الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نصاب سيما الظريف

نصاب سيما الظريف
نصاب سيما الظريف


أول عرض سيما تجارى فى العالم، كان فى فرنسا، عمله الأخوان لوميير ديسمبر 1895.. بعدها بـأسبوع، أسبوع واحد، كان أول عرض فى مصر، كان فى إسكندرية، وفـ آخر شهر يناير «28 منه» اتنظم أول عرض تجارى فى القاهرة، وكان فى عمارة الأمير حليم، والتذكرة بـ«أربع صاغ» لـ«النفر»، وقرشين لـ «العيل الصغير».
مشهورة أوى الحاجات دي.
ما علينا..

بعد ما بدأت العروض فى مصر، ما وقفتش، بس كانوا بـيعرضوا أفلام أجنبية، واللى كان بيتصور فى مصر كان برضه أفلام بـ «يعملها أجانب»، ومش أفلام روائية ليها قصة، كانت أقرب لـحاجات تسجيلية ووثائقية، وتصوير أماكن وكدا.
فضلنا كدا لـحد ما جت سنة 1917 وبدأت محاولات لـ «تصوير أفلام»، وجم جماعة طلاينة اتلموا على شاب اسمه محمد كريم، وعملوا شركة اسمها «الشركة الإيطالية المصرية»، وصوروا فيلمين، وعرضوهم فى دور العرض اللى انتشرت فى كل حتة، والفيلمين نجحوا نجاح ساحق، لـدرجة إن الشركة فلست تماما، وغالبا أصحابها اتسجنوا من الديون اللى خدوها علشان يعملوا الأفلام.
فشل الفيلمين، والشركة، خلوا محمد كريم يطفش من مصر أساسا، ويروح أوروبا يتعلم هناك فن السينما على أصوله، ولما يرجع يبقى يعمل أفلام.
بعدها ظهر مواطن طليانى برضه، وقرر يعمل أفلام، فـعمل ثلاثة أفلام بطولة نجوم المسرح اللى كانوا منتشرين وقتها: فوزى الجزايرلى «بحبح أفندي» وبشارة واكيم، وغيرهم، وتجربة الراجل الطليانى زى اللى قبله، لا قلم زاد ولا قلم نقص.
بعدها ظهر مواطن تانى اسمه محمد بيومي، كان راجع من ألمانيا، ومعاه معدات تصوير سيما، وقال لك نعمل أفلام، وعمل فيلم يعنى نص نص، ولما جه يعمل الفيلم التانى بعد ما صور منه شوية، كان له ابن واخد دور مهم فى الفيلم، الولد كان طفل صغير، بس مات.
فشلت تجربة أمين، وباع المعدات لـطلعت باشا حرب، ودى كانت الأساس اللى اتبنى عليه ستوديو مصر بعدين، وهو بقى موظف عند طلعت حرب، بعدين الباشا نطره من الشركة، وبدءوا يشرشحوا لـبعض، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بعدها محمد بيومي، قرر يعمل مجلة سينما وبرضه فشل، بس الفكرة نجحت خدها ناس تانيين، وعملوا مجلة اسمها «الصور المتحركة»، ونجحت نجاح الإبل، واتعملت مجلة تانية، ومجلة تالتة، والدنيا مشيت، وبقى عندنا مجلات سيما، بس لسه ما عندناش سيما.
فبراير 1925 نشرت واحدة من المجلات خبر، إن المخرج التركى الكبير وداد عرفي، شرف مصر مندوبا عن شركة «ماركوس» الألمانية لإنتاج تلات أفلام فى مصر.
الوسط الفنى يدوب عرف إن صاحبنا وصل واتلموا عليه، وبدأ كل واحد يتخيل إنه هـيكون فى الأفلام الألمانى اللى هـتتعمل فى مصر، لحد ما وداد عرفى استقر على الفيلم اللى هيعمله:
