الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

نماذج رائعة فى الحركة التشكيلية نساء شكلن الحرية بالفرشاة والألوان

نماذج رائعة فى الحركة التشكيلية  نساء شكلن الحرية بالفرشاة والألوان
نماذج رائعة فى الحركة التشكيلية نساء شكلن الحرية بالفرشاة والألوان


تتعدد أشكال نضال المرأة وثورتها.. وكلهن يعملن وفق إمكانياتهن الخاصة.. وفى شهر مارس شهر المرأة الذى نحتفل فيه بأهم ثلاث مناسبات لها «يوم المرأة العالمى 8 مارس- يوم المرأة المصرى 18 مارس- عيد الأم 21 مارس»..
 لا يمكننا إغفال دور المرأة التشكيلية المصرية فى هذا النضال، فالتشكيلية لها دور كبير فى التجارب الإبداعية والفنية الخاصة بحياتها. وتعد أكثر الفئات قدرة على التعبير عن قضاياها وإبراز الجماليات عندها، فالتشكيلية تثأر بالفرشاة والألوان وتضع بريشتها خطوطًا عريضة بألوان فسفورية جاذبة للانتباه على قضاياها المجتمعية وطرح مشاكلها ومحاولة التوصل لحلول لها.. وهناك مجموعة من التشكيليات اللاتى نادين بتحرير المرأة ومناصرة المستضعفين.. نستعرض خلال سطورنا القادمة أهم رائدات الحركة التشكيلية المصرية.
• أرستقراطية متمردة
رغم أنها أرستقراطية الأصل فإنها انضمت إلى طبقة المستضعفين والمسحوقين وأصبحت مناضلة شيوعية على المستوى العالمى.. إنها «إنجى أفلاطون».. التى ولدت فى 16 أبريل 1924. وتعد من الرعيل الثانى للحركة التشكيلية فى مصر كما تنتمى إلى رواد الحركة التشكيلية فى العالم العربى. وقد تمردت على طبقتها الأرستقراطية. كانت دائماً فى الطليعة والمراكز القيادية وكانت رائدة وزعيمة الحركة النسائية وضحت كثيراً فى خدمة مصر وشعبها، كما أسهمت باقتدار عظيم فى النضال الإنسانى العالمى.
أثار غضبها الوضع المتخلف المهين للمرأة المصرية وخاصة فلاحات مصر فقررت تحريرهن، وأقامت أول مهرجان للنساء التقدميات عام 1946، وأصدرت أول كتاب لها بعنوان « 80 مليون امرأة معنا» عام 1947، ثم أصدرت كتابها الثانى «نحن النساء المصريات» عام 1949، وكتابها الثالث  «السلام والنجلاء» عام 1951.  واشتركت فى الدفاع عن قناة السويس خلال العدوان الثلاثى على مصر ودربت النساء على حمل السلاح.
اتخذت إنجى من السريالية منهجاً للتعبير عن نفسها وفنها وفى عام 1951 قدمت معرضها الأول الذى غلب عليه الطابع الواقعى الاجتماعى خاصة فى اللوحات التى عبرت فيها عن هيمنة الرجل على مقدرات المرأة أو اللوحات التى صورت «الكفاح المسلح» ضد قوات الاحتلال البريطاني مثل (لن ننسى) التى عبرت عن شهداء الفدائيين فى معارك السويس، وقبض عليها عام 1959 وظلت بسجن النساء بالقناطر الخيرية حتى عام 1963، ولأن موضوعاتها الفنية كانت فى الدرجة الأولى عن الفلاح المصرى ونضال الإنسان من أجل التقدم والحرية مارست الرسم حتى فى السجن فرسمت السجينات فى حالاتهن وتجلياتهن المختلفة، وكذلك من خلال نوافذ العنبر المطل على النيل رسمت المراكب والصيادين.
عاشت إنجى أفلاطون 26 عاماً بعد خروجها من السجن، كرست فيها حياتها للفن والدفاع عن حق الآخرين فى الحرية والحياة. وفى الوقت الذى استبعدت فيه من قوائم التكريم وجوائز الدولة ومقتنياتها كرمتها أكبر الهيئات الدولية ومنحتها الحكومة الفرنسية أعلى وسام لديها وهو «وسام الفارس» كما دُعيت لتعرض لوحاتها فى مختلف عواصم العالم شرقاً وغرباً، وقالوا عنها فى روما (إنها خرجت من قلب الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة التى ترتبط بالواقع تصور العظمة القاسية للطبيعة المصرية فى لحظات من الحياة اليومية وتكمن قوتها فى قدرتها على القبض على شعور ما). توفيت إنجى فى 17 إبريل 1989 ومن أشهر أعمالها لوحات (جمع الذرة- حاملة شجرة الموز- جمع البرتقال- الشجرة الحمراء- سوق الجمال- صياد بلطيم). 
• الطفولة الحكاءة
معروفة بحساسيتها الفنية وشاعريتها فى التعبير عن عالم الطفولة والأنوثة، ولا يوجد رجل واحد فى لوحاتها ويقتصر عالمها على النساء فقط. فهى ترى أن عالم المرأة أرحب وبه قدرة تعبيرية أكثر.. إنها «زينب السجيني».. التى ولدت فى 2 أكتوبر 1930 وتعد إحدى أهم فنانات جيل الوسط من المبدعات فى الحركة التشكيلية، عشقت الفن منذ صغرها لتعلقها الشديد بعمها النحات الكبير «جمال السجيني» حيث تأثرت بأعماله الفنية فهى من مواليد القاهرة.
