الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

فيلم ناجح جماهيريا.. فاشل سينمائيا

فيلم ناجح جماهيريا.. فاشل سينمائيا
فيلم ناجح جماهيريا.. فاشل سينمائيا


ما حول نجاح فيلم «حسن وبقلظ» أهم مما فى الشريط نفسه، الفيلم سينساه الجمهور سريعا لأنه للأسف انطلق من قاعدة السهل المصطنع، أى تقديم كوميديا سهلة لكن مصطنعة دون التركيز فى أن الكوميديا الحقيقية تعيش طويلا، لكن ما حول الفيلم وما حققه من إيرادات كبيرة فى أسبوعه الأول رغم ضعف الحملة الإعلانية وكونه البطولة الأولى لعلى ربيع .. فهذا أمر يحتاج لتحليل لأننا نشهد بالفعل ميلاد جيل جديد من الكوميديانات هو التالى بعد جيل هنيدي1997  الذى تربع على عرش الإيرادات هو وأقرانه قرابة 20 عاما، قبل أن يتسلم الراية مضحكون شباب مازالوا بحاجة لإدارك الفرق بين الكوميديا التى تدخل الذاكرة الجمعية للمصريين وتلك التى تدُخل الأموال فى جيوب المنتجين.
قبل أن نتكلم عن فيلم «حسن وبقلظ» المعروض حاليا فى دور العرض المصرية، نتكلم عما حول الفيلم، لدينا حتى الآن 19 فيلما تم عرضها منذ بداية عام 2016 أكثرها تحقيقا للإيرادات هو «أوشن 14» بطولة عمر مصطفى متولى ومجموعة من شباب «مسرح مصر» الذى كان «تياترو مصر» وإخراج شادى الرملى، حيث نجح فى جمع 15مليون جنيه منذ منتصف يناير الماضى، فيلم «حسن وبقلظ» مرشح لكسر حاجز الـ10 ملايين جنيه بسهولة بعدما حقق فى أيامه الثلاثة الأولى قرابة 2 مليون جنيه، ولو استقر الوضع السياسى فى موسم شم النسيم فالإيرادات مرشحة للتضاعف رغم أن الفيلم نفسه به الكثير من المشكلات الفنية، على ربيع هو أبرز خريجى «تياترو مصر» و«مسرح مصر» أو باختصار خريجى مدرسة أشرف عبدالباقى، ومعه فى هذا الفيلم مجموعة من زملائه الذين شاركوا أيضا فى «أوشن 14» مثل محمد أسامة «أوس أوس» والصاعد بقوة مصطفى خاطر، بالتالى ورغم الفارق الواضح فى صدى النجاح وحجم الإيرادات، فإنه بحكم دوران الزمن فقد صعد محمد هنيدى ومحمد سعد وأحمد حلمى وغيرهم إلى مرتبة جيل الوسط نهائيا، وأصبح تعبير «جيل الشباب» مرادفا لنجوم مسرح مصر من الكوميديانات الجدد، بناء عليه لن نجد عمر مصطفى متولى يعود مساعدا لمحمد سعد كما فعل فى «تتح» ولن يقبل على ربيع ببطولة جماعية مرة أخرى بسهولة كما حدث فى «كابتن مصر»، السينما المصرية تشهد إذن ميلاد جيل جديد من الأبطال فى مجال الكوميديا، لكن كما تعلمنا من جيل هنيدى ليس شرطا أن يكمل كلهم المشوار بنجاح وتلك قصة أخرى.
القصة الأخرى مرتبطة بقدرة كل منهم على تقديم مضمون كوميدى يحترم قواعد فن السينما، ارجع إلى أفلام «صعيدى فى الجامعة الأمريكية» و«الناظر» و«اللى بالى بالك» ومعظم أفلام أحمد حلمى، ستجد أن الجمهور لازال يشاهدها ويتابعها ويستفيد من إيفيهات النجوم للتعليق على أحداث سياسية تجرى حاليا، فلم تنجح الكوميديا التى تنتجها صفحات الفيس بوك فى التغطية على تلك الإيفيهات بل استفادت منها، أما المشكلة الكبرى التى تواجه الجيل الحالى فهى أن إيفيهاتهم تُصنع بنفس طريقة الفيس بوك تدفع بالملتقى للضحك لكن وهو فى وضعية الذاكرة المغلقة التى لا تستبق الإيفيه إلا طوال فترة المشاهدة.
