الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون الاستثمار: ثروات مصر.. هدية للأجانب!

قانون الاستثمار: ثروات مصر.. هدية للأجانب!
قانون الاستثمار: ثروات مصر.. هدية للأجانب!


بنود وقوانين لا تبحث إلا عن راحة المستثمر الأجنبى كى يدخل إلى مصر فى ظل إعفاءات غير متوقعة وامتيازات لا يحلم بها أى مستثمر غير مصرى بينما تتحمل الدولة الكثير وسط ذهول عن كيفية تمرير هذا القانون من مجلس النواب.

لو قام المستثمر الأجنبى بكتابة القانون بنفسه لما خرج بهذا الشكل الذى يخدم مصالح الاستثمار لغير المصرى والسؤال: لماذا كل هذه الإعفاءات والامتيازات للأجانب داخل قانون الاستثمار ولماذا تتكبد الدولة كل هذه الأعباء من أجلهم خصوصاً أن القانون سمح بأن يجرى منح المستثمر الأجنبى معاملة تفضيلية على حساب المصرى وفقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
• إعفاءات كبيرة
حصل المستثمر الأجنبى على الكثير من الامتيازات فى قانون حوافز الاستثمار لا يحلمون بها بداية من الحصول على الأراضى التى سيقيمون عليها مشروعاتهم بالمجان أو بعض منها وحقهم فى تملك هذه الأراضى برغم أنهم أجانب؟!
ولا تميل غالبية دول العالم إلى منح حق التملك للأجانب وتكتفى بمنحهم حق الانتفاع الذى يصل إلى 99 عاما ولكن هناك حظرًا كبيرًا على تملك الأراضى، بينما جاء فى قانون الاستثمار أنه لا تفرقة بين المستثمر المصرى أو الأجنبى بأى حال من الأحوال سواء فى تملك الأراضى أو حوافز الاستثمار.
وسيحصل المستثمر الأجنبى على إعفاء ضريبى يصل إلى 70٪ إذا أقام مشروعه فى المناطق الأكثر احتياجا وتنخفض إلى 50٪ إذا كان فى منطقة أقل فقرا ثم 30٪ فى أى من المناطق الأخرى وبالتالى يتساوى مع المستثمر المصرى بهذا الخصوص.
والغريب أن بند الإعفاء الضريبى لا يمثل الكثير من الأهمية بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب وذلك لأن أى إعفاء سيحصل عليه داخل مصر سيجرى دفعه فى بلده وبالتالى أضاع هذا البند الكثير من الأموال على الخزانة العامة للدولة.
وجاء فى قانون الاستثمار الجديد أن تعريف المشروع الاستثمارى جاء فضفاضا ليشمل أى مشروع استثمارى حتى وإن كانت الدولة ليست فى حاجة له بعدما جاء اعتماده على أنه «مزاولة أى من المشروعات الاستثمارية فى نشاط الزراعة أو الصناعة أو التجارة أو الصحة أو الإسكان أو الطاقة أو التعليم أو النقل أو السياحة أو الثروات الطبيعية أوالكهرباء أو المياه أو الاتصالات أو التكنولوجيا» ويجوز للوزير المختص بالتنسيق مع الحكومة إضافة أى مجال آخر.
وفى أى دولة تسعى إلى توفير حوافز للاستثمار خاصة الأجنبى دائما ما تتصدر قطاعات بعينها فى المقدمة حتى تسمح للأجانب بالربح مقابل نقل تكنولوجيا أو صناعة معينة بمشاركة أبناء هذه الدولة إلى وطنها كى تبقى الاستفادة متبادلة أما فى القانون الحالى فلو قام شخص بإنشاء «مول تجاري» بات هذا النشاط استثماريا ويحق لصاحبه الحصول على الحوافز المقررة فى القانون مع أنه سينشئ مبنى به مجموعة المحال والأرفف لعرض البضائع.
ومنح القانون الحق للمستثمر الأجنبى فى تحويل جميع الأموال التى يحققها من أرباح المشروع التجارى إلى الخارج دون قيد أو شرط وبعملة قابلة للتحويل الخارجى «نقد أجنبي»، وهو ما يعنى استنزافاً لموارد الدولة من العملة الصعبة.
وتسعى الشركات الأجنبية الحالية داخل مصر إلى خروج أموالها إلى الخارج وهو ما يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد المصرى الذى يعانى من صعوبة فى الحصول على النقد الأجنبى رغم ارتفاع الاحتياطى النقدى حيث يعمل البنك المركزى حاليا على ادخاره من أجل دفع ما يقرب من 14 مليار دولار عام 2018 لسداد جزء من الديون الخارجية على مصر.
