الإثنين 18 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الموسيقار خالد حماد: على قدر الصعوبات يصبح النجاح حقيقة لا خيالا

الموسيقار خالد حماد: على قدر الصعوبات يصبح النجاح حقيقة لا خيالا
الموسيقار خالد حماد: على قدر الصعوبات يصبح النجاح حقيقة لا خيالا


 قد لا تعرفه، ولكن تأكد أنك عندما تشاهد أعماله ستعرف من هو.
ارتبط اسمه بأعمال كثيرة ومهمة على الشاشة الفضية والشاشة الصغيرة.. أفلام كثيرة ومسلسلات أكثر.. إنه الموسيقار خالد حماد ضيف أغانينا هذا العدد!


ولد فى أوكرانيا، وبعد عام واحد فقط غادرها إلى الكويت، وذلك بصحبة أسرته نظرا لظروف عمل والده، هكذا حتى المرحلة الابتدائية وتحديدا حتى الصف الثانى الابتدائى، أثناء تلك المرحلة لاحظت الأسرة أن هناك جانبًا مختلفًا فى هذا الطفل الصغير، ليكون قرارها أن تمنحه بعض الاهتمام وذلك من خلال مشاركته فى الأنشطة المدرسية وفرقة المدرسة وتحديدا العزف على الأوكورديون، وتعليمه المبادئ الأساسية من خلال المدرسة المصرية، التى كانت تحضر لتعليمه من حين لآخر، من الكويت إلى مصر ومرحلة جديدة فى حياة ذلك الموسيقى الصغير وأثناء إحدى زيارات الأسرة لأحد الأقارب، فتح أحد الحاضرين النقاش عن الكونسرفتوار، هذا الكيان الثقافى الفنى الضخم.

«ما زلت محتفظا بالأوكورديون الخاص بى الذى لازمنى مرحلة الطفولة حتى الصف الثانى الابتدائى».
هكذا بدأ حديثه معنا الموسيقار الكبير خالد حماد عن تلك المرحلة من حياته، ورحلة البحث التى حرص على سرد تفاصيلها لما تعنيه له قائلا: «بالنسبة لأبى فقد كانت لديه أذن موسيقية، ولكنه لم يكن لديه خلفية موسيقية، على عكس أمى، التى كان واضحا مدى موهبتها فى الرسم، فى الوقت نفسه لم يكن لها صلة بالموسيقى، ولكن ما يحسب لها ما كان لديها من اهتمام، فقد كان والدى، ذلك الرجل المصرى التقليدى، الذى ولد فى حى السيدة زينب، أما أمى فهى تلك السيدة الروسية، التى لم تكن تجيد اللغة العربية إلا مجرد بعض الكلمات والعبارات، وهنا يتضح الفارق الكبير بين كلا العالمين عالم الوالد وعالم الوالدة، فقد فاجأنى اهتمام أمى بالموهبة، رغم سفر الوالد الدائم، فقد كان يعيش شهرًا معنا وشهرًا فى البحر نظرا لظروف عمله، ولكن هذا لم يعق اهتمامها بموهبتى، فقد ظلت تبحث إلى أن عثرت على المكان المناسب أو الكونسرفتوار، وبالفعل قامت بتقديم أوراقى لديه، فى خطوة كانت الأهم فى مشوار حياتى، لذلك يظل اهتمامها حتى هذه اللحظة يعنى لى الكثير».
• صدمة كبيرة
نظرا لتخوف الوالد الدائم من تلك الموهبة وما تحمله لابنه من مستقبل من وجهة نظره ليس ما كان يتمناه له، فقد كان دائم التساؤل: ماذا سيصبح ابنى؟! غير أن يكون موسيقيا، قرر الابن خالد حماد بمجرد حصوله على المجموع المناسب بالمرحلة الثانوية أن يطمئنه بشكل أو بآخر، وبالفعل قام بتقديم أوراقه فى التنسيق من أجله، وبالفعل تم قبوله فى كلية التجارة، جامعة عين شمس، وهنا يقول الموسيقار خالد حماد: «فقط زيارتان قمت بهما لكلية التجارة، كانت النتيجة صدمة كبيرة، لم يستوعبها عقلى قررت من بعدها عدم الحضور، إلى أن تم إرسال خطاب الرفد إلىّ، ولكن يكفينى شرف المحاولة، فقد كنت حريصا على الحضور رغم أننى واحد ضمن ألفى طالب وطالبة، أما فى الكونسرفتوار فقد كان عدد الطلاب لا يزيد على ستة عشر طالبا وطالبة، أما فى المرحلة الثانوية فقد كان إجمالى عددنا ثلاثة طلاب».
