اختفاء السلع وركود فى الأسواق
صباح الخير
معاناة شديدة يشعر بها أكثر من 800 ألف مستورد وما يقرب من أربعة ملايين تاجر بسبب الأزمات التى تلاحق المستوردين من صعوبة فى الحصول على الدولار وقرارات وزارة الصناعة والتجارة بفرض إجراءات مقيدة على الاستيراد.
بضائع كثيرة تصل إلى مصر وبسبب قرارات وزير الصناعة بضرورة تسجيل المصانع إضافة إلى مزيد من الإجراءات الأخرى وغلق الكثير من شركات الصرافة مما أعاق حصول المستوردين على النقد الأجنبى لاستكمال إجراءاتهم الاستيرادية. ولجأ بعض التجار إلى فتح أكثر من عشرة اعتمادات فى بنوك مختلفة من أجل الحصول على الدولارات اللازمة كى يقوم باستيراد السلع اللازمة لتجارتهم أو صناعتهم.
• السوق تنكمش
شدد محسن التاجورى نائب رئيس الشعبة العامة للمستوردين على أن السوق تنكمش بشدة بسبب غلق شركات الصرافة وعدم الحصول على دولار من أجل استيراد السلع ومستلزمات الإنتاج اللازمة للصناعة.. وأضاف التاجورى أن الأجانب الذين يرغبون فى الاستثمار داخل مصر يحصلون على رسائل سلبية بوجود أزمة كبيرة فى سوق الحصول على الدولار وأيضا الاجراءات المفروضة على المستوردين.. واستكمل التاجورى حديثه أن الموردين فى الخارج اتجهوا إلى الابتعاد عن السوق المصرية والذهاب إلى دول أخرى بسبب التشديدات الكبيرة على المستوردين فى الوقت الذى تعرض فيه لإلغاء تسهيل الموردين لمدة 90 يوما بسبب المورد من الخارج والذى كان يمنحه لصغار التجار داخل السوق المصرية.
وأضاف التاجورى أنه يعمل فى مجال الأخشاب لأكثر من 20 عاما وأن شهرى أغسطس وسبتمبر من الأشهر التى تشهد رواجا كبيرا فى بيع الأخشاب نتيجة حصول مزارعى الأقطان على مقابل المحصول ومن يرغب فى الزواج مستفيدا من تحسن دخله يكون فى هذه الفترة ومع ذلك هناك حالة شديدة من الركود.
وأشار التاجورى إلى أن حجم العمليات الاستيرادية التى يقوم بها المستوردون انخفضت للغاية وهو ما يؤثر فى السوق المصرية حاليا بالسلب نتيجة عدم وجود بضائع للعرض من جانب التجار.. وأكد التاجورى أن آخر عملية استيرادية قام بها للأخشاب منذ شهر ونصف تقريبا وبعدما حدث انكماش نتيجة الركود الذى أصاب الكثير من المواطنين والتجار نتيجة ارتفاع الأسعار الكبيرة الذى حدث فى الفترة الأخيرة.
• المجموعة الاقتصادية
طالب أسامة سعد جعفر عضو بالقاهرة ويعمل فى مجال الاستيراد برحيل أغلب وزارة المجموعة الاقتصادية بسبب حالة التردى الشديدة التى تتعرض لها السوق فى الوقت الراهن مثل وزير الصناعة ومحافظ البنك المركزى.
وأشار جعفر إلى أن المستوردين تقدموا بمذكرة إلى رئاسة الجمهورية من أجل توفير حصيلة صندوق النقد الدولى المقدرة بـ 12 مليار دولار من جانب المستوردين مقابل حل المشاكل التى يعانون منها وإعادة الحيوية إلى السوق مرة أخرى ولم يتحرك أحد لإنقاذ مئات الآلاف من المستوردين وذلك عن طريق فرض رسوم على الحاويات إضافة إلى مصاريف التسجيل وغيرها وبالتالى ستوفر هذه الحصيلة مليارات الدولارات.
واستنكر جعفر محاولات البعض التضييق على المستوردين عبر استخدام آلية «من أين لك هذا» التى يرغب البعض فى تطبيقها على المستوردين حين يذهبون لفتح الاعتمادات حيث سيجرى سؤال المستورد عن مصدر الدولار الذى حصل عليه ومن الطبيعى أن يكون قد جمعه من السوق الموازية لأن البنوك لا تمنح النقد الأجنبى لمن يرغب فى الاستيراد بشكل منتظم.
وأكد جعفر أن العقارات داخل مناطق الموسكى والفجالة تهاوت قيمتها السعرية بسبب عدم وجود بضائع فى الوقت الذى يرغب الكثير من التجار فى التخلص من مخازنهم عبر تأجيرها لركود السوق.
• الاحتكار ينتصر
ومن جهته يرى أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة تجارة القاهرة أن القرار رقم 43 الذى أصدره وزير الصناعة تسبب فى خراب بيوت المستوردين والتجار وأن آخر عملية استيرادية قام بها منذ ثمانية أشهر تقريبا.
وأكد شيحة أنه حتى ولو حصل على الدولار من السوق الموازية فإنه لا يستطيع الإفراج عن بضائعه من الجمارك وإذا كان الغرض من هذه القرارات هو السيطرة على سعر سوق صرف النقد الأجنبى فإن العملة الأمريكية وصل سعرها إلى 12.7 جنيه فى السوق الموازية.
