صرخات كبار المستثمرين: الإفلاس والخسائر يضربان القطاع الخاص

محمد عبد العاطي
خيبة أمل كبيرة تعرض لها الكثير من المستثمرين بسبب قرارات البنك المركزى بتحرير سعر الصرف وما تبعه من مشكلات بسبب ضرورة تغطية الاعتمادات المفتوحة والحسابات المدينة بفارق العملة قبل وبعد تعويم الجنيه وهو ما سيتسبب فى خسائر مالية كبيرة ما جعل المستثمرين يتحركون لمناشدة رئاسة الجمهورية لحل الأزمة.
ويتمثل أهم الأزمات التى يعانى منها المستثمرون فى مطالبة البنوك لهم بتسديد فارق سعر الدولار بعد تحريره رغم أن عملية فتح الاعتماد تمت قبل تعويم الجنيه وهو ما تسبب فى خسائر مادية كبيرة، حيث بدأت الجمعيات الاستثمارية فى المناطق الصناعية بالتحرك سريعا من أجل بحث حل للأزمة مع البنك المركزى وسرعان ما تطور الوضع إلى مناشدة عبر الصحف لرئاسة الجمهورية.
• مخاطر إفلاس
يشكل القطاع الخاص أكثر من 70% من حجم الاقتصاد والاستجابة لطلبات البنوك ما يعنى تعرض الكثير من الشركات والمصانع لخسائر فادحة قد تصل إلى حد الإفلاس.
وترجع جذور الأزمة إلى رفض البنوك قبول أى دولار من المستثمرين للاستيراد من الخارج يجرى تدبيره من السوق الموازية على أن تقوم هى بتوفير النقد الأجنبى لجلب مستلزمات الإنتاج واحتياجات المصانع والشركات من الخارج من خلال فتح الاعتمادات المستندية، حيث يقوم المستثمر بدفع قيمة طلبه بالجنيه مضافا إليه نسبة 10% وأحيانا تصل إلى 25% كنسبة أمان وحينها يكون قد أوفى بالتزاماته النقدية، ولكن كثيرًا من البنوك لم تدفع النقد الأجنبى للموردين فى حينه ومع صدور قرار التعويم لم تستطع توفير الدولار للموردين بسبب التغير فى سعر الصرف وهنا قررت مطالبة رجال الأعمال بالفارق وعليهم تحمل فترة التأخر التى طرأت على عملية السداد.. ويتجه أغلب المصانع إلى التعاقد قبل الإنتاج كى تضمن بيع منتجاتها وعدم تكدسها فى المخازن، وهو ما يعنى أن الرجوع عن التعاقدات بسبب سعر الصرف غير وارد ويدفع المستثمرين إلى دفع شروط جزائية كبيرة، ما تسبب فى الأزمة مع البنوك التى تطالبهم بفارق سعر الصرف.
واعترض أغلب المستثمرين المتضررين على طريقة تعامل البنوك معهم، حيث إنهم التزموا بسداد قيمة البضائع بالجنيه المصرى وحصلوا عليها وباعوها، لاسيما أن بعضًا منهم لديه أرقام تصل إلى مئات الملايين من الجنيهات عليهم تدبيرها للبنوك دون أن تعود عليهم بأى فائدة.
وأصبح الكثير من الشركات والمصانع مهددًا بالإفلاس إذا ما تجاوزت الخسائر أكثر 50% من رأس المال وهو ما تحقق لدى البعض، ولكن محافظ البنك المركزى فى اجتماعه مع رئيس اتحاد الصناعات والمستثمرين ترك المجال مفتوحا طبقا لطبيعة كل حالة مع البنك التابع له على أن يفصل فى نهاية المطاف إذا ما كان الطريق مسدودا.. وجاءت حلول البنك المركزى مع اتحاد الصناعات خلال اجتماع الأسبوع الماضى غير مرضية لدى كثير من المستثمرين، خاصة الذين يمثلون جمعيات مستثمرى المناطق الصناعية، حيث شملت إصدار قرارات بتقسيط المديونيات الناتجة عن فروق العملة بعد تعويم الجنيه على مدد تتراوح بين سنة واحدة وثلاث سنوات بحد أقصى، بحيث يكون كل بنك طرفًا فى الأزمة له الحق فى دراسة الحلول المتاحة أمامه.
كما صدرت تعليمات لجميع البنوك بعدم اتخاذ أى إجراءات قانونية لإشهار إفلاس لأى شركة تكون مديونياتها ناتجة عن فروق العملة بعد تعويم الجنيه مع تخصيص 10 مليارات جنيه بفائدة 12% للشركات التى لا تتجاوز مبيعاتها مليار جنيه سنوياً لتدعيم رأس المال العامل لكل شركة، كذلك تخصيص 10 مليارات جنيه بفائدة 12% للمطورين الصناعيين فى المحافظات لتحفيزهم على إنشاء مناطق صناعية بالإيجار لزيادة فرص العمل الجديدة للشباب.
ولكن رغم هذه الخطوة التى قدمها البنك المركزى فإن الشركات لا تزال ملتزمة بدفع ما عليها من ديون ترى أنها غير مستحقه لأنها لم تكن مسئولة عنها مهما كانت التسهيلات التى تقدمها البنوك للمصانع ورجال الأعمال بسبب أزمة التعويم.. كل هذه الأزمات تضاف إلى المشكلات التى عانت منها الشركات فى الفترة الماضية بسبب تذبذب سعر الصرف وصعوبة توفير النقد الأجنبى لاستيراد مستلزمات الإنتاج من الخارج ونشاط السوق الموازية لتجارة العملة وضريبة القيمة المضافة وزيادة أسعار الوقود والطاقة وفواتير الخدمات وغيرها.
