السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحبشــة تتحرش بمصــــر

الحبشــة تتحرش بمصــــر
الحبشــة تتحرش بمصــــر


من المقرر أن تبدأ إثيوبيا فى يوليو الجارى، ملء سد النهضة، حيث تستوعت بحيرة التخزين 75 مليار متر مكعب من المياه خلال 5 سنوات، وهو ما يؤدى إلى خسارة مصر سنوياً 2 مليون فدان لكل 10 مليارات متر مكعب يتم تخزينها،  بجانب استفادة إثيوبيا بتلك المياه من خلال ضخها فى التوربينات لتوليد الكهرباء بمليارات الدولارات دون النظر إلى دول حوض النيل المتضررة كمصر والسودان.

فى هذا الصدد أشار المهندس وليد حقيقى، المتحدث باسم وزارة الرى، إلى أن إثيوبيا ستبدأ فى ملء خزان سد النهضة الإثيوبى فى يوليو الجارى، بالتزامن مع موسم فيضان النيل، لاستغلال الوفرة المائية، منوهًا إلى أن الملء سيكون خلال أسابيع.
 وتأتى خطوة إثيوبيا المنفردة دون انتظار الانتهاء من الدراسات الفنية التى تجريها الشركات الاستشارية الفرنسية لاختبار تأثيرات السد على معدلات تدفق المياه من النيل الأزرق إلى بحيرة السد العالى، وهو ما وصفه محللون بأنه محاولة منها لفرض أمر واقع على دولتى المصب «مصر والسودان» لتأكيد أنها تستطيع فعل ما تريد حيث يمكنها تخزين مياه الفيضان بأكمله وهو ما يضر بحصة الدولتين من المياه.
وتعانى مصر من عجز مائى يبلغ نحو 21.5 مليار متر مكعب سنويًا، وتقوم بسد هذه الفجوة المائية من خلال إعادة استخدام المياه بكفاءة تصل إلى 80%،  وهى نسبة تعتبر من أعلى المعدلات على مستوى العالم.
وبدأ العمل فى سد النهضة أبريل 2011، بتكلفة مالية تبلغ 4.7 مليار دولار، وسينتج طاقة تقدر بـ 6000 ميجا وات، وتبلغ سعته التخزينية للمياه نحو 74 مليار متر مكعب، وطبقًا للجدول الزمنى للمشروع، من المقرر الانتهاء منه فى يوليو 2017، ويقوم تمويل السد على جمع الأموال من الإثيوبيين بالداخل، (الموظفين والفلاحين)، ومشاركة الإثيوبيين بالخارج، إضافة إلى السندات المالية، والتبرعات.
وكان اتفاق المبادئ، الذى وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة فى مارس 2015، ينص على أن يكون التخزين والتشغيل فى سد النهضة وفقا لما ستنتج عنه توصيات الدراسات الفنية التى تقوم بها شركات استشارية دولية لاختبار التأثيرات المتوقعة على مصر والسودان جراء عمليتى التشغيل والتخزين.
إلا أن تأخر اللجنة الفنية الثلاثية فى اختيار المكاتب الاستشارية وتعطل إجراء الدراسات لأكثر من عام، كان وراء ضرورة الدفع بالتوصل لاتفاق مبدئى حول مسألة التخزين بعد انتهاء الجانب الإثيوبى من النسبة الأكبر من عمليات الإنشاء.
وتأتى خطوة بدء تخزين المياه عقب فشل قمة رؤساء دول حوض النيل التى اختتمت أعمالها مؤخراً  فى مدينة عنتيبى شمالى أوغندا فى التوصل إلى توافق بشأن النقاط المثيرة للخلاف حول «اتفاقية عنتيبي» التى تنظم تقاسم مياه نهر النيل بين الدول الأعضاء والتى أقرت بإعادة النظر فى الحصص التاريخية من المياه لكل دولة.
وسيطرت تحديات إعادة تقاسم مياه النيل على أول قمة يعقدها رؤساء دول الحوض منذ عام 2010، وشهدت القمة مشاورات تتعلق بالتنسيق فى كيفية اتخاذ القرارات بشأن إدارة مياه النيل، واتسمت المباحثات بطابع دبلوماسى ولم تحرز تقدما نوعيا فى القضايا الخلافية.
