الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

ختــان البنــات ينتظر معارك جديدة

ختــان البنــات ينتظر  معارك جديدة
ختــان البنــات ينتظر معارك جديدة


ينتظر الكثيرون مثول الطبيبة التى أجرت الختان للطفلة ميار ابنة السويس، وطبيب التخدير ووالدة الطفلة ومسئول المستشفى، أمام القضاء خلال سبتمبر المقبل.. وهى القضية التى انفردت بها «صباح الخير» بحوار مع مفتش صحة السويس الذى كشف الجريمة، وأبلغ عنها، وبحوار آخر مع عم الطفلة الذى تعهد بأن يسير فى طريق القضاء ليحصل على حق ميار التى توفيت إثر عملية الختان، وأيضا لأختها التوءم التى تعرضت للعملية نفسها ومازالت على قيد الحياة.

القضية تأتى وأم الفتاتين مازالت محبوسة على ذمة القضية منذ مايو الماضى، فى سابقة لم تحدث من قبل، منذ صدور قانون تجريم ختان الإناث فى 2008.
فى الوقت نفسه تقدم المجلس القومى للسكان بمشروع قانون لتغليظ العقوبة على ختان الإناث إلى مجلس الوزراء، تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب، وتقدم المجلس القومى للمرأة بطلب لجنة استماع فى مجلس النواب.
ويتوقع الكثيرون أن تحمل المناقشات داخل المجلس الكثير من التفاصيل، التى ربما تعيدنا إلى مناقشات 2008،  قبل صدور القانون، الذى أحاله المجلس القومى للطفولة والأمومة وقتها لمجلس الشعب، ضمن تعديلات قانون الطفل، عقب وفاة الطفلة بدور إثر عملية ختان فى 2007.
• وقفة جادة
الطريق لتعديل مادة فى القانون يمكن أن يحدث بطريقتين، الأولى أن يتقدم عدد من أعضاء مجلس النواب إلى رئيس المجلس باقتراح هذا النص، وتتم مناقشته ويحيله المجلس للحكومة، ثم لمجلس الدولة، ثم يعود ثانية إلى المناقشة فى جلسة عامة لمجلس النواب، ليصدر كتشريع.
والطريق الثانى أن تتقدم به الحكومة إلى مجلس النواب ليأخذ طريقه للمناقشة والتشريع.
«كان لازم نقف وقفة جادة بعد ما كذا بنت ماتت بسبب الختان، ونطلب لجنة استماع فى مجلس النواب، لتغليظ العقوبة على إهانة البنات والتقطيع فى أجسادهن»، قالتها أحلام حنفى، رئيس لجنة الصحة بالمجلس القومى للمرأة، بعد أن شاركت فى مناقشات لجنة الصحة بمجلس النواب.
وتكمل: «كان لازم نقول لا لختان البنات بصوت عالٍ، ونقول لأعضاء مجلس النواب: «محتاجين هدية منكم لبنات مصر، بعقوبة كبيرة على اللى لسه بيعملوا الختان، خصوصا إن كتير من الأمهات فى المناطق العشوائية والفقيرة توقفوا عن ختان بناتهم».
عندما اشتدت المناقشات حول من تقع عليه العقوبة، قالت د.أحلام دون تردد: «أنا مع توقيع عقوبة على أم وأب الفتاة، وليس على الطبيب فقط، لأنهما يحرضان على الجريمة، وإحنا فى بلد قانون والقانون لازم يطبق على الكل».
• سبع سنوات فى انتظار الحكم
خلال جلسة استماع لجنة الصحة بمجلس النواب، أوضحت د.فيفيان فؤاد مسئولة التدريب فى البرنامج القومى لتمكين الأسرة ومناهضة ختان الإناث بالمجلس القومى للسكان، أن مادة تجريم ختان الإناث التى أضيفت لقانون العقوبات عام 2008، لم يتم تفعيلها إلا عام 2015 عندما صدر أول حكم إدانة فى قضية وفاة الطفلة سهير الباتع من محكمة استئناف المنصورة.