• امتيازات غير مسبوقة
بعد حالة من الشد والجذب بين وزراء الحكومة جرى الإبقاء على المناطق الحرة الخاصة التى تعد كنزا بالنسبة إلى بعض المستفيدين منها لاسيما أن تسمح لمن هم مشتركون فيها استيراد أى من المواد الخام التى يرغبون فيها بتسعيرة جمركية تفضيلية عن استيراد المواد الخام العادية وهو الأمر الذى يمثل شبهة دستورية لأنه يفضل البعض على حساب آخرين ولا يلتزم المستورد داخل المنطقة الخاصة بالاشتراطات العامة للاستيراد العادى.
وسمح القانون للمستثمر بأن يقوم بتعيين 20٪ من العمالة الخاصة داخل مشروعه من الأجانب وهو توجه يخالف تماما ما تسعى إليه الحكومة من توفير فرص عمل لأبناء الوطن من المصريين خصوصاً أن هناك الكثير من العمالة الآسيوية يمكن أن تقبل بالوضع المصرى وتحديداً فى قطاع الغزل والنسيج.
ومنح قانون الاستثمار للمستثمر الحق فى الحصول على تكلفة إدخال المرافق إلى المشروع من جانب الدولة بينما يمكن للدولة أن ترد نصف قيمة الأرض إلى المستثمر إذا ما قام بتشغيل المشروع خلال عامين والإنتاج من خلاله.
كما تتحمل الدولة عن المستثمر جزءًا من تكلفة تدريب العمالة سواء كان ذلك مصريا أو أجنبيا على اعتبار أنه لا تفرقة بينهما وهى امتيازات تتحملها الدولة على عاتقها شأنها شأن التساهل فى أسعار الأراضى والتسعيرة الجمركية الخاصة والإعفاءات الضريبية الكبيرة!
وجرت حالة من الشد والجذب قبل إصدار القانون بشأن صلاحية وزارة الاستثمار فى الحصول على اختصاصات وزارات أخرى كى تقوم بتفعيل النافذة الاستثمارية الموحدة التى تسمح بمنح الموافقات السريعة للمستثمرين وهو ما يعنى جولة جديدة من الصراعات المستقبلية بين الوزارات بحسب الكثير من التوقعات لاسيما أن الجميع يترقب اللائحة التنفيذية فكل وزارة تملك صلاحية على أرض معينة وهو ما قد يتسبب فى تضارب كبير فى القرارات.
• قضية الاستثمار
اعتبر الدكتور أسامة عبد الخالق أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس أن مصر فقدت الكثير من الفرص الاستثمارية فى السنوات الماضية وهربت الكثير من الاستثمارات إلى الدول المجاورة وكان على الحكومة أن تقوم بوضع قانون يسمح لها بجذب رأس المال مرة أخرى والتشجيع على العمل الاستثمارى والتجارى داخل مصر.
وأوضح عبد الخالق أن قانون الاستثمار الجديد دفع الحكومة لتقديم حوافز استثمارية تاريخية وغير مسبوقة من أجل الحصول على استثمارات جديدة والتحدى القادم لها هو حجم الاستثمارات المنتظرة والتى يمكن لها أن تحققها بعد هذا القانون.
أما الدكتور عبد المطلب عبد الحميد عميد أكاديمية السادات الأسبق للعلوم الإدارية وأستاذ الاقتصاد فأكد أن هناك بعض الحوافز بحاجة إلى إيضاح من خلال اللائحة التنفيذية للقانون.
وأشار عبد المطلب عبد الحميد إلى أنه كان يجب ربط الحوافز الاستثمارية من خلال الصناعات الكثيفة العمالة بحيث تسمح بتوظيف أكبر عدد من المصريين لخفض معدلات البطالة خاصة بين الشباب.
وأوضح عبد المطلب أنه كان يمكن خفض نسبة العمالة الأجنبية التى تصل إلى 20٪ ومنح ذلك إلى المصريين الذين هم بحاجة إلى توفير وظائف لهم وليس استيراد عمالة من الخارج.
وأكد عبد المطلب أن استمرار المناطق الحرة الخاصة يسمح بوجود علاقة تفضيلية لبعض المستثمرين على حساب آخرين حيث يرى البعض أنها باب خلفى للتهريب وأيضا الحصول على المواد الخام بأسعار جمركية لصالح هولاء المستثمرين. •