الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

رداً على تصريحات د. مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر: لا يوجد ملك اسمه فرعون!

رداً على تصريحات د. مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر: لا يوجد ملك اسمه فرعون!
رداً على تصريحات د. مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر: لا يوجد ملك اسمه فرعون!


صرح الدكتور مصطفى الوزيرى مدير عام آثار الأقصر لصحيفة «اليوم السابع» بآراء مثيرة قائلاً إنّ «فرعون موسى» ليس مصرياً ولكنه من الهكسوس الذين وصفهم بأنهم أعراب رعاة احتلوا مناطق من مصر فى بعض الأزمنة، وإن «فرعون» ليس لقباً لحاكم مصر بل هو اسم علم للملك الحاكم، مستدلاً بآيات قرآنية، وغيرها من الآراء التى يعتزم إلقاء محاضرات فيها لعدد من الطلاب الأجانب القادمين لمصر.. وقد اعتبر الآثاريون والمؤرخون آراءه هذه مجرد اجتهاد شخصى وصل به إلى نتائج خاطئة وعارية من الصحة.

كما قال د.وزيرى خلال تصريحه: إن الهكسوس هم بنو إسرائيل، وبناء على ذلك ففرعون موسى هو أيضا من بنى إسرائيل وليس ملكا مصريا لأن الرسول يأتى من قومه!! وإنه لم يحكم مصر بل حكم قومه على قطعة من أرض مصر. وتابع  إن اسم فرعون أغلب الظن مشتق من اسم البلدة العربية التى أتى منها وهى «فاران»، أو اسم قبيلة «فر عا» الموجودة حالياً فى وادى عسير فى غرب شبه الجزيرة العربية.
رفض د. عبدالغفار شديد «بروفيسير تاريخ فن بجامعة ميونخ الألمانية وأستاذ متفرغ بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان ومؤسس قسم تاريخ الفن بالكلية» تصريح د.وزيرى وخلط القرآن والدين بالعلم رفضاً تاماً موضحاً أن القرآن واللغة العربية جاءا بعد الحضارة الفرعونية بآلاف السنين!! وأنه لا يوجد ملك اسمه «فرعون» وبالطبع لا يوجد شعب اسمه فراعنة نسبة إلى فرعون وأن إطلاق كلمة فراعنة على شعب بأكمله هذا خطأ لغوى فادح تم تداوله.
مؤكدا أن أصل كلمة فرعون هى الكلمة الهيروغليفية «بر عا» بمعنى البيت الكبير وأنها لم تكتب فى المعابد أو الخراطيش الملكية إلا فى العصر البطلمى 180 ق.م، أما قبل ذلك فكل الخراطيش الملكية مكتوب بها اسم الملك الحاكم، وقد استخدمها البطالمة الذين حكموا مصر بعد دخول الإسكندر وبدءوا فى كتابتها فى الخراطيش الملكية بدلاً من اسم الملك الحاكم، لأن الحكام البطالمة كانوا يقتلون بعضهم للاستيلاء على الحكم وعند الانتهاء من بناء القصر أو المعبد بعد 10 أو 15 عاماً لم يكن معروفا من سيكون الملك الحاكم لكتابة اسمه على الأثر فكانوا يرمزون له بلقب «بر عا» أى صاحب البيت، ويوجد فى بعض الأحيان كتابة اسم الملك الحاكم إذا وجد.
كما يرى د.عبد الغفار أن اعتقاد د.وزيرى بأن الهكسوس هم بنو إسرائيل اعتقاد خاطئ وخلط بين الأسرة الحاكمة وبين الأزمنة، حيث إن الهكسوس حكموا مصر خلال الدولة الوسطى وتم طردهم على يد الملك «أحمس»، وعن الكلمة الأصلية التى حورت بعد ذلك إلى كلمة «هكسوس» فترجع إلى مشهد فى مقبرة «خنوم حتب الثانى» بمقابر بنى حسن إلى عهد الملك سنوسرت الثانى  1882 ق.م- الأسرة الثانية عشرة - دولة وسطى، يوضج مجيء وفد من الحدود الشمالية الشرقية لمصر «الآسيويين» لزيارة حاكم بنى حسن حاكم مصر الوسطى. وكان رئيس الوفد الزائر اسمه «أبشا» ولقبه «حكا خازوت» وتعنى حاكم الحدود وطورت الكلمة بعد ذلك إلى «هكسوس» فى العصر اليونانى.