• ثقافة واسعة
ولأنه شخص ينظر إلى الدنيا بعين جادة منذ سن مبكرة، فقد كان دائم البحث عن كل ما هو جديد للقيام به وفى مختلف المجالات، فقد كان قادرا على بذل أقصى مجهود دون أن يشكو رغم صغر سنه، كان يجمع بين مذاكرته التقليدية ومذاكرته فى الموسيقى، مع العلم أن دراسة الموسيقى ليست بالأمر السهل على الإطلاق، هذا بالإضافة إلى العديد من الأنشطة الأخرى الخاصة به، وسعيه الدايم للحصول على فرصة لاكتساب الخبرة فى مجال الفن، وهنا يؤكد خالد حماد: «كان الوقت غير منطقى، وكانت لدى اهتمامات غريبة، علمية أحيانا وموسيقية وفنية لم أستطع فهمها حتى الآن، فقد كنت أعشق القراءة فى العلوم والزراعة، الفضاء والحيوان، ولعل النتيجة هى ما أصبح لدى من ثقافة واسعة، فعادة الأفراد يكون لديهم اتجاهات محددة، أما أنا فقد كان لديّ من كل اتجاه بعض الأشياء التى نجحت فى جذبى للاطلاع عليها، فقد جمعت بين كل الاتجاهات، ففى منزل الأسرة كان لديّ معملى، الذى كنت أقوم بتربية الحيوانات وإجراء التجارب والزراعة بداخله.
• قرار غير صائب
إصراره على الالتحاق بالقسم العلمى بالمرحلة الثانوية كان من أبرز القرارات غير الصائبة التى اتخذها خالد حماد فى حياته، فقد ضم الفصل الدراسى وقتها ثلاثة طلاب فقط هم عازف الكمان أمير ميخائيل والمايسترو هشام جبر والموسيقار خالد حماد، ولكن إذا بالمفاجأة الصادمة التى قلبت الأحداث رأسا على عقب، وذلك عندما تم الإعلان عن النتيجة ليفاجأ كل منهم بها وهنا يقول خالد حماد: «كان جميع العاملين بالمعهد يعاملوننا معاملة غريبة، وذلك نظرا لإصرارنا على فتح فصل العلمى بالإكراه، فأنا مازلت أتذكر مشهد دخولى إلى الناظر أستاذ عباس وأنا أتحدث إليه بكل جرأة أطالبه بفتح الفصل سواء شاء أم أبى، وبالفعل دخلنا الامتحان، وكان الإيفيه أن أمير هو الناجح الوحيد بيننا، وللأسف لم يحالفنى الحظ فى الصف الثالث الثانوى، حتى إن من مظاهر الاحتكار عندما طلبوا منا فى المعهد الحضور إلى المنطقة التعليمية للحصول على النتيجة، وبالفعل ذهبنا وإذا بالظرف الأسود الذى كان مكتوبًا عليه عدد المتقدمين ثلاثة، عدد الناجحين واحد، وقبل أن يتم فتح الظرف قمت أنا وهشام بتهنئة أمير على النجاح، ولكن للعلم كان لدى عذرى فقد كنت أقوم بالجمع بين قسمين فى المعهد، ورغم صعوبة شروط هذا الجمع إلا أننى كنت مصرا عليه وهما قسم وتريات وقسم التأليف الموسيقى وهما قسمان لا صلة لهما ببعض والجمع بينهما مهمة فى غاية الصعوبة».. ويواصل خالد حديثه: «هذا بالإضافة إلى سعيى الدائم منذ سن مبكرة للعمل فى الفن، لذلك كان على مواجهة الواقع فما كان على سوى الدخول للناظر وأنا أنظر فى الأرض لأطلب منه التحويل لقسم أدبى، ولكنه فى الحقيقة لم يستخدم الموقف ضدى، وبالفعل التحقت بالقسم الأدبى وحصلت على تقدير عالٍ، فقد ظل شبح عار السقوط يطاردنى، فأنا بعمرى ما سقط، فقد كان هذا المبدأ غير معروف بالنسبة إلى، وبالفعل تقدمت إلى كلية الحقوق ولكن تم قبولى فى كلية التجارة».
• احتراف
من وجهة نظره فمجرد التحاقه بمعهد الكونسرفتوار يعنى احترافه حيث يقول حماد: «خاصة إذا كانت الموسيقى هى هدفك منذ البداية، فقد قمنا أثناء الدراسة بالمعهد بالعديد من الحفلات وسافرنا إلى العديد من المهرجانات الدولية وقمت بالغناء ضمن الكورال، وهذا بالإضافة إلى الكثير من المحاولات الخارجية سواء فى التليفزيون، أو من خلال الالتحاق بالمسرح القومى للأطفال، أو التمثيل والرقص، الغناء والتوزيع، والموسيقى، ففى وقت مبكر قررت العمل بكل الطرق وحاولت مقابلة بعض المطربين لتقديم أعمال لهم، إلا أنهم كانوا يرفضون الفكرة فى كل مرة والحقيقة أنهم كانوا لديهم كل الحق فيما يقومون به، فقد كنت فى أولى ثانوى وقتها، ولن أنكر أن موقفهم أغضبنى كثيرا وقتها، ولكننى اكتشفت عقب مرور الوقت أن ما حدث كان طبيعيًا، فهكذا يقول المنطق، كما أنهم كانوا يرون فى الحداثة وقد اعتبرونى وقتها خواجة، لما أقدمه من لون موسيقى أصبح عقب خمسة عشر عاما هو السائد حتى وقتنا الحالى».