وطوال السبع سنوات التى سبقت هذا الحكم، توفيت فتيات إثر خضوعهن للختان، ولم يحكم على الممارسين بعقوبة ممارسة ختان الإناث، رغم أن مادة تجريم ختان الإناث هى جنحة ضرب أو جرح، وعقوبتها الحبس وليس السجن، والغرامة المقررة بسيطة.
تنص المادة 242 من قانون العقوبات: (مع مراعاة حكم المادة 61 من قانون العقوبات، ودون الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها فى قانون آخر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين 241 و242 من قانون العقوبات عن طريق ختان لأنثى).
وتوضح فيفيان أن هذه العقوبة لاتحقق الردع المطلوب لهذه الجريمة، كما أن هذه المادة لا تعاقب على الشروع فى جريمة ختان الإناث، وبموجب هذا القانون فإن جريمة ختان الإناث لا تثبت إلا بعد حدوثها، والمطلوب أن تصبح هذه الجريمة جناية وليست جنحة، لأنها ليست جرحا بسيطا، كما فى القانون الحالى، بل عنف وانتهاك للكرامة الإنسانية للمرأة، واستئصال لأعضاء لها وظائف حيوية ومهمة.
تغليظ العقوبة على جريمة ختان الإناث يحقق الدور الأكبر للقانون فى ردع الجريمة، وتوعية المجتمع بأنها ليست عرفا أو عادة، فمازالت معدلات انتشار ختان الإناث بين الفتيات فى السن من 15-17 سنة تصل إلى 61% بحسب المسح الصحى السكانى 2014، إلى جانب أن 80% من هذه العمليات يجرى على يد الأطباء وفرق التمريض، وليس الممارسين التقليديين كما كان الأمر قبل سنوات.
هنا تطالب د. إيناس عبدالحليم، وكيلة لجنة الصحة فى مجلس النواب، نقابة الأطباء باتخاذ موقف واضح ضد ممارسى ختان الإناث من الأطباء، بسحب ترخيص المهنة منهم، لأنهم يجرون ممارسة غير  متعارف عليها فى الطب، إلى جانب العقوبة الجنائية أيضا.
• الدين والدستور والقانون
المستشار القانونى السابق للمجلس القومى للطفولة والأمومة، المستشار عمرو الشيمى، الذى شارك فى وضع وصياغة مادة تجريم ختان الإناث ضمن تعديلات قانون الطفل، التى قدمت لمجلس الشعب عام 2008، يؤكد أن ما كان يهم أعضاء المجلس وقتها هو رأى الدين فى ختان البنات، وهل يتم تجريم هذه الممارسة أم لا.
فى تلك الأثناء بحسب الشيمى كان عدد من أعضاء مجلس الشعب يؤيدون ختان البنات بناء على انتماءاتهم السياسية - يقصد الإخوان والسلفيين - ويريدون أن يثبتوا أنها من الدين، لكن بينات مجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء المصرية كانت واضحة فى ذلك الأمر، فاستقرت المناقشات إلى أن ختان الإناث ليس من الدين.
ويتوقع المستشار الشيمى ألا تأخذ المناقشات القادمة فى مجلس النواب المنحى الدينى عند الحديث عن تغليظ العقوبة على ممارسى ختان الإناث، لأنها فى رأيه يمكن الرد عليها بسهولة، كما أن الادعاء بأن النص القانونى غير دستورى، أيضا قد تم حسمه بحكم المحكمة الدستورية الصادر فى 2013.
• التأهيل القانونى للأطباء
يصف المستشار الشيمى المادة القانونية الحالية بأنها جنحة ضرب أو جرح بسيط، وعقوبتها لاتقع إلا بعد حدوثها، يعنى إذا وجدت السلطة المختصة الفتاة الصغيرة على سرير الطبيب، وهو يمسك بالمشرط ويهم بأن يقوم بختانها ويقرب المشرط من جسدها، فلا تعتبر حالة تلبس، لأن الجريمة لم تقع بعد.
