الأحد 30 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قانون رفع رواتب الوزراء والمحافظين: التقشف للشعب والرفاهية للكبار

قانون رفع رواتب الوزراء والمحافظين: التقشف للشعب والرفاهية للكبار
قانون رفع رواتب الوزراء والمحافظين: التقشف للشعب والرفاهية للكبار


موجة من الغضب الشديد أصابت قطاعا عريضا من المواطنين بسبب المشروع الذى قدمته الحكومة لمجلس النواب لرفع رواتب الوزراء والمحافظين من أجل الموافقة عليه وسط حالة الغلاء التى تضرب المواطنين وصغار الموظفين وأصحاب المعاشات أصحاب الدخل المحدود.
قررت الحكومة رفع راتب رئيس الوزراء وفقا لمشروع القانون إلى 42 ألف جنيه فى الشهر وهو الحد الأقصى للأجور بينما سيحصل كل من الوزير أو المحافظ على 35  ألف جنيه شهريا فيما سيتقاضى نوابهم 30 ألف جنيه لكل منهم ليتسبب ذلك فى موجة من الغضب أصابت الشارع فكيف يطالب المسئولون الشعب بالصبر على الإجراءات الاقتصادية الصعبة فى حين لا يستطيع الوزراء والمحافظون ونوابهم احتمال موجة الغلاء.
قنبلة موقوتة
وجد الكثير من نواب مجلس الشعب أنفسهم فى موقف بالغ الدقة بسبب مشروع القانون المقدم من الحكومة، فالوزير أو المحافظ يتقاضى بالفعل ما يقرب من 30 ألف جنيه تقريبا ولكن الغرض من القانون هو أن يستمر الحصول على أغلب هذا المبلغ كمعاش.
وفى الوقت نفسه تردد بين الكثير من أعضاء مجلس النواب أن الحكومة تريد تقنين وضع الكثير من الوزراء الذين يحصلون على مبالغ تتجاوز المبلغ المقترح فى القانون بسبب بدلات السفر والاجتماعات والمكافآت الصادرة من الصناديق والشركات التى يحصل عليها بعض الوزراء بحكم وظائفهم.
والغريب أن الحكومة والنواب رفضوا بشدة زيادة رواتب الموظفين وأصحاب المعاشات بأى نسبة بعيدا عن تلك المقررة فى السابق والتى تبلغ 10% سواء للمعاشات أو لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية بحجة عدم وجود مخصصات مالية لازمة فى حين تظهر تلك المخصصات حين يتعلق الأمر بالوزراء والمحافظين الذين يطالبون الشعب بالصبر على مرارة الإصلاح الاقتصادى من قوانين وقرارات تسببت فى الغلاء الفاحش الذى ضرب الطبقات الفقيرة والمتوسطة وحتى الأغنياء أصبحوا يشعرون بها ولا يطيقون هم احتماله.
وأصبح القانون مثل القنبلة الموقوتة، حيث طلب مجلس النواب مناقشة القانون عقب التعديل الوزارى للحصول على مساحة من الوقت للتأنى وعدم التسرع فى اتخاذ أى قرار قد يتسبب فى غضب الشارع لاسيما أن هناك حالة من السخط أصابت الشارع عقب ما جرى الكشف عنه من أوراق ومستندات تتعلق بشراء سيارات فارهة لمجلس النواب فى مشهد أوحى للبعض أنه منعزل عن حقيقة الوضع الاقتصادى الذى تعيشه البلاد.
سيارات فارهة
تسببت أزمة كشفها أحد النواب بمستندات صادرة من مجلس النواب تفيد بأن الحساب الختامى 2015/ 2016 خصص  22 مليون جنيه لشراء سيارات جديدة منها خمس سيارات يابانية بدفعة مقدمة قيمتها 1.3 مليون جنيه.. واشترى المجلس بدفعة مقدمة قيمتها 1.575 مليون تسع سيارات يابانية من نوع آخر.. إضافة إلى 704 آلاف جنيه لشراء سيارة يابانية، فضلا عن ثلاث سيارات فارهة مصفحة قيمتها 18 مليون جنيه استلم المجلس منها واحدة ويتبقى اثنتان لم تصلا منذ ما يقرب من عام تقريبا.
وتصل قيمة السيارات حاليا إلى ما يقرب من ضعف قيمتها لأن توقيت شرائها سبق قرارات تحرير سعر الصرف وقت أن كان الدولار سعره 8.88 جنيه.. وبدأ الجدل يثار حول مدى ضرورة شراء مثل هذه السيارات فى الوقت الذى انهارت فيه دخول المصريين الذين يطالبون فيه بدفع فاتورة الإصلاح الاقتصادى وحدهم، حيث قامت الحكومة برفع أسعار الكهرباء والمياه والوقود والغاز الطبيعى وحررت سعر الصرف ليفقد الجنيه المصرى الكثير من قوته الشرائية فيما أصدرت قوانين مثل القيمة المضافة وقانون الخدمة المدنية ورفضت السماح بزيادة المعاشات التى تعرض أصحابها لضربات كبيرة لاسيما أنه منذ عدة أشهر جرى رفع أثمان الدواء ويجرى التفاوض على زيادتها مرة أخرى.
