الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

من إخناتون وإيزادورا.. إلى خبيئة للمومياوات

من إخناتون وإيزادورا..  إلى خبيئة للمومياوات
من إخناتون وإيزادورا.. إلى خبيئة للمومياوات


وسط تغطية إعلامية محلية وعالمية كبيرة، أعلن خالد العنانى وزير الآثار الكشف عن خبيئة للمومياوات لأفراد تعود للعصور المتأخرة بالإضافة إلى عدد من الدفنات والتوابيت الحجرية والفخارية بمنطقة تونة الجبل بمحافظة المنيا، وذلك أثناء أعمال الحفائر التى تجريها بعثة كلية الآثار جامعة القاهرة بالموقع برئاسة أ.د.صلاح الخولى وتحت إشراف وزارة الآثار.
أهمية هذا الكشف ترجع إلى أنه الأهم الذى يتم العثور عليه بالمنطقة منذ حفائر د. سامى جبرة فى الفترة من 1930 وحتى 1950 التى كشفت عن جبانة الطيور والحيوانات هناك.
صاحب العنانى فى جولة التفقد والإعلان عن الكشف محافظ المنيا عصام البديوى، وأ.د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة و أ.د.محمد حمزة عميد كلية الآثار وعميد كلية العلوم بجامعة القاهرة ولفيف من قيادات وزارة الآثار وجامعة القاهرة والسادة سفراء الدول الأجنبية بالقاهرة ونواب من مجلس الشعب.
كما أعرب د.العنانى عن سعادته بهذا الكشف الذى يمكن إضافته إلى مجموعة الاكتشافات الأثرية التى شهدتها البلاد فى الآونة الأخيرة كان آخرها محتويات مقبرة «أوسرحات» قاضى مدينة طيبة فى عصر الأسرة 18 بمنطقة ذراع أبوالنجا بالأقصر الذى كشفت عنه النقاب بعثة أثرية مصرية من وزارة الآثار. وأيضا اكتشافات منطقة دهشور والكشف الأثرى الجديد بتونه الجبل.
وعن الكشف قال أ.د.صلاح الخولى أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ورئيس البعثة الأثرية إن قصة هذا الكشف بدأت عندما قامت البعثة بعمل مسح أثرى للموقع بجهاز الرادار GBR  بواسطة مجموعة من الأساتذة المتخصصين من كلية الهندسة جامعة القاهرة حيث تبين وجود فجوات فى المنطقة الواقعة إلى الشرق من سراديب مدافن الطيور والحيوانات، الأمر الذى دفع فريق العمل إلى القيام بأعمال الحفر الأثرى الذى تبين من خلاله وجود مجموعة من الدهاليز تؤدى إلى سراديب عثر بداخلها على خبيئة للمومياوات، وأضاف د.الخولى أن المومياوات المكتشفة يصل عددها إلى نحو 17 مومياء فى حالة جيدة جدا من الحفظ وعليها كتابات بالخط الديموطيقى واليونانى، مشيرا إلى أن طريقة حفظ المومياوات وتحنيطها تمت بعناية فائقة بما يرجح أنها تخص أصحاب مكانة عالية فى المجتمع آنذاك أو لكهنة وأقاربهم، خاصة أن التحنيط خلال تلك الفترة لم يكن بالمستوى المعهود على غرار العصور التاريخية الأخرى بسبب تكاليفه الباهظة.
وقال د. الخولى إن البعثة عثرت على 10 توابيت من ضمنها تابوتان من الفخار بهيئة آدمية أحدهما كامل والآخر به بعض الكسور، والتوابيت الثمانية الأخرى مصنوعة من الحجر وفى حالة جيدة من الحفظ وغير منقوشة.
هذا وقد نجحت البعثة كذلك فى العثور على برديتين بالخط الديموطيقى داخل إناء، ومن المقرر نقلهما لمركز الترميم بالمتحف المصرى الكبير لإجراء أعمال الترميم والصيانة اللازمة لهما، كما تم الكشف أيضاً عن شريحة من الذهب على هيئة ورق الشجر من المرجح أنها كانت جزءاً من إكليل لإحدى المومياوات.
وأضاف د.الخولى أن البعثة قامت كذلك بالتنقيب الأثرى فى موقع آخر بالقرب من الساقية الرومانية الذى أسفر عن وجود عدد من البيوت الجنائزية مبنية من الطوب اللبن تعود للعصر الرومانى. وقد عثر داخلها على عدد من العملات والأمفورات والمسارج و غير ذلك من أدوات الحياة اليومية.
• تونة الجبل
تونة الجبل، هى قرية تابعة لمركز ملوى، محافظة المنيا، مصر اشتق اسمها من الكلمة المصرية القديمة: «تاحنى»، أى: «البحيرة»، إشارة إلى بحيرة كانت تتكون فى المنطقة نتيجة لفيضان النيل، وأصبحت فى اليونانية «تاونس»، و«تونة» فى العربية، وأضيفت إليها كلمة الجبل نظراً لوقوعها فى منطقة جبلية صحراوية، وتمييزاً لها عن القرية السكنية الحديثة: «تونة البلد»
