الجمعة 4 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

قصور الثقافة.. بلا ثقافة!

قصور الثقافة.. بلا ثقافة!
قصور الثقافة.. بلا ثقافة!


«الثقافة أساس تقدم الدول».. تلك المقولة التى تتردد كثيرًا على ألسنة المسئولين فى الوسط الثقافى، ولكن ما هى السبل التى يتخذونها لتحقيق تلك المقولة، وهل الاهتمام بالثقافة فى المجتمع المصرى يتم على أكمل وجه، وهل تقوم المؤسسات الثقافية بدورها فى التوعية الهادفة القائمة على الشرح والتحليل، فوزارة الثقافة تضم بين طياتها العديد من المؤسسات منها هيئة الكتاب، المجلس الأعلى للثقافة، دار الكتب، والهيئة العامة لقصور الثقافة.. فهل تقوم تلك المؤسسات بدورها؟

تعد الهيئة العامة لقصور الثقافة من أهم المؤسسات التى يجب التركيز عليها، ووضعها تحت دائرة الضوء، نظرا لأنها تمتلك أكثر 540 قصرًا للثقافة منتشرة فى كل ربوع مصر، ومع هذا وصلنا إلى هذا الحال المتردى فى الأوضاع الثقافية.. لماذا؟.. وانحدار مستوى هيئة قصور الثقافة يرجع لعدة أسباب، فعلى الرغم من وجود هذا العدد الضخم من قصور الثقافة، فإن أغلب تلك المواقع غير مفعل، ولا يقدم أنشطة ثقافية ذات مضمون جيد يجذب الجمهور، هذا بالإضافة إلى قلة الدعم، واختيار أشخاص وأسماء معينة للمشاركة فى الأنشطة الثقافية.. ميزانية الهيئة 300  مليون جنيه سنويًا، مخصص منها 27 مليونا للأنشطة الثقافية، والباقى مرتبات وأجور للعاملين.. عدد العاملين بالهيئة يمثل عبئًا ثقيلًا على ظهر الثقافة المصرية، فهم 17 ألف موظف، لماذا؟ الهيئة تحتاج فقط لربع هذا العدد، وربما أقل، نحن نتحدث عن بلد، لا قارة ثقافية كاملة، هذا عدد مواز لعدد السكان فى بلاد مجاورة، ما يدعو للدهشة هو أن معظم هؤلاء العاملين بالثقافة لا علاقة لهم بالثقافة ومهمتهم لا تتعدى العمل الإدارى.. كأن مصر خلت من المثقفين المؤهلين لهذه المهام! مشكلة أخرى ربما خلقتها المشكلات السابقة أو كانت أحد أسبابها، الناس فى مصر لا يعرفون شيئا عن قصور الثقافة، ولو سألت صاحب كشك أمام قصر الثقافة عن ماهية هذا المبنى فسوف يكون الرد ببساطة: حاجة تبع الحكومة مش عارف! فى القاهرة مثلا - ودعك من كوارث المحافظات التى لا تنتهى -  بعض قصور ثقافة تنظم العديد من الفعاليات ولا يسمع عنها شىء، فالدعاية لتلك الأنشطة تكاد تكون معدومة، وبالتالى فالنشاط يقام فى وجود جمهور يمكن أن يعد على أصابع اليد الواحدة، وهذا لا يدل على أن هذا هو الوضع السائد فى جميع الأنشطة، فهناك أنشطة تحظى بعدد هائل من الجمهور، ولكن فى النظرة العامة للأنشطة المقامة نجد أنها - تحتضر.. وبالنظر إلى قصور الثقافة فى المحافظات، نجد أنها تعانى من غياب الحد الأدنى من الماء والهواء الذى يضمن استمرار الحياة، مجرد الوجود والاستمرار!!
بالأمس القريب دعيت لحضور عرض فرقة قنا للفنون الشعبية، الذى أقيم فى حى الحسين، بباب النصر، أنا التى أسكن فى وسط العاصمة العامرة وصلت إلى المكان بعد مشقة هائلة، وسؤال عدد من البشر أكثر من عدد الكيلوات التى مشيتها حتى أصل إلى مكان العرض، وعندما تعبت فى الطريق وقفت أسأل نفسى إذا كنت تعبت وأنا أسكن فى القاهرة فما بال هذه الفرقة التى أتت من أقصى الصعيد حتى تعرض فى مكان مثل هذا.
استمتعت بعروض الفرقة التى كانت تتحدث بلسان التراث الصعيدى مثل الحجالة وتابلوه ليلة الدخلة والربابة ومولد سيدى عبدالرحيم القناوى وغيرها من العروض الرائعة.. التقيت بعم حسين أقدم عازف ربابة قناوى شارك فى العديد من المهرجانات العالمية والحفلات الخاصة بحفظ التراث الذى قال «إن مبدعى وأدباء الصعيد عانوا كثيرا من تهميشهم لصالح الشللية التى حرمت كثيرا من المواهب من فرصة الظهور، كما عانى موظفو الثقافة الفساد الإدارى والمالى والتمييز ضدهم لصالح المحسوبية مما أفسد قدرتهم على التغيير الثقافى».. ثم كان لنا هذا اللقاء مع رئيس الفرقة الفنان الاستعراضى أحمد فؤاد، حيث عبر عن استيائه الشديد من عدم تقدير هيئة قصور الثقافة لهم سواء بالدعم المعنوى أو المادى، والمحافظ أيضاً الذى لا يدعم الفرقة ولا يعيرها أى اهتمام.. وأخيرأ وجه رسالة إلى السيد حلمى النمنم وزير الثقافة قائلاً فيها «نظرة إلى فرقة قنا للفنون الشعبية». •