الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رغم انشغالهن.. «رغايات» بالفطرة!

رغم انشغالهن.. «رغايات» بالفطرة!
رغم انشغالهن.. «رغايات» بالفطرة!


فى حلقاتنا السابقة فى «ستات آخر زمن» كانت النساء أضعف خلق الله حتى وإن بَدَوْن مفتريات أحياناً .. وحساسات رغم ما يظهرنه من عنف لحماية أنفسهن فى مجتمعنا، إلا أنه بما لا يدع مجالاً للشك وبشهادتهن قبل شهادة الرجال هن «رغايات»، وهذا ليس اتهاماً بقدر ما هو اعتراف! وقد يلتمس العذر لأمهاتنا وجداتنا فكان لديهن من الفراغ والوقت وراحة البال ما يشبه أيامهن الجميلة الهادئة، ولديهن متسع للحكى والكلام فهن ربات بيوت وسيلة تواصلهن مع العالم خارج بيوتهن حوارات الجارات وقصص القريبات..
 أما وقد انشغلت المرأة الآن وأصبحت لها أدوار عديدة داخل البيت وخارجه فكيف لم تفقد القدرة على الاسترسال فى الكلام؟! ولم يحد ذلك من قدرتها على الانغماس فى «الرغى»! بل استخدمن الموبايلات والواتس آب فى الاستمرار على خطى الجدات لا يوقفهن انشغال فى عمل، أو مذاكرة، أو معاناة فى شغل البيت ومذاكرة الأولاد، ولا يمنعهن صداع الأزواج أو شكواهم من الرغى والفضفضة!
• موهبة سببها «بيولوچى»
عندما حكت شهرزاد لشهريار كانت إجادتها للحكى منجاةً لها ولبنات جنسها من قطع رؤوسهن، بل استطاعت بحكاياتها أن تأسر قلب شهريار.. حتى وإن كان ذلك فى القصص إلا أن إبداع المرأة وتميزها فى الحكى والفضفضة موهبة لها أسباب بيولوچية، وهذا ما أثبته العلم والدراسات الحديثة.
فقد نشرت صحيفة «ديلى تلجراف» البريطانية مؤخرا دراسة تشير إلى أن لدى المرأة هرموناً أطلق عليه اسم «أوكسيتوسين» وصفه العلماء بأنه هرمون ضبط المزاج، وهو الذى يدفع المرأة إلى التحدث مع الأهل والصديقات والجارات وغيرهن للتخلص من الضغوط دون الانسحاب للصمت أو الاندفاع إلى العدوان، كما يفعل الرجال، وهو ما يجعل المرأة أقل عرضة للوقوع فريسة للإدمان أو الاضطرابات العصبية، ووظيفته الأساسية عند المرأة هو انقباض الرحم عند الولادة وتدفق الحليب عند الإرضاع، وهو يفرز عند الجنسين، ولكن بكمية أكبر لدى السيدات.
والنساء يتأثرن بالضغوط حسب نسبة الأوكسيتوسين فالنساء اللاتى لديهن ضغوط قليلة فى العلاقات ويحاولن إسعاد من حولهن ترتفع لديهن نسبة الأوكسيتوسين، أما السيدات اللاتى لديهن مشاكل عديدة وضغوطات نفسية ويشعرن بالخوف فتقل نسبة هرمون الأوكسيتوسين لديهن، ونجد أن الهرمون يرتفع عند المساج البدنى وعند الذكريات الجميلة، بينما يهبط عند الذكريات المؤلمة. وهذا الهرمون تفرزه الغدة النخامية ويؤدى هرمون الأنوثة الأستروجين إلى زيادة فاعلية هرمون الأوكسيتوسين، بينما يؤدى هرمون الذكورة التستستيرون إلى خفض فعاليته.
• تطور الموضوعات عبر الأجيال
فى دراسة حديثة قامت بها الجمعية البريطانية للدراسات والبحوث أوضحت أن المرأة تقضى خمس ساعات يوميا فى النميمة والدردشة، وتبين أنها تستمتع بالتحدث مع صديقتها الحميمة أكثر من زوجها، وأن أهم الأحاديث تتمحور حول الآخرين والطبخ والحميات الغذائية والأطفال.
