الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بعد توقف ست سنوات.. التجريبى يتألق من جديد

بعد توقف ست سنوات.. التجريبى يتألق من جديد
بعد توقف ست سنوات.. التجريبى يتألق من جديد


فى الوقت الذى تشتعل فيه منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا بنار الإرهاب الأسود.. وتشتد وطأة حروب الإبادة البربرية فى عدد من الدول العربية الشقيقة.. ويسقط الأبرياء كل ساعة فى جحيم الموت.. وسط كل هذه الحرائق والمؤامرات الدولية على شعوب المنطقة العربية.. تسطع فى سماء القاهرة أضواء المسرح التجريبى.. لتتحدى مصر بحضارتها وشعبها وفنونها وفنانيها كل أعداء الحياة.. بهذا المعنى تحدث الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة.. فى حفل افتتاح مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبى فى دورته الثالثة والعشرين..
وذلك ما أكده د. سامح مهران رئيس المهرجان حين قال: التجريبى يعود فى مواجهة ثقافة الموت والقتل والإرهاب.. وعندما يتحرر المسرح تتحرر الحقيقة والمعرفة.. فالمهرجان نافذة مهمة على التجريب والمعاصرة.. لتفكيك بنية الفكر الإرهابى.
 انطلقت فعاليات الدورة الـ 23  للمهرجان بحفل الافتتاح على المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية الذى أشرف عليه المخرج ناصر عبدالمنعم.. لتمتد فعاليات المهرجان خلال الفترة من 20 إلى 30 سبتمبر الجارى بمشاركة 36 دولة من جميع أنحاء العالم.. و14 عرضًا مصريًا و17 عرضًا أجنبيًا وعربيًا من 14 دولة.
وقد سادت الحركة المسرحية المصرية والعربية على وجه التحديد حالة من الابتهاج والتفاؤل بعودة التجريبى.. فهو من ناحية يؤكد صلابة المجتمع المصرى.. وريادة مصر.. وسلامة بنيتها وركائزها الثقافية.. ويعيد لمصر رافدا مهما من عناصر قواها الناعمة التى فقدت الكثير منها بسبب اضطراب الحياة السياسية فى مصر طول السنوات الست الماضية.. ومن ناحية أخرى.. تؤكد عودة المهرجان حالة من الاطمئنان والأمن والأمان الذى شهده ضيوف مصر ولمسوه بأنفسهم.. وهذا يضع مصر فى مكانتها التى تستحقها فى محيطها العربى والإقليمى والدولى.     
ويعود مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى فى هذه الدورة.. وقد أضيف إلى مسماه مصطلح «المعاصر» ليبتعد قليلا عن الاختلاف حول معنى التجريب.. فى محاولة جادة لفتح مجالات أكثر اتساعا لمساحات الإبداع.. واحتواء أشكال مسرحية أكثر تنوعًا وحداثة.. كما أن القرار الذى اتخذته إدارة المهرجان بإلغاء مسابقته التنافسية جاء ليحقق غايته كتظاهرة احتفالية.. وملتقى لحوار الثقافات دون تنافس على جائزة بل للتنافس على تجارب ورؤى مبتكرة.  
