متوحشون «سلمى حايك» صرخة ضد الكبت والفسـاد والسياسـة

صباح الخير
[if gte mso 9]>
فعلتها «الملعونة» سلمى حايك وقدمت لنا أحلى أدوارها ووجها جديداً فى «متوحشون» والذى تظهر فيه جنبا إلى جنب مع كل من تايلور كيتش، وجون ترافولتا، وآرون جونسون، وإميل هيرش، وبينيثيو دل تورو، ودميان بشير، وبلايك ليفلى وآخرين.
علاقة غامضة بين بيلاك ليفلى و تايلور كيتش و ارون جونسون
أداء مذهل لسلمى حايك كامرأة فى غاية القسوة والعنف والعناد والكفر والتحدى والرغبة فى التشفى والانتقام وقهر وسحق كل من يقف فى طريق تجارتها الرابحة جدا فى ترويج المخدرات بين المكسيك والولايات المتحدة.
أيضا من ملامح شخصيتها أنها تلعب دور الأم الحنون لابنة وحيدة لها بعد مقتل مجمل أسرتها الزوج والأبناء، فهى فى منتهى الضعف والوحدة والحب الذى بلا حدود للابنة دائمة الهروب والعار من لقاء أمها، وفى الوقت ذاته فهى المرأة الفولاذية التى لا ترحم والتى تستطيع بسهولة أن تأمر بالقتل.
وعقب العرض الخاص للفيلم فسرت لنا سلمى حايك سر هذه الدراما والتناقض فى شخصيتها بالقول:
ما يجعلها امرأة معرضة للضعف أحيانا أنها أم، لكن فى معظم الأوقات فهى تتصرف بقوة وحزم، والكثير من تصرفاتها لأجل حماية ابنتها، كل ما تقوم به من جرائم يندرج تحت الرغبة فى المحافظة على اسم العائلة ومستقبلها وبدافع من الحب. هذا هو الجانب المركب من شخصيتها. وكان عليها بعد مقتل زوجها وولديها وعدد كبير من العصابة أن تثبت للجميع أنها ذات قوة إرادة وبطش وإلا خسرت نفسها وخسرت عائلتها.
وأضافت حايك: كلنا ربما قابلنا مثل هذه المرأة القوية التى قد تخيفنا أو تثير إعجابنا. شخصيات لا تستطيع أن تنساها وربما لاحظتم أننى حافظت على تسريحة الشعر نفسها طوال الفيلم، ولم أبدل العقد حول عنقى مطلقا. سألنى المخرج أوليفر ستون مثلا لِم لا أغير العقد أو التسريحة فقلت له: لا، لا. على أن أترك الطابع الواحد لأجل خلق شخصية أيقونية تبقى محفورة فى الذاكرة.
أحببت هذه الشخصية، وكان لدى الكثير من حرية الاختيار على صعيد كيف ستظهر على الشاشة ولماذا على هذا النحو أو ذاك. لكن هذا الاختيار لم يأتِ عن طريق تسليمى حرية القرار أيضا. لقد عارضنى المخرج كثيرا، ولكنه للحق كان دائم النقاش معى فى اختياراتى، واستطعت إقناعه.
أوليفر ستون جيد جدا فى هذا الشأن. يريد منك أن تقنعه وبالتالى أنت الذى تجادله وليس هو. وهو بالطبع من حقه أن يسأل وإذا أراد أن يفرض، وهو سأل وناقش ووجدنى مقنعة جدا.
ولا شك أن أوليفر ستون كان يعرف أن دور حايك كان رئيسيا ومحوريا ولا يمكن تغييبه فى حين أنه قرر الاستغناء بالكامل عن ممثلة أخرى معروفة هى «أوما ثورمان» التى لم تظهر فى هذا الفيلم بعدما تم حذف كل مشاهدها فى غرفة المونتاج «يقول المخرج أنه كان عليه أن ينجز الفيلم فى نحو ساعتين، ودور ثورمان بدا إطالة يمكن الاستغناء عنها».
ويدور موضوع «متوحشون» فى مدينة لاجونا بيتش الرائعة بموقعها الساحر وشواطئها الخلابة حول أمريكيين ناجحين فى زراعة الماريجوانا خفية تحت رعاية وحماية بعض رجال مكافحة المخدرات فى كاليفورنيا.
أصحاب المشروع هم بن «آرون جونسون»، وهو بوذى ومسالم ويتبنى ويتبرع لبعض الأعمال الخيرية وخاصة لرعاية الأطفال فى العالم، وجون صديق عمره وهو كان أحد أعضاء البحرية الأمريكية وخبير سابق بالمرتزقة، ونجح الاثنان فى ترويج وتشغيل سلعة مربحة للغاية من أى وقت مضى، وهى صناعة محلية من أفضل أنواع الماريجوانا فى العالم. إلا أنهما يشتركان أيضا فى حب واحد مع امرأة فريدة من نوعها وفى جمالها الاستثنائى هى أوفيليا.