• حلم
على الصعيد الآخر كان معهد السينما بينه وبين الكونسرفتوار شارع واحد، وقد نجحت مشاريع طلبة معهد السينما فى إقناع خالد حماد لوضع الموسيقى الخاصة بها دون مقابل، فقد كانت البداية، التى أضافت له الكثير فى عالم الموسيقى التصويرية، خاصة أن تلك المشاريع كانت لمخرجين هم اليوم أسماء كبيرة فى عالم الفن، من هنا فقط بدأ عشق خالد حماد للموسيقى التصويرية، فهى كما قال: «الحلم الأكبر فقد كان ممكنا أن أحلم أن أقدم أغنية، ولكن كان من الصعب أن أحلم بالموسيقى التصويرية، فلم ترتق أحلامى يوما لذلك، وعليه تعطلت مسيرتى مع الأغانى، ولكن فى الوقت نفسه بدأت مسيرة تدريبى على الموسيقى التصويرية».
• ضحك ولعب وجد وحب
كانت النتيجة أن قام خالد حماد بتقديم موسيقى أول فيلم فى حياته الفنية فى سن مبكرة فقد كان لا يزال فى عامه الأول بالجامعة عندما قدم فيلم «ضحك ولعب وجد وحب» لنجومه الكبار يسرا، عمر الشريف، عمرو دياب، وذلك نتاج العمل من خلال الكثير من البرامج والإعلانات، حتى أصبح بينه وبين القائمين على الصناعة ثقة، وهنا يؤكد خالد: «فى الحقيقة أننى أدين بالفضل للمخرج عمرو عرفة، نظرا للثقة التى نشأت بيننا عقب العمل معا من خلال إحدى شركات الإنتاج التى قدمت من خلالها الكثير من الإعلانات، عقب ذلك كان عمرو منتج فنى لفيلم «ضحك ولعب وجد وحب»، قبل أن يخوض عالم الإخراج تقريبا بعشرة أعوام، وبالفعل قام بترشيحى لصناع الفيلم حتى إنه «أصر على الأمر» حقيقى بمعنى الكلمة، رغم ما يمثله ذلك الترشيح من مسئولية كبيرة، ولكن أيضا الغريب هو تفهم مدير التصوير طارق التلمسانى، الذى وافق على ترشيح عمرو، وبالفعل قدمت أول فيلم، والذى حصدت من خلاله جائزة جمعية الفيلم، وشهادة تقدير خاصة، قام طارق وقتها بالاتصال بى من مصر، فقد كنت فى زيارة وقتها لروسيا، ليبلغنى بها».
• الخبرة .. الفرصة
أما فوازير «حاجات ومحتاجات» للنجمة شيريهان، فقد جاءت نتيجة التواجد فى العقار الذى كان يضم كبار نجوم الموسيقى ويضم أحد الاستوديوهات الشهيرة وقتها، فقد قام خالد باستئجار شقة مفروشة فى هذا العقار تحديدا لأنه كان مصرا على اكتساب خبرته من خلال ذلك الاستوديو، أحد أهم الاستوديوهات فى مصر، وبالفعل نجح خالد فى العمل كمهندس صوت بهدف اكتساب الخبرة دون أجر، وقد قام كل من مهندس الصوت محمد أبوالسعد ومهندس الصوت إبراهيم عنان بتدريبه، فقد كان ولا يزال هذا العقار كالنادى بالنسبة لجميع الموسيقيين، فعادة تكون هكذا البداية، مجرد مكان كالنادى الفنى الذى يجمع الخبرة والموهبة والفرصة، يقصده الجميع فى محاولة منهم لاكتساب الخبرة والفرصة.
فمن خلاله جاءت فرصة أول إعلان لصاحبه المتعجل لتنفيذه ولا يملك الميزانية الضخمة من أجله، ليقرر الموافقة على الشاب الذى لا يزال فى البداية لتقديم الإعلان وهكذا، فمن خلال هذا الكيان استطاع حماد الاطلاع على مدارس موسيقية مختلفة من أهمها مدرسة كامل الشريف، مودى الإمام وعمر خيرت، ولقاء العديد من نجوم عالم الفن مثل المخرج جمال عبدالحميد، المخرج مدحت السباعى، والفنان على الحجار والموسيقار ياسر عبدالرحمن، وغيرهم من سكان هذا الكيان.
