الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعد قرار البنك المركزى فوائد البنوك تربك الشركات والمصانع

بعد قرار البنك المركزى فوائد البنوك تربك الشركات والمصانع
بعد قرار البنك المركزى فوائد البنوك تربك الشركات والمصانع


 ارتباك شديد يتصدر المشهد داخل الشركات وبين رجال الأعمال بسبب الارتفاع الكبير فى أسعار الفائدة، وهو ما يحد من قدرات المؤسسات المالية العاملة فى مصر على الاقتراض من البنوك بناء    على الأسعار الحالية.

 أصدر البنك المركزى قرارا برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض بنسبة 3% وذلك بناء على الخطوة الكبيرة التى أقدم عليها بتحرير سعر الصرف ليصل سعر الدولار إلى أكثر من 17 جنيها ثم يعاود الهبوط.
• أزمة ومخاوف
 بدأت البنوك الحكومية التحرك فى اتجاه رفع العائد على شهادات الادخار لتصل إلى 16% لمدة ثلاث سنوات بعائد شهرى هو الأكثر جاذبية على مثل هذه الأدوات الاستثمارية منذ سنوات بينما كانت المفاجأة الكبرى هى طرح أوعية استثمارية أخرى لمدة عام ونصف العام بعائد 20% يصرف بانتظام كل ثلاثة أشهر وهو ما أثار لعاب الكثير من المودعين للإقدام على هذه الخطوة حتى إن بعضهم لجأ إليها فى الوقت الذى بدأت فيه البنوك غير الحكومية فى الاتجاه إلى مثل هذه الخطوة للحفاظ على أموال مودعيها وعدم سحبها.
 وكانت النتيجة أزمة جديدة على مستوى ومعدلات الإقراض الخاصة بالشركات ورجال الأعمال وأصحاب المشروعات بسبب الارتفاع الكبير على فائدة الاقتراض الذى سيتراوح ما بين 19 و23% فى المتوسط، على اعتبار أن أى بنك لن يقوم بفتح أدوات ائتمانه إلا لأوعية ادخارية تحقق أرباحًا ولو حتى بنسبة ضئيلة فى الوقت الذى تقوم فيه البنوك بإيداع 2% من قيمة الودائع فى البنك المركزى.
 ويعتمد كثير من الشركات على الاقتراض من البنوك لإجراء عمليات توسعية بداخلها أو لإبرام صفقات جديدة تزيد من أرباحها فى الوقت الذى قد يزيد العائد المرتفع على الإقراض من مخاطر الاستثمار نتيجة زيادة التكلفة فى الوقت الذى سيؤثر ذلك على معدلات جمع الضرائب من الشركات التى قد تقلل من أرباحها وبعضها قد يحقق خسائر جراء ذلك.
 وعادة ما تلجأ الشركات إلى تحميل منتجاتها لكامل التكلفة الخاصة بالمنتج النهائى وهو ما يرفع من الأسعار ومع الزيادة فى الثمن تقل الشرائح المستهلكة كرد فعل طبيعى لما سيتحقق من انكماش.
 وحاول البنك المركزى رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد مثل مواجهة التضخم الكبير فى الفترة الأخيرة والذى وصل إلى أكثر من 16% فى بعض التقديرات فضلا عن تشجيع المتعاملين على التخلى عن الدولار الذى فى حوزتهم الذى يعتبرونه مخزنا للقيمة شأنه شأن الذهب والعقارات كما سيساهم ذلك فى تشجيع المصريين العاملين فى الخارج للاستفادة من تخليهم عن النقد الأجنبى والعودة من جديد إلى العملة المصرية عبر أدوات استثمارية آمنة وتحقق أرباحًا عالية غير متوافرة فى أى بنوك عربية أو أجنبية.
 واستغل البنك المركزى العائد المرتفع فى التهدئة من حركة السوق الموازية لجمع العملة فى الوقت الذى كانت فيه مبادرة إيقاف الاستيراد لفترة خطوة للتقليل من الطلب على الدولار فى المرحلة المقبلة ولكن لم تتضح الصورة بشأن الموقف مع اللجوء إلى الأسواق الخارجية فى تدبير احتياجاتنا من سلع ومدخلات إنتاج ومواد أولية لازمة للصناعة فى رفع أسعار النقد الأجنبى من عدمه وهو عامل يؤثر بالسلب على الشركات والمصانع التى تضطر لتحميل المنتج النهائى لهذه التكلفة المرتفعة بجانب ما تدفعه كفائدة كبيرة على الاقتراض من البنوك.
 واتجه بعض عملاء البنوك إلى كسر شهادات الاستثمار المربوطة على عائد 12.5% من أجل الاستفادة من الفارق الكبير فى الأدوات الاستثمارية الجديدة فى الوقت الذى كان  لدى بعض المستثمرين شهادات قديمة بعائد يصل إلى 10.5% قامت بكسرها كى تتجه إلى الشهادات ذات العائد 16% لثلاث سنوات و20% لعام ونصف.
