الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الشاعر المتمرد زين العابدين فؤاد.. و اتجمعوا العشاق

الشاعر المتمرد زين العابدين فؤاد.. و اتجمعوا العشاق
الشاعر المتمرد زين العابدين فؤاد.. و اتجمعوا العشاق


زين العابدين فؤاد، الشاعر المتمرد الثائر دائما، فإذا لم تكن عهدته أحد الوجوه المألوفة منذ 25 يناير فلنتابع تاريخه وبداياته فى السطور القادمة لتتعرف على رجل يجسد معنى الثورة، ثورة على ظروفه وعلى مجتمعه وعلى أى ظرف سياسى لا يتسق به، ثورة حتى على نفسه وكتاباته جعلته يبتعد عن شعر الفصحى ويتجه إلى العامية ليصبح أحد فرسانها العظماء، خرجت معظم إبداعاته وانطلقت من جدران المعتقلات لتفرد أجنحتها وتطير لتستقر فى قلوب الأحرار الحالمين بالحب والحرية - مثله تماما-  الاستماع إليه وإلى تاريخه متعة لا يضاهيها شيء، عالم من الأسرار وتاريخ ساحر وجذاب وأنا عاشقة للتاريخ وأهله، خاصة إذا تعلق بالأحرار الحالمين الموهوبين الثائرين الباحثين عن مستقبل أفضل لأوطانهم، ووجدت كل هذا فى حضرة زين العابدين فؤاد وأنا أستمع إلى ذكرياته وتاريخ مصر أمام عينى، عن بداياته وثورته وعن «جوسلين» الحبيبة التى تشاركه الحلم والحياة و«قهوة الصبحية» شاعرنا زين العابدين فؤاد يتحدث إلى الصبوحة فى السطور القادمة.


البداية كانت فى الأربعينيات، أنا أعتبر نفسى شخصا محظوظا وسيئ الحظ جدا فى نفس الوقت فأنا أمضيت طفولة تعيسة إلى أقسى درجة ليس بها شيء جميل إلا أن أخوتى قد علمونى القراءة والكتابة فى سن صغيرة فأنا والدتى قد توفيت أثناء الولادة وأنا ذكرت هذا فى قصيدتى وهذا كان شيئا بشعا ونحن كنا خمسة أولاد فاضطر والدى أن يتزوج، ولكن الجانب المضىء هو أننى تعلمت القراءة والكتابة فى سن صغيرة فذهبت إلى المدرسة وأنا عمرى ست سنوات وأنا أقرأ كتبا وأقرأ الجرائد.

بالإضافة إلى أن مدارس زمان كان هناك مكتبة فى المدرسة ومكتبة فى الفصل فكنت آخذ كل يوم كتابا لأجلس أقرأه أسفل ترابيزة السفرة.
وكانت وسيلة متعتى الأخرى إلى جانب القراءة هو الراديو فالصور فى أغانى الأربعينيات حتى الأغانى التى كان يطلق عليها أنها سطحية كانت الصورة فيها رائعة، فشدتنى الصور فى الأغانى جدا وليس صوت المطرب، ولكن مهما كان الصوت رائعا كنت أنجذب أكثر للصورة فى الأغنية من ناحية التكوين الفنى، وهذا ما لفت نظرى بشدة وجعلنى أبحث عن الشعر، وبدأت أحفظ أشعار شوقى منذ أن كنت فى التاسعة تقريبا وفى عمر الحادية عشرة بدأت فى مرحلة الاكتشاف وتكوين رأيى الخاص تجاهه بشكل خاص وتجاه شعراء آخرين واكتشفت مثلا وجود شعراء المهجر واكتشفت شاعرين مصريين ارتبطا عندى ببعضهما بشكل غريب وهما إبراهيم ناجى وعلى محمود طه، وإذا كنت كتبت بأسلوب شاعر ما فى عمر العاشرة وبطريقة الكتابة وقتها فكان تأثرا بإبراهيم ناجى وعلى محمود طه معا، وبدأت أكتب قصائد وأنشرها فى عمر العاشرة، عن طريق المجلات التى كانت موجودة فى مصر وقتها وباب المراسلة وتحديدا مجلة «الرسالة» التى صدرت عام 53 ونشرت مسلسلا لأول مرة على صفحاتها، نُشرت فيها ثلاثية «بين القصرين» لنجيب محفوظ.