فيلم يحكى قصة حياة النبى محمد بن عبدالله، واللى هيمثل شخصية النبى «يوسف وهبي»، اللى كان ساعتها بيعمل دور «راسبوتين»، وفعلا صوروا يوسف وهبى بمكياج الشخصية اللى هيظهر بيها فى فيلم النبي، وزيادة فى تأكيد ضخامة الفيلم، نجيب الريحانى هيمثل فيه دور حد من الصحابة.
أكيد الحكاية دى عملت ضجة كبيرة، وأخونا يوسف بيه وهبى تعرض لهجوم عنيف من الأزهر والإسلاميين بشكل عام، وقالوا إزاى يعنى مشخصاتى هيعمل دور النبي؟ دا إحنا مش بنرسم له صورة، هنمثله فى فيلم.
خاض يوسف وهبى معركة، انتهت بهزيمته هزيمة فادحة، واتشد فى وزارة الداخلية، والملك فؤاد هدده شخصيا بإنه هيسحب منه الجنسية، ويشيل العدة، أكيد هو ما خافش ع الجنسية قد ما خاف ع العدة، وتراجع عن عمل الفيلم.
خلال المعركة دى كان وداد عرفى بقى مشهور جدا، وسيرته على كل لسان، فجت مفيدة محمد غنيم وقعت فى قرعته، ومفيدة دى اللى نعرفها فى تاريخ السيما بـاسم «عزيزة أمير»، وحكيت حكايتها فى مكان تاني.
عزيزة أمير كانت ممثلة مسرح، واتلمت على أخونا وداد، وهئ ومئ، فقال لها: ما تعملى شركة إنتاج، وتعملى أفلام، فالشركة الألمانية تقتنع إنك ممثلة ومنتجة، وتخليكى إنتى وكيلها فى مصر، فهى تحمست، وقررت تعمل كدا.
«إيزيس» دا كان اسم أول شركة إنتاج مصرية، ومعاها بدأ إنتاج أول فيلم مصري، اسمه «نداء الرب» بطولة عزيزة أمير، وعلشان يوافق وداد على إنه يخرج الفيلم، كتب معاها عقد، إنه غير أجره، اللى هيقبضه مع نهاية الفيلم، تخصص له سكن، وتوفر له أكله وسجايره، طول مدة تصوير الفيلم «آه والله بجد مش ألش».
عملت كدا عزيزة، وروحى يا أيام، وتعالى يا أيام، وصاحبنا عمال يصور، وكتير «بيصور نفسه»، وهو راكب الحصان فى الصحرا ودرجن درجن درجن، مع إنه أصلا فيلم صامت، وكل اللى اتعمل لحد لحظتها صامت، ومكنش لسه الفيلم الناطق اخترعوه.
فيييين، يمكن بعد عشر شهور، اكتشفت عزيزة الحقيقة، اللى حضرتك دلوقتى أكيد استنتجتها:
وداد دا لا مخرج ولا بتاع، ولا فيه شركة ألمانية، ولا له صلة بأى بتنجان، وغالبا دا مش اسمه، واحد نزل مصر ينصب، لقى الناس مهاويس بالسيما، قال لك ما نشتغلهم، وفعلا اشتغل الوسط كله، ولما حقيقته اتكشفت عمل الحاجة اللى بيعملها أى نصاب مهنى شايف شغله: هرب.
تعمل إيه الست عزيزة؟
توقف كدا، وتخسر الجلد والسقط؟
أبدا
هى كانت مغامرة فـ«آيست»، وقررت تخرج هى الفيلم، هو يعنى فيه حد فى مصر يعرف يعنى إيه إخراج، على الأقل هى بتجرب وتصور بقالها شهور، وبكدا بقت عزيزة أمير أول مخرجة فى مصر، وأول مخرجة أنثى فى العالم، بس رامى المتولى قال لى إن فيه واحدة أمريكية سبقتها، رامى أدري.
المهم، ساعد عزيزة فى إخراج الفيلم دا ستيفان روستي.
طيب هيتعرض فين؟
دور العرض رفضته، فهى أجرت سينما متروبوليتان وعرضته فيها وعزمت كبارات البلد، والفيلم نجح بجد، وانطلقت السينما المصرية من ساعتها لحد دلوقتي.
ولسه ياما لينا معاها حكايات.