السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

هل انتهى شهرالعسل بين الإخوان والمجلس العسكرى؟!

هل انتهى شهرالعسل بين الإخوان والمجلس العسكرى؟!
هل انتهى شهرالعسل بين الإخوان والمجلس العسكرى؟!


ضرب الرئيس محمد مرسى «كرسى» فى الكلوب بعد قراره بعودة البرلمان المنحل لممارسة اختصاصاته وإجراء انتخابات مجلس الشعب مرة أخرى خلال 60 يوماً من تاريخ موافقة الشعب على الدستور الجديد، وهو الأمر الذى يضع علاقة الرئيس ومن خلفه الإخوان المسلمين فى أزمة مع المجلس العسكرى الذى كان قد نفذ حكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان بحكم اختصاصاته الدستورية، وقرار الرئيس المفاجئ طرح أزمة قانونية ودستورية وجعلنا أمام مشكلة عريضة جانب منها يرتبط بشكل العلاقة بين الإخوان والمجلس العسكرى، والتى تفاوتت بين التوافق والاختلاف، والسطور القادمة تطرح شكل العلاقة بينهما فى قادم الأيام، وهل أصبح الصدام بينهما حتميا، أم أن السياسة تحل هذه الخلافات؟!
 
وسبق القرار ضغط الإخوان على المجلس العسكرى لإلغاء الدستور المكمل وأن تكون صلاحيات الدولة فى يد رئيس الدولة.. وبسبب كل هذه الصدامات انتهى شهر العسل بين الإخوان والمجلس العسكرى. ولكن هل انتهت العلاقة بينهما بطلاق رجعى كماهى العادة أم بطلاق بائن لارجعة فيه.
 

∎ بداية الصدام
 
بدأت الصدامات والخلافات تظهر بين الإخوان والمجلس العسكرى.. وقد ظهرت المناوشات بينهم عندما بدأت رغبة الأغلبية البرلمانية الإخوانية فى سحب الثقة من الحكومة وتشكيل حكومة ائتلافية، وهذا ما جعل المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى يتصل بالدكتور سعد الكتاتنى «حسبما سربت مصادر مقربة» مهددا إياه بحل البرلمان إذا سحب الثقة من الحكومة.. ولم تسكت جماعة الإخوان عن هذا التهديد بل أعلنت فى بيان لها أن طريقة تعامل المجلس العسكرى فى إدارة المرحلة الانتقالية تشير إلى رغبة فى إجهاض الثورة من خلال تيئيس الناس من قدرتهم على تحقيق أهدافهم أو تزوير الانتخابات فى مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع.. وكما نتذكر أيضا بيان الإخوان عندما قال إن المجلس العسكرى يتمسك بالفشلة والفاشلين. قاصدا حكومة الجنزورى التى أكدت أنها منحتها فرصتها فى الأداء إلا أنها جاءت أشد فشلا من الحكومات التى سبقتها... وكان وقتها رد المجلس العسكرى أنه يرفض التشكيك فى نزاهة الانتخابات وطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود.. وكان يقصد العسكر «بدروس التاريخ» هو تذكير الشعب بما فعله الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر بالإخوان عندما أطاح بهم عقب أزمة مارس ووضع قياداتهم فى السجن.. كما ردت جماعة الإخوان على بيان المجلس العسكرى ببيان حملت فيه المجلس العسكرى باعتباره القائم على السلطة التنفيذية المسئولية الكاملة عن آثار بقاء حكومة الجنزورى التى تصدر العراقيل والأزمات لأى حكومة مقبلة.. وأثناء الاستفتاء على الإعلان الدستورى أعلن وقتها الإخوان المسلمين عدة تصريحات ضد المجلس العسكرى والذى كان من أخطر هذه التصريحات هو تصريح عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة عندما قال: إن جماعة الإخوان سيعارضون المجلس العسكرى إذا تبنى الدستور أولا قبل الانتخابات.. كما هددت الإخوان بالخروج بمليونية ضد المجلس العسكرى إذا أصر على إجراء الانتخابات البرلمانية من دون تعديل فى قانون الانتخابات وتحديدا إلغاء المادة الخامسة من القانون والتى تحرم الأحزاب من الترشح على الدوائر الفردية.. وأخيرا قام الإخوان المسلمين بعمل فريق رئاسى يتكون من ثلاثة وزراء من قوى سياسية مختلفة ويرئاسة الدكتور محمد مرسى للضغط من خلالهم على المجلس العسكرى لإلغاء الدستور المكمل.. وأن تكون صلاحيات الدولة فى يد الرئيس القادم وليست فى يد المجلس العسكرى.
 