وشدد شيحة على أن أزمة الدولار وقرارات وزير الصناعة لم تؤثر على المستوردين وحسب وإنما على أصحاب المصانع الذين يحصلون على مستلزمات إنتاجهم من الخارج مثل السيارات والملابس والأحذية والمنتجات الغذائية وغيرها.
وأشار شيحة إلى أن قرارات وزير الصناعة تخدم عددا من المحتكرين الذين يرغبون فى السيطرة على الأسواق مما يهدد الكثير من صغار التجار والمستوردين فى الوقت الذى تخالف الدستور لأنها تميز تجاراً ورجال أعمال على حساب آخرين.
وأكد شيحة أن العبارات الرنانة التى يتشدق بها البعض بسبب اتخاذ القرارات لحماية الصناعة الوطنية فهذا لا يمت للواقع بصلة لأنه على سبيل المثال فإن الشاى يجرى استيراده من الخارج وتتم تعبئته فى المصانع لأنه لا توجد مزارع له فى مصر فهل هذه صناعة وطنية؟.. ونفس الأمر بالنسبة إلى مستحضرات التجميل، فبعض المصانع تقوم بالحصول على الشامبو كمادة من الخارج وتقوم بتعبئه فى مصر وتربح أضعاف سعره من هذه الخطوة ويباع فى الأسواق وبالتالى هذه ليست صناعة وطنية.
وأوضح شيحة أن المواطن المصرى يعانى من ارتفاع الأسعار لأنه من غير المعقول أن يذهب لشراء شاشة تليفزيون عادية فيجد سعرها 14 ألف جنيه وذلك لأن القرارات حرمت الكثير من التجار من الاستيراد لضبط السوق.
واختتم شيحة حديثه بأن كل مستورد مستعد لدفع 1000 دولار على كل حاوية ودفع المقابل المادى بالعملة الصعبة لاشتراطات الجودة على أن تتم فى مصر وتحصل الدولة على النقد الأجنبى وتستفيد منه ولكن ما يحدث هو استمرار لسياسة خروج الدولارات من مصر والتى حدثت وقت اعتماد شهادة «سى أى كيو» الصينية والتى دفعت عشرات المليارات من الدولارات للذهاب إلى الصين من أجل الحصول على مجرد ورقة ترضى غرور البيروقراطية.
• ارتفاع البطالة
أكد أشرف هلال رئيس شعبة الأدوات المنزلية بالغرفة التجارية بالقاهرة أنه لم يقم بأى عملية استيرادية فى العام الحالى بسبب المشاكل الكبيرة التى يعانى منها قطاع كبير من المستوردين.
وكشف هلال عن أن مصانع الأجهزة المنزلية تقوم بتعطيش السوق وتفرض أسعارا مرتفعة من وقت لآخر لتحقيق أكبر استفادة مالية وذلك بسبب اختفاء الأجهزة المنزلية وعدم استيرادها.
وأشار هلال إلى أن أغلب مصانع التكييف تقوم بتجميع الوحدات فقط ولا تصنعها حتى وصلت المهزلة إلى أن الكرتونة الخارجية يجرى استيرادها من الخارج ومكتوب عليها «صنع فى مصر» ومن غير المعقول أن 98% من المصانع تقوم بالتجميع فقط، فى الوقت الذى يجب عليهم أن تكون نسبة المكون المحلى تصل إلى 40% على الأقل من أجل الحصول على رخصة المنشأ فى مصر.. اختتم هلال حديثه بأنه إذا كانت الدولة ترغب فى منع الاستيراد ففى المقابل يجب أن يكون هناك اهتمام بالصناعة المحلية.. فهل من السهل أن يحصل مستثمر على أرض لإقامة مصنع فى مصر؟.. وهل من الممكن أن تنتهى التراخيص سريعا؟.. إن أى منشأة صناعية تحتاج إلى عامين أو ثلاثة لإنهاء الإجراءات فى الوزارات المختلفة.
• مشاكل استيرادية
طالب يوسف لمعى مستورد ــ وزير الصناعة بضرورة تسهيل الإجراءات حيث قام بتسجيل اسم المصنع الذى يرغب فى الاستيراد منه من الخارج وفقا للقرار رقم 43 الذى أصدرته الوزارة ومع ذلك جرى رفض دخول الشحنة من الجمارك لأنه لم يجر اعتماد التسجيل.. وأكد لمعى أنه كان يعمل لديه 20 عاملا والآن اقتصر على ثلاثة عمال فقط وأنه لم يستورد منذ ستة أشهر بسبب قرارات وزارة الصناعة وصعوبة الحصول على الدولار وللأسف فإن السوق تعانى بشدة.. ومن جهته أكد سيد الشرقاوى صاحب شركة استيراد أن الوزير حتى ولو رحل فإن الصف الثانى والثالث الذى يعمل تحته هم من الأسباب التى تعيق حركة التجارة والاستيراد.. وأشار الشرقاوى إلى أنه تحدث مع أحد المسئولين فى وزارة الصناعة عن حصول مصر على المقابل المادى للتسجيل بالدولار من المستوردين بدلا من دفعها للخارج مثل إجراءات التسجيل وشهادة الجودة وللأسف أكد أن الوزير لا يوافق.. فهل لا يرغب وزير الصناعة فى دخول نقد أجنبى إلى الدولة عبر أبنائها؟. •