 وتأتى عودة المهرجان كبارقة أمل ليسترد المسرح المصرى والعربى عافيته.. والذى يقام بعد توقف دام ستة أعوام.. فقد كان هو المهرجان الأهم لكل المسرحيين فى العالم العربى والغربى.. وكان محط أنظار ومقصد كل المسرحيين وفرقهم  ومحل اهتمامهم.. يحرصون على المشاركة فى فعالياته.. إذ كان المهرجان نافذة عالمية تطل منها أجيال مسرحية على عالم جديد من التجارب المسرحية.. تحمل لنا رؤى وأفكارا جديدة.. ربما كانت آنذاك صادمة..  ولكنها كانت كفيلة بأن تهز بنية الأشكال التقليدية للمسرح.. وتجعل أجيالاً بأكملها تعيد النظر فى تصوراتها للمسرح.. بل وتعيد صياغتها لعالم المسرح من جديد.. وعبر22 دورة متتابعة أثرى المهرجان المكتبة العربية المسرحية بأكثر من ستمائة كتاب مترجم عن أكثر من عشر لغات تحمل رؤى وأطروحات وأفكاراً ونظريات مختلفة عن المسرح فى مختلف دول العالم.. إذ كان من أهم التظاهرات المسرحية التى توقفت عقب ثورة يناير.. وكان المهرجان التجريبى قد انطلق فى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى عام 1988 وأسسه د. فوزى فهمى وظل رئيسا له حتى أتم دورته الثانية والعشرين عام 2010.. والذى اعتذر عن التكريم فى هذه الدورة بخطاب وجهه لرئيس المهرجان د. سامح مهران.
• عمل جماعى
أهم ما يميز الدورة الجديدة للمهرجان هو اعتمادها على العمل الجماعى فى التنظيم والإدارة.. ولأول مرة يدير المهرجان اثنان من السيدات الفضليات حيث يتولى منصب المدير الفنى للمهرجان كل من المخرجة د.دينا أمين والفنانة منى سليمان.. أما المنسق العام للمهرجان فهو المخرج والفنان عصام السيد.. ويضم أعضاء مجلس إدارة المهرجان الكاتب المسرحى..  محمد أبوالعلا السلامونى.. والمخرج فهمى الخولى.. والمخرج ناصر عبدالمنعم الذى يتولى إخراج حفل الافتتاح والختام.. أما الناقد د. حسن عطية فهو رئيس لجنة الندوات،  ومن الجديد أيضا أن هذه الدورة تشهد توقيع بروتوكول تعاون مع المركز الدولى للمسرح.. وهذه المبادرة ستعود بالنفع الكبير على الحركة المسرحية وخاصة الشباب.. حيث يمنحهم الفرصة لتبادل الخبرات والعروض فى المهرجانات العالمية والمشاركة فى الورش التدريبية العالمية.
ولأول مرة ينظم المهرجان هذا العدد الكبير من الورش المسئولة عنها د. دينا أمين وهناك سعى حاليًا للاتفاق مع وزير الثقافة على استمرار الورش طوال العام وحتى بداية الدورة المقبلة.. وقالت د. دينا إن الورش عددها 6 ورش فنية تتنوع ما بين تمثيل وإخراج وسينوغرافيا وتمثيل حركى لمدربين من أمريكا والهند وتشيلى وباكستان، ووصل لإدارة المهرجان 1000 استمارة لطلب المشاركة.. وقد تم فرز الاستمارات لاختيار 16 متدربًا فى كل ورشة.. وكل المدربين تطوعوا بأجرهم تقديرًا لمصر والمهرجان ودوره فى الحركة المسرحية العربية.
• ندوات معاصرة
من جانبه أكد الدكتور حسن عطية.. أن ندوات المهرجان ستكون معاصرة تطرح قضايا فكرية مهمة بما يصب فى خدمة الحركة المسرحية.. مشيرًا إلى أن الندوة الأولى تتحدث عن المضامين التى قدمها المسرح التجريبى خلال الـ5 سنوات الأخيرة مثل قضايا الإرهاب والتكفير وذلك بمشاركة عدد من المفكرين العرب.. والندوة الثانية عن كيفية نجاح المسرح فى صياغة البنية الدرامية المرتبطة باللحظة الآنية، والندوة الثالثة تركز على مجموعة من المغتربين العرب للتعرف على كيفية طرحهم لقضايانا فى العالم.. بالإضافة إلى مائدة مستديرة بمشاركة عدد من مسئولى المهرجانات فى العالم.
