الأحد 6 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

شباب القلب.. عطشانة!

شباب القلب.. عطشانة!
شباب القلب.. عطشانة!


منذ ثورة 25 يناير.. أصبحت كلمة شباب تقال وتعاد ما بين الكلمة والكلمة مرة أو اثنتين وربما ثلاث.. ويتم وضعها فى أى موضوع.. سياسى.. اجتماعى.. اقتصادى.. فنى.. زواج.. طلاق.. حمل. إجهاض.. طهور!

مما تسبب لى فى هلاوس بصرية وسمعية منقطعة النظير، أكون مثلا بتفرج على فيلم «الأرض» وأرى مشهد «أبوسويلم» المسحول بالحصان.. أشوفه شاب يافع يتم سحله بدلا من العجوز الكهل وأسمع الأغنية المشهورة تقول «الأرض لو عطشانة.. نرويها بشبابنا وعد وعلينا أمانة لترجع بالعواجيز مليانة»، أهز دماغى شمالا ويمينا وأركز بعنيا.. الشاب لسه بيتسحل لكن شعره واحدة واحدة بيبيض والكوبليه بيتعاد بنفس الكلمات لغاية ما فجأة يبقى الشاب محمود المليجى تانى «سويلم» العجوز!
أقول بلاش أفلام بلاش.. خلينا فى الأغانى.. الست.. أيوه مفيش أجمل من أم كلثوم.. فجأة ألاقى أم كلثوم بتغنى وتقول: شباب.. يا سلام.. شباب ده كلام! أهو ده اللى مش ممكن أبدا ولا أفكر فيه!.. أخبط على راسى جامد عشان أفوق.. وأعيد الأغنية تقول نفس الكلام.. طب ليه كده يا ست بس؟! لأ طبعا أكيد الشباب دوره جاى.. جاى.. يعنى صحيح إن حتى فى التمثيل يفضل الممثل من دول عامل شاب صغير حتى لو عنده 50 سنة فى الحقيقة.. ويطلع بيحب وفى الجامعة عادى!
لكن بدأ الشباب ياخد دوره.. هو هنيدى مثلا عنده كام سنة؟! بلاش هنيدى، السقا! بلاش دول، بلاش الفن أصلا.. لكن أكيد الشباب هيكون لهم دور مهم فى الحياة الفترة اللى جاية خصوصا أن الريس نفسه قال: نفسى أشوف وزير شاب»، معقول يعنى الحكومة تعرف إن الريس عايز شاب أقل من 30 سنة فى القيادة ويقولوا لأ.. ومش معقول مش لاقيين يعنى.. ده احنا 40% من شعبنا شباب.. لو قلنا إن 20% على القهاوى.. لا شغلة ولا مشغلة.. فين العشرين فى المية التانيين؟!
أسمع بقى من بعيد كده وأنا بفكر عبدالحليم وهو يقول: إنى أغرق.. أغرق.. أغرق.. طيب هو أيام حليم كان فى هجرة غير شرعية؟ طيب عرف إزاى؟! أسمع صوت حليم بقى وهو عمال يدندن «إن كنت صديقى ساعدنى كى أرحل عنك»! أو كنت «فيروس سى» ساعدنى كيف أشفى منك.. لو أنى أعرف أن الحلم خطير ما حلمت.. لو أنى أعرف أن البحر عميق جدا ما هاجرت! لو أنى أعرف خاتمتى.. ما كنت بدأت!
طيب خلاص بلاش.. تعالوا نلم الشباب اللى على القهوة.. ما كلهم شهادات وناس زى الفل.. نلمهم من القهوة ونديهم فرصة.. أصل إحنا شبابنا ده عبقرى، بدليل أنه لما يسافر بيبقى حاجة تانية خالص.. آه والله.. هو طول ما هو فى مصر.. تحس على وشه بلادة كده ما تعرف! تناحة ما تفهم.. لكن أول ما يسافر.. وشه ينور، ويضخ الدم كده والذكاء ينط من عينيه.. والنشاط والحيوية ما تلقيش زيها.. تحس كده إنه معمول له عمل هنا فى البلد! اتعمله واتحط فى مناخير أبوالهول اللى احنا مش لاقيينها دى! أو تحت هرم منقرع! يعنى أكيد عمل سفلى محترم.. أصل مش معقول شوية الروتين والبيروقراطية.. أو فرص العمل اللى مش موجودة أساسا.. أو نظام التعليم العقيم.. قصدى العظيم.. أو المرتبات اللى ما تجبش عيش حاف.. أو الشقق الغالية حبتين.. أو كل الحاجات الجميلة فى بلدنا تكون هى اللى بتوصله لحالة البلاهة واللامبالاة دى طول ما هو جوه البلد! مش منطقى.. يعنى مثلا لما يكون فى مشروع إسكان للشباب.. والشقة بـ 145 ألف جنيه.. طيب إيه المشكلة؟ ما أكيد أى شاب ناصح بيشتغل وبيقبض 500، 600 جنيه قادر يحوش ويجيب الشقة دى.. ما لحقش المرة دى يلحق المرة الجاية أو اللى بعدها.. أو بعد اللى بعدها.. مش حكاااااية!
