السبت 28 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

التنين الطائر الحشرة الملهمة!

التنين الطائر الحشرة الملهمة!
التنين الطائر الحشرة الملهمة!


تميز وانفراد وحشرة وإلهام، حاجة كده عاملة زى لبن سمك تمر هندى.. ربما الأمر كذلك، بس تعالوا نتفاهم سوا، ونبدأ الموضوع من أوله.

طبعا حشرة التنين، فى ذاتها، غير ملهمة.. أمال إيه الحكاية؟؟..
• التنين الطائر
حشرة التنين/Dragonfly  تحولت إلى مادة بحثية منذ أن وضعها بعض الباحثين فى دائرة اهتمامهم قبل بضع سنوات.. وهى غير مؤذية للإنسان.. تعيش قرب مياه الأنهار والبحيرات والجداول والبرك والمستنقعات.. وتتخذ من سطح مياهها بيئة طبيعية للتعايش والتوالد.. بيضها يفقس بالقرب من سطح المياه.. ويرقاتها تتشكل وتبقى لفترات متفاوتة بالقرب من النباتات الطافية على هذه الأسطح.. تتنفس عن طريق الخياشيم.. وتقتات على اليرقات الحشرات الأخرى التى تتوالد بالقرب منها.
فور اكتمال طور التحور- البلوغ- تتسلق أعواد النباتات القريبة منها لتطفو خارج مستوى المياه إلى الفضاء الخارجى.. وعقب قيامها بعملية التنفس الأولى على أثر تعرضها للهواء، ينشق جلدها من ناحية الرأس ويصبح فى مقدورها الانسلاخ عن جلد اليرقة.. فتجرب تحريك أجنحتها وتنطلق فى الفضاء.
تمتلك حشرة التنين- كاملة النمو-جسما ممدودا سميكا من خلف رأس ضخم إلى حد ما منسحب باتساق إلى ناحية الذيل.. تحمله ستة أرجل لا تستخدم فى المشى إلا فيما ندر، لأنها دائمة الطيران.. ولها زوجان من الأجنحة الشفافة الرقيقة القوية.. تتمكن عن طريقهما من الطيران فى ثلاثة اتجاهات وعكسها.. وهنا تكمن نقطة الإلهام التى انكب المبتكرون لسنوات طوال على دراستها لاكتشاف كيفية تقليدها.
بسهولة قد تكون مستعصية على غيرها.. تطير إلى أعلى/ وأسفل.. وإلى الأمام/ والخلف.. وإلى اليمين ثم إلى اليسار.. وفوق ذلك تملك مهارة الوقوف أثناء الطيران حيث هى.. هذه الأجنحة التى ترفرف مئات الآلاف من المرات فى الدقيقة الواحدة، لا تتمزق بسهولة لأن الله خلق لها فى مقدمتها خلايا تقاوم التلف.. يا سبحان الله.. هذه الأجنحة التى تتكون من آلاف القطع المتجاورة ذات الخطوط المتجانسة والمتقاطعة ترتبط فى تجاورها بمادة شديدة المقاومة للتلف والتمزق، منحتها قدرات فائقة للقيام بعدد لا يحصى من المناورات والحركات البهلوانية أثناء الطيران، لا تملك حشرة أخرى من عائلتها القيام بها.. يا سبحان الله. عينا حشرة التنين اللتان تمتدان خلف الرأس لمسافة ملحوظة.. تريان عبر حوالى 30 ألف خلية فى مقدمة كل منها عدسة غاية فى الدقة، كل ما حولها، ببساطة تريان ما لا تراه عينا حشرة أخرى فى نهاية كل خط مستقيم تتجه إليه خلايا دائرة كل منهما.
• حشرة مفترسة
صُنفت الحشرة ضمن الحشرات المفترسة!! لأنها تتعذى على البعوض والحشرات الصغيرة كالذباب والنمل والنحل، ولكنها يا سبحان الله لا تستطعم مذاق الفراشات!! وهى نفسها عرضة للافتراس على يد الطيور والسحالى والضفادع والعناكب والأسماك والحشرات المائية..  أما من حيث سرعتها فى مجال الطيران ضمن عائلة الحشرات، فهى لا تبارى، حيث قام واحد من المتخصصين بالتأكيد على تلك الخاصية عن طريق مئات الصور التى التقطتها عدسات عدد من كاميرات الديجيتل متناهية السرعة، وبرهن على أن سرعتها تصل فى المتوسط إلى 95 كيلو مترا/ ساعة..
• تصميمات جديدة