سيطر عليها عالم الطفولة ببراءته وعفويته ومنه استطاعت إبراز ما تملكه المرأة من ملكات تتفرد بها، وبحرفية شديدة جمعت فى أعمالها خلاصة خبراتها المركزة عن الفن المصرى القديم، وفى أعمالها تتضح التقنية والبراءة التعبيرية حيث تستخدم اتجاهات الخطوط التى تمثل الأذرع والسيقان اليافعة لتحديد مسارات العين على سطح اللوحة، فهى فنانة فريدة فى التعامل مع الخلطات اللونية وملامس السطوح.
والنسوة ببشرتهن الخمرية فى لوحات زينب لا تخطئ العين هويتهن، فهى استطاعت بهذه الوجوه أن تحقق للوحاتها طابعا مميزًا لا تخطئه العين من ناحية، ومن ناحية أخرى اكسبت لوحاتها مسحاً قومياً. وظفت نساءها أحياناً فى قضايا سياسية فهى حاصلة على جائزة التصوير الأولى من «صالون القاهرة» عام 1968 عن (لوحة مأساة القدس) وجائزة التصوير الأولى فى بينالى القاهرة الدولى الرابع عام 1994، كذلك حصلت على جوائز عدة منها محلية وعالمية، ولها مقتنيات بجهات عديدة بمصر والخارج.
• ريشة ثائرة
تعتبر معلماً من معالم البانوراما المصرية للفن النسائى، والطريف أنها كانت دائمة الرسوب فى مادة الرسم فى السنوات الأولى من دراستها إلى أن أرغمت الفن أن يعشقها فلم تتوقف يوماً عن الحركة والبحث والتجديد حتى صارت علامة فى تاريخ الفن المصرى.. إنها «جاذبية سري».. التى ولدت فى 11 أكتوبر عام 1925.
تشتهر «جاذبية» بموضوعاتها المتفجرة، فهى تنتمى إلى الرعيل الثانى للحركة التشكيلية الذى اهتم بقضاياه القومية؛ ففنها يعكس ويجسد المشاكل التى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، فبعد تخرجها فى المعهد العالى للفنون الجميلة سنة 1948 بعد الحرب العالمية الثانية كانت الحياة فى مصر ثائرة رافضة ومتغيرة، التحمت حينها «جاذبية» بأبناء وطنها وحملت ريشتها لتشارك فى الصراع متحدة مع المفكرين والأدباء والشعراء وفنانى مصر.
كما يعكس فنها الأصول القديمة فهو فن حكائى فى باب النوادر والحواديت وسرد المشاكل اليومية، وتدرجت مراحلها الفنية من مرحلة الحياة الشعبية أو القيم الوطنية فى الخمسينيات والستينيات إلى مرحلة الناس والبيوت التى تميل الى التجريدية فى الثمانينيات، وأحياناً تمزج بين المراحل المختلفة.
اقتنى متحف «المتروبوليتان» لوحتها «الطيارة» منذ عدة سنوات حيث سكنت اللوحة فى القسم الخاص بالفن الحديث والمعاصر فى أحد أهم المتاحف فى العالم، ومن أشهر لوحاتها (الحياة على النيل- مرحلة المدينة- مرحلة الصحراء- مرحلة البحر).
• عاشقة بلاد الذهب
رغم نشأتها الملكية ودراستها الفرنسية فإنها وصلت للعالمية بقوميتها واشتهرت باسم «عاشقة النوبة».. إنها «تحية حليم».. التى ولدت فى 9 سبتمبر 1919 بالسودان وتوفيت عام 2003.  تنتمى للرعيل الثانى للحركة الفنية والتشكيلية فى مصر. كان تعليمها الأول داخل القصر الملكى حيث نشأت مع والدها ودرست فى المدارس الفرنسية بعض الوقت ثم درست على يد الفنان حامد عبد الله عام 1943، وبعد زواجهما عام 1945 سافرا إلى باريس حيث التحقا بأكاديمية «جوليان» عام 1949 حتى 1951 ثم انتدبت للتدريس بالكلية الفنية للبنات بالزمالك 1959.
وصلت للعالمية بقوميتها، ففنها يستند إلى التراث القديم ومنذ ان سافرت لأول مرة عام 1961 إلى بلاد النوبة، وقد سَحرت كلياً بطبيعة المكان فملأت أغلب أعمالها شكلا موضوعاً بخامات النوبة، ولها طابع خاص سهل الفهم والإمتاع، به تركيبة سحرية حققت به معادلة السهل الممتنع تسود خطوطها مظهر فطرى بينما يظهر فى ألوانها وعيها بقيمة اللون. توهجت بالحنين الى الماضى وانكسرت أمامها حدود الزمن فالتقت بالفن الفرعونى ومنه تعلمت روعته الفريدة، وتداخل اللون فى خامة الجدار مما ينتج ملمساً خاصاً ويعطى الانطباع أن الرسوم تتنفس وتنبض. فالمشاهد للوحاتها فى أى بقعة من العالم يدرك من الوهلة الأولى عمق مصريتها. 
أقامت الفنانة «تحية حليم» عددًا كبيرًا من المعارض الفنية، لم تقتصر على المحيط الإقليمى فقط ولكنها مثلت مصر فى عدد من المعارض العالمية من بينها معرض جوجنهايم بنيويورك عام 1957، ومعرض آخر فى ساو باولو عام 1954، وأولها كان فى فينسيا عام 1950. وقد حصلت على جائزة الدولة فى التصوير 1960، خلال الاحتفالات بعيد العلم، ثم جائزة الدولة التشجيعية، فى التصوير عام 1969، ثم جائزة الدولة التقديرية عام 1996، ومن الجوائز العالمية جائزة مسابقة جوجنهايم الأمريكية. •