شوف أهو هلاوس الأغانى رجعت تانى أهى.. محرم فؤاد أهو «لو.. لو.. لو كان الأمر أمرى.. لو كان فى شىء بيدى كنت أقدر أشترى لك.. شقة مفتاحها فضى»! أنا زيك فقير.. لا أنا مرتشى ولا عميل!
لا كده كتير بجد أنا تعبت.. وعلى فكرة فى ظلم كبير للحكومة لأ.
أنا شايفة إن فى مجهود كبير جدا عشان الشباب يمسكوا قيادات ويشتغلوا.. إيه ده عبدالوهاب.. الهلاوس رجعت: «لا.. لا.. لا تكذبى.. إنى رأيتكما معا.. قصدك على مين بس يا عم عبدالوهاب؟!
هم مين؟ الشعر الأبيض والقيادة؟ بيهز راسه بالإعجاب أهو!
حتى عبدالوهاب قفشكوا! بيقول: يداكى ضارعتان ترتعشان من لهف عليه! تتحديان الشباب بالخبرة وابقى قابلنى!
والله عندك حق يا فنان.. يعنى هو الشباب إذا ما اشتغلتش هياخد الخبرة منين معلش! وكل إعلانات الوظائف بتقول محتاجين شاب خبرة 15 سنة! مين الشاب اللى اشتغل وهو فى ثانية ابتدائى ده؟!
ده شاب زى هنيدى بالضبط فى الأفلام! يكمل بى عبدالوهاب منفعلا.. ويشب فى قلبى حريق ويضيع من قدمى الطريق.. وتطل من رأسى الظنون تلومنى وتشد أذنى فلطالما باركت كذبك كله ولعنت ظنى! إن بعض الظن إثم، أكيد الشعر الأبيض ما غلطش مع السلطة بالشكل ده.. حتى كده عيب وحرام!
اللى يقهر بجد إن دلوقت أى جنسية تيجى تاخد رجالة البلد.. تتجوزها وتاخدها كمان على كتفها وتسافر، يعنى الشاب المصرى يدخل يادوب بمجهوده.. وهى تديله الجنسية والسكن والفلوس!
هم طلعوا جامدين كده؟! ده أنا باشوف بناتنا مطلعين عينهم يعنى.. ودلال وشروط ومهر وشبكة وشقة تمليك.. طب ما حدش سأل نفسه كأب أنت بتطلب إزاى من شاب بمقاييس الشباب يعنى، مش بمقاييسكم أنتم.. يعنى شاب بمقاييسنا 25 سنة بالكتير 29، 30 لكن بمقاييسكم 40، 45، 50 شغال شاب عادى.. لا أنا أقصد الشاب الأولانى.. إزاى يقدر يحقق كل الطلبات دى وهو لسه أصلا ما ابتداش.. هو لازم يتجوز وهو عنده السكر والضغط؟!
حتى ده مش كويس على بنتك.. مش فى مصلحتها! هيبقى عصبى!
يا جماعة جوزوا بناتكم شباب.. الروسيات دلوقتى بيشتروهم شرا!
بيدفعوا فيهم 15 ألف دولار! على إيه مش عارفة بس أكيد هم عارفين.. أنا بفكر فى الموضوع ده سامعة خلفية طبلة «ريا وسكينة»!
نقطة أخيرة بقى الانتماء.. وده اللى بيخلينا نسمع أغنية واحدة من غير أى هلاوس سمعية خالص.. مش عارفه ليه دى بالذات اللى ما بتتغيرش؟!.. ما تقولشى إيه اديتنا مصر.. قول هاندى إيه لمصر؟!
هو فى كده؟! ندى بس ما ناخدش! ده ضد الطبيعة الإنسانية يا ناس.. هتفضل منتمين وعندنا ولاء من غير مقابل لإمتى؟
ده كلام يا حبايب مصر! العطاء المشترك هو السبيل الوحيد للانتماء والولاء والحب.. يعنى أصبح على مصر تقوم مصر مصبحة عليا.. مش أنا أصبح على مصر.. وأصبح على البواب.. أمين الشرطة.. والراجل اللى هيجيلى واسطة عشان أشتغل وأصبح على الواسطة نفسها.. طيب مين هيصبح على شباب مصر؟! وفي النهاية يقول آه لو لعبت يا زهر واتغيرت الأحوال.. والشباب ركبوا الموجة ولعبوا بالأموال.
فكرت أخيرا أروح لدكتور نفسى طبعا لعلاجى من الهلاوس، لكن لقيت إن الجلسة بـ 300 جنيه وأحيانا 400.. فقررت أعيش فى الهلاوس للأبد.. مالها الهلاوس.. حلوة الهلاوس. •