وزارة الصحة.. سلمت المواطن لشركات الدواء!

صباح الخير
انتقادات حادة تعرض لها قرار رفع أسعار الدواء رخيصة الثمن بسبب عدم وجود جدوى اقتصادية لها وأثره السلبى الذى سيقع على كاهل المواطن وتلاعب البعض من أجل الاستفادة من ورائه دون النظر إلى أى اعتبارات إنسانية.
وعلى الفور بدأت بعض الصيدليات فى تغيير أسعار الدواء رغم أنها وصلت إليهم بالأسعار القديمة دون زيادة ولكن لا مانع فى الحصول على مكاسب إضافية طالما أن الرقابة لم تكن صارمة عليهم.
• قرار ظاهره الرحمة
تعالت الأصوات المطالبة بضرورة رفع أسعار الدواء من أجل دعم شركات الدواء خاصة التابعة للقطاع العام وإنقاذها من الخسائر المتلاحقة التى تعانى منها نتيجة بيع الدواء بسعر يبلغ أحيانا جنيهًا واحدًا أو جنيهين، وذلك كى تصمد أمام الغول المتمثل فى بعض الشركات الخاصة الكبيرة والتى تملك الإمكانيات الضخمة، حيث تجد فى مصر سوقا رائجة لبيع منتجاتها بأسعار لا تراعى فيها المواطن البسيط دون النظر لأى اعتبارات إنسانية، وكانت شركات قطاع الأعمال بحاجة إلى رفع الأسعار وهو ما حدث بالفعل، حيث زادت الأدوية التى كان سعرها يتراوح من جنيه وحتى عشرة جنيهات بواقع جنيهين.. أما الأدوية التى يتراوح سعرها من 11 جنيهًا وحتى 20 جنيهًا فقد زادت بمقدار ستة جنيهات ونفس الزيادة بالنسبة للأدوية التى التى يتراوح سعرها من 21 جنيهًا وحتى 30 جنيهًا.
وبات القرار ظاهره الرحمة متمثلا فى منح شركات القطاع العام فرصة لتحقيق بعض المكاسب ولكن باطنه العذاب بعدما زادت أسعار أصناف لا تستحق الزيادة تنتجها الشركات الأجنبية بأى حال من الأحوال وتحقق الشركات الخاصة منها أرباحا طائلة وبالتالى كان القرار عشوائيا ويخدم بعض المصالح.
• قرار عشوائى
اعتبر الدكتور محمد عزالعرب أستاذ الكبد والمستشار الطبى للمركز المصرى للحق فى الدواء أن القرار عشوائى بسبب شموله أصنافًا دوائية تتبع الشركات الخاصة لا تستحق الزيادة وتحقق أرباحا طائلة من ورائه.
وأشار عزالعرب إلى أن القرار منصف بالنسبة للأدوية التابعة لقطاع الأعمال التى تحقق خسائر كبيرة وصلت إلى 200 مليون جنيه تقريبا فى العام الماضى بسبب إنتاج الدواء بأقل من سعر التكلفة لخدمة المواطن البسيط ولكن من غير المعقول أن يجرى إقحام أصناف تحقق أرباحًا كبيرة بالنسبة للشركات الخاصة ليرتفع سعرها بمقدر ستة جنيهات دون وجه حق.
وأبدى عزالعرب اعتراضه على الشريحة الثالثة من القرار التى تشمل الأدوية من 20 جنيهًا وحتى 30 جنيهًا التى تضم حوالى 4 آلاف صنف تنتجها شركات القطاع الخاص أو التابعة لبعض الشركات الأجنبية، وأضاف عز العرب إن هناك صنفا أصبح سعره يتجاوز 30 جنيها وتكلفته لا تتعدى ستة جنيهات بأى حال من الأحوال وهو أحد المكملات الغذائية التى يتناولها مرضى الكبد ولم يسترع ذلك انتباه المسئولين.
وأوضح عزالعرب أنه كان يجب أن تجرى زيادة الأدوية بطريقة عادلة بحيث يجرى بحث كل صنف على حدة وهامش الربح المخصص له وبالتالى كان سيجرى تفادى المأزق الذى أصبح المواطن البسيط يعانى منه.
واستكمل عز العرب حديثه أن الكثير من المواد الخام العالمية التى يجرى استيرادها من أجل صناعة الأدوية انخفض سعرها بشكل ملحوظ نتيجة انتهاء المدة المتعلقة بحماية الملكية الفكرية والغريب أن هذه الأصناف تراجعت فى السوق العالمية ما عدا مصر وجاء القرار ليرفع من الأرباح المخصصة للشركات التى تنتجها ولا يمكن التذرع بأن أزمة الدولار سبب رئيسى فى رفع السعر بالنسبة لكل الأصناف لأن هناك بالفعل مركبات انخفض سعرها عالميا.