ويعيش الثلاثة الحياة المثالية الراغدة فى بلدتهم الجميلة بجنوب كاليفورنيا.. إلى حين تغير عليهم إحدى عصابات كارتل «باها» المكسيكية بقيادة («إيلينا» سلمى حايك) بهدف السيطرة على تجارتهما وتقررالعصابة فجأة الانتقال إلى لاجونا بيتش وتطالب الشراكة معهم وذلك بمساعدة وكيل إدارة مكافحة المخدرات الفيدرالى دينس «ترافولتا» ونصائحه المتكررة لهم بعدم شن حروب يستحيل الفوز فيها على عصابات كارتل المكسيكية للمخدرات وخاصة عصابة «إيلينا» التى لا ترحم.
على الرغم من الجهود الجبارة والمنسقة بعناية شديدة التى بذلها أوليفر ستون لتقديم مضمون للعمل فى الدقائق الخمس الأخيرة من 721 دقيقة، «المتوحشون» يعد أقوى أعمال أوليفر ستون فى السنوات الأخيرة، وهو فيلم عنيف بقسوة وأنيق فى نفس الوقت، وحافل بالإجرام وإثارة الهلوسة والذعر، والشعور الشيطانى بالنكتة على حد سواء. إنه عمل لا مكان فيه لضعاف القلوب منتهى العنف الوحشى المروع، الأبطال هم تجار ورجال أعمال من نوع خاص وتفاعلاتهم مع عصابات كارتل للمخدرات المكسيكية التى تدير أعمالهم بدموية خالصة مثل العناوين الرئيسية يجب أن تصدق. الرؤوس تقطع وتتفجر وتلقى بعيدا وتنزع العيون بقسوة. وأدوات الذبح المناشير. الافتراض المعمول به وهو موقد اللحام الشديد الواقعية وهو النهج الوحيد الذى أستخدمه أوليفر ستون ليكون مناسبا لهذا الموضوع.
وهنا نذكر بأن إذا لم يكن «دل تورو» فى «المتوحشون»، فإن هذا الفيلم سيكون أقل مستوى بكثير من ذلك، فهو يلعب الدور بشخصيته الإجرامية الذكية الحافلة بالقسوة والخبيث وأداؤه لشخصية «لادو» بشكل فكاهى هو الاختلاف على أداء القاتل خافيير بارديم فى فيلم «لا بلد للعجائز»، وأفضل وسيلة لمتابعة الطرق المتعرجة للقصة والازدواج والإثارة هو إبقاء العين على الثعلب الطريف.
وتبقى الرسالة الغريبة التى أراد أوليفر أستون بثها بقوة عبر «المتوحشون» من خلال كمية الجنس الصارخ والفاضح وغير المبرر لأوفيليا مع صديقيها بن وجون ومواقف الجنس المشتركة والمتبادلة بشراهة وتلقائية شديدة وصدق مدهش بين الثلاثة والترويج والتأكيد على النبرة الحالمة من خلال الأبطال، ما الخطأ فى ذلك، مجرد رجلين وامرأة يجمعهم الحب والصداقة دون التهوين من شأن وخطورة الرسالة وبطريقة سمحت لنا أن نعرف أن الرسالة ليست وردية وذكية وبسيطة كما كان أوليفر ستون يعتقد، بل جاءت بنتيجة عكسية عبر العنف الوحشى المروع والأوضاع الجنسية الفاضحة والمحشورة بلا معنى لأمراة بين رجلين، ناهيك على مشاهد تعاطى المخدرات، واللغة الهابطة جدا فى مجمل مشاهد الفيلم.
وربما أوليفر ستون كان مشغولا باستمرار بإطلاق الصواريخ على الفساد والعنف وكبت الحريات والتلميح السياسى لأجندة الحقوق الجنسية وحرية بيع وتعاطى المخدرات التى انحاز لها على طول فيلم درامى وواقعى وصادق فى دمويته، وليس عن طريق الترويج للعنف، ولعله لذلك ظل طوال الفيلم يدير بنجاح الرؤية المزدوجة التى تتيح لنا التعامل مع جميع الشخصيات أثناء وقوفه منها على مسافة واحدة. أجمل ما فى فيلم «المتوحشون» سلمى حايك، وجون ترافولتا، وبينيثيو دل تورو، أداء عبقرى خارق استحق الإعجاب والانحناء وحاز التصفيق الحاد.
تايلور كيتش وارون جونسون
تايلور كيتش و جون ترافولتا
المخرج اوليفر ستون