• نبيل على ماهر
المؤلف الموسيقى الذى جمعته الصدفة بخالد حماد وتحديدا فى استوديو الطابق الحادى عشر فى نفس العقار السابق ذكره، ليعمل معه  كمهندس صوت ويقوم بتسجيل الكثير من الأعمال للموسيقار عمر خيرت وهنا يقول خالد: «تتلمذت على يده، ومعه قدمت فيلم «الحب فى الثلاجة»، حيث قمت بتسجيل أغانيه للمخرج سعيد حامد وهو أول أفلامه، الذى قام الموسيقار كامل الشريف بتقديم الموسيقى الخاصة به».. أثناء ذلك كان يحرص خالد حماد من حين لآخر على شراء أحد الأجهزة فى الاستوديو الخاص به الذى لطالما حلم به وعمل من أجله ولأنه لديه العلم والخبرة، تدريجيا أصبح لديه المجموعة الخاصة به من الأجهزة، التى قدم من خلالها الكثير من الإعلانات، وهنا يواصل خالد حديثه قائلا: «من داخل العقار نفسه انطلق مشروع الفوازير نظرا لشلة المخرج جمال عبدالحميد، حيث قام بترشيحى نبيل على ماهر وإليه يعود الفضل بعد ربنا، وقد كان نبيل وشيريهان تجمع بينهما فى ذلك التوقيت ثقة، ومع مباركة الجميع رحبت هى أيضا بمشاركتى، وبالفعل قدمت فوازير حاجات ومحتاجات، حيث كنت محظوظا بتقديم موسيقى ست حلقات، فى الوقت نفسه قدم الموسيقار مودى الإمام التترات».
• البداية الحقيقية
«صعيدى فى الجامعة الأمريكية» من وجهة نظر السوق وليس من وجهة نظرى، فقد كانت مجرد ظروف أدت لنجاح العمل، وإن كنت أرى أن أى محطة هى خطوة ونقلة فى مشوارى، فما هو إلا توفيق ونصيب، فعلى سبيل المثال صعيدى فى الجامعة الامريكية رغم حبى له إلا أننى لا أجده فيلمًا عظيمًا، لكن وقتها نجح فى إعادة الأسرة للسينما من جديد، وما يدعو للدهشة فى هذا الفيلم هو كم الأبطال الذين أصبحوا اليوم نجوما مثل أحمد السقا وغادة عادل، منى زكى، محمد هنيدى وهانى رمزى، فقد كانت ظروف السينما قبله غير مستقرة، بالإضافة إلى العيب الكلاسيكى للسينما المصرية وهو أننا بصراحة شديدة كان السر وراء عملنا من خلال تلك الأفلام هو تفاؤل القائمين على السينما بنا فلم يكن يشترط دائما التميز فى العمل».. «فإذا لاحظنا سنجد أن الفريق نفسه من موسيقى وإخراج ومونتاج ظل كما خلال فترة زمنية طويلة، ومن خلال مجموعة متتالية من الأعمال، فما هو إلا مجرد تفاؤل تسير وفقا إليه السوق، فبما أن هذه المجموعة هى الأقدر على جلب الملايين، فلماذا المجازفة بتغييرها، لذلك ليس هناك داع للتغيير من التوليفة حتى لا «تخرب»، والحقيقة أنه كان أمرًا فى غاية الاستفزاز، ولكن الحمد لله لأننى كنت أفكر دائما وبشكل زيادة عن أى زميل آخر فى المجال نفسه، قررت أن أقوم بوقفة مع نفسى ولاحظت أنني مع تقديمى لأفلام من نوعية «همام فى أمستردام»، «صعيدى فى الجامعة الأمريكية»، و«بلية ودماغه العالية»، أقوم بتوريط نفسى فى قولبة لست راضيا عنها».
