السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

«تميم» يغسل سمعته

«تميم» يغسل  سمعته
«تميم» يغسل سمعته


فى 5 يونيو الماضى، قرّرت مصر والسعودية والإمارات والبحرين، فى بيانات متزامنة، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية أمامها، لاتهامها صراحة بدعم الإرهاب، وتبعها فى اليوم نفسه اليمن وليبيا وموريشيوس والمالديف.
وفشلت الوساطة الكويتية فى إنهاء النزاع، حيث أوقفت الدول الأربع رحلات السفر والاتصالات مع قطر، مطالبين الأخيرة بتقليص دعمها لجماعة الإخوان المسلمين وإغلاق قناة الجزيرة الإعلامية، من بين خطوات أخرى ضمن قائمة تحتوى 13 مطلباً من قطر.

قلب واشنطن
وفى بداية الأزمة ظهر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، داعمًا لحلف الرياض عندما وصف قطر بأنها «ممولة للإرهاب»، إلا أنه فى غضون أيام، حصلت قطر على دعم وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس بإتمام صفقة بقيمة 12 مليار دولار لبيع طائرات مقاتلة من طراز F-15 إلى الدوحة.
 وفى أعقاب ذلك قع وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون اتفاقًا مع قطر حول مكافحة الإرهاب وتمويله، وقد اعتُبر الاتفاق على نطاق واسع بمنزلة دعم دبلوماسى لبلد معزول يستضيف قاعدة «العديد» الجوية الأمريكية، ومنذ ذلك الحين، انتقلت الحرب الدعائية إلى قلب واشنطن.
وفى هذا السياق، سعت قطر لتحدى الضغوط التى تتعرض لها من الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، لثنيها عن دعم التطرف، والعبث بأمن واستقرار جيرانها،  وفى محاولة للتصدى للضغوط التى تفرضها عليها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، لجأت الدوحة إلى التعاقد مع مؤسستين أمريكيتين لتحسين سمعتها؛ أسس إحدى هاتين المؤسستين المدير السابق لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية وتضم فى عضويتها مسئولا إسرائيليا حكوميا سابقا، وتقدم خدمات استشارية استراتيجية، فيما تختص المؤسسة الأخرى بتتبع سقطات السياسيين.
استشارات بـ150 ألف دولار
وبحسب وكالة «أسوشيتدبرس»، فإن هناك وثائق تم تقديمها حديثًا لوزارة العدل الأمريكية تكشف أن قطر أبرمت عقداً مع شركة «أفينو استراتيجيز جلوبال»، التى أسسها المساعد السابق لترامب، كورى ليفاندوفسكى، وعضو آخر فى الحملة هو بارى بينيت، لإجراء بحوث وتقييم علاقات حكومية وتقديم خدمات استشارية استراتيجية، مقابل 150 ألف دولار شهريًا.
وكان المساعد السابق لترامب، كورى ليفاندوفسكى، أسس مركز «أفينو استراتيجيس جلوبال»، عقب انتخابات الرئاسة الأمريكية فى نوفمبر الماضى التى جاءت بترامب إلى البيت الأبيض، لكن ليفاندوفسكى استقال من الشركة فى مايو الماضى. وتضم شركة «أفينو استراتيجيس جلوبال»، التى استأجرتها قطر، فى عضويتها كبيرالموظفين سابقاً بحكومة رئيس الوزراء «الإسرائيلى» بنيامين نتانياهو.
وينص العقد على أن «يشمل نشاط الشركة اتصالات مع أعضاء وموظفى الكونجرس، ومسؤولين تنفيذيين، ووسائل إعلام، وشخصيات أخرى».
45 مليار دولار استثمارات
