مبارك؟
- أى طيار فى الكلية الجوية يوقع عليه الكشف الطبى، ويخضع لعدة اختبارات أخرى قبل الالتحاق، أما قائد الطائرة الرئاسية فبالإضافة إلى كل ما سبق لابد أن يكون قادرا على اتخاذ القرارات بسرعة ومهارة. وتم اختيارى لأكون طيارا للرئيس الراحل أنور السادات ومن بعده الرئيس مبارك بسبب ذلك، فضلا عن دراستى للعلوم المدنية والعسكرية، وكونى منضبطا فى المواعيد، كاتماً للأسرار وقليل الكلام، فلا يجوز لقائد طائرة الرئاسة أن يجلس على قهوة أو كافيه، حتى أسرتى لم تكن تعلم مسارى أو رحلاتى مع الرؤساء، بالإضافة إلى مراعاة الهيئة والمظهر الخارجى.
• ماذا عن أول رحلة مع الرئيس أنور السادات؟
- أول رحلة كانت عام 1977 وطرت به إلى الإسكندرية، ولم أكن مستوعبا أننى أطير الآن مع رئيس مصر، وكنت فخورا جدا لكونى قائد الطائرة الرئاسية للزعيم البطل أنور السادات بطل أكتوبر.
• صف لنا الرئيس السادات وقت محادثات كامب ديفيد؟
- لا أنسى أبدا تلك الفترة، فيوم المحادثات مع مناحم بيجين استقل الرئيس السادات الطائرة حوالى الساعة 6صباحا، وابتسم بوجه بشوش، وقال: صباح الخير يا أولادى.. عاملين إيه، مبسوطين، يلا على بركة الله، وطرت به إلى أسوان، وفى نهاية اليوم أثناء العودة كانت ملامحه قد تبدلت كثيرا وظهر عليه التعب والإرهاق، وسمعته يقول للقادة والسفراء المصاحبين له: «الوفد الإسرائيلى مراوغ للغاية، كل ما أتفق معاهم على حاجة يغيروها تانى يوم».
• الثغرة بصحبة شارون
• طرت بشارون خلال مفاوضات السلام.. كيف كان اللقاء، وخاصة أنك اشتركت فى تدمير الثغرة التى كان يتباهى بها؟
- أثناء مفاوضات السلام كلفت بأن أطير بشارون فوق النيل كنوع من المراسم، ولم أرد أن أتحدث معه فلا أستطيع أن أنسى قتله للأسرى المصريين فى 67 وأنه لم يحترم حقوق الأسرى.
كان شارون متعجرفا، فبمجرد أن دخل الطائرة، جاء لى مضيف من طاقم الطيارة وقال لى: شارون يود الحديث معك، فرفضت وقلت له: أنا الآن مشغول، سأتحدث معه آخر الرحلة.
 وبالفعل آخر الرحلة جاء، وجلس بجانبى فى كابينة الطيارة، وسألنى عن اسم البحيرة التى نحلق فوقها، فأجبته: بحيرة ناصر، ونظرت له نظرة تحد، وأكملت: «فاكرها ولا مش فاكرها»، ثم طلب منى أن يتحدث فى المايك، فرفضت وقلت له: ممنوع، ثم قلت له: «بص فى وشى كويس، أنا الطيار اللى اشترك مع زملائه ودمروا الثغرة التى تتباهى بها»، ثم ذهبت به إلى منطقة الثغرة، وقلت له: فى هذا المكان دمرناكم وأتممنا النصر.
• بعد كل هذه السنوات.. ما الرحلة التى مازالت عالقة بوجدانك مع السادات؟
- الرحلة الأولى فى مفاوضات كامب ديفيد مع مناحم بيجين عام 1977بأسوان ، فقد كنا فى طريق العودة وسمعته يقول لبطرس غالى ومن معه: «إذا كانت إسرائيل فاكرة إنى ممكن أتنازل لهم عن حبة رمل واحدة من أرض مصر، يبقوا بيحلموا، أنور السادات اللى كسب حرب أكتوبر لا يمكن يفرط فى أرضه».
والرحلة الأخرى كانت أثناء احتجاجات 1979 وقال لى الرئيس السادات وقتها: «المصريون لا يدمرون بلدهم، لا يحرقون الأتوبيسات أو يكسرون الطرق، أنا متأكد أنهم مندسون» وكان السادات أيضا يثور بشدة من كلمة مسلم ومسيحى، فكان يعنف من يقول ذلك بقوله: اسمها «مصرى».