واعتبر عزالعرب أن إطلاق التسعيرة الجديدة للأدوية كان بمثابة الصدمة الكهربية التى تلقاها المواطن البسيط بشكل مفاجئ لتزداد أسعار الكثير من الأصناف التى كان يحصل عليها فى الوقت الذى كان يأمل فيه فى الحصول على دعم حقيقى فى المجال الصحى.
وقال عزالعرب إن بعض الصيدليات قامت بتغيير أسعار الدواء للسعر الجديد بخط اليد مستفيدة من القرار الذى جرى سريانه وقت الصدور مما ساهم فى تحقيقها لأرباح طائلة فى أيام قليلة لاسيما أن الاستفادة ستزداد إذا كانت بعض الصيدليات الكبرى لديها مخزون كبير من الأدوية جرى شراؤه فى وقت مبكر والاحتفاظ به فى حين رفضت الصيدليات التى يديرها أصحاب الضمير زيادة الأسعار على الأصناف القديمة حتى تنفد بشكل نهائى كنوع من الدعم للمواطن.
ورفض عز العرب بعض الآراء التى قالت: إن أسعار الدواء لم تتحرك منذ عام 1992، حيث إن لجنة التسعيرة داخل وزارة الصحة تجتمع كل فترة وتستقبل تظلمات الشركات بشأن الأسعار وتقوم بالاستجابة إلى بعضها.
وأضاف عزالعرب إن القرار جرى إخراجه بشكل سيئ من رئاسة الوزراء وأنه يناشد رئيس الجمهورية التدخل من أجل التخفيف من على عاتق المواطن البسيط الذى فوجئ بارتفاع أسعار الكثير من الأصناف دون مبرر اقتصادى.
• خارج حدود المنطق
أكد هيثم الحريرى عضو لجنة الصحة بمجلس النواب أن الواقع يقول إن هناك نقصًا فى بعض أصناف الأدوية كذلك هناك خسائر تتعرض لها بعض الشركات من وراء إنتاج بعض الأصناف التى لا تحقق جدوى اقتصادية من ورائها خاصة القطاع العام، وأشار الحريرى إلى أن وزارة الصحة كان يحب أن تدرس كل صنف على حدة من حيث تكلفة الإنتاج وحجم المبيعات والخسائر المترتبة على هذا الصنف والمبلغ المحدد لرفع السعر وقيمة ما تتحمله الدولة ولكن ما حدث غير ذلك تماما، فصدر قرار عشوائى غير مدروس استفاد منه بعض مصانع الأدوية وأصحاب بعض سلاسل الصيدليات الكبرى وعدد من تجار الأدوية.
وتساءل الحريرى عن صدور القرار قبل يوم واحد من انتخابات غرفة صناعة الأدوية التى فاز فيها أحد أصحاب سلسلة صيدليات شهيرة الذى قد يصب فى صالحه وهل كان ذلك من قبيل الصدفة أم لا.
وشدد الحريرى على ضرورة إعادة النظر فى القرار ودراسته مرة أخرى من حيث وجود عدد البدائل والأصناف التى تحتاج إلى الدعم من جانب الدولة لأنه ليس من العدل أن يجرى اتخاذ قرار مطلق بزيادة الأدوية التى تقل عن عشرة جنيهات تزيد بمقدار جنيهين وهذا معناه أن هناك دواء سعره جنيه سيزيد بمقدار 200% وآخر سعره ثمانية جنيهات سيزيد سعره بنسبة 20% وهذا ليس من المنطق على الإطلاق.
وكشف الحريرى عن أن البعض تلاعب فى عدد حبوب الدواء بحيث يجرى إدخال بعض الأصناف فى الزيادة ولو ضربنا مثالا بأن عبوة دواء تحتوى على ثلاثة أشرطة وسعرها 80 جنيها فجرى إصدار عبوة تحتوى على شريط واحد قد يصل سعرها إلى 26 جنيها تقريبا وبالتالى سيشملها القرار وسترتفع بمقدار ستة جنيهات وبالقياس على ذلك فإن الكثير من الأصناف لا تستحق رفع سعرها، وأشار الحريرى إلى أنه يدرك مدى حالة الغضب التى أصابت المواطن من وراء القرار الصادر من رئاسة الوزراء بتعديل أسعار الدواء لأن أغلب عمله فى الشارع ويعلم مدى المعاناة التى يعيشها المواطنون بسبب زيادة الأسعار بشكل عام.
واختتم الحريرى حديثه بأن الصيدليات استفادت من القرار لأن هناك قرارًا صادرًا عام 2011 بتحديد ربح الصيدليات بنسبة 25% تقريبا من سعر الدواء بالنسبة للأدوية المصنعة فى مصر و 18% تقريبا إذا كان الدواء مستوردا من الخارج وكلما زاد السعر أصبح الربح أكبر فأصبح القرار يخدم الكثير من الأطراف ولكن المواطن هو الوحيد الذى تضرر من ورائه. •