الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فرصة ولا مؤامرة؟

فرصة ولا مؤامرة؟
فرصة ولا مؤامرة؟


 التمويل الأجنبى للسينما هل هو دعم مشروع لصناعة السينما وقناة للانتشار فى الخارج والمشاركة فى مهرجانات عالمية وعرض الأفلام فى دول أوروبية، أم أنه يفسح مجالا للتدخل وفرض رؤية وسياسة ما على صناع العمل؟
بدأت محاولات إنتاج مشترك على استحياء فى الأربعينيات بمشاركات فرنسية وايطالية وفى الستينيات تأسست أول شركة مصرية ايطالية، وجاءت أبرز نماذج الإنتاج المشترك متمثلا فى التجارب التى قدمها المخرج يوسف شاهين بالتعاون مع مؤسسات جزائرية وقنوات فرنسية.
ومازال السؤال: هل يؤثر الإنتاج المشترك فعليا على رؤية المبدع أو تفرض عليه سياسات معينة، أم هى خطوة للانتشار تحتاج إليها السينما المصرية؟
ترى الناقدة ماجدة خيرالله أن الفريق الذى يتحسس مؤامرة وراء أى إنتاج أجنبى مشارك فى أعمال مصرية «هو اللى جايبنا ورا»، فى العالم كله هناك أفلام تدعمها جهات، مثل التليفزيون الإيطالى، الفرنسى، البلجيكى وجهات ثقافية فى دول مهمتها دعم السينما التى لا تملك إنتاجاً ضخماً أو لا تجد دعماً أو فرصة جيدة للإنتاج، وهذا يعطى فرصة جيدة لبعض الأفلام التى كان مصيرها غير معروف.
نحن مصابون بهوس المؤامرة، ولو شاهدنا أى فيلم من الأفلام المشاركة فى أى مهرجان فى العالم سنجد ثلاث جهات إنتاج وليس جهة واحدة والدول المشاركة فيها تدعم بقدر من المبلغ وجهات أخرى تدعم بخدمات إنتاجية فقط كمعدات التصوير أو مونتاج.
فن صناعة السينما مكلف جدا، وما يستفيده الطرف الداعم هو وجود اسمه على الفيلم ودولة مثل دبى مثلا وأصبحت داعما لأفلام كثيرة عربية وأجنبية لأنها لا تنتج سينما وتريد أن تتواجد سينمائيا فتحقق ذلك من خلال دعم الأفلام، ولست مع فكرة أن الجهة التى تدعم تفرض رؤية أو سياسة معاينة على الفيلم.
• أفلام يوسف شاهين
ويتفق الناقد نادر عدلى، مع رأى ماجدة خير الله، مؤكدا أن الجهات الممولة للأفلام ليس دائما غرضها سيئاً، وما كان يُتهم به يوسف شاهين لفترة طويلة ثبت خطؤه، والدليل أنها موجودة حتى الآن ولها محبوها، وثبُت أن الرجل لم يكن عميلا كما كان يُروج وقتها.
ومؤخرا هناك دعم من مهرجانات سواء عربية أو أوروبية، تدعم النواحى الفنية كالتحميض والمونتاج وغيرهما من عناصر فنية وليس إنتاجا ماديا مباشرا فى العمل، ولم يثبت أن الجهة أو البلد صاحبة الدعم فرضت موضوع أو رؤية معينة، فالموافقة المبدئية على المشاركة فى الإنتاج أو الدعم هى موافقة ضمنية على محتوى العمل الفنى.
وأصبحت هناك شروط ما للدعم مثل أن يكون العرض الأول للعمل فى المهرجان الداعم، وبالتالى يفتخر المهرجان بأن لديه عشرة أفلام مثلا عرض أول، ثبت أن الأفلام المهمة التى تم إنتاجها فى الخمس سنوات الأخيرة كلها كان هذا الأمر جزءا منها خاصة أنه لدينا احتكار واضح جدا فى السوق المصرية بين شركتين كبيرتين، تهتمان فقط بالأفلام التجارية بعيدا عن القيمة.
لم يعد هناك وجود للمنتج القوى الذى لديه استعداد أن يقدم تنوعا في  طبيعة الأفلام الموجودة، وبالتالى الصيغة الموجودة الآن فى مصر ستؤدى إلى انهيار السينما المصرية بالفعل ويجب إصدار قانون لمعاقبة المحتكرين ويجب ألا يكون المتحكم فى كل صالات العرض الموجودة فى مصر شركتين فقط، وأن يكون من حق أى فيلم مصرى أيا كان حق العرض فى الصالات ولا نكتفى فقط بعرضه فى سينما زاوية وغيرها وترفض السينمات الكبرى عرضه، السينما الآن بحاجة إلى إعادة الانضباط بشدة.
• دور الرقابة
فيلم «اشتباك» على سبيل المثال تمت الموافقة عليه من قِبَل الرقابة وأجازته، ولكن تعذر إنتاجه بدون مساعدة خارجية ولعل اللغط الذى حدث كان بسبب مشاركة أحد المشايخ التلفزيونيين فى إنتاج الفيلم فشعر البعض بالقلق.
فيلم آخر مثل «آخر أيام المدينة» المساهمة فيه فنية فقط من بعض الدول الأوروبية ويقدم وجهة نظر مصرية خالصة وكل النقاد الذين شاهدوه خارج مصر أشادوا به إشادة قوية جدا ولكن الرقابة المصرية تعنتت ضده.
 وتقول الناقدة ماجدة موريس، إن  المشاهد ليس غبيا ولديه من الذكاء الكافى ما يميز به بين عمل يحمل شبهة وعمل فنى يحمل مضمونا أو رسالة إيجابية، وفى العالم كله هناك إنتاج مشترك وفكرة المؤامرة والتدخل فى الشأن الداخلى أو رؤية المبدع من قبل الجهة المدعمة هى قضية وهمية.
أما المخرجة هالة جلال، صاحبة تجارب فنية مستقلة متعددة سواء بالكتابة أو الإنتاج والإخراج، فترفض مصطلح التمويل الأجنبى، وترى أن الأصح «مشاركة فى الإنتاج» فبلجيكا تستطيع أن تحصل علي مبلغ من ألمانيا لتقديم فيلم سينمائى، وعلى توزيع من بريطانيا وهكذا، ولا يسمى الفيلم إنتاجا أجنبيا ولكن اسمه إنتاج مشترك.
فائدة الإنتاج المشترك أنه يتيح للفيلم فرصة ليست فقط لزيادة الأموال ولكن فرصة لجمهور متنوع فأنا إذا قدمت فيلما إنتاجا مشتركا مع المغرب، فالفيلم سيعرض فى مصر والمغرب، وإذا كان الموزع فرنسيا على سبيل المثال فسيعرض الفيلم فى فرنسا، وبالتالى يكون صانع الفيلم قدم حدوتة عرضت فى ثلاثة بلاد.
ولكن عندما يأتى شخص بلا ضمير وحصل على أموال لتقديم عمل بفكرة ما بشكل متعمد، فهذه مسألة فردية لا أستطيع أن أبنى عليها نظرية، وهناك ممولون مصريون أهانوا المصريين أكثر من الأجانب وأفلام أهانت النساء أو أهانوا أصحاب البشرة السمراء ولم تكن ممولة أجنبيًا، وفى النهاية العمل والمحتوى الفنى يعتمد على  ضمير الصانع نفسه أيا كانت جهة التمويل.•