اثنان من المدرسين أثرا بشكل كبير فى حياتى، هما مدرس الرسم ومدرس اللغة العربية فنحن فى إحدى حصص الرسم الزخرفى كنا نرسم عن موضوع بعنوان «نزهة على النيل» فرسمت بقلم أسود خطا واحدا على نهج مدرسة بيكاسو «الخط الواحد» ووقعت باسمى فى أسفل اللوحة فاندهش المدرس من معرفتى ببيكاسو وشرحت له ما أقصده، وقتها طلب منى أن أكتب ما قلته له لأنشره فى مجلة المدرسة وأصبح يحضر لى فى كل حصة رسم كتبا فى تاريخ الفن لأقرأها وأقوم بكتابة مقالات.
مدرس اللغة العربية كان متحمسا لى جدا وكان ينشر لى قصائدى، فى مدرسة الإبراهيمية اختارونى لأنهم كانوا يبحثون عن الطلبة الموهوبين فى مجالاتهم فكنت يوميا أذهب من شبرا إلى مدرسة الإبراهيمية فى جاردن سيتى على عجلة اشتريتها منذ دخولى مرحلة الثانوى ووقت انتهاء المرحلة الثانوية لم أركب عجلة من يومها حتى الآن لطول المسافة التى قطعتها طوال تلك السنوات.
عبدالحميد عبدالعظيم أخو صديق لى فى المدرسة وكان أول شاعر من لحم ودم أعرفه بشكل شخصى فى حياتى، كان زجالا عظيما، أخبره أخوه عن موهبتى وعرض عليه كتاباتى ومن هنا تعرفنا وأصبحت زائرا دائما لدى أسرتهم. ومازلت أحفظ كتابات له فهو الوحيد الذى بدأ يناقشنى فيما كتبته.
وسيدى بندق ما صدق، فاتحله بابك مفندق، دخل وشال المخندق ماقولنالوش خدت إيه! وسيدى بندق حرامى سرق رغيفى وأدامى ورحت أقول للمحامى لاقيته مادد إيديه رحت أقول للحكومة لاقيتها عاملة عزومة لعسكرى فى إيده شومة وقاضى قافل عنيه.. ورحت أقول لابن عميده برضه لحمى ودمى لقيته بيقول يا فمى نطقت ده الوقت ليه؟.. ده سيدى بندق ما صدق، سايب له بابك مفندق، دخل وشال المحندق ما قولنا لوش: خدت إيه؟، هذا الرجل الرائع الزجال العظيم هو أول شخص أهدانى ديوانين لفؤاد حداد وصلاح جاهين. كان يحترم جدا وجهة نظرى ونتناقش وكان أول شخص اتناقش معه ووقتها كنت أكتب شعرا فصيحا ولم أكن أكتب عامية.
• إبراهيم أصلان
فى عمر الخامسة تعرفت على أول كاتب فى حياتى وهو لم يكن يعلم أنه كاتب ولا أنا كنت أعلم أننى سأكون شاعرا وهو إبراهيم أصلان، إبراهيم كان يسكن بين أهل زوجة أبى، فأنا ولدت فى شبرا ولكن انتقلنا إلى إمبابة عندما تزوج والدى حيث بيت أهل زوجته وهناك التقيت صديقى إبراهيم أصلان منذ أن كنت فى السادسة، وكانت أول امرأة فى حياتى أناديها بـ «ماما» كانت والدة إبراهيم أصلان، فحتى هذه اللحظة لم أناد أحدا بهذا اللقب سواها.
انتقلت بعدها مع أخى إلى شبرا حيث استطاع اخى الكبير الشهيد محمد فؤاد أن يوفر لنا سكناً آخر بعد عمله، واستقررت فى شبرا لفترة كانت مهمة جدا فى حياتى لأننى من هنا بدأت اكتشاف القاهرة لأنى كنت أسير من شبرا إلى دار الكتب فى باب الخلق للاطلاع على الكتب أو نسخها، فأعطتنى هذه الرحلة فى شوارع القاهرة الفرصة لاكتشافها وشاهدنى أكثر من مرة جار لنا وعرف اهتماماتى وبدأ بإطلاعى على أهم الأنشطة الثقافية كحفلات الأوبرا الكلاسيكية المقامة أيام الجمعة، فكانت المرة الأولى أسمع مزيكا بعيدا عن الراديو ومن هنا أدمنتها وأبذل مجهودا كبيرا لادخار الخمسة صاغ ثمن تذكرة الحفلة.