• الرئيس داخل الكابينة
• وماذا عن رحلات الرئيس مبارك؟
مبارك كان يفضل أن يجلس فى كابينة الطائرة بحكم أنه طيار، وكان دائما يقول لى: أنا لا أنام أبدا بسبب متاعب الحكم، ولا أستطيع أن أخرج مع أسرتى كباقى الناس ونذهب إلى النادى أو المسرح، والحقيقة أنه كان يسألنا دائما عن أحوالنا وشكوانا.
وأكثر رحلة تأثرت بها معه، هى الرحلة التى كنت أقله فيها مع الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات، عندما كان ذاهبا ليتولى رئاسة فلسطين، فهبطت به إلى العريش ومن هناك أكمل رحلته إلى رفح  ومنها إلى الأراضى الفلسطينية.
 هناك رحلة ثالثة أتذكرها جيدا، كنا عائدين من الأردن عام 1986 وفوجئت به ينفعل جدا وعندما سألته عن السبب، قال: لأن الخريطة الموجودة بالطائرة لا تحتوى على حلايب وشلاتين المصرية.
• هل كنت مع مبارك وقت محاولة اغتياله فى إثيوبيا؟
 لا.. لم أكن معه وقتها، لكنى انتظرته بمجرد عودته من إثيوبيا، وطرت به إلى الإسكندرية، والحقيقة أننى لم أر أى خوف على وجهه.. كان حزينا فقط.
• المهمة السرية
• كنت المسئول عن نقل أسرة شاه إيران فى سرية شديدة.. كيف كانت الرحلة؟
- هذه الرحلة من أكثر الرحلات الراسخة فى وجدانى، فقد كلفت بنقل أسرة شاه إيران الراحل بعد الثورة الإيرانية، أتذكر أنه كان يوم جمعة وصدرت الأوامر بأن أذهب على الفور إلى الإسكندرية لأقل الرئيس السادات، وبمجرد وصولى صعد الرئيس وملامح الحزن الشديد بادية على وجهه وأخبرنا أن شاه إيران قد توفى، وأنه لن ينسى موقفه الداعم لنا فى حرب أكتوبر.
بعدها صدرت الأوامر بنقل أسرة الشاه إلى جنيف مع ضرورة عدم معرفة الدول التى سنمر عليها بذلك حتى لا تستغل الفرصة وتغتالهم.
وفى الجو رفضت إيطاليا عبورنا إلا بعد معرفة هوية الركاب، فاضطررت إلى الهبوط فى اليونان حتى أستطيع الاتصال من برج المراقبة والحصول على الإذن من المسئولين، ثم استأنفت الرحلة وأوصلتهم بأمان.
• طرت مع رؤساء دول كبرى.. احكى لنا عن كواليس تلك الرحلات؟
- طرت مع رؤساء عدة، ذهبت بالرئيس بوش لزيارة الأقصر وأسوان، وكان سعيدا جدا، وقال لى: أنا بحب مصر جدا، ونفسى الشعب الأمريكى يأتى ويشاهد الآثار العظيمة، طرت أيضا بعلى عبدالله صالح، وحافظ الأسد، لكن أكثر شخصية شعرت أنها تحب مصر بصدق هو الرئيس الفرنسى الراحل فرانسوا ميتيران، الذى جاء لمصر فى الفترة التى كان يعانى فيها من المرض الشديد، وأراد أن يزور أسوان قبل وفاته، فذهبت معه لزيارتها ثم عدت به إلى بلده.
• بصفتك طيارا اشتركت فى الحرب، ماذا تقول لمن يزعم عدم أهمية التسليح المتعدد للجيش المصري؟
- مصر فى مؤامرة منذ قدم التاريخ، والكل يطمع بها، ولذا فعندما يقوم الرئيس السيسى بشراء الرافال، الميسترال والفرقاطة وغيرها من الأسلحة الحديثة، فهذا لمصلحة مصر وجيشها.
وعندما كنت أحارب بميج 21 بمدفع وصاروخين، وأشتبك مع طائرة إسرائيلية.. كنت لا أستطيع البقاء فى الجو لمدة لا تزيد على 15 دقيقة، فى حين أن أمريكا كانت تزود إسرائيل بطائرات تحمل مدافع 600 طلقة، وتستطيع البقاء فى الجو لمدة طويلة، لذلك طلبنا من الرئيس السادات ومبارك أن يزودونا بطائرات ذات مدة ومدى حتى نستطيع أن نُعرَّف إسرائيل: من هو الطيار المصري؟!!
وبناء على ذلك فقد جاء الرئيس السيسى واهتم بتسليح الجيش المصرى بأهم وأحدث الأسلحة الحديثة.•