أما الوثيقة الوحيدة التى ذكرت فيها كلمة «إسرائيل» لفظاً صريحا فتوجد فى لوحة الملك «مرنبتاح» رابع ملوك الأسرة التاسعة عشرة والابن الثالث للملك رمسيس الثانى وسجل فيها الملك انتصاراته على أرض كنعان وإسرائيل.
• «بر عا»
هذا ما أكدته د. علا العجيزى أستاذ لغة مصرية قديمة والعميد الأسبق لكلية الآثار جامعة القاهرة أن أصل كلمة فرعون هى كلمة هيروغليفية من مقطعين «بر عا» بمعنى البيت الكبير أو القصر الكبير، وأن ما حدث ما هو إلا تطور للكلمة فى اللغة وأن بداية ظهورها كانت فى الدولة الحديثة وكثر استخدامها بعد ذلك فى العصر البطلمى وكانت ترمز إلى اسم الملك الحاكم وكتبت فى الخراطيش الملكية كلقب يعبر عنه وذلك بسبب تغيير الملوك بدرجة كبيرة جدا فى هذا العصر وعدم معرفتهم عند الانتهاء من المعبد أو الأثر من سيكون الملك الحاكم فكانوا يرمزون له بلقب «بر عا».. موضحة أن كلمة «بر عا» تطورت عبر تطور اللغات اللاحقة فى مصر  حتى وصلت إلى «فرعون»، ففى اللغة اليونانية حرف «ب» يقابلة حرف «ف» أى تطورت الكلمة من «بر عا» إلى «فر عا»، ثم جاءت اللغة القبطية والمعروفة بإضافة حروف الحركة لتتطور الكلمة إلى «فر عو»، ثم فى اللغات السامية الأكادية «لغات منطقة الشرق الأدنى» التى تشتهر بزيادة حرف «النون» فى نهايات الكلمات تطورت الكلمة إلى «فرعون».
ويتفق د.أحمد سعيد أستاذ الحضارة المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة القاهرة والأستاذ الزائر بكلية الآداب جامعة الكويت مع ما ذكر سلفا بأن كلمة فرعون أصلها «بر عا» واستحالة تصنيفها اسم علم. مضيفاً أن البحث عن معرفة من هو فرعون موسى شغل الكثير من العلماء المتخصصين فى حضارات مصر والشرق الأدنى القديم والهواة غير المتخصصين وبالطبع رجال الدين وغيرهم فى فترات عديدة على مر عشرات السنين الماضية، وأن كلا من التوراة والقرآن لم يذكرا اسم فرعون موسى صراحة ولم يذكرا التاريخ الزمنى لهما ربما لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه.
• لوحة إسرائيل
ويستطرد د.سعيد: كما أن كثرة الآراء المختلفة والجدل حول تحديد من هو فرعون موسى أدى إلى عدم وجود وثيقة مصرية قديمة صريحة فاعتمدت الآراء فى معظمها على مقارنات تاريخية مع الأحداث التى ذكرت عن بنى اسرائيل فى التوراة والقرآن. حتى إن هناك دراسات حديثة تعيد قراءة كلمة «إسرائيل» وتفندها تلك التى ذكرت على لوحة مرنبتاح «1213-1203 ق.م» الشهيرة والمعروفة «بلوحة إسرائيل» الموجودة بمتحف القاهرة تحت رقم CG 34025. والتى قرأ أحد سطورها بـ «دمرت إسرائيل ولا بذور لها» والتى اعتبرها البعض أقدم ذكر لبنى إسرائيل صراحة قبل الذكر الذى يرجع لعهد النبى داود حاكم فلسطين عام 900 ق.م. والجدير بالذكر أن هناك من المتخصصين من يرى أنه حتى لو قراءة إسرائيل صحيحة فإنها ليس بالضرورة أن تشير إلى اتباع موسى عليه السلام بل أحد المسميات لأقوام من البدو الذين كانوا يغيرون على حدود مصر وقضى عليهم.