• زين العابدين فؤاد بين الفصحى والعامية
وعندما وصلت لسن السابعة عشرة تقريبا اكتشفت أننى أقوم بالكتابة بشكل رومانسى وحياتى ليس بها أى رومانسية وهنا شعرت بالانفصال بين ما أكتبه وما أعيشه وهنا شعُرت أنه يجب على أن أتوقف عن الكتاب لفترة لأبنى نفسى بشكل مختلف، وقع وقتها فى يدى كتاب للدكتور لويس عوض، كتاب صدر عام 48 بعنوان «أرض الجحيم» ومكتوب تحت العنوان جملة (من شعر الخاصة) وهو قصائد بالعامية كتبها لويس عوض وما أبهرنى ليس القصائد نفسها ولكن مقدمة الديوان، فنسختها فى دار الكتب، كان يتكلم فيها عن الشعر فى مصر ويقول إن القصيدة الفصحى والعمودية ماتت وفى مقابل هذا هناك غناء الفلاحين وشعر الناس وقيمته تساوى كل ما أنتجه المصريون من شعر فصحى واستدل على هذا ببعض أبيات الشعر العامى وبدأت من هنا أفكر فى الكتابة بالعامية خصوصا أننا إذا انتبهنا إلى أن المصريين يعرفون الشعر قبل معرفتهم باللغة العربية بخمسة آلاف سنة تقريبا، فالأشعار مدونة على المعابد وأشعار مدونة على ورق البردى، فالشعر كان جزءا من منظومة الفن التى استخدمت بشكل دينى أيام الفراعنة.
توقفت لمدة ثمانى سنوات عن الكتابة بإرادتى ولم تتوقف قراءاتى قرأت شعرا وقرأت كتبا فى التاريخ وفى الفن وكلما كنت أشعر أن لدَّى شحنة وحاجة للكتابة كنت أمنع نفسى ,تكون فى هذه السنوات موقفى السياسى، فى هذه الفترة التى عدت فيها للكتابة كانت هناك أسماء جديدة بدأت فى الكتابة والنشر كفؤاد قاعود وسيد حجاب وعبدالرحمن الأبنودى، ثم كانت هناك مجموعة أخرى بعد عام 64 بدأت تخرج من السجن وتنشر أعمالها مثل حسن الخياط وسمير عبدالباقى، ومجدى نجيب ثم جاء عبدالرحيم منصور وشاب اسمه محمد عبدالنبى ولكنه توفى مبكرا له أغنية واحدة فى الراديو استخدم فيها «قولوا لعين الشمس ما تحماشى» ولكن ليست أغنية الفنانة شادية فهى أغنية غناها المصريون فى مناسبات متعددة وغنوها بعد شنق زهران فى دنشواى «قولوا لعين الشمس ما تحماشى أحسن غزال البر صابح ماشى» وغنوها مرة أخرى بعد نفى عباس حلمى والمصريون كانوا يحبون عباس حلمى جدا .
• عبدالفتاح الجمل
ستجدين أن كل الطبعات الأولى لكل كُتاب الشباب وقتها مهداة إلى عبدالفتاح الجمل، هذا الرجل الذى نشر لكل جيل الستينيات دون أن يعرف واحداً منهم معرفة شخصية وأنا واحد منهم، كان الملحق الأدبى لجريدة المساء يوم الأربعاء وكان توزيع المساء هذا اليوم أكثر من توزيع الأهرام الصباحى وكان أكثر نسبة توزيع لجرنال فى مصر، وضعت له قصيدة على المكتب فى يوم اثنين لأجدها منشورة يوم الأربعاء بشكل بارز وتكرر هذا الأمر بعد أسبوعين وبدون كلام وبنفس الصمت، وفى المرة الثالثة وجدته يمسك بيدى ويقول لى مازحا (أنت فاكر نفسك ريتا جاربو فى السينما الصامتة!!! ممكن أسمع صوتك؟ أنا عرفت إن اسمك زين العابدين فؤاد).
ومن يومها ونحن أصدقاء وأنا لا أنسى هذا الإنسان أبدا الذى كان عُملة نادرة، ساعد على ظهور نخبة من الموهوبين إلى النور دون أى اعتبارات أو مقاييس سوى النص الجيد.
