الخميس 8 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

محمود عبدالعزيز .. صانع البهجة وفارس حصان خياله

محمود عبدالعزيز ..  صانع البهجة  وفارس حصان خياله
محمود عبدالعزيز .. صانع البهجة وفارس حصان خياله


 
 الفن يُخلد أصحابه خاصة ما إذا كانوا احترموا موهبتهم واحترموا جمهورهم طوال حياتهم، محمود عبدالعزيز لم يخذل جمهوره أبدا، ترك صورة ذهنية لدى كل مشاهد يتوافق مع شخصيته وذكرياته، فارتبط فى ذهن الكثيرين خاصة جيل الثمانينيات بشخصية الشيخ حسنى فى فيلم (الكيت كات) عن رواية (مالك الحزين) للروائى إبراهيم أصلان، وآخرون مرتبطون بشخصيته التى قدمها بخفة ظل متناهية فى فيلم سيداتى آنساتى، وكذلك شخصية ارتبطت لدى الكثيرين بأغانى وإفيهات  فيلم (جرى الوحوش) وجمل جاءت على لسان الشخصية يرددها الشباب حتى الآن (الكيف، العار، السادة الرجال، سوق المتعة، وإبراهيم الأبيض وأفلام أخرى كثيرة)،
 إذا أردنا الحديث عن محمود عبدالعزيز فنحن أمام حالة متفردة من فن اختيار العمل المناسب والشخصية والعمل عليها، فمحمود عبدالعزيز قدم شخصيات تكاد تكون بسيطة جدا فى ظاهرها ولكن بمهارته جعل  لكل  شخصية أصلا وتاريخا حالة من لحم ودم تتجسد أمامنا فى حياتنا لنستدعيها وهذه معادلة لا يعلمها الكثيرون جعل من كل شخصية أيقونة لا يمكن أن تغفلها كمشاهد أو تمر عليها مرور الكرام، خاطب الجمهور البسيط، فلم يلجأ للتقعير ولا التنظير وكسب بهذا قلوب البسطاء واحترام وتقدير ومحبة صناع المهنة.
• مشوار طويل
ارتبط محمود عبدالعزيز معى شرطيا منذ طفولتى بحالة بهجة تحديدا  بعد أن عرض التليفزيون المصرى وقتها افلاماً مثل السادة الرجال، الكيف وسيداتى آنساتى وكيف أن مشاهدته كانت تجعلنى أشعر بالسعادة دون الالتفات حتى  لأحداث الفيلم كمشاهدة، مشاجراته مع معالى زايد ونعيمة الصغير فى (الشقة من حق الزوجة) وأغانيه فى فيلم جرى الوحوش وغيرها العديد، بهجة وسعادة قدمها محمود عبدالعزيز لاجيال تابعته وصار جزءا منها مع كل عمل قدمه، الكوميديا الذكية التى يقدمها فنان محبوب لم ينقص رصيده لدى الناس ليقدم ما هو دون المستوى بل أضفى طابعا خاصا على كل عمل حمل اسمه حتى آخر يوم فى حياته ولد محمود عبدالعزيز فى 4 يونيو من عام 1946 فى محافظة الإسكندرية، درس فى كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، وبدأت خطواته فى مجال التمثيل من خلال مسرح الجامعة وفريق المسرح فى كليته حتى تخرج وحصل بعدها على درجة الماجستير ثم بدأ فى مشواره الفنى مع التليفزيون من خلال مسلسل الدوامة عام 1973 ومن ثم توالت عليه المشاركات السينمائية ليشارك فى فيلم الحفيد عام 1974 لتتوالى مشاركاته السينمائية بعدها من خلال أفلام مثل حتى آخر العمر، شفيقة ومتولى، وضاع العمر يا ولدى، المتوحشة ثم مع بداية الثمانينيات بدأت بطولاته السينمائية مثل العذراء والشعر الأبيض، أرجوك أعطنى هذا الدواء، إعدام ميت والشقة من حق الزوجة، أبناء وقتلة، الكيف، يا عزيزى كلنا لصوص، العار، ومع دخول التسعينيات قدم محمود عبدالعزيز الكيتكات ثم دنيا عبدالجبار، الجنتل، القبطان، سوق المتعة، الساحر فى عام 2001، ليلة البيبى دول، إبراهيم الأبيض فى 2009
• الشيخ حسني.. التحدى
 مع نهاية الثمانينيات وبدايات التسعينيات قام محمود عبدالعزيز بتحد كبير وتغيير نوعى فى اختياراته السينمائية فلم يقف عند حدود ملامحه ووسامته التى كان من الممكن أن تحبسه فى إطار معين من الأدوار كما فعل الكثير من أبناء جيله، فوقعوا فى فخ النمطية والأدوار المتشابهة، بل تمرد على كل هذا باختيارات قد تتعارض مع ملامحه مثل دوره فى فيلم جرى الوحوش، أبو كرتونة ومفاجأة الجميع بأدائه المُعجز الرائع والصادق جدا فى فيلم الكيت كات بشخصية الشيخ حسنى التى تعلقت فى أذهاننا جميعا وأعتقد أن هذا العمل كان له أثر على شعبية محمود عبدالعزيز على المستوى الجماهيرى وكذلك على المستوى الفنى حيث أظهر للجميع قدرته الفائقة على التوحد وتجسيد أى شخصية يتفاعل معها وبشكل صادق دون أى مبالغة بل باتزان بالغ وحرفية شديدة أسست لمدرسة خاصة بمحمود عبدالعزيز وأعتقد أن قدرة محمود عبدالعزيز على هذا التحدى فى اختياراته فى مرحلة الثمانينيات والرهان على قدراته تمثيلية هى التى رسخت لمستقبل هذا العملاق حتى يومنا هذا وإلى أن يشاء الله.
• البشاير
قدم محمود عبدالعزيز فى مسلسل البشاير دور (أبوالمعاطى) الذى يقوم بزراعة أرضه الزراعية مع أسرته، وتأتى مجموعة عمل سينمائى ليقوموا بتصوير بعض المشاهد فى منطقة قريبة من أرضه وتتعرض البطلة إلى حادث  أثناء توجهها إلى منطقة التصوير، ويقوم (أبو المعاطى) بإنقاذها، ويصطحابها إلى مزرعته لتجد أن لا أحد يعرفها هناك فتحب تلك الحياة البسيطة وترفض العودة إلى الحياة السابقة وكان المسلسل من بطولته هو ومديحة كامل، تأليف وحيد حامد ومن إخراج سمير سيف.
• رأفت الهجان
 فى منتصف الثمانينيات  قدم عملا من ملف المخابرات المصرية الذى أصبح أحد أهم الأيقونات فى تاريخ الدراما المصرية وهو (رأفت الهجان) الذى جعل من محمود عبدالعزيز إحدى قامات الدراما التليفزيونية ويترك بصمة مميزة فى أى موسم درامى يشارك فيه، قدم بعدها أعمالا مثل محمود المصرى، باب الخلق،  جبل الحلال.
 رحل محمود عبدالعزيز بجسده تاركا تاريخا محفورا فى أذهاننا وذكرياتنا، تاريخا لا تشويه شائبة ولم يخذلنا فيه أبدا، رحيله أحدث صدمة للجميع من يعرفه ومن لم يلتقيه أبدا، رحل بجسده ولكن سيظل اسمه مخلدا إلى أبد الأبدين فهو أسطورة والأساطير لا تنتهى بل تظل بطول الدهر. •