كل هذا حفز مراكز الإبداع والابتكار على تكليف المتخصصين فيها لوضع تصميمات جديدة أكثر تطوراً فى مجال الأجيال الجديدة للطائرات، لخدمة الأهداف السلمية والعسكرية عن طريق محاكاة البيئة.. وكان أن صمموا أول نموذج لطائرة مروحية أطلقوا عليها «سيكو ريسكى» التى جاء تصميمها على نسق أو محاكاة حشرة التنين الطائرة.. وتحملت شركة IBM تكلفة تنفيذ أول نسخة منها فتم بتشغيلها ألفا برنامج متصلة بالكمبيوتر.
النموذج يحاكى بنسبة عالية حشرة التنين الطائر، وإن كان تصميمه جاء أكبر حجماً منها بحوالى ثلاثين مرة على الأقل.. لديه نظام رؤية فائق الحساسية قادر على التقاط صور لكل ما تمر عليه كاميراته التى تعمل ضمن زوايا تصل إلى 180 درجة.. وتُحركة أربعة أجنحة دائمة الحركة بسرعات مذهلة.. ويستطيع الصعود والهبوط بشكل عمودى.. ويملك قدرات التقهقر إلى الخلف عند الحاجة.. ولديه مهارات المناورة وسرعة الاختراق.. وإذا طُلب منه أن يقف فى الهواء لفترة زمنية يسارع إلى تنفيذ الأمر بقدرة فائقة.
هل نجح النموذج فى تقليد الأصل؟؟
إلى حد كبير تكون الإجابة بنعم، وزيادة.. نعم تطابقت مهارات النموذج المستنسخ مع مهارات حشرة التنين الأصلية.. صعد إلى أعلى عمودياً وعاد إلى الأرض بنفس الكيفية.. تحرك إلى الخلف عند الحاجة.. لم يرفض الاستجابة لأى أمر صدر له..  هرب عن طريق برامج المناورة من المراقبة وابتعد عن رادارات الملاحقة وأرسل إلى قاعدته مئات الآلاف من الصور.. وزيادة.. لأنه تمكن من الصعود فى الأجواء إلى مسافات لم تبلغها بعد حشرة التنين الأصلية.. ولم يلتهمه أحد.. وقام بنوع من التخفى بتغيير الأضواء الصادرة منه.. وفوق ذلك أوحى لمبتكريه بتصميم نماذج من نوعية الروبوت استجابة لمتطلبات الجيل الرابع من الحروب التى تتوسع دائرة الاهتمام بها يوماً بعد يوم، كيف؟؟
• الجيل الرابع للحروب
باختصار نقول.. الجيل الرابع هذا، يعتمد على القوى الناعمة للدول المتحاربة.. وفى مقدمتها وسائل الإعلام، أنماط الدعاية، الاختراق، تشتيت الرأى العام بغرض خلق الفوضى، وإثارة عوامل الفرقة والتضاد.. إلخ .. باختصار كل ما يساهم بشكل إيجابى ومتصاعد فى تحطيم الطرف أو الأطراف الأخرى دون تدخل حربى.
من هنا جاء الحرص على استخدام التكنولوجيا وكل ما هو جديد فى ثورة المعلومات لتصميم الوسائل والأدوات التى تساعد صانع القرار فى تنفيذ ما يخطط له من تكتيكات من شأنها أن تؤثر فى البعد الاستراتيجى للعدو.
تفهمت شركة «فيستو» الألمانية المتخصصة فى أبحاث الروبوتات هذه المطالب وكلفت فرقها المتخصصة أن تقوم بتصميم عدد من النماذج القادرة على حمل رسائل إلى الهواتف النقالة تتوسع فى سرد مشاكلهم وتعظم مما سيتعرضون له من مصاعب وانهيارات.. وتحدثهم فى نفس الوقت عن طموحاتهم غير القابلة للتحقيق بسبب العقبات التى تضعها نظم الحكم فى طريقهم.. بحيث يتحولون بالتدريج إلى قنابل موقوتة.
مطلوب تصميم روبوت.. يستطيع أن يخترق الأجواء السيادية دون أن يراه أحد.. وأن يتمكن من الوقوف فى مكان ما لفترة تسمح له ببث رسائل مجهولة المصدر.. وأن يلتقط كل ما تصل إليه عدسات عينيه من مشاهد.. ويرسل ما تسجله ذاكرته من صور للأماكن والتجمعات إلى قاعدته المركزية. 
فى الختام أقول لكم ..
لو عثرت عزيزى القارئ على مسمى «العيسوب» فى أى من مطالعاتك، فاعلم أنها ترجمة شامية لحشرة التنين، وليست مُسمى لذكر النحل.. وهذا الخلط دخل إلى قواميسنا العربية منذ منتصف القرن الماضى بسبب أن «ذكر» كلتا الفصيلتين- النحل وحشرة التنين - يموت وتأكله أنثاه فور أن ينتهى من تلقيحها للمرة الأولى والأخيرة فى حياته!!•