• لتخبرنى عن سر تعلق المواطن بشاعر العامية وكلماته، لماذا هى دائما الأقرب لقلبه؟
فلنفرق اذا بين الإبداع بالعامية وهو له فروع كثيرة الزجل أحدها واستخدامه كان بارزا فى أغانى الاحتفالات والأفراح فى مناطق مصرية متعددة والصور المركبة المتجسدة فيه وهى أغانى مختلفة عن تلك التى تنتجها المدينة، ويظهر هذا الفن أيضا فى المواويل التى سمعناها وتوارثتها الأجيال، وهذا يختلف عما نشاهده من فن ردىء نشهده الآن فى الأفراح، ولكن المشكلة أننا نحبس الشاعر فى إطار معين ولكن رؤية الشاعر واستخدامه لأدواته هى التى تحدد دائما استقبال الناس له، أنا دائما ضد فكرة «الشائع» فأعظم ما كتبه صلاح جاهين ليس فقط الأغانى الرباعيات وليس على اسم مصر  فهذا هو الشائع عنه بل هو أعظم وأكبر، ونفس الشيء بالنسبة لفؤاد حداد ليس فقط المسحراتى فقط ولا الأرض بتتكلم عربى ولكن الناس حبستهما فيما هو شائع.
• الحب والزواج
أنا لدى تجربتان للزواج، الزوجة الأولى هى «باسمة حلاوة» هى كاتبة فلسطينية قابلتها عند الشيخ إمام فى أوائل 76 وهى من أوائل المرضى الذين قاموا بتغيير أربعة صمامات فى القلب عام 68 على يد الطبيب اللبنانى الأمريكى الشهير «دبغى» أحد رواد جراحة القلب، كانت متفوقة جدا تخرجت فى الجامعة الأردنية قسم اجتماع وسافرت لموسكو لتقديم رسالة الدكتوراة فى موسكو ولكن لم تحتمل الأجواء هناك فقررت المجىء إلى القاهرة لتدرس فى مصر وإعادة التسجيل للماجيستير فى جامعة عين شمس وتعرفت على الشيخ إمام، وكانت قد جذبتها أغنية «الفلاحين» لذلك بمجرد دخولى عند الشيخ امام يوم تقابلت معها وجدت الجميع يشيرون إلى ويقولون لها «هو ده» لأنها كانت تسأل عن صاحب كلمات الأغنية .
ومن هنا نشأت بيننا علاقة حب انتهت بالجواز، تزوجنا فى ظرف صعب لظروف مرضها وشعورها بقرب أجلها، كان زواجنا فى أغسطس 76 ومعرفتى باحتمالية اعتقالى فى أى وقت لأنشطتى السياسية وقتها، وكان أحد شهود العقد وقتها مواطن اسمه «أحمد فؤاد عزت نجم» الفاجومى كان أحد شهود زواجى من باسمة، وكما توقعت تم القبض على فى يناير عام 77، لذلك عشنا سويا فترة محدودة جدا ثم أصبحت أراها لمدة 18 شهرا بمعدل مرتين فى الشهر كزيارات فى المعتقل وكنت أشاهدها كما كتبت فى إحدى قصائدى «شمس بتجيلى بتصريح الزيارة»، كتبت عن باسمة 4 قصائد وقصائد أخرى كانت مكتوبة لها شخصيا، خرجت من السجن فى منتصف عام 78، وبعدها بشهور دخلت هى مستشفى الدمرداش وبدأت أبحث عن عمل بجانب عملى كمدرس فى الأزهر لتوفير مصاريف إقامتها فى المستشفى سافرت باسمة لأمريكا للعلاج، يوم سفرها اعتُقلت أنا ومجموعة كبيرة ضمن حملة اعتقالات، أول زيارة بعد الترحيل من محامى صديق وجلس معى قرابة الساعة أخبرنى فيها عن العديد من الأخبار السياسية فى الخارج والتى لا نعلم عنها شيئا لوجودنا فى سجن القلعة ولا توجد أى وسيلة اتصال بالخارج أو زيارات، وبعد مرور الساعة أخبرنى بخبر وفاة باسمة.
• اعتقلت لأسباب سياسية فى أكثر من مرحلة فى حياتك.. كيف أثرت هذه التجارب فى الشاعر زين العابدين فؤاد؟
- ديوان «مين إللى يقدر ساعة يحبس مصر» هذا الديوان نشر من قبل فى بيروت ولم يدخل مصر نهائيا إلى أن طلبت منى هيئة الكتاب لأول مرة أن تنشر الديوان وأنا فوق السبعين، هذا الديوان كتب بالكامل فى سجون مختلفة باستثناء قصيدتين فقط فى الديوان كله ليستا مكتوبتين فى السجن، جزء منهما فى السجن فى 72 ثم فى 73 ثم فى 75 ثم 77 و78 خرجت 79 .
