الثلاثاء 24 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

سينما «الأسر المنتجة»

سينما «الأسر المنتجة»
سينما «الأسر المنتجة»


السينما انعكاس للواقع المجتمعى فإذا كان هذا الواقع مظلما فليس وظيفة السينما أن تنير الطريق بل أن تحمل هذا الظلام وتجسدّه  على الشاشة مثلما يلتقط أحدهم القمامة من الشارع لا ليضعها فى سلة المهملات ولكن ليعيدها إلى أصحابها الأصليين فيملأ منازلهم ومجالسهم وغرف نومهم بهذه القمامة..
ومن الإيمان بهذه النظرية بالإضافة إلى بعض المقبلات من نوع الفن للفن والفن لايحتاج إلى رسالة لأنه فى حد ذاته رسالة إلخ..
 انطلقت عبر الثلاثين عاما الأخيرة سينما «باب وشباك» ومنتجو سينما «باب وشباك».. باب غرفة النوم وشبّاك تذاكر الصالة.. السينما فى مفهومهم هى «صناعة» ضمن «مشروع الأسر المنتجة» الذى حدث فقط هو تطور نوع السلعة من «مشروع الأسر المنتجة للسجاجيد والأثاث ومنافذ بيع اللحوم الحية» إلى «مشروع الأسر المنتجة السينمائية».. ولو تخيلت اجتماعا افتراضيا يحمل فيه الراحلان يوسف السباعى ومحفوظ سيناريو فيلم صلاح الدين الأيوبى لعرضه على إحدى هذه «الأسر المنتجة «لأوسعوهم سخرية وهم يغيّرون «حجر الجوزة» إلى أن يسوق الله الراحلة آسيا داغر لتقوم بإنتاج هذا العمل الخالى من صنعة «الباب والشباك» التى احترفتها تلك «الأسر المنتجة» والتى تسلّطت على السينما المصرية عبر ثلاثين عاما ومازالت.. ونجحت هذه «الأسر المنتجة» فى تصنيف العملية الإنتاجية باحتراف، فريثما يغيرّ أحدهم «الحجر» يكون الآخر قد قام بكتابة أغانى الفيلم والثالث قد قام بالاتصال على الصاروخ والمخرج لعمل «المقايسة» والجلوس مع مصممة «خلع الأزياء» ويتم استدعاء «القلِّيعة» لتقليع البطلة الملابس التى حضرت بها إلى البلاتوه والتى لن تحتاجها أصلا، ثم استدعاء النقاش لإعطاء «سكينة معجون» للصاروخ ويبدأ المخرج فى «أول وش» عاجلا لإنهاء المرمّة وهكذا تكتمل معالم الجريمة التى ستتنكر بعد ذلك فى شكل «فيلم سينمائي».. وعندما تمتلك هذه الأسر المنتجة المال فمن الطبيعى أن يصبحوا ضيوفا على شاشات الفضائيات، وعندها يمكن لأحدهم أن يمنح نفسه لقب الشاعر والكاتب الغنائى والآخر لقب «مخرج» والثالث «سيناريست» حتى يتم تفريغ كل قيمة من محتواها فى غيبة كاملة من وزارة الثقافه التى «آجاءها» الصمت إلى مقاعد المتفرجين وتحولت مهنة وزير الثقافة عبر تلك العصور إلى وظيفة بروتوكولية ضمن «عدة الفراشة» اللازمة لافتتاح المهرجانات والمؤتمرات، فيتم الاتفاق على ديكور القاعة ونوع العشاء المقدم للضيوف وكلمة وزير الثقافة.. ورغم أن التاريخ المصرى يوفر دائما حلولا عبقرية لأمثال هؤلاء بدءا من الضرب بالقباقيب وانتهاء برميهم من فوق سور القلعة وإنهاء الموضوع.. لكن يبقى الحل الحضارى الأمثل هو إحياء المؤسسة العامة للسينما لتطرد عملتها الجيدة كل العملات الرديئة وأن يأتى على رأس هذه المؤسسة رجل يؤمن بأن السينما فى دول العالم الثالث لايصح أن يطلق عليها «الفن السابع»، حيث تجتاح الأمية وتنعدم القراءة فلا تسبقها فنون تشكيلية أو موسيقية وأنها فى هذه المجتمعات النامية أداة التثقيف والتعليم والتوعية الأكثر إبهارا وأن يصطف كل مثقف وواع وراء هذا الرجل الذى ربما سيتمخض عنه الغيب قريبا ويحضروا كل أصحاب مشروعات «الأسر المنتجة السينمائية وأن يسألوهم بالنيابة عن الشعب صارخين «من أنتم»؟•