• قرار صائب
وهنا اتخذ خالد قرارا أكد أنه قام بدفع ثمنه، هذا القرار هو الاكتفاء من هذه النوعية من الأعمال والبحث عن مناطق أخرى بداخله، وهنا يقول: «جاءت إلى أفلام تنتمى إلى النوعية نفسها وللأسف اعتذرت عنها ليس بسبب الأشخاص وإنما نظرا للنوعية التى تنتمى إليها، ورغم أننى كنت مازلت وقتها بحاجة إلى الخبرة والمادة، إلا أننى كنت على إصرار تام أن أظل على موقفى، والمدهش فى الأمر أننى لم أنتظر بالصدفة طويلا، ففى عام واحد قدمت ثلاثة أفلام، لتكون بداية الاطمئنان أن قرارى كان صحيحا، والحقيقة أننى منذ تلك اللحظة وليس لديّ عمل شبه الآخر، فأنا دائم العشق للتجريب، فقد كنت محظوظا بتقديم «أصحاب ولا بيزنس»، «خمسة وخمسين إسعاف» و«أفريكانو» فى عام واحد، حيث نجح كل منها فى تقديمى بشكل مختلف، حتى أصبح اسمى مطروحا أيا كانت نوعية الفيلم، فى تلك اللحظة فقط أدركت أننى كنت محقا فى قرارى، فعلى الأقل نجحت فى تنفيذ خطتى، حيث الهروب من القولبة، فقد كنت دائم التفكير ماذا إذا استيقظت من النوم فجأة وإذا بالسائد يتغير والسينما لا صلة لها بالكوميديا»؟!
• تنوع حاد
منذ تلك اللحظة وخالد حماد حريص على هذا التنوع الحاد، فهو نفسه من قام فى عام واحد بتقديم موسيقى كل من «كابتن مصر» و«بتوقيت القاهرة»، وغيرها من الأعمال التى دفعت الجميع للتساؤل عن هوية خالد الموسيقية ومن وقتها والسؤال الأشهر بالنسبة له: من هو خالد حماد ؟! وهنا يبتسم خالد حماد قائلا: «لطالما أضحكنى هذا السؤال، فالقصة باختصار فى تلك الوقفة التى وقفتها مع نفسى، فهى التى نجحت فى تسويق الباقى من مشوارى، ولكن هذا فى إطار من الرعب والسعى ودفع الثمن، فأعمالى هى التى جعلت هناك ثقة، أيضا أفكارى والدليل أننى عندما قمت بدراسة السينما وفوجئت بالكثير من العروض التى تنهال عليّ لإخراجها فى سن مبكرة للغاية، فما هو إلا مجرد إحساس بفكر الشخص الذى أمامهم وتصورهم لما يستطيع تقديمه، هو الذى دفع بهم لعرض أعمالهم لإخراجها وأنا ما زلت فى البداية.
• التلحين
«بصراحة شديدة ظلت الصدمة تطاردنى لفترة طويلة، وبناء على علم النفس كأننى أنتقم، ولكن الآن الوضع أصبح مختلفًا، ففى الماضى كان هناك محرك يحركنى، عقب موقف جميع المطربين من التعاون معى، أما اليوم فهم جميعا أصدقائى، وللعلم فقد حاولت كثيرا تعويض ذلك من خلال المواهب الشابة الحالية».
• حنين
«أما بالنسبة لى فقد حاولت تعويض الأمر من خلال الأغانى التى أقدمها من خلال الدراما، فأنا دائما لديّ حنين للأغانى بالضبط مثلما يكون لديّ حنين للموسيقى البحتة، خاصة أننى الآن تخلصت أخيرا من فكرة الرفض لمجرد الرفض، وللعلم لم يكن من أحلامى على الإطلاق أن أصل لواحد بالمائة مما وصلت اليه، لذلك لم أندم يوما على خطوة فى حياتى الفنية، أو على موقف تعرضت له، أو صدمة عرقلت مسيرتى لبعض الوقت. فكل هذا مكتوب وأنا مؤمن بذلك ولسبب ما حدث، والحمد لله أعتقد أن السبب أصبح واضحا وأنا راضٍ عنه للغاية، فأنا إنسان واقعى ومؤمن أن كل عمل مهما كان بسيطًا فهو طوبة تم وضعها لوضع طوبة أخرى فوقها وهكذا.