وارتفعت أسعار السلع والخدمات المقدمة إلى الشعب فى حين رفضت الحكومة رفع الحد الأدنى للأجور كما رفضت منح علاوة استثنائية للموظفين داخل الحكومة أو أصحاب المعاشات لتعينهم على مصاعب الحياة الكبيرة بحجة أن الوضع الاقتصادى لا يسمح .. ثم قررت الحكومة أنه يسمح بقوة لكبار المسئولين لأن المنصب يحتاج إلى الكثير من النفقات.. ولم يستطع أحد الإجابة عن المميزات الأخرى التى يحصل عليها الوزراء والمحافظون مثل توفير سيارات الانتقال وبدل السفر وتحمل الدولة أسعار وقود هذه السيارات والحراسة الخاصة بالمسئول الكبير وكل تلك الأموال مملوكة فى الأصل للشعب، لاسيما أن الكثير من المواطنين يعيشون أياما صعبة بسبب صعوبة الحصول على سلعهم الأساسية من زيت وسكر وأرز بسعر مناسب.
ويجب التطرق إلى أوضاع الموظفين الذين يخرجون على المعاش والذى عادة يتراوح بين 1200 و1500 جنيه وهو رقم لا يمكن لرب أسرة أن يعيش هو وأولاده وزوجته منه بأى حال من الأحوال ولم يفكر أحد فى الحديث عن رفع هذا الرقم بحيث يكفل لمن يخرج مجبرا للتقاعد حياة كريمة.
توقيت خطأ
ومن جهته، أكد الدكتور محمود عبدالحى مدير معهد التخطيط القومى السابق أنه فى الأصل  يجب أن يحصل كل موظف على ما يكفيه من أجر وفقا لما يقدمه من مجهود ويحفظ له كرامته كمواطن ويتدرج الراتب وفقا للمؤهلات العلمية وسنوات العمل ولكن طالما أن الموظفين فى أسفل السلم لا يحصلون على كامل حقوقهم وموجة الغلاء تضربهم بقوة فيجب أن يتساوى فى الوضع الوزراء والمحافظون أيضا.
وأضاف عبدالحى إن توقيت تقديم القانون لمجلس النواب لم يكن موفقا، لاسيما أن الكثير من المواطنين يعانون من موجات الغلاء المتتالية فى الوقت الذى سيكون الرقم الذى سيتقاضاه الوزير مناسبا طالما استغنى عن المميزات الأخرى مثل بدل التنقل وغيرها من المكافآت التى يحصل عليها نظير حضوره الاجتماعات.
وأوضح عبدالحى أن التضخم ضرب أصحاب الدخول الثابتة بقوة ولكن الحكومة تريد رفع رواتب الوزراء والمحافظين فقط بينما صغار الموظفين فلا توجد لديهم مخصصات مالية كافية وهو ما تسبب فى حالة من الغضب.
وقال عبدالحى إن أسعار الأدوية باتت لا تطاق بسبب أن كل سلعة أو دواء أو خدمة أصبحت قيمته تحتسب بالدولار، وطالما أن قيمة الجنيه قد انخفضت بقوة فإن المواطنين يعانون بسبب ضرورة شراء الأدوية بالأسعار الجديدة وكل هذا يقتطع من دخولهم الثابتة.
واستكمل عبدالحى حديثه بأن هذا الأمر ينصرف أيضا على أصحاب المعاشات والذين يتقاضون أموالا قليلة بالمقارنة بمعدلات التضخم المرتفعة والتى تحققت كنتيجة لسياسات الحكومة.
وفى نفس السياق، أكد النائب هيثم الحريرى عضو مجلس النواب أن توقيت القانون خطأ ولكن فى الوقت نفسه فإن القانون سيكون فرصة لتقنين ما يحصل عليه الوزير من بدلات اجتماعات وامتيازات أخرى طالما سيتقاضى هذا الرقم فقط.
وأشار الحريرى إلى أن بعض الوزراء يحصلون على امتيازات وبدلات اجتماع تفوق مبلغ الـ 35  ألف جنيه المقترح فى القانون وبالتالى إذا كانت هناك ضمانات قانونية تشير إلى أن جملة ما سيحصل عليه المسئول لن تتجاوز الرقم المنصوص عليه فى القانون فسيكون مقبولا. •