• اعتُقلت أكثر من مرة فى عهد السادات ولم يتم اعتقالك فى عهد مبارك، ولكنك كنت من الوجوه البارزة فى ثورة يناير.
- جوسلين كانت فى كوفو قبيل اندلاع ثورة يناير وأمضينا سويا إجازة رأس السنة فى برلين وعرفنا خبر كنيسة القديسين فى برلين ثم وصلت القاهرة يوم 5 يناير 2011 وتذكرتى ذهاب وعودة وعودتى كانت مقرر أن تكون يوم 28 يناير، وكنت أعلم أن هناك مظاهرات يوم 25 وكانت عندى أمسية ثقافية فى دمنهور يوم 26 يناير وكان لدَّى زفاف ابنة صديقى يوم 27 فكانت هذه ارتباطاتى قبيل السفر، المظاهرة يوم 25 ثم أمسيتى فى دمنهور ثم زفاف ابنة صديقى يوم 27 ثم سفرى يوم 28، نزلت يوم 25 وتقديراتى لم تكن صحيحة فكان تخمينى على أقصى تقدير سيشارك فى المظاهرات 50 ألفا ولكن الأعداد كانت أكبر من هذا، وكنت قد اصطحبت الكاميرا معى وأنا لم أكن أصطحب كاميرا معى فى الشارع أبدا، يوم 27 طلبت جوسلين وأخبرتها أننى لن أسافر وهى كانت متابعة للأخبار، وقلت لأصدقائى جملتى الشهيرة ولكن مع التعديل قلت «فيه حد مجنون يلاقى ثورة ويمشى؟» وعندما بدأت الناس تستقر فى الميادين بدأوا يرددون اغنيتى «اتجمعوا العشاق» وكان هذا على المنصة يوم 29، وقتها حكيت للشباب تاريخ ميدان التحرير فى مائة عام، وغنى حازم شاهين اتجمعوا العشاق، وجدت يومها حلمى يمشى فدخلت فيه، وشاهدت كل أصدقائى الذين لم يحضروا الحدث وشاهدت أساتذتى وعلاقتى حتى الآن مستمرة بالشباب واهاليهم وأهالى الشهداء، 25 يناير بُدئ الإعداد لها عام 1919 واول من اعد لها هو سيد درويش.
• مين اللى يقدر ساعة يحبس مصر!
- الشيخ إمام غنى قصائد له كان قد سمعها وأعجب بها فغناها، عمرى ما جلست لكتابة قصيدة ليغنيها بشكل خاص.. اتجمعوا العشاق كتبتها خصيصا للشيخ إمام لأن نجم كان فى السجن وقتها وأنا أيضا كنت فى السجن والشيخ إمام كان وحده وقتها، كتبت الأغنية واستطعت أن أهربها لتصل للشيخ إمام عام 1972 ولحنها.
• جائزة التفوق الأدبى حصلت عليها هذا العام، هل تأخرت هذه الجائزة على زين العابدين فؤاد؟
- تأخرت كثيرا، فى أغسطس 2015 فوجئت بتليفون من الفنانة الدكتورة ريم حسن لتخبرنى أن مجلس إدارة أتيليه الاسكندرية قرر بالإجماع ترشيحى لجائزة التفوق، كان جزء من سعادتى أن الترشيح بالإجماع كان من قبلهم هم وليس من قبل جهة رسمية وتقديرا لهذا قبلت بالترشيح وأرسلت لهم توقيعا منى بموافقتى وقبولى لهذا الترشيح، إلى أن تم بعدها إبلاغى بفوزى بالجائزة رغم أنها كانت بعيدة عن توقعاتى ولكنى فوجئت بكثافة التصويت وهذا ما أسعدنى فعلا.
• الفن ميدان استمر كحدث ثقافى منذ ثورة يناير إلى أن توقف فجأة......!!!
- الفن ميدان ابتدى فى الميادين عندما بدأت الناس تجتمع فى الميادين وتقوم بعمل اسكتشات فنية وكوميدية خلال الـ18 يوما وتم توثيق كل هذا والغناء على منصات التحرير، والفنانون الكبار الذين نزلوا للغناء والتماثيل التى جسدوا بها رموز النظام السابق، الزار الذى أقيم لإخراج مبارك، كل هذا الفن جمعناه فى يوم واحد كل شهر لتقديم هذا الإبداع فى صورة ورش للأطفال وتعليم الرسم والكاريكاتير وحفلات غنائية لفرق قريبة من الشباب وشتى المجالات الإبداعية مجانا للجمهور.•