الجمعة 6 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

عندما يتحول حق الصحفى إلى نقطة ضعف!

عندما يتحول حق الصحفى إلى نقطة ضعف!
عندما يتحول حق الصحفى إلى نقطة ضعف!


عندما يتحول ما يتقاضاه الصحفيون تحت مسمى «بدل التدريب والتكنولوجيا» إلى نقطة ضعف عند دخول «الجماعة الصحفية» فى أى أزمة مع أى طرف من أطراف الدولة، عندها يكون من الواجب أن نناقش موضوع «البدل الصحفي» ما بين كونه حقاً مكتسباً لكل صحفى هو عضو فى نقابة الصحفيين، أو أنه ميزة تحولت مع الوقت إلى «ورقة توت» تخفى خلفها الكثير من المشاكل والأزمات داخل المؤسسات الصحفية قومية أو حزبية أو مستقلة ليزايد المزايدون على موضوع «البدل الصحفي» يطالبون تارة بإلغائه ويطلبون مرات أخرى تقنينه لتتشكل الحكاية من وجهة نظرهم على كون «البدل» هو عطاء ومنة وهبة من الدولة إلى الجماعة الصحفية على مدار أكثر من ثلاثة عقود!!
 
بدأت حكاية «بدل التدريب والتكنولوجيا» فى أوائل الثمانينيات من القرن الماضى فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك وتحديدًا سنة 1984، حيث صدر أمر أن يتم صرف «عشرون جنيه» «20 جنيه» لكل صحفى يعمل فى المؤسسات القومية من أجل تطوير الصحفى ومهاراته مهنيًا وتكنولوجيا بما فى ذلك مهارات الكمبيوتر واللغات ويكمل الكاتب الصحفى صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة ويقول:
«الحقيقة كل دور المجلس الأعلى للصحافة هو استلام شيكات بدل التدريب والتكنولوجيا من وزارة المالية وتوزيعها على المؤسسات ولذا نجد بعض الصحفيين يتقاضى البدل من المؤسسات القومية وطبعًا هذا الصحفى هو صحفى لدى هذه المؤسسات، والبعض الآخر يتقاضى البدل من النقابة مباشرة، ومنذ بداية وجود «البدل» ارتبط بدعم الدولة لمرشحها فى الانتخابات الخاصة بنقابة الصحفيين، لذا كان النقيب الذى تدعمه الدولة فى سنة 1984 كان «إبراهيم نافع» فتم صرف العشرين جنيهاًَ لتحفيز الصحفيين على انتخاب مرشح الحكومة، وبالفعل فاز «نافع» برئاسة النقابة وبات فيما يشبه العرف يتم زيادة «البدل» فى كل انتخابات خاصة بنقابة الصحفيين لتدعم الدولة مرشحها فى الانتخابات ويفوز على خصمه، كان فى البداية تقوم المؤسسات الصحفية القومية برفع قيمة البدل الصحفى للصحفيين، وتم ذلك على مدار حملتين انتخابيتين للنقيب، ولكن مع الوقت اشتكى رؤساء مجلس الإدارة من عبء البدل على ميزانيتهم خاصة بعد مطالب الصحفيين الذين يعملون فى المطبوعات الحزبية والمستقلة بتطبيق صرف «بدل التدريب والتكنولوجيا» عليهم أيضًا، لذا سرعان ما تحول مصدر صرف «البدل للصحفيين» إلى وزارة المالية بعد شكوى المؤسسات الصحفية من تحمل البدل فى ميزانيتها وبعدها وجدت المؤسسات الصحفية الغنية نفسها مضطرة إلى المطالبة برفع ميزانية البدل من ميزانيتها فى منطق «اشمعنى أنا» ووجدت الصحف الحزبية والمستقلة نفسها أيضًا أمام مطالبة صحفييها أعضاء نقابة الصحفيين «بالبدل الصحفي» لتحقيق المساواة كل هذه العوامل أدت إلى تدخل الدولة وصرف البدل رأسًا من وزارة المالية إلى المجلس الأعلى للصحافة ومن ثم إلى المؤسسات القومية، وجزء من البدل يذهب إلى نقابة الصحفيين لتعطيه النقابة مباشرة لأعضائها الذين يعملون فى الصحف الحزبية والمستقلة.