• عمارة يعقوبيان
كان قد سبق له العمل مع المخرج مروان حامد من خلال الفيلم القصير «لى لى»، تلك التجربة التى كانت بمثابة الحلم بالنسبة  للمخرج مروان حامد، التى من أجلها قام باختيار كل فرد من أفراد فريق العمل بدقة شديدة، حيث كل فرد من الممكن أن يقدم الأفضل فى مجاله، وهنا يقول خالد: «بالمناسبة فجميع من عمل فى «لى لى» هم من فريق عمل «عمارة يعقوبيان»، فقد كانت الشلة نفسها التى كانت على استعداد تام لفعل المستحيل لتقديم فن بعيد كل البعد عن السائد، لذلك عندما قررنا تقديم «لى لى» لم نهدف للمكسب المادى، فقد كان الهدف الرئيسى الذى شجعنا جميعا هو إصرارنا على تقديم عمل جيد يتم تنفيذه بشكل مميز يمثل مصر فى أشهر المهرجانات، وبالفعل سافرنا بلجيكا وطبعناه هناك، وقد كان من وجهة نظرى فيلمًا محترمًا حصد جوائز كثيرة، استطاع أن ينقل مروان إلى مكانة أخرى وتقديم نفسه بالشكل الذى جعل أول أفلامه هو «عمارة يعقوبيان»، حيث فيلم بهذا الحجم، ولعل الفضل فى ذلك عقب ربنا يعود لـ «لى لى»، ونفس الشىء بالنسبة لى فقد كان مروان حريصا بشكل دائم على أن ينقل إلى الصدى الذى حققته الموسيقى وقتها فى مختلف بلدان العالم، والجدير بالذكر أننى حصدت جائزة الدولة التشجيعية وقتها، على الرغم من أننى لم أقم بالتقدم من أجلها، ولكن الفضل يعود لكل من المخرج داود عبد السيد والموسيقار راجح داود أستاذى وصديقى، فقد كان أحدهما ضمن لجنة التحكيم وكان من المفترض أن الجائزة يتم تحديد صاحبها فى تخصص ما، وبالصدفة كانت هذا العام عن الأفلام القصيرة وكان المتقدم دون المستوى وبناء على اللائحة التى تسمح بذلك تم ترشيح اسمى، وبالفعل حصدت جائزة عن أعمالى ولكن بشكل كبير بسبب «لى لى».
• أوان الورد
عقب «لى لى» أيضا قدمت أول عمل تليفزيونى وهو مسلسل «أوان الورد»، للكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج الكبير سمير سيف وأول عمل درامى لى، وذلك بناء على رغبة وحيد حامد الذى شاهد «لى لى»، ليمنحنى الثقة وبالتالى عندما تم ترشيحى لتقديم موسيقى «عمارة يعقوبيان»، لم يتردد نظرا للثقة الموجودة بيننا، فقد كنا جميعا من خلال هذه التجربة نسعى لتقديم عمل حقيقى لذلك خرج للنور فيلم حقيقى.
• يسرا
بمناسبة الحديث عن «أوان الورد» الذى كانت تقوم ببطولته النجمة يسرا فقد تحدث خالد عن مرحلة خاصة فى حياته جمعته بتلك الفنانة من خلال نخبة من الأعمال الناجحة فى مسيرته الموسيقية، وهنا يقول خالد: «هذه الفنانة أنا أعشقها وأعشق فنها، فقد كنت محظوظا أننى قدمت معها أعمالاً مختلفة، فمعها كان أول فيلم، ومعها قدمت «عمارة عقوبيان» و«ملك روحى» و«لقاء على الهوا» و«أوان الورد» و«بالشمع الأحمر»، «خاص جدا»، وغيرها من الأعمال الناجحة التى جمعت بينى وبين نجمة عظيمة وقوية، فقد كان ولايزال مسلسل «أوان الورد» يتحدث عنه الكثير، فمن خلاله نجحت فى كسر حاجز الخوف وشعرت برهبة التليفزيون الأولى، وذلك لما حققه من صدى، فالجميع بدأ يتساءل: أين كنت ؟! فقد كنت منشغلا فى السينما، كأننى اختراع ولكننى للأسف ارتكبت الخطأ الذى كسرته عقب ذلك، حيث تكرار العمل مع فنانين بعينهم، حيث القولبة، وهنا قررت على الرغم من  السائد الذى كان 99 % من موضوعاته اجتماعية والذى كان يفرض نوعا محددا من الموسيقى، عن عمد تقديم «النساء قادمون» عقب «أوان الورد» وثانى عمل تليفزيونى، الذى لم يكن يشبهنى على الإطلاق، ولكنه للأسف لم يحقق الصدى الملائم وقتها، نظرا لأنه كانت هناك موضة أخرى هى السائدة، ولكن هذا لم يغير شيئا مع موقفى فقد كنت حريصًا على تقديم اليمين والشمال».
• الزعيم
رغم اقتناعه التام باختلاف كل من العملين إلا أنه عقب تقديمه لكل من «العراف» و«صاحب السعادة» قرر حماد إيقاف العمل مع الزعيم مؤكدا أن الأمر ذو صلة بمبدأ التنوع الذى يسعى من أجله على مدار مشواره الفنى حيث أكد لنا: «رغم أن مسلسل «صاحب السعادة» يختلف كثيرا عن العراف وبالتالى اختلاف موسيقى كل منهما، فبالنسبة لـ«صاحب السعادة» فهو عمل كوميدى بلا موضوع من وجهة نظرى، أما «العراف» فقد كان واضحا ثقل موضوعه وبالتالى ثقل الموسيقى الخاصة به التى تختلف كثيرا عن موسيقى «صاحب السعادة»، إلا أن هكذا جاء قرارى ولكن هذا لا ينفى حقيقة مؤكدة وهى أنه فخر لى أن أعمل مع فريق عمل مميز من نجم كبير بحجم عادل إمام، إنتاج، ومخرج، حيث رامى إمام الذى أصبحت أتفاءل به، لما لديه من روح حلوة دائما ما تظهر على أعماله سواء كانت أعمالاً كبيرة أو صغيرة».