قائلاً إن معظم الملوك على مر التاريخ تم الافتراض أنها فرعون موسى حتى إن بعض الملوك افترض البعض أنهم موسى نفسه، ولذا فمن وجهة نظرى معرفة من هو الفرعون مستحيلة حتى الآن مهما حاولنا ولاسيما تلك المحاولات التى تقارن مع التوراة التقريبات الزمنية لأن التواريخ المصرية القديمة فى حد ذاتها تخضع إلى دراسات كثيرة لتثبيت تاريخ بعينه على أنه حقيقى مائة بالمائة ولأسباب عدة علمية لا محل لذكرها الآن، لكن الواقع يؤكد أن باطن الأرض مازال يخفى الكثير الذى لم يكتشف.
• فرعون ليس من فرعا
وللتأكد من أصل كلمة فرعون كما ذكرها د.وزيرى فقد أبدى د.سعد بن عبدالعزيز الراشد أستاذ بكلية الآثار الأسلامية بجامعة الملك سعود ووكيل الوزارة السابق للآثار والمتاحف استغرابه حيث قال لايوجد فى السعودية وادى عسير فى غرب شبه الجزيرة العربية، معللاً أن هذا القول فيه جهالة مطبقة لا فى الاسم أو المعنى، حيث لا يوجد فى السعودية وادى باسم «وادى عسير» بل «منطقة عسير» وتقطنها قبائل ليس من بينها قبيلة باسم «فرعا»، لكن المنطقة فيها منتزه طبيعى سياحى جميل يسمى «القرعاء» بحرف القاف أخت الفاء!!
كما وصف د.سعد تصريحات د.وزيرى بأنه افترض نظريات تجافى الحقائق التاريخية. موضحا أن د.وزيرى إذا أراد الاستشهاد بالوثائق التاريخية فالهكسوس قدموا إلى مصر من سوريا عن طريق فلسطين، واستمر حكمهم لمصر حوالى مائة عام «1674-1558 ق.م»، أى خلال الأسرتين الخامسة عشرة والسادسة عشرة.
والتنقيبات الأثرية فى مصر كشفت عن أسماء ثلاثة وعشرين ملكاً من أسماء الملوك الهكسوس مدونة على الآثار التى تركوها، ثلاث أسر من الهكسوس حكمت فى مصر، وهى الأسرة الخامسة عشرة «6ملوك»، والسادسة عشرة «32 ملكا» والسابعة عشرة «43 ملكاً» ولا يوجد بينهم ملك باسم فرعون!! كمان أن الهكسوس الذين حكموا مصر خلال هذه الفترة لم يكونوا أمة همجية، بل كانوا أمة متحضرة، ومنظمة، واستخدموا الحصان والعربة ووسائل أخرى مكنتهم من الثبات فى حكم أرجاء واسعة من مصر.
كما تعجب د. سعد من استشهاد د.وزيرى بالقرآن قائلاً: إن علماء التفسير أجدر بتفسير آيات القرآن الكريم ومعانيها.
وإنه ورد فى القرآن الكريم ذكر «آل فرعون» و«فرعون» و«فرعون وملئه» وذلك فى «61» آية موزعة على «23» سورة، مما يدعونا للتأكد من أنّ هذا «الفرعون» كان يشغل أعلى سلطة فى قوته وجبروته من لقب «ملك» حتى أنه رفع نفسه إلى درجة إله والعياذ بالله. قال تعالي: وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِى صَرْحًا لَعَلِّى أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّى لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ «القصص آية 38»، ولعلنا نناقش الدكتور وزيرى، حول نفيه صفة «فرعون»، الهكسوسى، أن يكون «ملكاً لمصر»، الذى اغتر بالثراء والنعمة والتمكن لدرجة الاستبداد. والجواب الذى يؤكد أن «فرعون» مصر، كان «ملكاً» والشاهد على ذلك قوله تعالي: وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِى مِنْ تَحْتِى أَفَلَا تُبْصِرُون «الزخرف آية 51». إذاً فهذا «الفرعون» كانت له سلطة الملك على مصر بكل خيراتها، بل تعدى ذلك أن نصّب نفسه إلهاً.•