 وعادة ما تلجأ البنوك إلى الاستثمار فى أذون الخزانة التى تصدرها الدولة على أسبوع تقريبا من أجل الاستفادة من العائد وهو ما قد يقلل من أدوار بعض البنوك فى ضخ الكثير من الأموال فى مجال الاستثمارات وهو ما يرفع تلقائيا من معدلات النمو ويزيد من فرص العمل.
 وفى المقابل سيقف العائد على الاقتراض كعقبة أمام أى استثمار أجنبى يمكن أن يعتمد على الائتمان من البنوك فى جزء من مشروعاته حيث سيزيد من تكلفة الاستثمار لديه ويرفع من المخاطر نوعا ما.
• موقف صعب
 أكد محمود جبريل الخبير المصرفى أن ارتفاع تكلفة الإقراض ليست فى صالح أى طرف حتى إن تلك الخطوة ستؤثر بالسلب على الحصيلة الضريبية المتوقع جمعها من الشركات والمصانع وأى منشأة تقوم بنشاط استثمارى يحقق أرباحًا.
 وأضاف جبريل أن المنتج النهائى سيتحمل فى نهاية المطاف أى إجراءات تستهدف تحصيل عائد من وراء الاستثمار سواء قانون القيمة المضافة أو ارتفاع أسعار النقد الأجنبى الذى يتحكم بشكل مباشر فى جلب مدخلات الانتاج من الخارج أو رفع العائد على الإقراض فكلها ستمثل فى النهائية عبئاً على المستهلك لأن صاحب المنشأة لديه هامش ربح ثابت سيحاول الاحتفاظ به حتى وإن قل نسبيا ولكنه لا يرغب فى الخسارة.
 وأوضح جبريل أن البنوك ملتزمة بمنح القروض بناء على أسعار الفائدة مضافا إليها تكلفة التشغيل وهامش الربح سواء كانت الفائدة كبيرة أو صغيرة فى الوقت الذى ارتفعت فيه الفائدة على إصدارات أذون الخزانة إلى 20% فى الأسبوع قبل الماضى وقفزت إلى 20.5% لمدة عام ومع خصم قيمة الضرائب سيصل إلى .16.4% تقريبا.
واختتم جبريل حديثه بأن البنوك لن تحقق أى خسائر من وراء رفع أسعار الفائدة ولكن تكلفة أذون الخزانة التى تصدرها الحكومة سترتفع كما أن القروض التى ستقدمها لرجال الأعمال ستزيد تكلفتها وفقا للقواعد المصرفية الثابتة.
• ركود استثماري
انتقد عمرو أبوفريخة رئيس المجلس التصديرى للصناعات الهندسية اتجاه البنوك لرفع أسعار الفائدة على الإقراض بشكل كبير يصل فى بعض الأحيان لمبالغ لا يمكن للشركات أن تقف أمامها.
وأوضح أبوفريخة أن تكلفة الاقتراض من البنوك ستصل فى بعض الأحيان إلى 25% تقريبا فى العام الواحد فأى نوع من الاستثمارات يمكن أن يحقق العائد المطلوب كى تحقق الشركات أرباحًا.
وأشار أبوفريخة إلى أن الوقت الحالى أى مواطن سيفكر فى استثمار أمواله سيلجأ إلى البنوك بسبب العائد المرتفع الذى سيصل إلى 20% وهو ما يعنى أن عدم تفكيره فى الاتجاه إلى الاستثمار وسيعتمد على هذه الأدوات الادخارية فى الحصول على رزقه لمدة عام ونصف العام وبعدها سيفكر كيف سيفعل بعد ذلك إن كان سيستمر فى إيداع أمواله فى البنوك أم يتجه إلى السوق مرة أخرى.
وأضاف أبوفريخة: إن العائد المرتفع على شهادات الادخار سيشجع المصانع والشركات على الاستثمار فيها وعدم ضخ المزيد من الأموال فى الصناعة مما يؤثر بشكل سلبى على معدلات النمو فى المستقبل.
واستكمل أبو فريخة حديثه أن رجل الأعمال أمامه الكثير من المشاكل بداية من العمالة ومشاكل الحصول على الدولار من أجل استيراد مدخلات الإنتاج ودفع الضرائب ورواتب التشغيل وظروف السوق وبعدها لن يحصل على نسبة الـ 20% التى تقدمها البنوك للعملاء وبالتالى أى مستثمر يرغب فى التخلص من المشاكل المتلاحقة للاستثمار سيلجأ إلى الاستثمار فى شهادات الادخار.
ومن جهته، اعتبر رجل الأعمال محسن التاجورى نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين أن البنوك لجأت إلى هذه الخطوة من أجل الحصول على النقد الأجنبى من العملاء لتوفيره من أجل سداد احتياجاتها وتوفيره إلى استيراد المواد الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
وتمنى التاجورى أن تعود تلك الخطوة بالنفع على جذب الدولار من المنازل إلى ضخه فى السوق وبالتالى إعادة تشغيل عجلة الإنتاج من جديد لأن أغلب المصانع تعتمد على المواد الخام تصنيع منتجاتها النهائية.•