وفتحت قمة عنتيبى الباب أمام تحويل المباحثات الفنية بشأن حصص كل دولة من مياه النيل إلى مفاوضات سياسية بالدرجة الأولى، تستهدف ربطها بمشروعات التنمية والبحث عن السلام والاستقرار ومواجهة الإرهاب فى القارة الأفريقية.
ولم يتوصل الاجتماع الوزارى خلال القمة إلى حلول للقضايا العالقة، واكتفى القادة بوضع خطوط عريضة يتولى وزراء الخارجية والرى والخبراء التفاوض حول تفاصيلها، وخلال الاجتماعات التحضيرية للقمة طرحت القاهرة رؤية تتضمن «الحفاظ على الحقوق المائية التاريخية فى نهر النيل مقابل تقديم التزامات وتعهدات بمساعدة دول المنابع على التنمية»، تكون المرجعية القانونية لأى أمور تتعلق بإدارة المياه بين دول المنبع والمصب وفقا للقانون الدولي.
وتضم اتفاقية «عنتيبي» 13 بندا، بينها بند «الانتفاع المنصف والمعقول» الذى أثار جدلاً بين دول وقعت وأخرى رفضت التوقيع.
وتعد الاتفاقية تحولا نوعيا فى إدارة الخلافات الإقليمية بشأن الملف المائى للدول الـ11 فى مبادرة حوض النيل، وهى المرة الأولى التى تنتقل فيها قضايا تنظيم الاستفادة من موارد الأنهار من المستويات الوزارية والفنية إلى الرئاسية.
و«عنتيبي» هى اتفاقية إطارية وقعت عليها دول المنبع فى حوض النيل عام 2010 وهى «إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا وتنزانيا» لطلب حصة إضافية من مياه النيل.
ويضم حوض النيل 11 دولة هى «مصر، الكونغو الديمقراطية، بوروندى، تنزانيا، رواندا، وكينيا, إريتريا، أوغندا، إثيوبيا، السودان، جنوب السودان».
وبدأت الحكومة المصرية الدخول فى مفاوضات لحل الخلاف القانونى والمؤسسى منذ التوقيع المنفرد لدول منابع النيل على «اتفاق عنتيبي»، بعدما جمدت عضويتها لمدة 7 سنوات.
واعترضت على الاتفاقية دول المصب لأنها تنهى الحصص التاريخية لهما فى مياه النيل «55.5 مليار متر مكعب لمصر سنويا- رغم أن الاحتياجات المائية تبلغ 110 مليارات متر مكعب»- و«18.5 مليار متر مكعب للسودان».
وفى عام 2010 علقت كل من القاهرة والخرطوم نشاطهما فى المبادرة عقب توقيع باقى الدول على الاتفاقية باعتبارها «تقلص حصصهما التاريخية من مياه النيل».
فيما ترى الكونغو أن الدول الست الموقعة على «عنتيبي» خالفت أحد المبادئ الأساسية المنصوص عليها فى مبادرة حوض النيل، والمتعلقة بمبدأ التوافق فى اتخاذ القرارات بين كل الأطراف، وهو ما لم يتم عند توقيع «عنتيبي».
وفى الأول من مارس 2011 انضمت بوروندى إلى الاتفاقية ووقعت عليها ولكن لم يصدق البرلمان عليها، فيما قال مسئولون فى دولة جنوب السودان عام 2013 إن جوبا راغبة فى التوقيع على اتفاقية «عنتيبي».
وانفصلت جنوب السودان عن السودان عام 2011، وبالتالى ليست من بين من الموقعين على اتفاقية 1959 الخاصة بتوزيع حصص مياه النيل، وتسعى إلى حاليًا لتحديد حصتها باعتبارها إحدى دول المنبع.
وفى عام 2013 دعا مسئولون مصريون جوبا إلى «عدم التسرع» بالتوقيع على اتفاقية «عنتيبي» التى تطرح بشكل غير مباشر إعادة تقسيم مياه نهر النيل، والانتظار لحين حل الخلافات بين دول المنبع والمصب.
وتدخل عنتيبى حيز التنفيذ فى حال مصادقة ثلثى دول حوض النيل عليها أى 6 من أصل 10 وفعليا لم تصدق سوى 5 دول وإذا صدقت بروندى تصبح الاتفاقية سارية بموجب القانون الدولى، وحتى الآن لم تصدق على الاتفاقية إلا إثيوبيا وكينيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا.