السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

متى نبيع للإنجليز والأمريكان أفكاراً لبرامجهم التليفزيونية؟!

متى نبيع للإنجليز والأمريكان أفكاراً لبرامجهم التليفزيونية؟!
متى نبيع للإنجليز والأمريكان أفكاراً لبرامجهم التليفزيونية؟!


والآن إلى الموضوع الذى خصصنا له هذه الحلقة من دراستنا عن الأثر الإيجابى الذى يمكن الفوز به من المستوى الراقى للإنتاج الإعلامى البريطانى سواء فى خدمات «B.B.C» أو غيرها من مؤسسات إذاعية وتليفزيونية.


البعض يرى أن التليفزيون فى مصر وغيرها من البلدان العربية، استفاد كثيرا من برامج ينتجها الإنجليز بنقل أفكار هذه البرامج وصياغتها ونسخها تماما وتقديمها باللغة العربية وبمذيعين ومذيعات مصريين وعرب، والأمثلة عديدة ليس أولها «من يربح المليون» وآخرها العرب يملكون الموهبة ـ «آراب جوت تالنت»، وبعض هذه البرامج يستعذب منتجوها ومذيعوها إطلاق أسمائها الإنجليزية وكذلك البرنامج الأمريكى الذى يسمونه الآن بالعربية (المشوهة) «آراب أيدول».. ويترجمونه أحيانا «محبوب العرب» وأيضا البرنامج الهولندى «أحلى صوت» واسمه بالإنجليزية «ذا فويس» واشترت حق تقديم فكرته محطات فى دول أخرى منها بريطانيا!
من حيث المبدأ لا مانع بل من الضرورى التعرف على أفكار العالم الإعلامية والاستفادة منها.. لكن هناك شروطاً لابد من أخذها فى الاعتبار، وأهمها أن الإعلام مسئول عن الحفاظ على الهوية والثقافة الوطنية وليست مهمته نسخ و(شف) أفكار الغير بكسل، وغباء أحيانا.. وانغماس فى محو الهوية وتحويلها إلى مسخ لا هو عربى ولا هو أفرنجى.
ولعل أحد فى طائفة صناع الإعلام والبرامج والمسابقات التليفزيونية على وجه التحديد لم يسأل نفسه: لماذا لا نجد فى تليفزيونات العالم من يقلّد برامجنا وينسخها ويشترى حقوق تقديمها فى بريطانيا وأمريكا وغيرهما؟!
السبب ببساطة واضح.. فصناعتنا الإعلامية التليفزيونية فى مصر والبلدان العربية لاتمتلك الموهبة الإبداعية ولا القدرات الفنية ولا النظم العلمية لإدارة المشروعات الإنتاجية.. نحن نعمل فى (الغيط) الإعلامى.. وفى الغيط لايبدع أحد. فقط يقلّد وينسخ أفكار مبدعين آخرين وهى أفكار قد تليق بنا وقد لاتليق.. بل قد تضر وتؤذى!
وهناك سبب آخر هو أن معظم الفضائيات والمحطات التليفزيونية العربية لم تقم على أسس صحيحة، فإما أن هدفها الخفى هو الترويج لنظام سياسى حاكم أو لصَرف اهتمامات الناس وشغلهم عن قضايا حياتهم الحقيقية أو إغراقهم فى الملذات والتسالى والهلس حتى ساعات الصباح الأولى.. أو حتى مجرد تحقيق أكبر قدر من الثروة لملاكها دون اعتبار للقيم والمبادئ ودون شعور بالمسئولية تجاه المجتمع والناس والأجيال الجديدة، ما يجعلها تتعمد نشر الخزعبلات والتخلف والإحباط.
وبمناسبة الحديث عن ساعات الإرسال التليفزيونى الممتدة حتى صباح اليوم التالى مثل الكباريهات، فهل سمع أحد عن هذه الظاهرة فى أى بلد متحضر فى العالم؟!
هل مهمة التليفزيون تعطيل حياة الناس فلا يذهبون إلى الفراش فى وقت مناسب حتى ينالوا القدر المناسب من النوم والراحة حتى يكونوا مهيئين ليوم جديد يسعون فيه لأعمالهم.. أم أن تليفزيوناتنا تعتقد أننا شعوب عاطلة لا عمل لها إلا الثرثرة والسهر لمشاهدة التليفزيون حتى الصباح؟!
أم أنها عملية مقصودة.. مؤامرة تليفزيونية لتخريب حياتنا؟!
والغريب فى الأمر أن العلوم الإعلامية لاتنقصنا ولدينا كليات إعلام وأقسام متخصصة تخرّج كل سنة دفعات ودفعات جامعية من المتخصصين والمتخصصات فى مختلف مجالات العمل التليفزيونى.
وظاهرة غريبة يعيشها عالمنا التليفزيونى ولا يعرف لها العالم خارج بلادنا العربية مثيلا، هى ظاهرة ما يسمى ببرامج «التوك شو» ولنلاحظ التسمية الناسخة للغة أجنبية كما لو أن لغتنا العربية لاتتمتع بالقدرة على تسمية هذه البرامج بلسان عربى صحيح؟!
العالم كله لديه بالطبع برامج حوارية على قنواته التليفزيونية، لكن ليس بهذا العدد الذى يعكس اختلالا مرضيا فى أحوال مجتمعاتنا، وإلإعلام فيها. لا أعتقد أن أحدا يستطيع أن يحصى عدد هذه النوعية البرامجية ومع التوسع فيها يتضح أننا شعوب ثرثارة كثيرة الكلام وغير جادة فى شىء.. فهل نحن كذلك؟!
وهل يعكس الانتشار الوبائى لبرامج الـ«توك شو» فى بلادنا العربية أننا لانعمل، فقط نتكلم ونتصارع ونتنابذ ونتخانق؟!
فى بعض دول أمريكا اللاتينية تنتشر ظاهرة الفرجة على «صراع الديوك» وفى بلادنا العربية تنتشر حالة «صراع الديوك» على الشاشات والفضائيات, كما نشاهد مثلا فى برنامج «الاتجاه المعاكس» على قناة «الجزيرة».. وغيره.
هذه النوعية موجودة فى تليفزيونات «B.B.C» لكنها محدودة وسط تنوع هائل فى البرامج ومحددة بصيغ وأفكار تميزها وتجعلها جذابة ومتألقة ليس بالثرثرة الفارغة وليس باصطناع خبرات ومهارات كاذبة للضيوف وليس بوجود ضيف تقدمه اليوم كخبير استراتيجى وفى المحطة المجاورة أو فى المحطة نفسها وربما البرنامج نفسه فى حلقة أخرى تقدم الضيف نفسه كباحث متخصص فى شأن آخر غير استراتيجى على الإطلاق!
هذه مساخر حقيقية ابتلينا بها عندما تخلينا عن الشعور بالمسئولية والجدية وابتعدنا عن الإخلاص لبلادنا وأجيالها ومستقبلها وغرقنا مذيعون ومذيعات ومحاورين ومحاورات ومعدين ومعدات ومخرجين ومنتجين، غرقنا فى بحر المال والهلس وخدمة مصالح ضيقة تافهة على حساب المصلحة العليا للأوطان.
ولهذا نحن متخلفين وبجدارة.
• «توك شو» إنجليزى
هل يقدم التليفزيون البريطانى «B.B.C» وغيره، برامج «توك شو»؟!
طبعا.. وهى برامج يقدمها عتاولة فى الإعلام والتليفزيون، لا يثرثرون بل يتناقشون مع كبار المسئولين والخبراء (الحقيقيين) فى أمور تفيد جمهور المشاهدين وتضعهم على خريطة ونبض الأحداث وتضىء على ماخفى عليهم.. والمناقشات جادة وجريئة وتواجه رئيس الدولة (وهو رئيس الحكومة وزعيم الحزب الحاكم، الفائز بأغلبية أصوات الناخبين).
وبعض هذه البرامج يؤثر فى سياسات الحكومة والوزارات ويواجه المسئولين بشجاعة ويدرس فريق البرنامج القضايا التى سيتناولها النقاش والمواجهة قبل أن ينطلق.
ومن هذه البرامج «ليلة إخبارية» (نيوز نايت) الذى اشتكى منه رئيس الوزراء العمالى السابق جوردون براون، لأن مقدمه كرر عليه سؤالاً واحدا ثمانى مرات حتى يحصل منه على الإجابة التى حاول التنصل منها.
وهناك برنامج  يقدم صباح كل أحد، يحمل اسم «أندرو مار» رئيس القسم السياسى فى تليفزيون «B.B.C» وأحد أبرز رؤساء تحرير الصحف البريطانيين السابقين وله عدة كتب مهمة عن تاريخ بلاده وعن مهنته الصحفية.. وهذا البرنامج يتسابق الوزراء وكبارالسياسيين من أجل الفوز بالظهور فيه ـ على الرغم من أنه «يسلخهم» ـ لأن له نسبة مشاهدة عالية جدا، ولأن الصحف تنشر أهم ماورد فيه من أخبار ومواجهات ومصادمات مع المسئولين.
 وهذه النوعية من البرامج لا يسمح بأن يقدمها إلا إعلام المهنة ذوو الخبرات الإعلامية الكبيرة ممن يتمتعون بالثقافة الواسعة والشخصية القوية اللبقة اللماحة. ولأن المنافسة على أشدها بين شبكات التليفزيون المستقلة كـ «B.B.C»  والتجارية كـ«I.TV» و«القناة الرابعة» وغيرها، فلا مجال للتهريج والثرثرة والواسطة وليس هناك تدخل مباشر من مالك القناة الخاصة أو الشركة المالكة فى سياسة العمل التليفزيونى الإعلامى والصحفى إلا فيما ندر.
• البرامج وشركات الإعلانات
ولا تتحكم شركات الإعلانات فى نوعية البرامج وأسماء المذيعين والمذيعات والضيوف وحتى موضوعات الحلقات كما يحدث عندنا.. وهذا هو الفارق! كما أن هناك نظاماً أو هو قانون غير مكتوب، متعارفاً عليه، يقضى بألا تطغى الإعلانات على المواد التليفزيونية، وليس كما نعانى منه فى بلادنا حيث تقتل الإعلانات البرامج والمسلسلات.
والحقيقة أن التليفزيون البريطانى التجارى  وهو الذى تقدم فيه الإعلانات، بينما لاتوجد إعلانات مطلقا فى محطات «B.B.C»  كلها ـ وبالإضافة إلى الإعلانات التى تقدم بشكل مباشر بين البرامج وليس خلالها - كما هو الحال عندنا-  فهناك أسلوب محترم يسمى «الراعى الإعلانى» حيث تتعاقد المحطات التجارية مع الشركات على أن تتولى رعاية برنامج ما أو سهرة درامية أو حتى مسلسل من تلك التى تعيش لسنوات وسنوات. والرعاية تعنى المساهمة فى تمويل البرنامج على أن يأتى ذكر المعلن فى تترات المقدمة والفواصل والنهاية، لمدة عدة ثوان  فى كل مرة، للتعريف بالبضاعة أو الخدمة بمشهد تمثيلى أو رسوم متحركة.
ونسمع ونشاهد مثلا أن الشركة المنتجة للسيارة الفلانية تفخر بأنها راعى هذا البرنامج.. أو هذا المسلسل. وبالطبع لاتتدخل هذه الشركة فى موضوع أو مادة ماترعاه.
وبالطبع فهذا لايحدث فى «B.B.C» لأنها المحطة الوحيدة غير التجارية وبالتالى فهى لاتذيع الإعلانات التجارية على الإطلاق.
• «توك شو» راقٍ ومفيد
ونعود إلى الحديث عن البرامج الحوارية، فمن أهم مظاهر الرقى فى التليفزيون البريطانى أن مقدم البرامج الحوارية لا يتكلم كما لو كان العالم بكل شىء، هو فقط يسأل ويناقش بناء على دراسة مسبقة للموضوع وإلمام به، ولا يحول البرنامج إلى منصة خطابية يقول من خلالها مايريد ويفتى فيما لا يفهم، ويخاطب الدولة ورئيسها والوزراء والمحافظين كما لو كانوا يعملون تحت إدارته أو يبتزهم ويهددهم ويتوجه إليهم بالحديث بلغة صفيقة رخيصة لاتليق. فالعمل التليفزيونى له آداب وأصول محترمة ولياقة يتبعها الجميع ويلتزمونها لأنهم يحترمون مهنتهم وجمهورهم ولأنهم أيضا يتعرضون للنقد والمساءلة ولأن هناك تقاليد وقيماً وخبرات تتراكم وتتوثق وترسخ.
لكن تراكم الخبرات وارتفاع المستوى الثقافى والمعرفى العام والشفافية واحترام المهنة ووضع جمهور المشاهدين فى الاعتبار، والرقابة التى يمارسها الجمهور وغير ذلك من القيم هو الذى يرقى بالمستوى العام.
ومع ذلك فهناك مؤسسة مهمة تلعب دورها فى المحافظة على هذا المستوى الراقى.. هيئة مستقلة تراقب مستويات الأداء وتحافظ على انضباط معايير العمل التليفزيونى، وتصدر تقارير عن الإخلال بهذه المعايير وتعاقب وتحاسب وتتلقى شكاوى الجمهور ضد البرامج والخدمات، وحتى الإعلانات فى كل شبكات التليفزيون البريطانى هى «أوفكوم».. كما أن هناك هيئة مستقلة تتابع وتقيس نسب الإقبال على البرامج والخدمات التليفزيونية وتقدم بيانات تفصيلية بها.
• لكل محطة هوية
ومن الحقائق الجديرة بالاهتمام ويعرفها علماء الإعلام، أن كل محطة أو وسيلة إعلامية أيا كانت، صحافة، إذاعة، تليفزيون، إنترنت وغيرها، لابد لها من رسم ملامح هوية واضحة لعملها وأهدافها ووسائل تحقيق ذلك، وطبعا نوعية الجمهور الذى تتوجه إليه وكيفية استطلاع رأيه ومتابعة ردود أفعاله واستجاباته أو انتقاداته أو حتى إعراضه عن متابعة البرامج.. كل هذا يدرس بطرق علمية قبل وخلال وطوال حياة القناة أو الجريدة أو الإذاعة. وكانت بعض المحطات تخصص برامج أسبوعية تليفزيونية تستقبل آراء وملاحظات المشاهدين وانتقاداتهم للبرامج والمذيعين أو تقدير للمجيدين منهم.
والبرامج تتنوع، فهناك الإخبارية والترويحية والمسابقات ومنافسات أوائل الطلبة والدراما وبرامج الأطفال والنساء والشباب والفنون المتعددة والهوايات وبرامج تقوم بسياحة فى معالم الوطن وأخرى تستعرض تاريخ الشخصيات البارزة فى مختلف المجالات, وبرامج علمية تستكشف الطبيعة وعالم الحيوان والبحار والغابات, وبرامج لاكتشاف المواهب فى كل مجال وأخرى للمنافسات فى اللياقة البدنية وخوض المخاطر وثالثة للمتمتعين بأعلى درجات الذكاء.. وطبعا للرياضة برامجها و الكتب برامجها.. وهكذا مما يحقق أعلى خدمة لأوسع نطاق من اهتمامات الجمهور.
وقد نسجل هنا ملحوظة لافتة للاهتمام والتساؤل، فمعروف أن بريطانيا هى أم المسرح منذ عصر شكسبير وحتى الآن، لكن الغريب فى الأمر هو أنه ليست هناك عروض مسرحية على شاشة التليفزيون، وليس هناك حتى برنامج خاص للمسرح، مع أن فى البلد عشرات المسارح؟!
ربما كان هناك اتفاق غير مكتوب بين أهل المسرح وأهل التليفزيون على ذلك حتى لايستغنى الجمهور عن الذهاب للمسرح بمشاهدة المسرحيات على الشاشة الصغيرة.. لكن يبقى السؤال الذى لا أعرف له جوابا: لماذا ليست هناك برامج تليفزيونية عن المسرح بينما هناك أكثر من برنامج عن السينما فى أكثر من محطة؟!
والمحطات هنا عديدة فمنها المهتمة بالثقافة الرفيعة كـ«B.B.C» 2 ومنها المحطات المحلية فى الأقاليم والمقاطعات وبعضها لاتتحدث بالإنجليزية.. لكنها ناطقة باللغة المحلية للإقليم، كاللغة الويلزية! 
و طوال إقامتى هنا، شاهدت وتابعت واستمتعت وتعلمت وتثقفت واتسعت مداركى من خلال خدمات وبرامج «B.B.C» الإنجليزية وغيرها من المحطات.
ولا أنكر أن هناك «برامج» لا تعجبنى بل تثير الاشمئزاز تقدمها بعض المحطات التجارية وتسميها «برامج تليفزيون الواقع».. وهناك برامج ومسابقات فى الرقص والطبخ وتنسيق الحدائق وبرامج عجيبة يأتى فيها الأزواج والعشاق ليرووا مشاكلهم وفضائحهم ويتصارعون بالكلام وأيضا بالأيدى.. ولذلك هناك رجال ذوو عضلات «بودى جارد» يعملون ضمن فريق البرنامج مهمتهم فض الاشتباك.
وكان هناك برنامج اسمه «موعد غرامى أعمى» مهمته تدبير فرص تعارف وتقارب بين الجنسين بدعوة الفائز والفائزة إلى رحلة فى بلد سياحى خارجى، قبرص أو البرتغال وغيرهما، على نفقة البرنامج لعدة أيام يعودان بعدها ليروى كلاهما حكاية الرحلة وهل سيتزوجان أم أنه لم يحدث توافق؟!
ومن البرامج المهمة هذا الذى يطارد الجريمة ويتلقى اتصالات من الجمهور حول الجرائم التى تقوم الشرطة بتحرياتها عنها وتحتاج لمن يتقدم بمعلومات مفيدة حول وقائعها.. ومن خلاله تم الوصول إلى مجرمين والكشف عن عصابات.
وهناك برامج تتابع تطور التكنولوجيا فى حياتنا وتتحدث من خلال أفلام وزيارات للمصانع عن الجديد فى عالم الكمبيوتر والتليفون وغيرهما.
وبرنامج طريف يختار فى كل حلقة عدة ضيوف تكون مهمة كل واحد أو واحدة أن يدعو الباقين على العشاء فى بيته ويعد لهم الطعام ويطبخه بنفسه وفى كل مرة يعطى الآخرين تقديراتهم لما تناولوه من طعام من فاتح الشهية إلى الوجبة الأساسية إلى الحلوى وهكذا..
وبالمناسبة فقد انتشرت برامج الطبخ واشتهر عدد كبير من الطباخين والطباخات وكل له برنامج، وهناك برنامج آخر يتنافس فيه المتنافسون على الفوز بلقب طباخ العام، ويشرف عليه مشاهير وخبراء.
• علامات مدهشة
ومن العلامات المدهشة فى التليفزيون البريطانى، المسلسل الدرامى الذى يتواصل منذ ما يزيد على الخمسين عاما..«كورونيشون ستريت» وهو يذكرنى بمسلسل درامى إذاعى مصرى شهير تربينا عليه هو «عيلة مرزوق أفندى» الذى عاش طويلا سنوات وسنوات قبل أن يتوقف لأسباب غامضة.
وهناك الآن أكثر من مسلسل من هذا النوع يزيد عمر بعضها على العشرين عاما.
أعود إلى فكرة «B.B.C»  التى اقتبسناها فى مصر.. ولعلنا نتذكر أن فكرة قيام اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى مصر التى أطلقها الكاتب الصحفى الراحل محمد حسنين هيكل عندما كان وزيرا للإعلام، كانت باعترافه، مستمدة ومستنسخة من فكرة «B.B.C».. أى قيام هيئة مستقلة عن الدولة بالعملية الإعلامية بالصوت والصورة.. إذاعة وتليفزيون. 
لكن التطبيق فى مصر أثبت فشلا ذريعا، وقد نسى الأستاذ هيكل ومن عاونه وقتها، أن بريطانيا التى تميزت على العالم كله بهيئة الإذاعة المستقلة «B.B.C» كانت ولاتزال دولة ديمقراطية.. أن هيئة الإذاعة البريطانية لم تولد كمؤسسة حكومية كما هو حال اتحاد الإذاعة والتليفزيون عندنا.
فهى هيئة مستقلة لاتتبع جهة حكومية ولاتتبع أحدا، وإن كانت تخضع للبرلمان.. وتعتمد فى مواردها على اشتراكات سنوية يدفعها جمهورها.
 ولعله من المناسب هنا أن نستذكر معا فى الحلقة المقبلة،ما تتعرض له «B.B.C» أكبر هيئة إعلامية فى العالم من مخاطر على استقلاليتها وتميزها.. •