وأكثر الأحاديث تداولا هى مشاكل الآخرين والأطفال وعلاقات معارفهن العاطفية، كما جاءت موضوعات التسوق والمسلسلات وزيادة الوزن والحميات الغذائية، وحتى قياس الملابس ضمن اللائحة، وذكرت ثلث النساء أنهن يقضين جزءا من نهارهن فى الحديث عن الغذاء الذى تناولنه، فى حين تحدثت ربعهن عن وصفات جديدة.
هذا فى بريطانيا.. إذا نظرنا لدردشة البنات والنساء المصريات هذه الأيام نرى أن محاور حديثهن أصبحت أكثر تنوعاً عن الماضى فلو كانت طريقة صنع الأكلات والموضة هى التى تتربع على عرش أحاديثهن فى الماضى فإن هناك موضوعات أحدث أصبحت تتسم بها أحاديثهن.
لمياء محسن 32سنة محاسبة فى بنك تقول: «بنتكلم فى كل حاجة المشاكل اللى بنمر بيها فى الشغل والبيت، غلاء الأسعار، الأحداث فى البلد سياسية واقتصادية فالكلام لا ينتهى».
الحاجة نادية عبد الحميد 62 سنة تقول: «أحلى حاجة تتكلم مع حبايبك وصحابك وأهلك صحيح الكلام بيكون فيه شكوى من الغلا أو من معاملة الناس ومشاكلهم، لكن فيه الدردشة والفضفضة ورجعنا نتكلم فى السياسة وحال البلد زى ما كنا بنسمع أهالينا واحنا صغيرين أيام الحرب والنكسة وانتصار أكتوبر فالبلد دلوقتى فى حالة حرب مع الفساد والجشع والإرهاب والغلا».
• شايفة نفسك رغاية؟
«أكيد وسط الضغوط اللى بنتعرض لها الفضفضة مع صديقة تخفف التوتر والضغط».. هكذا بدأت معى ندى فادى موظفة فى إحدى الشركات حديثها وتقول: «نعمة أن تجدى من تتكلمين معه وتثقين فيه، فبجانب والدتى وأختى هناك صديقاتى ولأن طوال الوقت نحن فى حالة انتظار فى الزحمة فى التاكسى أو عند الدكتور فما المانع من الدردشة وتمضية الوقت مع الأصدقاء عن طريق الموبايل أو الواتس آب»؟!
ليلى ربة منزل 45سنة تقول: «من المؤكد الرغى والفضفضة سمة مميزة للستات، أما الرجال فيكتمون فى أنفسهم ولا أراه عيبا إلا لو تسببت المرأة فى نقل الأسرار أو التوقيع بين الناس أو إفشاء أسرار بيتها مثلا،ً لكن مادام الرغى للتسلية والتقارب بين الأصدقاء والتواصل فما المشكلة»؟!
الدكتورة مها عواد 33سنة تقول: «قد تكون هذه الصفة نعمة أو نقمة ككل الصفات فإذا أحسن استخدامها تكون وسيلة لتقوية الروابط بين الزوجين للقضاء على الفتور وتقارب وجهات النظر أو للتواصل مع الأصدقاء ولصلة الرحم وإيجاد حكايات وحوارات شيقة أو للفضفضة والراحة، أما لو استخدمت فى إزعاج الناس أو كانت ثرثرة تافهة أو اختير الشخص الخاطأ لسماع تلك الفضفضة ستنقلب على صاحبها وأرى أنها صفة بالفعل موجودة أكثر فى النساء لأنه عندما نجد رجلاً كثير الكلام نقول عنه «رغاى زى الستات»!
• مهارة الرغى من وجهة نظر نفسية
يقول خبراء علم النفس إن ميل النساء إلى الثرثرة يرجع إلى عامل فسيولوجى يجعل من محصلتهن اللغوية وقدرتهن على الكلام أكثر من الرجال بدرجة كبيرة!