 
∎ نفعية براجماتية
 
دكتور ثروت الخرباوى - كاتب ومفكر إسلامى- يقول: جماعة الإخوان المسلمين جماعة نفعية براجماتية.. وتكون موجودة حيثما تكون مصلحتها.. إذا كانت مصلحتها مع المجلس العسكرى ستكون معه وتكون ضد القوى الوطنية ستطلق على 6 أبريل «6إبليس».. لكن لو مصلحتها جاءت ضد المجلس العسكرى ستكون مع القوى الوطنية ومع 6 أبريل وستضع يدها فى أيديهم أو تكون ضدهم و فقا لمصالحهم.. ولذلك تقيم الجماعة وفقا للخريطة الفكرية التابعة لهم.. وتقيم علاقتها السياسية ليست وفقا لأهداف مستقبلية بعيدة المدى أو وفقا لتوافق وطنى صحيح أو ما شابه ذلك.. ولكن وفقا للمصلحة تتغير وتتبدل المواقف على حسب تغيير هذه المصلحة.. فإن سبب اتفاق الإخوان مع 6 أبريل يرجع إلى أن 6 أبريل أعلنت أنها مع محمد مرسى.. كما أعتقد أنهم أصبحوا مع الإخوان ضد المجلس العسكرى.. وبالتالى أصبحت حركة 6 أبريل بالنسبة للإخوان جماعة وطنية حقيقية مجاهدة بعد ما كان موقع الإخوان أون لاين يوجه لـ6 أبريل الشتائم طوال النهار واتهامها بأنها جماعة خائنة.. وهذا أكبر دليل على أن المسألة تتغير على حسب المصالح ويعتمد الإخوان على أن ذاكرة الوطن أو ذاكرة المصريين على أنها ذاكرة ضعيفة.
 
 اللواء على حفظى - خبير أمنى استراتيجى - يقول: يجب أن نقيم الموقف داخليا وخارجيا.. فإن الموقف الخارجى يجعلنا نسأل أنفسنا عدة أسئلة وهى هل الأطراف الخارجية وخاصة أمريكا وإسرائيل من مصلحتها أن يكون هناك استقرار فى مصر وتتحول مصر بعد الثورة إلى قوة فاعلة فى المنطقة ؟! هم يريدون أن تغرق مصر وتكون دائما فى حالة عدم استقرار.. فإن السمة الغالبة فى المنطقة كلها من بداية المغرب العربى إلى المشرق العربى إلى بعض دول الخليج إلى اليمن إلى السودان وإلى الصومال فإن مثل هذا التصور الذى يعتمد على عدم إيجاد استقرار طائفى حيث لا يوجد فى المجتمع نوع من التوحد بل توجد به أطياف ونتيجة هذه الأطياف تؤدى إلى عدم الاستقرار.. وبالتالى ما يحدث فى مصر هو جزء مما يحدث فى المنطقة ككل.. فكل واحد يبحث عن مصلحته .. فإن الأطراف الخارجية تبحث عن مصالحها وأيضا الأطراف الداخلية تبحث عن مصالحها.. لكن للأسف نقول كيف تكون وحدتنا هى سر قوتنا.. لكى نجابه المخطط الاستعمارى الذى يركز على عبارة فرق تسد.. لكن للأسف أصبحنا أطيافا وأصبحنا اتجاهات مختلفة.. وأصبح كل واحد يبحث عن مصلحته دون النظر إلى مصلحة مصر ككل.. وهذه هى نقطة الخطورة الموجودة الآن والتى يجب أن نتنبأ بها لأن الدخول إلى دائرة الفوضى وسيكون من الصعب أن نخرج منها.. مثلما يحدث حولنا فإن العراق دخلت دائرة الفوضى منذ 01 سنوات ولم تستطع الخروج منها حتى الآن.. ومن هنا نقول إننا نحتاج أن توجد توعية وتبصير كى لا ننجرف إلى حالة عدم الاستقرار والوصول إلى مرحلة الفوضى.. فإن المجلس العسكرى قال من البداية أن كل ما سيقوم به سيكون من أجل مصلحة مصر دون النظر إلى أى أحزاب أو أطياف داخلية.. كيف يسعى إلى تحقيق أمن مصر واستقرار مصر.. وأن تتحول مصر إلى تحول سلمى من خلال هذه الثورة العظيمة ثورة 25 يناير.
 