• حق مكتسب
أما الكاتب الصحفى «أحمد رفعت» فيؤكد أن «بدل الصحفيين» مع الوقت تحول إلى حق مكتسب لا يجوز لأى كائن أن يلوح بإلغائه منذ فترة لأخرى ويكمل: الصحف الحزبية ظلت سنين طويلة يذهب إليها «بدل التكنولوجيا» على هيئة مراجع ودورات لتدريب الصحفيين حتى استطاعت هذه المطبوعات فى النهاية الحصول على البدل على هيئة أموال ليتم رفع البدل سنة 1997 من «ثلاثين جنيه» إلى «ثمانين جنيهاً» ، فى انتخابات النقيب الذى هو «إبراهيم نافع»، وبالطبع كانت تقف الدولة وراءه وتدعمه وتحولت الحكاية أن يصبح الدعم هو المكافأة اللذيذة التى تلوح بها الدولة عندما تريد أن يفوز من ترشحه وتدعمه على منافسه حتى وصل البدل الصحفى اليوم إلى «1400» جنيه!.. واليوم عند دخول الصحفيين فى أزمة مع الداخلية وجدنا بعضاً من برامج «التوك شو» يلوح مقدموها إلى ضرورة إلغاء «البدل الصحفي» للصحفيين، وأنه لا وجه حق أن يتم صرف هذا البدل للصحفيين وأن هذا البدل هو عبء على الدولة وعلى ميزانية الدولة وهنا يجب وقفة، لأن الكثيرين لا يعلمون أن هناك ضريبة تقوم الدولة بتحصيلها من كل الإعلانات التى يتم نشرها فى صحف مصر قومية وحزبية ومستقلة، وهذه النسبة كانت منذ سنوات طويلة تصل إلى (36%) من قيمة مجموع الإعلانات لكل مطبوعة وتم تقليل هذه النسبة منذ قرابة الأربع سنوات لتصل إلى (15%)!!
إذا جمعت فى حسبة بسيطة إعلانات كل المؤسسات الصحفية القومية والمؤسسات المستقلة والحزبية سنجد أن المبلغ هو مبلغ كبير جدًا جدًا وبعدها تقوم الدولة بإخراج نسبة لنقابة الصحفيين من المجموع الكلى لهذه الضريبة.
فنجد فى النهاية أن ما يتقاضاه الصحفيون تحت مسمى «البدل» هو أقل بكثير مما تجمعه الدولة من ضرائب على الإعلانات التى يتم نشرها فى الصحف والمجلات ليكون البدل الصحفى فى النهاية هو نسبة (2%) من نسبة (15%) هى الضريبة المالية على الإعلانات!
والحقيقة داخل المؤسسات القومية يتقاضى العمال والموظفون والإداريون جزءاً من «البدل الصحفي» رغم أنهم لا يعملون فى العمل الصحفى بشكل أساسى، ورغم أنهم ليسوا أعضاء نقابة صحفيين وهذا ما يثبت كلامى من أن البدل الخاص بالصحفيين هو جزء من حصول الدولة على نسبة من ربح الإعلانات التى يتم نشرها على مدار العام!.. كذلك نجد اليوم من يقول أن المؤسسات القومية عليها «ديون للدولة» كبيرة لذا ليس لديها أى حق فى الحصول على أى نسبة من الدولة فيما تجمعه من ربح الإعلانات وهذا الكلام مردود عليه أيضًا، لأن ليس هناك علاقة بين الديون التى هى على المؤسسات الصحفية للدولة وما تقدمه هذه المؤسسات من خدمة للوطن وللمواطن على حد سواء.