فيقول الدكتور هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى فى جامعة الأزهر: «يلاحظ أن البنت الصغيرة لديها قدرة فائقة على اكتساب المهارات اللغوية بشكل يفوق الولد، فالله خلق مركز الكلام فى المخ قادرًا على التكلم لدى المرأة من 5000 كلمة إلى 7000 كلمة، أما الرجل فقدرته على التكلم من 2000 إلى 3000 فقط وغالباً ما يستخدمه فى عمله فيعود لبيته صامتاً، ولكن المرأة لا تزال حتى ولو كانت تعمل خارج البيت عندها القدرة على الكلام فتظهر بأنها رغاية.. ولكنها حكمة أن يظل عندها رصيد من الكلام لتستطيع تمضية وقت مع أولادها تحل مشكلاتهم وتجيب عن استفساراتهم .. كذلك فإن هناك اختلافاً بينها وبين الرجل فى عمل فصى المخ فالفص الأيمن مسئول عن الأحاسيس والمشاعر، أما الأيسر فعن الحساب والمنطق، الرجل لا يمكنه استخدام الفصين معاً إما يركز فى العمل والأرقام وإما فى الأحاسيس والمشاعر والتخيل، لكن المرأة لها القدرة على المزج بينهما، مما يتيح لها القيام بأكثر من وظيفة فتستطيع الحديث فى الموبايل مع صديقتها أو والدتها عن مشاكل أو مشاعر أو فضفضة وهى تطبخ أو تقود السيارة مثلاً.
• التكنولوجيا ساعدت فى الثرثرة
الدكتورة منى صبرى أستاذ علم النفس تقول: «الفضفضة» تعتبر إحدى طرق العلاج النفسى ونتائجها مضمونة مائة بالمائة خاصة مع النساء، بعكس الرجال لأن المرأة أكثر عرضة للأمراض النفسية من الرجل بسبب الضغوطات التى تواجهها فى الحياة سواء الاجتماعية أو النفسية أو نتيجة التركيبة البيولوجية لها، والفضفضة والكلام وسيلة تمنع ظهور أمراض عديدة لأن الكتمان يولد الانفجار. ولأنها طبيعة المرأة فالمهم هو الحرص على انتقاء الأشخاص الذين يتمتعون بصفات أخلاقية ولديهم القدرة على سماع هموم ومشاكل الآخرين دون التطرق لها أو نشرها أمام الناس حتى لا تنقلب الفضفضة إلى ندم، لكن المشكلة تظهر عندما تعطى السيدات لبعضهن البعض آراء خطأ فى قضايا تحتاج إلى متخصصين خاصة على السوشيال ميديا ويصل الأمر إلى الإدمان، فتنسى المرأة نفسها وحياتها من أجل متابعة الفيس بوك ومواقع الدردشة فالأكيد وقتها سيصبح لديها مشكلة، فقد لاحظت دراسات نفسية أن التواصل المستمر عبر غرف الدردشة يتحول إلى إدمان لدى النساء بشكل يجعل الإقلاع عن تلك الصفحات أو الدخول عليها مرة واحدة فى اليوم أمرًا فيه كثير من الصعوبة.
كما أن أعراض الاكتئاب الشديدة ظهرت على الكثيرات ممن يقمن بحل مشاكل الأخريات على صفحات التواصل، وقد انتقلت إليهن بالفعل وأصابتهن بالمزيد من الهموم الإضافية على ما يشعرن به من متاعب وتطور الأمر إلى أنهن انشغلن بماذا سوف يكتبن من ردود، وماذا سيفعلن عندما يدخلن غرفة الدردشة المرة القادمة.. فالتكنولوجيا ساعدت فى الثرثرة بصورة مفرطة للنساء والرجال أيضاً، وللأسف كانت الثرثرة وسيلة للتواصل مع الآخرين وتقوية العلاقات مع الأصدقاء والأقارب ولكن دردشة الإنترنت خلقت جيلاً من الثرثارين على السوشيال ميديا وعاجزين فى نفس الوقت عن التواصل الحقيقى وجهاً لوجه مع الناس». •