وقال كريستيان كواتس أولريتشن، زميل الأبحاث فى معهد جيمس أديسون بيكر الثالث للسياسة العامة فى جامعة رايس الأمريكية، «إن القطريين يعملون متأخرين فى المستوى العام للتحدى الذى يواجهونه، وبعد أن استقرت الأزمة فى مواجهات أو مواجهات مطولة، أصبح الصراع تقريباً لكسب قلوب وعقول الموظفين فى العاصمة واشنطن».
وقالت «أسوشيتدبرس» إن استعانة قطر بشركة لها علاقة بمساعد ترامب تشير إلى مساعى قطر فى الوصول للبيت الأبيض الذى يتمتع بعلاقات وثيقة مع السعودية، مشيرة إلى أن معركة قطر مع السعودية التى فازت بأول زيارة خارجية لترامب ستكون صعبة بالنسبة للدوحة حتى وإن كانت تفخر بأعلى دخل للفرد فى العالم بفعل ثروتها من الغاز.
وعن المبالع الطائلة التى تضخها قطر فى خزينة الشركتين، أضافت الوكالة: «فى خضم بناء قطر لملاعب كأس العالم الذى من المفترض أن تستضيفه فى 2022، لم تخش من إنفاق أموالها»، فى إشارة إلى المبالغ الطائلة التى تستأجر بها الدوحة الشركتين الأمريكيتين، لتضاف إلى أموال أخرى تحاول بها تجميل صورتها.
ولم تكتف قطر بذلك، وإنما وقعت عقدا لمدة 3 أشهر، قابلة للتجديد، بقيمة 1.1 مليون دولار مع شركة أمريكية أخرى متخصصة فى تتبع سقطات السياسيين، وهى شركة أبحاث خدمات إدارة معلومات، ويديرها الباحث السابق بلجنة حملة الكونجرس الديمقراطية، جيف كلويتر، بحسب وزارة العدل.
وأطلقت قطر إعلانات على شبكة الإنترنت فى الصحف الأمريكية، وروجت لنفسها كأقوى حلفاء واشنطن ضد الدولة الاسـلامية داعـش، وتعهدت لترامب بأنها ستستثمر 45 مليار دولار فى الولايات المتحدة على مدى 5 سنوات وتستحدث 60 ألف وظيفة أمريكية، كما وقعت مؤخرًا اتفاقات مع مجموعة من المحامين ومجموعات الضغط فى واشنطن لتلميع صورتها، بما فى ذلك صفقة بقيمة 40 ألف دولار شهريًا مع ماكديرموت ويل آند إيمرى، كما دفعت قطر منذ بداية الأزمة، 2.5 مليون دولار للمؤسسة القانونية التابعة للنائب العام الأمريكى السابق، جون أشكروفت، لمعالجة موقفها فى ما يتعلق بتمويل الإرهاب، ووصل عدد الشركات التى تعاقدت معها قطر من أجل غسيل سمعتها إلى 6 شركات ضغط فى واشنطن خلال الشهرين الماضيين، مع تواصل سعيها لتوظيف شركات أمريكية تقدم خدمات استشارية استراتيجية، مهمتها تلميع صورتها بمبلغ يقارب 1.7 مليون دولار شهرياً، فى الوقت الذى تواجه فيه مأزقاً عنيفاً بسبب دعمها وتمويلها للإرهاب.
إعلانات مدفوعة
من جهة أخرى، شوهدت شاحنة إعلانية تحمل شعار «ارفعوا الحصار المفروض على شعب قطر» وهى تجوب العاصمة الأمريكية واشنطن، فى إشارة إلى العقوبات التى أجبرت الدوحة على الاعتماد على تركيا وإيران وعمان لجلب وارداتها.
ولم يتوقف الأمر عند الولايات المتحدة، فعندما تتوجه إلى لندن سوف تواجهك عبارة «إرفعوا الحصار المفروض على شعب قطر» أو “Lift the Blockade Against the People of Qatar” على سيارات «تاكسى» لندن الأسود الشهير، ويشارك فى الحملة الممولة من قطر نحو 200 سيارة أجرة تجوب شوارع العاصمة لندن وعليها ملصقات تطالب برفع الحصار عن قطر، فضلاً عن إعلانات هجومية فى التليفزيون بالولايات المتحدة، وطوفان من الرسائل على الإنترنت، ووسائل الإعلام المرتبطة بدول المقاطعة الأربعة.•