ومع هذا يدافع الشيمى عن هذه المادة التى حرص المشرع فى 2008 على ألا تتضمن أداة الختان أو تحديد مهنة الفاعل أو صفته أو كلمة «قطع» حتى يحاسب كل من يمارس ختان الإناث ويحرض عليه، أيا ماكانت الأداة التى يستخدمها، وسواء قطع جزء من الجهاز التناسلى أم أحدث جرحا فقط، كما يحاول بعض الأطباء فعله، حماية للبنت وإرضاء للأهل كما يتصورون، أو باليزر أو ما يحتمل استخدامه من أدوات فى المستقبل.
كما أن المادة القانونية لم تحدد سن من تجرى لها الختان، لتشمل الطفلة والفتاة الكبيرة بعد 18 سنة أو حتى المتزوجة.
لكنه يستدرك بقوله: «لما عملنا النص الواسع ليشمل كل الممارسات، وجدنا التطبيق على أرض الواقع به ثغرات كثيرة، ففى أسوان مثلا يربطون عضو البظر بشعرة خيل حتى لا يصل إليه الدم فيموت، والقاضى فى النهاية يحكم بالأدلة والقرائن التى أمامه، وهى أدلة ضعيفة للإدانة».
يرى الشيمى أهمية أن تصاغ المادة الجديدة بحيث تعتمد على تعريف يعلنه الأطباء فى مؤتمر علمى خاص لسد هذه الثغرات، واستبعاد النص على أن الختان يحدث عاهة مستديمة بالأنثى، لأن هذا من الصعب إثباته طبيا حسب تجاربنا مع الطب الشرعى، حيث يحتاج الأمر لسنوات لإثباته، وانتظار أن تكبر الفتاة وتتزوج لاثبات العاهة.
كما يرى أهمية التأهيل القانونى للأطباء، حتى لا يضيع حق الفتيات، لأن أغلب قضايا الختان يحصل فيها الطبيب على البراءة بسبب التناقض بين الدليل الفنى الذى يكتبه الطبيب فى تقريره، والدليل القولى الذى يقوله الطبيب المدان أو أهل الفتاة، ففى النهاية القاضى لايحكم برأيه، لكن بالأدلة والوثائق.
• الختان والترامادول والمنشطات
ويعرّف د. عمرو حسن استشارى أمراض النساء والتوليد بقصر العينى وعضو لجنة الصحة بالمجلس القومى للمرأة، الختان بأنه قطع جزئى أو كلى للأعضاء التناسلية الخارجية للأنثى، وأوضح أن ختان الإناث جريمة فلا توجد له أى فوائد صحية على الإطلاق، بل على العكس فإنه يحمل بكل أنواعه أضرارا كثيرة.
وأوضح د. عمرو أنه لا يوجد على الإطلاق أى احتياج لعملية ختان الإناث، وأن الدعوة للقيام بفحص الفتاة بواسطة طبيب لمعرفة ما إذا كانت تحتاج إلى ختان أم لا هى دعوة خاطئة، تفتقر إلى المصداقية، وإذا كان بعض الفتيات يعانين بعض الأمراض التى تؤدى إلى كبر هذه الأعضاء والاحتياج إلى جراحة، فهو خطأ جسيم، فمثل هذه الأشياء هى أمراض نادرة الحدوث لها أعراض أخرى تظهر فى سن الطفولة وتشخص مبكرا ويتم العلاج عن طريق الأدوية والتدخل الطبى.
وأكد عمرو أنه لايوجد فيما يدرس فى كليات الطب ما يسمى بختان الإناث، «ومافيش دكتور شاطر هيرضى يعمل ختان للبنات» لأنه عارف إنه مجرم بالقانون.
وقال د. عمرو: لابد أن نتحدث بصراحة فيما يسببه ختان الإناث فى المجتمع، ونربط بين زيادة إدمان «الترامادول» والمنشطات الجنسية، وبين ما يسببه ختان الإناث من مشكلات فى العلاقة الزوجية، فى تقليل الاستجابة للزوجة وبالتالى تدفع الزوج إلى استخدام هذه الأدوية لإطالة العلاقة، أملا فى حل المشكلة.•