• قوانين النقابة
واليوم نقع كمجموعة صحفية فى مشاكل كثيرة والسبب الرئيسى أن قوانين النقابة منذ إنشائها وحتى الآن لم يتم تطويرها مع روح العصر ومتطلبات المهنة بل والمشاكل التى تواجه الصحفيين والعمل الصحفى، لأن مركزية الدولة فى الهيمنة على المطبوعات الصحفية دائمًا ما يشعر معها الصحفيون بالوصايا من قبل الدولة عليهم حتى تجربة الصحف الحزبية فى مصر لا نستطيع أن نقول أنها ناجحة خاصة فيما تمر به من أزمات، فنجد أن بعض هذه الصحف تم إغلاقه ونجد أيضًا أن بعض الصحف والمطبوعات المستقلة وقفت عن العمل وبات الصحفيون على الأرصفة لا يملكون إلا «البدل»، الذى يتقاضاه من النقابة فقط وهو لا يسمن ولا يغنى من جوع!!
يرى «خالد البلشي» عضو مجلس نقابة الصحفيين أن وجود لائحة للأجور منصفة هى أضمن من أى بدل يحصل عليه أى صحفى، وفكرة التلويح بإلغاء البدل الصحفى والتى بالمناسبة كانت فى حملة من الإعلاميين فى المحطات والبرامج ولم تكن بشكل رسمى أو من قبل أى مسئول فى الدولة وأعود وأقول إن فكرة التلويح بإلغاء البدل الصحفى هى فكرة خارج إطار القانون أصلاً، لأنه فى القوانين النقابية والعمالية فإن أى أجر يتقاضاه أى عامل فى الدولة ثلاثة أشهر متتالية يصبح حقاً مكتسباً لا يجوز إلغاؤه أو منعه لذا هذا «البدل» هو حق للصحفيين يحصلون عليه منذ سنوات وهو حق لهم نتيجة كل الأحكام القضائية التى تم رفعها فى السابق أمام المحاكم لإلغاء البدل ولم يتم إلغاؤه لذا نستطيع أن نقول أنه وضع ثابت بالأحكام القضائية والتلويح بإلغائه يجافى هذه الأحكام وقوانين العمل.
• أجر عادل ومنصف
بينما إذا أردنا الكلام السليم فإن أى صحفى يتمنى أن يحصل على أجر عادل ومنصف خاصة بعد أن وصل الصحفى إلى ذيل القائمة فى أجور العمال والموظفين فى مصر، لذا فإن القضية تحتاج إلى قوانين ولوائح خاصة بأجور الصحفيين وهذا هو الشغل الشاغل لمجلس النقابة الحالى الذى يقوم بدراسة أوضاع الصحفيين فى المؤسسات والمطبوعات الصحفية، وبالفعل قمنا بتشكيل لجنة خاصة بهذا الموضوع كانت تناقش هذه القضية مع أطراف فى الحكومة وكان ذلك قبل دخول الصحفيين فى أزمتهم الحالية مع الداخلية!.. وأيضًا لدينا دراسة لقانون موحد للصحافة والإعلام وفيه أيضًا مذكور قضية الأجور العادلة إلا أن القانون وحده لا ينظم هذا الأمر، لأنه يجب أن يتم وضع حد أدنى لأجور الصحفيين داخل كادر خاص بالعمل الصحفى مبنى على دراسات واضحة يدخل فيها كل أشكال تنمية الصناعة الصحفية وكل أزماتها ولذا نجد مثلاً أن الأجور الصحفية فى المؤسسات المستقلة والخاصة تكون أعلى من أجور الصحفيين فى المؤسسات القومية والحزبية لكن عند وضع قانون عادل يضمن للصحفى أجراً منصفاً مواكباً لمتطلبات الحياة والاحتياجات الخاصة بمعيشته، وهو ما نتمنى أن يغنى جميع الصحفيين عن «البدل الصحفي».
وفى النهاية أقول أن الأزمة بين النقابة حاليًا ووزارة الداخلية لم تؤثر فى أى موقف أو قرار رسمى خاص «بالبدل» بأى شكل من الأشكال بل على العكس تسلم مجلس نقابة الصحفيين منذ ثلاثة أسابيع تقريبًا شيك وقدره «50 مليون» جنيه ليتم صرفه على العلاج وعلى أمور أخرى داخل النقابة!•