• مخاطر استثمارية
أدلى محمد خميس شعبان رئيس جمعية مستثمرى 6 أكتوبر الأمين العام للاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين والمفوض من جانب 9 جمعيات استثمارية للتحدث عن الأزمة بتصريحات لمجلة صباح الخير أكد فيها أن هناك مشكلات كثيرة تعرض لها المستثمرون فى عام 2016.. وأكد خميس أنه بالنسبة لمشكلات الشركات والمصانع الناتجة عن قرار تحرير سعر الصرف يجب تقسيمها إلى عدة أقسام لأنها متنوعة، ويجب أن تساهم البنوك فى إنقاذ القطاع الخاص من الإفلاس والخسائر الفادحة التى تواجهها فى الفترة الأخيرة.. وأضاف خميس: الشركات التى دفعت قيمة الاعتماد بالجنيه المصرى قبل الإعلان عن تحرير سعر الصرف لا يجب مطالبتها بسعر الدولار الجديد بعد التعويم مادام المستورد أو الشركة استلمت البضائع أو مستلزمات الإنتاج بأوراق سليمة ومعتمدة.. وأوضح خميس أن الشركات والمصانع غير مسئولة عن عدم سداد البنوك المصرية لقيمة المستحقات للموردين فى الخارج رغم سداد قيمتها بالعملة المصرية، وأن انصياع المستثمرين لطلبات البنوك سيعنى صعوبة فى توفير السيولة للعمل فى السوق، وأيضا خسائر فادحة فى نتائج الأعمال.. أما بالنسبة للشركات والمستوردين والمصانع الذين لديهم تسهيلات ائتمانية وأثناء سريانها جاء قرار التعويم فيمكن حينها أن يجرى احتساب سعر الدولار وقت الدفع مع ضرورة تقسيط فارق العملة على مدد زمنية تتراوح من عامين إلى خمس سنوات، بحيث لا يؤثر ذلك على نتائج الأعمال ولتفادى شبح الإفلاس وفقا لحالة كل شركة أو مصنع.. وطالب خميس بضرورة تثبيت الدولار الجمركى عند رقم محدد حتى ولو كان ذلك 18 جنيهًا، وذلك لمدة ثلاثة أشهر على أن يجرى النظر إليه بعد نهاية هذه المدة وتغييره، بحيث يحقق ذلك سهولة بالتعامل مع الجمارك بدلا من تذبذب سعر الصرف أكثر من مرة فى اليوم الواحد ويؤخر الإفراج الجمركى عن البضائع.. وأشار خميس إلى أن كلامه هذا لا ينصرف إلى رجال الأعمال أو الشركات الذين حصلوا على قروض من البنوك المصرية بالدولار، حيث يلتزم المقترض بسداد القرض فى موعده بنفس العملة دون أن يكون لقرار تحرير سعر الصرف أى تأثير.
من جهته أكد محمد السيد بدوى أمين عام جمعية مستثمرى القاهرة الجديدة أن ما حدث سيتسبب فى خسارة كبيرة للمستثمرين، وسيمنح إشارة سلبية للاستثمار الأجنبى الذى ترغب الحكومة فى زيادته خلال الفترة المقبلة.. وأضاف بدوى أن الأموال التى ترغب البنوك فى تحصيلها من المستثمرين وأصحاب الشركات والمصانع غير منطقية لاسيما أن كل مسئول دفع ما عليه من التزامات مالية قبل تحرير سعر الصرف، وبالتالى سيجرى دفع ثمن مستلزمات الإنتاج مرتين.. وأشار بدوى إلى أن تحصيل الأموال سيعنى دخول الكثير من الشركات والمصانع فى نفق مظلم بسبب تعرضها لمزيد من الخسائر وسيهددها بالإفلاس فى الوقت الذى من المفترض أن تقوم البنوك بالسداد مباشرة للموردين.
• ضرورة الحل
أكد أسامة حفيلة رئيس جمعية مستثمرى دمياط الجديدة أن كثيرًا من رجال الأعمال باعوا بضائعهم على الأسعار القديمة للدولار قبل التعويم، وبالتالى فإن مطالبة البنوك للمستثمرين وأصحاب المصانع بضرورة تحصيل الفارق بين السعر قبل تحرير سعر الصرف وبعده يعنى خسائر محققة.. وأضاف حفيلة أنه يجب أن يجرى البحث عن حلول جذرية للأزمة، بحيث تخفف من وطأة الخسائر التى تلاحق المصانع والشركات بعد قرار التعويم، ولا يمكن الإصرار من جانب البنوك على هذا الموقف لأن المستثمرين ورجال الأعمال لديهم الكثير من فرص العمل التى يوفرونها ويجب الحفاظ على هذه الاستثمارات وحمايتها من الإفلاس.
وأكد المهندس محمود الشندويلى رئيس جمعية مستثمرى سوهاج أن قرار تعويم سعر الصرف كان يجب اتخاذه من فترة وبطريقة تدريجية وليس دفعة واحدة كما حدث فى قرارات 3 نوفمبر العام الماضى.. وأوضح الشندويلى أن المستثمرين تعرضوا لأزمات تتمثل فى ارتفاع أسعار الخامات نتيجة تحرير سعر الصرف ورفع سعر الدولار إضافة إلى ضريبة القيمة المضافة التى أصبحت قيمتها 13% وكلها عوامل تساهم فى أزمات بالنسبة للمستثمرين، وبالتالى يجب مراعاة ذلك من خلال البحث عن حلول جذرية لهذه الأزمة.•