صلاح عيسى - كاتب صحفى- يقول: الإخوان فى الغالب الأعم مواقفهم السياسية غير مبدئية وتنطلق من فكرة خاطئة.. بأنهم هم التيار الصحيح والحقيقى.. لأنهم يمثلون المقدس الدينى ويعملون فى سبيلهم ولذلك من حقهم أن يقودوا ولا يقادوا.. ومن حقهم أيضا أن يستغلوا الجميع ويوظفوهم لحساب تحقيق أهدافهم دون أن يكون هناك التزام بما يخضعون على أنفسهم من عهود أو وعود.. ولذلك تتسم تحالفاتهم السياسية.. بالانتهازية السياسية وهذه أحد الأسباب التى قادتهم إلى ما يعرفونهم فى تاريخهم بالمحن التى تعرضوا لها.. فبداية تاريخهم كانت أنهم تحالفوا مع القصر الملكى ضد الأحزاب السياسية فى بداية عهد الملك فاروق ثم انقلبوا عليه بعد ذلك.. وتحالفوا مع حزب الوفد فى عام 2491 وسمح لهم هذا النشاط بتشكيل المئات والعشرات من الشعوب فى الريف حتى انقلبت الوزارة.. وقادوا حربا ضد حليفهم السابق حزب الوفد وقاموا بصدامات عديدة مع أنصاره وصلت إلى سقوط ضحايا من الطرفين.. ثم اكتشف فى نهاية عهدهم أن الإخوان استغلوا هذا التحالف معهم لإقامة جيش مسلح كامل وهو ما كان يعرف بالقطاع الخاص.. فحدث صدام بين الطرفين.. وتحالفوا أيضا مع ثورة 32 يوليو فى بدايتها وتحالفوا مع الرئيس جمال عبدالناصر وشجعوه على أن يصفى الأحزاب السياسية الأخرى حتى يكونوا وحدهم فى الساحة.. ثم اختلفوا معه حتى حاول فريق منهم أن يغتاله فى المنشية فى 8 نوفمبر عام 4591 وهكذا كانت تحالفاتهم.. وقد كرروا نفس اللعبة فى ثورة 52 يناير.. وبدأ يظهر دورهم بمجرد خلع النظام السابق.. بدأوا يشاركون فى الثورة لحسابهم ويتحالفون مع المجلس العسكرى ضد الثورة للوصول لمرادهم ومصلحتهم وهى القفز على الكرسى الرئاسى فتاريخهم كله ملىء بالانتهازية السياسية.. فالقوى الوطنية التى قاموا بها هى ليست جبهة بل هى نوع من المبايعة للدكتور محمد مرسى قام بها فريق من الشخصيات السياسية العامة المحسوب على التيار الليبرالى دون أن يلتزم الإخوان تجاههم بأى شكل من أشكال الالتزامات.. وما أعلنه الدكتور مرسى هو أمور معلنة من قبل وهو تشكيل فريق رئاسى ينتمى لكل التيارات، مثل تشكيل وزارة ائتلافية من شخصية مستقلة ليس لها علاقة بالحرية والعدالة.. وغير ذلك من التعهدات .. وأظن أن هذه التعهدات لا يمكن الالتزام بها.. هذه الشخصيات فى مجملها ليست وراءها أحزاب أصحابها يمثلون أنفسهم على الرغم من أن لهم ثقلاً فى الحياة السياسية ولكنهم لا يمثلون أحزاباً أو جماعات يمكن أن تجعل دعمهم للرئيس محمد مرسى دعما مؤثرا .
 
∎ الشد والجذب
 
 الدكتور حسام عيسى- فقيه دستورى وأستاذ القانون بجامعة عين شمس- يقول:
عندما تتواجد قوتان فى أى معترك سياسى، واحدة مهيمنة وهو المجلس العسكرى والأخرى تسعى إلى الهيمنة بدلا منه.. من البداية أنها تتعامل معه بواقعية وهذا لا يمنع أنها تريد أن تحل محله فى الهيمنة الكاملة.. وبالتالى لابد أن ينشئ هذا خلافات و هذا أمر طبيعى فى الحياة السياسية.. اتفاق من تحت الترابيزة ثم الخلافات فوق الترابيزة وهكذا.. فأى قوتين خصوصا فى ظل هذه الفترة الانتقالية التى ليست فيها شفافية والحياة السياسية غير مستقرة وكل هذا يتم وراء اتفاق.. فيجب أن توجد اتفاقات و ليس عداء مستمرا واتفاقات وضغطاً حتى تستطيع أن تاخذ منك الكثير.. فهذا أمر طبيعى فى مثل هذه الحالات.. والدليل على ذلك أيضا فإن الرئيس مرسى يسعى إلى الحصول على تنازلات من المجلس العسكرى.. تنازلات كثيرة وأيضا توجد خلافات بينهما.. فإن الأمر مستمر.. فإن الحياة السياسية فى مصر لم تستقر والمؤسسات لم يتم استكمالها.. فبالتالى ستظل لعبة الشد والجذب قائمة.. فالإخوان الآن فى معركة ويعتبرون العدو الأساسى فيها هو المجلس العسكرى وبالتالى يجمعون حولهم القوى المناوئة للمجلس العسكرى وهذا أيضا أمر طبيعى فى مثل هذه الحالات بمعنى «عدو عدوى صديقى».. فأمر طبيعى أن يتفقوا مع 6 أبريل وغيرها من القوى السياسية المناوئة للمجلس العسكرى..