الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

اختفاء 1500 صنف دوائى من الصيدليات

اختفاء 1500 صنف دوائى من الصيدليات
اختفاء 1500 صنف دوائى من الصيدليات


ريشة - محمد عبد الغنى
أزمة جديدة تجتاح سوق الدواء بسبب اختفاء أكثر من 1500 صنف من الصيدليات، منها أكثر من 100 صنف ليس لها مثيل فى الأسواق، مما تسبب فى نقص شديد فى الأسواق الدوائية فى الوقت الذى نشطت فيه السوق السوداء لبيع بعض الأصناف الناقصة.
 
ومنذ ما يزيد على 45 يومًا ونقص الأصناف يستمر وكانت البداية مع 1000 صنف وارتفعت إلى 1200 صنف حتى وصلت الآن إلى 1500 ولا تزال مرشحة للزيادة طالما لا تقوم شركات الأدوية باستيراد المواد الخام من أجل التصنيع فى ظل وجود أزمة فى الدولار.
ووصل الأمر إلى وجود نقص فى محاليل الملح التى كان يتراوح سعرها فى الأسواق ما بين ستة جنيهات وحتى 10 جنيهات على أقصى تقدير والآن وصل السعر إلى 100 جنيه فى ظل استغلال البعض للأزمة نتيجة غلق أحد المصانع ولم يتوفر البديل المناسب له.
وشهدت الأسواق اختفاء بعض أدوية الأورام والإجهاض ومنع الحمل والمحاليل الطبية التى لا غنى عنها ويمثل غيابها أزمة كبيرة للمريض الذى يظل يبحث بين الصيدليات المختلفة لحين الحصول على طلبه.. ومع وجود نقص فى الأدوية تظهر السوق السوداء لتستغل الأزمة وتبيع المنتجات بأسعار مضاعفة من أجل تحقيق ربح سريع فى الوقت الذى يبلغ إجمالى إنتاج الشركات الخاصة نحو 39 مليار جنيه من أصل 45 مليار جنيه حجم سوق الدواء فى مصر.
• إدارة الأزمة
يرى الدكتور أسامة رستم نائب رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات أن أزمة الأدوية الحالية يجب إدارتها بذكاء كى نخفف من وطأة ما تعانيه السوق من نقص فى الأصناف، معتبرا أن الأسواق إذا تعرضت لنقص فى بعض المنتجات الغذائية فإنه يمكن البحث عن بديل آخر لبعض الوقت ولكن لا يمكن الاستغناء عن الدواء بأى حال من الأحوال.
وأشار رستم إلى أنه يجب مراعاة أبعاد الأزمة الكبيرة التى تعانى منها مصر بسبب الدولار وذلك من خلال تشكيل لجنة خاصة لفحص طلبات استيراد شركات الدواء للمادة الخام قبل الموافقة عليها، بحيث تكون الأولوية للأصناف التى لا توجد بدائل لها.
وأضاف رستم إن عمل اللجنة سينحصر فى رصد ودراسة السوق والشركات التى حصلت على موافقة بفتح اعتمادات للأدوية، وعلى سبيل المثال إذا حصلت شركة فى وقت سابق على إمداد دولارى لشراء أدوية مسكنات فلا داعى للموافقة على منح نقد أجنبى لشركة أخرى تتقدم بفتح اعتماد لتصنيع نفس المنتجات المشابهة لنفس هذا التأثير الدوائى كذلك يمكن إرجاء أدوية الفيتامينات أو المكملات الغذائية التى لا تؤثر على صحة المواطنين مع الوضع فى الاعتبار ضرورة الحصول عليها من مصادر طبيعية متوفرة فى الأسواق بدلا من إهدار العملة الصعبة، وبالتالى فإن هذه اللجنة ستقوم باستيراد ما تحتاجه مصر فقط وسنقلل من فوضى استيراد الأدوية.. وأوضح رستم أن شركات الأدوية العالمية التى لها مصانع فى مصر تعانى منذ فترة بسبب صعوبة خروج أرباحها من مصر فى الفترة الأخيرة فى ظل أزمة النقد الأجنبى فى الوقت الذى بدأت فيه تخسر بشدة بسبب انخفاض سعر الصرف، فالمصنع الذى ربح على سبيل المثال ستة ملايين جنيه منذ ثلاث سنوات ووقتها كان يمكن أن يساوى هذا المبلغ مليون دولار ولكن الآن قيمته الحالية قد تصل حوالى نصف مليون دولار، مما أثر كثيرا على الشركات.
