أحدث إبداعات مركز الإبداع «غنا مصرى» عندما يلتقى الحنين للتراث مع الفكرة الجديدة والصوت القوى
ماجى حامد
ما هو إلا الحنين للتراث الغنائى المصرى الذى دفع كلا منهما لخوض تلك المهمة الصعبة بعنوان «غنا مصري»، المخرج خالد جلال، ذلك القائد الذى ظل وسيظل يسعى للكشف عن إحدى علل هذا المجتمع والبحث عن العلاج الأمثل لها، فهو الباحث عن أكثر المواهب حقيقة فى هذا الزمن، وهو الباحث عن التراث فى جميع صوره صوتا وصورة.
ولذلك قرر أن يقدم أول عروض شعبة الغناء بمركز الإبداع بعنوان «غنا مصري» فى محاولة منه للحفاظ على صوت التراث من خلال أشهر التواشيح والأغانى الشعبية المصرية التى مما لا شك فيه أنها فى طريقها للاندثار.
هذا الحماس الذى من أجله قدم لنا دكتور خالد جلال هذا العرض، لم يقتصر عليه وحده، وإنما تقاسمه معه المايسترو محمد باهر قائد فرقة الفنون الشعبية الذى نجح فى قيادة ثلاثة من أقوى الأصوات الشابة بالإضافة إلى أعضاء الفرقة الموسيقية المصاحبة لأبطال العرض الثلاثة، الذى استطاع أن يكون لهم خير دليل فى رحلتهم حيث الماضى، حيث التراث، لعل وعسى بالعودة إلى الحاضر من جديد يتحقق ذلك الإشباع لذلك الحنين إلى التراث الذى من أجله اجتمعوا جميعا داخل مسرح مركز الإبداع لتقديم العرض الغنائى «غنا مصري».
• فكرة
جاءت فكرة «غنا مصرى» عندما قرر المخرج خالد جلال تقديم عروض غنائية لأول مرة لشعبة الغناء بمركز الإبداع، فى محاولة منه لتحقيق الهدف نفسه الذى حرص على تحقيقه من خلال الشُعب الأخرى بالمركز، ألا وهو تشجيع هذه المواهب الشابة على استكمال ما بدأوه من خلال مركز الإبداع، حيث الحفاظ على ذلك المنتج الفنى الجيد الذى لطالما اشتهر به مركز الإبداع، هذا الكيان الفنى الضخم وأبناؤه، فقد ظل الأمر مقتصرا على التخرج من خلال شعبة الغناء الذى معه كانت تنتهى مسئولية مركز الإبداع تجاه أبنائه، ولكن كالعادة كان هناك العقل المدبر والقائد الماهر الذى نظل دائما على موعد معه حيث كل ما هو جديد ومختلف وفى مصلحة تلك المواهب الحقيقية وفى مصلحة المنتج الفنى الحقيقى، فقد قرر المخرج خالد جلال أن يبدأ مع هذه الأصوات مرحلة جديدة من خلال سلسلة من العروض الغنائية المختلفة ونوعية جديدة من الغناء فى طريقها للاندثار فى محاولة منه لنقل جزء من التراث المصرى فى عالم الغناء.
• الصوت الأقوى
وبالفعل وقع اختيار المخرج خالد جلال على المايسترو محمد باهر لقيادة ثلاثة من أقوى الأصوات هم رباب ناجى، وماهر محمود، ومصطفى سامى وهنا يقول: «لم أجد أفضل من المايسترو محمد باهر لقيادة العرض، فهو الأجدر فى هذا النوع من الغناء الشعبى نظرا لخبرته الواسعة، فهو على مدار عمر طويل كان جزءًا من هذا العالم، فهو رئيس فرقة الفنون الشعبية بمسرح البالون، ولطالما قام بقيادة هذا الفصيل من المطربين، والحقيقة أنها ليست بالمهمة السهلة على عكس قيادة مطربين آخرين تخرجوا فى الكونسرفتوار على سبيل المثال، فالتوجيه من خلال هذه النوعية من العزف والغناء عادة هو الأصعب، حتى أننا شاهدنا واستمعنا من خلال العرض إلى جزء موسيقى وبالتأكيد تأملنا جميعا كيفية التوافق بين أعضاء الفرقة الموسيقية بشكل منظم يدفع للاندهاش والتعجب، حيث مدى مهارة هذا الفنان فى قيادة هذه المهمة الصعبة».
على الصعيد الآخر قال المايسترو: «عندما طلب منى المخرج خالد جلال تقديم عرض يفيد به أبناءه من شعبة الغناء بالمركز، كان ذلك فى شهر رمضان، أصابنى شعور بالسعادة والحماس وأيضا القلق، فقد كنت أعلم جيدا أنه لا يصح إلا الصحيح فأنا دائما مؤمن بتلك المقولة ولا يعيش إلا كل ما هو جيد، وقد كنت أنتظر نجاح العرض ولكننى كنت أخشى موضوع العرض الذى يعد جديدا ولكننى فى كل مرة كنت أشاهد فيها جمهور مركز الإبداع كانت ثقتى تزيد وكان شعور القلق يقل، فأنا أمام جمهور قادر على تقدير تلك النوعيات الخاصة من الغناء أو العزف، قادر على استقبال الفن الجيد وأقدر على تجاهل كل ما هو ردىء، هذا بالإضافة إلى ثقتى فى فكر خالد جلال، فهو لا يقدم على تقديم عمل إلا وهو على ثقة من نجاحه، فأنا معه كنت أعلم جيدا إلى أين نحن ذاهبون».