وفى حفل الافتتاح تم تكريم الفنان جميل راتب الذى قوبل بعاصفة من التصفيق وقوفا استمرت لعدة دقائق.. والذى أشاد النمنم بدور الفنان جميل راتب.. بأنه أثرى المشهد المسرحى بأكثر من 40 عرضا مسرحيا فى مصر وفرنسا فضلا عن عشرات الأعمال السينمائية.. وحصل على وسام الاستحقاق مرتين من الرئيس الفرنسى.. وفى كلمة مؤثرة ألقاها الفنان الكبير جميل راتب.. شكر السيدة سميحة أيوب التى أعطته أول فرصة فى مصر ليخرج على القومى مسرحية (الأستاذ) لسعد الدين وهبة.. وشكر الفنان محمد صبحى الذى عمل معه فى العديد من العمال الدرامية.
شهد حفل الافتتاح أيضا تكريم المخرجة الأمريكية تورانج يجيازاريان.. المؤسسة لأعمال فرقة الخيط الذهبى.. وهى أول فكرة مسرحية فى أمريكا تكرس أعمالها لمنطقة الشرق الأوسط والمهاجرين العرب.. كما كرم المخرج الصينى لوانج أستاذ وعميد ورئيس قسم الإخراج بأكاديمية المسرح بشنغهاى.. ومن كينيا كرمت مومبى كايوجا وهى كاتبة وممثلة ومنتجة ومخرجة مسرحية وسينمائية وتليفزيونية والرئيس الأسبق لمركز تطوير الإعلام فى إفريقيا «ميديفيا».. بالإضافة إلى تكريم رئيس الهيئة الدولية للمسرح «إى تى إى» محمد سيف الأفخم من الإمارات ومدير عام هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام ورئيس مركز الهيئة الدولية للمسرح بالفجيرة.. وفيمى أوسوفيسان من نيجيريا الأستاذ بجامعة كوارا.
واختتم حفل الافتتاح بتقديم العرض الصينى «العاصفة الرعدية» بمناسبة عام (مصر/ الصين الثقافى).
أما العروض المصرية التى قامت لجنة المشاهدة باختيارها من مختلف مسارح الدولة وفرق المسرح الحرة والجامعى والهواة والفرق المستقلة فهى:
(حلم بلاستيك) للمخرج شادى الدالى.. (الإنسان الطيب) للمخرج سعيد سليمان.
(روح) للمخرج باسم قناوى الحاصل.. (المتأرجح) للمخرج محمد عبدالقادر
(جلسة مغلقة) للمخرج عمر المعتز بالله.. (فراجيل) إخراج أمير صلاح الدين
(عشم إبليس) للمخرج مناضل عنتر.. (الغريب) إخراج محمود عبدالعزيز
(نساء شكسبير) للمخرج محمد طايع.. (الزومبى والخطايا العشر) للمخرج طارق الدويرى
وطبقًا للائحة المهرجان أضيف لهذه العروض عرض  «القروش الثلاثة» للمخرج سعيد منسى.. وعرض (الرمادى) للمخرجة عبير على.. الحاصلين على جائزة أفضل عرض أول وثانى فى الدورة التاسعة للمهرجان القومى للمسرح.
وهى: ومن جانب آخر يقدم المهرجان تجربة مسرحية ذات طبيعة خاصة.
عرض (العطر) إخراج محمد علام الذى يشارك فى بطولته مجموعة فنانين من الصم والبكم.. إضافة إلى اختيار إدارة المهرجان لعرض الرقص المعاصر (ياسم) لتقديمه فى حفل الختام من تصميم وإخراج شيرين حجازى, أما العروض الأجنبية والعربية المشاركة فى المهرجان.. فقد صرح المخرج عصام السيد.. رئيس لجنة مشاهدة العروض العربية والأجنبية: «إن اللجنة تقدم لها 79 عرضًا ووقع الاختيار على 21 عرضًا مسرحيًا 17 عرضًا، بالإضافة إلى ثلاثة عروض احتياطية فى حالة اعتذار أحد العروض». •