وتطرق رستم إلى عدد الأصناف الناقصة فى سوق الدواء المصرية، معتبرا أن  الـ 1500 صنف  المختفية رغم أنها رقم كبير فإنها لا تثير الانزعاج بسبب وجو بديل لها ولكن باسم تجارى آخر بينما ما يثير القلق الحقيقى هو وجود 100 صنف لا توجد بدائل لها فى الأسواق مثل مادة الهيومين ألبيومين وهو أحد مشتقات الدم ويستورد من خارج مصر ويحتاجه مرضى الكبد ومادة أر أتش فاكتور التى تحتاجها السيدات بشدة كى تمنع حدوث إجهاض للجنين وأدوية ضبط السيولة داخل غرف عمليات القلب المفتوح.
واستكمل رستم حديثه بأن المحاليل الطبية ترجع أزمتها إلى غلق أحد المصانع التى تنتجها بسبب عيوب فى الصناعة أدى إلى وفاة بعض الأطفال وكان الأفضل هو غلق خط الإنتاج الذى به المشكلة مع تشديد الرقابة عليه أو اتخاذ أى وسيلة عقاب لا تتسبب فى غلق المصنع وخلق أزمة شديدة فى هذه المنتجات الحيوية فى الوقت الذى لا غنى عنه فى المستشفيات وأى مريض سيبحث عنه فى السوق السوداء للحصول عليه حتى لو طلب التاجر 100 جنيه فسيضطر المغلوبون على أمرهم للدفع.
وأكد رستم أن أدوية الضغط حين تختفى فإن كلاً من المريض والطبيب يصابان بالإرهاق الشديد لحين ضبط الجرعة من المنتجات البديلة لأن المواد التى يتكون منها المثيل الآخر تختلف فى التأثير والجرعات من منتج لآخر.
واختتم رستم حديثه بأن أزمة الأدوية ستستمر طالما هناك نقص فى منح الشركات الإمداد الدولارى اللازم من أجل شراء المواد الخام من الخارج وتشغيل خطوط الإنتاج.
• قرار خطأ
اعتبر الأستاذ الدكتور محمد على عز العرب مؤسس وحدة أورام بالمعهد القومى للكبد  والمستشار الطبى لمركز الحق فى الدواء، أنه من العيب أن نستورد 95% من مدخلات إنتاج الدواء من الخارج فى الوقت الذى كانت مصر لديها مصنع شركة النصر فى الستينيات من القرن الماضى الذى كان ينتج المادة الخام داخل البلاد دون الحاجة لاستيرادها من الخارج.
وأضاف عز العرب أن قرار رئاسة الوزراء برفع أسعار الأدوية من أجل توفرها كان يجب دراسته جيدا قبل أن يصدر وذلك لأنه جاء بناء على أزمة الدولار والآن هناك اتجاه لخفض سعر الصرف فى البنوك فهل سيجرى رفع أثمان الأدوية من جديد بناء على هذه الخطوة؟
وأشار عز العرب إلى ن قرار رئاسة الوزراء برفع أسعار الأدوية كان الغرض منه توفير الأدوية الناقصة خلال ثلاثة أشهر وقد مرت المدة دون أن نرى ذلك على أرض الواقع ولا تزال الأصناف الناقصة مرشحة للزيادة.
وأكد عز العرب أن المواطنين تقبلوا الزيادة رغم أن الكثير من الأصناف كانت تحقق أرباحًا قبل الزيادة من أجل توفر الدواء فى الصيدليات ولكن تبدو أزمة اختفاء الكثير من الأصناف الحيوية مستمرة.
ومدح عز العرب الخطوات التى تقوم بها بعض الشركات المصرية لصناعة بعض مركبات الأدوية لعلاج فيروس سى الذى يصيب الكبد من أجل تخفيف الضغط على العملة الصعبة التى يجرى إنفاقها على استيراد المواد الخام الخاصة بالأدوية.
• لجنة خاصة
يرى هيثم الحريري- عضو لجنة الصحة بمجلس النواب- أن أزمة الدواء الحالية هى نتيجة طبيعية لرفع الدولة أيديها عن صناعة حيوية ومهمة وتتعلق بها حياة المصريين بعدما احتكرت الشركات الخاصة تصنيع الكثير من الأصناف الدوائية وتسعى إلى الربح فى المقام الأول وليس صحة المواطن.
وأضاف الحريرى إن الدولة وقفت إلى جوار سلاسل الصيدليات فى تحريك أسعار الدواء بشكل غير مدروس مما تسبب فى فوضى فى أثمان الأدوية وعلى سبيل المثال فإن دولة مثل الأردن تقوم بتصنيع الأدوية وتصديرها إلى الخارج رغم أن مصر كانت لها الريادة منذ عشرات السنين فى هذا المجال.
واعتبر الحريرى أن مشكلة صناعة الأدوية أكبر من الدولار ويجب تشكيل لجنة من مجلس النواب ونقابتى الأطباء والصيادلة وغرفة صناعة الأدوية ووزارة الصحة من أجل الوقوف على الأسباب الحقيقية لما تعانيه السوق من نقص شديد فى الأدوية، وكيفية إحياء الصناعة الوطنية للدواء من جديد ووقف زحف الاحتكار والشركات الخاصة للهيمنة على دواء المصريين. •