بالقرية مقابر قردة البابون وطيور الإيبيس وهى الحيوانات المقدسة للإله تحوت، إضافة إلى جبانة مدينة هيرموبوليس، ومقبرة الكاهن بيتوسريس الكاهن الأكبر للإله تحوت، التى ترجع إلى عصر البطالمة.
• الجبانة
تم العثور على مجموعة من السراديب، وهى ممرات محفورة فى الصخر كانت مخصصة لدفن طيور أبومنجل المقدس، والقردة بعد تحنيطها.
تمتد جبانة تونة الجبل حوالى 3 كم. وهى الجبانة المتأخرة لمدينة الأشمونين (عاصمة الإقليم 15 من أقاليم مصر العليا).
تمثل جبانة تونة الجبل أهمية خاصة، لأنها تبرز مظاهر التزاوج الفنى بين الفن المصرى القديم والفن اليونانى، وتضم المنطقة الآثار التالية:
• إحدى لوحات حدود مدينة إخناتون
وهى أحسن لوحات حدود المدينة حفظاً، نحتت فى إحدى صخور المنطقة قبل مدخل جبانة تونة الجبل. صور عليها إخناتون ونفرتيتى وبناتهما يتعبدون للإله آتون، بالإضافة إلى النص المصاحب والمتكرر فى كل اللوحات تقريباً. وأسفل اللوحة توجد أجزاء من تماثيل مجسمة لكل من إخناتون ونفرتيتى وبناتهما.
• السراديب المنقورة
السراديب المنقورة فى باطن الأرض، والمخصصة لدفن رمزى الإله: جحوتى (القرد، والطائر أبومنجل).
وهى مجموعة ضخمة من الممرات المنقورة فى الصخر، التى كانت مخصصة لدفن طيور أبومنجل المقدسة، وكذلك القردة بعد تحنيطها. كانت المومياوات توضع فى توابيت فخارية، أو خشبية أو حجرية. وتضمنت السطوح الخارجية لبعضها نصوصاً بالخط الديموطيقى.
تعددت وتنوعت أماكن دفن هذين الرمزين المقدسين للإله «دجحوتى»، والتى ترجع إلى أواخر التاريخ المصرى القديم، وإن انتشرت إلى حد كبير فى العصرين اليونانى والرومانى، وتضم الجبانة بضع ملايين من المومياوات، بالإضافة إلى مقبرة أحد كهنة چحوتى، ويدعى «عنخ حور» والذى كان يشرف على تقديم القرابين ودفن المومياوات.
• مقبرة بيتوزيرس
مقبرة الكاهن الأكبر للإله چحوتى وهى مقبرة فريدة فى عمارتها وفنونها. فعمارتها تماثل عمارة المعابد المصرية فى الدولة الحديثة، وفنونها جمعت بين الفنين المصرى واليونانى فى بعض الحالات، وفى حالات أخرى أبرزت الفن المصرى بخصائصه الأصيلة، والفن اليونانى بخصائصه المميزة له.
كان «پيتوزيريس» الكاهن الأول للإله «چحوتى» سيد الأشمونين وقد أعد لنفسه ولوالده ولشقيقه هذه المقبرة، حيث دفنوا فيها جميعاً. وتزخر المقبرة بالعديد من المناظر الدنيوية، مثل الزراعة والحصاد، وجمع وعصر العنب، ورعى الطيور والحيوانات، والمنظر الشهير لبقرة تلد. هذا بالإضافة إلى مناظر الصناعات الحرفية المتعددة والدينية، مثل الجنازة ومقدمى القرابين، وعبادة الآلهة، وبعض فصول كتب الموتى.
• مقبرة إيزادورا
تضم المنطقة عشرات المزارات الجنائزية المتصلة بالمقابر التى كان يستخدمها زوار الجبانة فى المناسبات الدينية. يرجع أقدمها للأسرات المتأخرة من التاريخ المصرى، وأكثرها للعصر البطلمى.
ومن أهم المقابر مقبرة إيزادورا، وهى فتاة عاشت فيما يبدو فى القرن الثانى قبل الميلاد، وكانت قد غرقت وهى تعبر نهر النيل للقاء حبيبها. وقد رثاها والدها بمرثية شعرية كتبت باليونانية، وسجلت على جدران المقبرة. وتضم المقبرة مومياء، يذكر أنها مومياء إيزادورا.
• الساقية الرومانية
هى صهريج أو خزان مياه شيد تحت سطح الأرض بالطوب الأحمر. تبدو فى شكل بئر أسطوانى يصل عمقه إلى حوالى 40 متراً، وهى أضخم خزان مياه من نوعه فى مصر، شيد فى العصر الرومانى. ولابد أنه كانت هناك خزانات أخرى من عصور سابقة لتخزين المياه الضرورية لاستخدام العاملين فى الجبانة والزوار ولمتطلبات التحنيط والقرابين والطقوس الجنائزية، ولكن لم يكشف عنها بعد. •