• تحضيرات
على مدار شهرين استمرت تحضيرات كل من المايسترو محمد باهر والفنان خالد جلال وأبطال غنا مصرى، فقد كان الملحن محمد باهر يحرص على الجلوس مع كل بطل من أبطال العرض على حدة لتطويع صوته مع أغانى العرض، تلك الأغانى التى قال عن اختيارها المايسترو محمد باهر: «بديمقراطية تامة قمت بعرض الأغانى على المخرج خالد جلال وجميع أبطال العرض الغنائى وعقب مشاورات تم الاستقرار على أغانى العرض التى كنت حريصًا على تحفيظها للشباب بنفسى، فقد كنت أنفرد بواحد واحد لتحفيظه كلمات الأغنية ومن ثم تطويع صوته مع الأغنية، عقب ذلك كان لقائى بالفرقة الموسيقية وتدريبها وأخيرا كان اللقاء الأضخم الذى جمع بينى وبين الفرقة الموسيقية والشباب أبطال العرض، الذين يحسب لهم التزامهم.»
من جهة أخرى أكد خالد جلال: «الجدير بالذكر أن عرض غنا مصرى هو من إنتاج صندوق التنمية الثقافية وتحت إدارة وإشراف مركز الإبداع، وما بين تدريب الأصوات والفرقة الموسيقية وبين وضع ذلك التدريب فى صورة فنية تقاسمنا أنا ومحمد باهر الأدوار فقد كان من شأنه تدريب الشباب والفرقة الموسيقية بينما كان من شأنى وضع النتيجة فى صورة فنية من برنامج للعرض وملابس وديكور، والحمدلله اعتقد أن الصورة النهائية للعرض تتحدث اليوم عن نفسها».
• الجودة.. الفكرة
نوعية جديد من الغناء قرر المخرج خالد جلال أن يسير بها أمام الموجة الكاسحة فى الوقت الراهن من خلال مجموعة من الأصوات الحقيقية التى كان لابد أن نتحدث عن كيفية اختيارها وأبرز العوامل التى وفقا لها وقع الاختيار على تلك الأصوات دون غيرها وهنا يقول خالد جلال: «هذا النوع من الغناء ليس بالنوع السهل، ولا يجوز لأى صوت أن يغنيه إلا هذا الصوت الذى يتمتع بمساحات واسعة، نظرا لطبيعة الغناء وطبيعة الموسيقى وأيضا طبيعة الأجواء التى من خلالها يتم تقديم هذا النوع من الغناء سواء من موالد أو أفراح، لذلك سنجد أننا بحاجة إلى صوت قوى وبالفعل تم الاستقرار على أربعة أصوات هم رباب ناجى، ماهر محمود، مصطفى سامى، وشادى عبدالسلام، الذى لظروف ما قرر الاعتذار ليتم تقديم العرض من خلال الثلاثة أصوات، هم بلا مبالغة ذلك الباور الذى من السهل على أى فرد ملاحظة غيابه عن أى حفل غنائى، بمجرد أن يغيب أى صوت من الثلاثة عن أى حفل من حفلات مركز الإبداع، فنحن فى مركز الإبداع لا نقدم عروضنا إلا عقب وقت طويل نستغرقه فى التحضير التام، فإذا قررنا تقديم عمل فلابد أن يكون عملا متكاملا وفقا لمعيار الجودة والفكرة المختلفة، وذلك كنتيجة حتمية للهدف الرئيسى للمركز وهو التعليم، لذلك يسهل ملاحظة المجهود المبذول من خلال كل عرض نقدمه والذى لا يقارن بأى مجهود مبذول فى أى عرض محترف، إنتاج أضخم جهات الإنتاج.
• عروض أخرى
عقب النجاح الذى شهده العرض الغنائى غنا مصرى منذ العرض الأول له، فقد أصبح من المتوقع تقديم مركز الإبداع للعديد من العروض خلال الفترة القادمة ليس فقط من خلال أقوى الأصوات فى شعبة الغناء وإنما أيضا من خلال أبرز المواهب الشابة فى جميع الشعب وهذا وفقا لما أكده لنا الفنان خالد جلال: «دائما وأبدا ستظل هناك تلك القضية التى من أجلها سنجتمع بمركز الإبداع، فمن خلال غنا مصرى قررنا الالتفاف حول قضية الحفاظ على تراثنا الغنائى من الاندثار، الذى أدى الكثير من العوامل إلى طمسه ومن حفظ تراث الصوت سوف ننتقل إلى حفظ تراث الصورة فنحن نستعد من خلال قسم الأزياء لتقديم عرض الهدف منه الحفاظ على الأزياء المصرية القديمة.» •