• أمير الظلام
حالة خاصة ودفعة بالنسبة لى، فيلم كوميدى ولكن موضوعه فى غاية الأهمية، من بطولة الزعيم، وبالتالى فهو باختصار محطة، هكذا عبر لنا حماد عما تمثله له تلك المحطة الموسيقية حيث قال: «من خلاله كنت فى غاية القلق، فمن خلال رامى إمام وأصدقائه الذين كنت قد سبق لى الالتقاء بهم فى استوديو الدور الحادى عشر الذى تعلمت فيه الكثير، حتى أصبح الاستوديو الخاص بى، فقد جاءوا لتسجيل أعمال خاصة بهم ولم أكن أدرك أن رامى نجل الزعيم، بعدها توالت زياراته للاستوديو لتسجيل أعماله إلى أن بدأ فى العمل على «أمير الظلام» لأفاجأ به يطلب منى تقديم موسيقاه، والحقيقة أننى كنت مندهشا من ثقة رامى والزعيم فيّ، فالمنطق يقول إن من حق الزعيم وضع ثقته فى أشخاص بينه وبينهم ثقة وذلك للتخفيف من قلقه على أحدث أعماله، ولكن نظرا للمدرسة الكلاسيكية التى يسير وفقا لها الزعيم فهو لا يتدخل ولا يعترض على فريق العمل، فقد وقع اختيار رامى عليّ ولأن عادل إمام فنان محترف، فمثلا فيلم «عمارة يعقوبيان» مروان حامد هو من قام باختيارى وهكذا فهو فنان مدرك دوره أين يبدأ وأين ينتهى، وللعلم هذا نظام يسير وفقا له جميع العظماء على سبيل المثال النجم نور الشريف والنجم أحمد زكى وغيرهم مما حالفنى الحظ بالعمل معهم».
• معالى الوزير
«العمل الوحيد الذى جمعنى بالفنان الكبير أحمد زكى، وهو محطة مهمة فى مشوارى وشرف لى أنه جمعنى بالنجم أحمد زكى، وهو شبه الفيلم الأخير له، فقد كتبه السيناريست وحيد حامد ومخرجه أستاذى سمير سيف، اللذان وضعا ثقتهما الغالية فيّ، ولكن وللأسف لم يحالفنى الحظ للقاء النجم أحمد زكى إلا مرة واحدة، كانت مجرد صدفة، داخل مكتب المخرجة إيناس الدغيدى ولم يستطع التعرف على وقتها، وقد دار بيننا حوار ونقاش ولكن لا صلة له بالفيلم».
• معهد السينما
جاء التحاقه بمعهد السينما فور انتهاء دراسته فى الكونسرفتوار، وقد جمع وقتها بين أولى معهد سينما وأولى دراسات حرة فى الكونسرفتوار، ولكن للأسف لم يستمر الأمر لفترة طويلة، وهو ما فسره حماد قائلا: «فقد حضرت بالفعل ترم أول مع أسماء عظيمة وكنت بلا مبالغة من الطلبة المتميزين، فقد كنت حريصًا على الدراسة لأنها من وجهة نظرى هى الدافع، إلى أن جاء امتحان الترم الأول فى معهد السينما والكونسرفتوار فى اليوم نفسه والساعة نفسها، لذلك اضطررت لطلب استثناء ولكنه تم رفضه، فقد كان من المفترض أن يلقى هدفى تشجيعا من الجميع لما أسعى من أجله فى خلق قسم جديد قد يقدم الكثير فى كلا المجالين، ولكنهم للأسف رفضوا، فما كان على سوى التضحية بالموسيقى».. ويواصل حماد حديثه: «فقد كانت الفرصة الأخيرة لى بالنسبة لمعهد السينما ولم أكن مستعدا للتخلى عنها، كما أن هذا الموقف العدائى كانت نتيجته أننى لم أدخل معهد الكونسرفتوار منذ عام 1995 حتى العام الماضى فقط فقد اضطررت للدخول لأن شقيقتى كانت تناقش الدكتوراه وكان ينبغى على الحضور لتعويض غياب والدى، ولكن هذا لا يعنى أننى غفرت كم المعاكسات والمآسى التى تعرضت لها، مثل خلق مشكلة لعرقلة هدفى فى الجمع بين قسمين، فقد جعلونى أترك الكمان بحجة أننى طويل وأنه من الممكن أن أعزف فيولا، تلك الآلة، التى أحترمها ولكننى لا أهواها، ولذلك قررت أن أستقيل من الوتريات عقب خمسة عشر عاما والاكتفاء بالتأليف الموسيقى».
• الكمان
يرى أنه عازف فاشل لا يستحق أن تسلط عليه الأضواء ويجتمع خلفه أوركسترا ضخم وأمامه بيانو لتقديم حفل يحضره المئات والآلاف، فهو يرى شقيقته الأكثر مهارة للقيام بتلك المهمة وأيضا شقيقه، والنتيجة صانع موسيقى أمهر من عازف، على الرغم من أن الأمر لا يتطلب منه سوى بعض التركيز ليصبح أفضل، ولكن نظرا لتشتته الدائم فى الكثير من المجالات، وهو ما يتعارض مع الموسيقى التى تحتاج إلى تفرغ، قرر أن يبقى الأمر على ما هو عليه ولكن هذا الأمر لا يتعارض مع حقيقة واضحة، هذه الحقيقة مدى عشق حماد لآلة الكمان، الذى بدأ منذ الصف الثالث الابتدائى وهنا يقول: «هى بالنسبة إلى واحدة من أجمل الآلات، وبالنسبة لى فهى مكتوبة لدى دائما باحتراف، فالفارق دائما يبدو واضحا عندما أكتب وأنا متعمق فى الآلة، هذا على سبيل المثال على عكس آلات النفخ، التى عادة أستشير الأفضل منى فيها، فأنا لا أجرؤ أن أعزف الكمان وأنشذ، فأنا على دراية تامة بعالمها، فأنا باختصار أكتب الوتريات بعلم، ولا مجال بالنسبة إلى للتجريب».
• الإخراج
«دون الموهبة لن أتقدم خطوة إلى الأمام، أما الدراسة، فهى تضعنى فى مكان آخر خاصة إذا كنت حريصا على دراسة ما حول الموسيقى»، هكذا اختتم معنا الموسيقار الكبير خالد حماد حديثه معنا مؤكدا: «من الصعب الاستغناء عن واحد من ثلاث الموهبة، الدراسة والخبرة، فأنا على سبيل المثال عندما التحقت بمعهد السينما عرض على الكثير من الأعمال لإخراجها، هذه العروض من وجهة نظرى كانت مفاجأة بالنسبة ليّ، ولكنها بالتأكيد كانت تنم عن أن هناك تفاؤلاً وثقة وأملاً أننى سأقدم شيئا جيدًا، فقد كان القائمون على السينما يقومون بذلك بالقياس لما قدمته فى الموسيقى، وكان ذلك ينم أيضا عن الجمع بين الموهبة والخبرة والدراسة، هذا المثلث هو أيضا الذى لعب دوره على أكمل وجه عقب تخرجى، وتحديدا عندما بدأ البعض يقومون بعرض بعض الأعمال عَلى لإخراجها، إلا أن معظم السيناريوهات كانت دون المستوى، وهنا لم أغفل أننى كموسيقى كانت هناك أفلام قمت بوضع الموسيقى لها، ولكننى كنت للأسف أسخر منها، لذلك لم يكن من اللائق أن أقدم كمخرج نفس النوعية من الأعمال، التى كنت أسخر منها كموسيقى، فأنا قدمت أكثر من أربعين فيلما، وللأسف ما أقدره وليس فى المطلق القليل، فقد كانت ولا تزال أكبر نقطة ضعف فى السينما المصرية هى الورق، فأنا مازلت أتذكر المنتج الكبير محمد حسن رمزى وأنا أجلس أمامه وهو يقوم بعرض أحد السيناريوهات عليّ لإخراجها، والتى بالفعل قمت بقراءتها، لأقوم بعدها بالاتصال به لسؤاله: هل قمت بقراءة السيناريو؟ ليجيب عليّ: لا، وهنا لم أتردد فى الاعتذار منه، قائلا له: إذا كنت تريد أن تخسر، قم بإنتاج هذا الفيلم، ربما كان حديثى صادمًا، ولكن النتيجة أن مكانتى أصبحت أكبر عقب هذا الموقف لديه، فمن المفترض أن أطير من الفرحة بهذا العرض، ولكن ماذا إذا قلت لا لأسباب ما ؟! وهكذا، فقد تكرر الأمر كثيرا بالنسبة لى سواء مع الفنان سامى العدل أو المنتج محمد العدل وغيرهما، وأيضا مع الكثير من الممثلين وعلى رأسهم الفنان هانى رمزي صديقى، الذى أعشقه على المستوى الشخصى وإن كنت للأسف أيضا لم أتردد فى رفض الفكرة المقتبسة التى قام بعرضها عليّ لإخراجها، ولعل مبررى وقتها  لماذا لا نكتب؟! ولماذا نقتبس؟! فدائما وأبدا ستظل الثقافة المصرية تختلف كثيرا عن الثقافة العالمية وبالتالى الضحك.•