ما سبق ينطبق على فيلمى «أوشن 14» وقد فات وقت الكتابة عنه وإن كان قد شهد جرائم كثيرة فى حق فن السينما خصوصا فيما يتعلق بالراكور، أما «حسن وبقلظ» فهو أفضل سينمائيا بالتأكيد لكن بالمقارنة مع فيلم عمر مصطفى متولى، لكن نفس الأزمة موجودة وهى كتابة الإيفيهات أولا ثم التفكير فى مخارج منطقية لأحداث بدأت بعيدة عن المنطق، بجانب عدم الاهتمام إلا بالبطل وإيفيهاته وباقى الشخصيات تشارك من أجل المشاركة والتواجد، إذا سألت ممثلا مخضرما كأحمد فؤاد سليم عن شخصيته فى الفيلم سيقول إنه يجسد شخصية رجل يعانى من مرض الشك فى المرأة ويحاول خداع البطلة «يسرا اللوزي» والقيام بشخصية صديق الأب الذى يرعاها وهو طامع فيها لكننا لا نرى الطمع ولا العقدة إلا فى نهاية الفيلم وكأنه شريط تشويقى لا كوميدى، مى سليم دورها فى الفيلم أن تظهر فى بعض المشاهد لإنقاذ أحمد فؤاد سليم بورق مزور، طيب هل مى سليم لها ثقل سينمائى حتى تظهر كضيف شرف؟ وهل كان القتل هو الحل فى النهاية فقط لأن البطل «حسن» هو ضابط شرطة، الجدة المشلولة موجودة فى الأحداث فقط حتى يضربها البطلان بوحشية لزيادة كم الضحك من جمهور لا يفهم أن الفرق كبير بين السخرية من المواقف المتناقضة ومن الحالات المرضية، مصطفى خاطر فى دور الشقيق المعقد نفسيا الوحيد الذى استفاد من العقدة المصطنعة باستسهال وقدم ضحكا يناسب الشخصية، أما يسرا اللوزى فلاتزال غير قادرة -  فى رأيى على الأقل - على تجسيد شخصية الفتاة التى يمكن أن يتقاتل من أجلها الأبطال، وطبعا لا داعى للتأكيد على أن «الكاستينج» هنا مرتبط بأن الأسماء الأكثر رسوخا أمام الكاميرا لن تقبل بسهولة المشاركة فى الفيلم لتكون محل نزاع بين «كريم فهمي» و«على ربيع» ومن خلفهما «أحمد فؤاد سليم».
هذا عن الأبطال غير الرئيسيين ولن أتكلم عن شخصية «رامز أمير» التى بالتأكيد ظلمها المونتاج وهناك مشاهد لم نرها، لكن ماذا عن «حسن» و«بقلظ» وفكرة أن شخصية التوأم الملتصق مستوحاة من فيلم أمريكى شهير هو Stuck on you بطولة مات ديمون وكريج كينير الذى تم تقديمه فى عام 2003 نحن هنا أمام تمصير حالة غير معتادة فى الوطن العربى، بالتالى لم يشعر المتفرج أصلا بالتعاطف مع التوأم ومبالغات وفاة الأم بقرار من الأب ثم وفاة الأب بعدما فوجئ بالصدمة، فقط من أجل أن يقول على ربيع طوال الفيلم إنه يتيم، وعندما تنجح العملية التى تم إجراؤها بخدعة ساذجة لإجبار بقلظ على الخضوع للجراحة، يخرجان من المستشفى دون أن يخبرهما الطبيب -  بيومى فؤاد - بأن مراكز الإحساس لديهما اختلطت فمن يتعاطى الحشيش لا يشعر بشىء بينما السٌطل يحدث للأخ الآخر وهكذا، حتى يعرفا الحقيقة بالصدفة من أجل مزيد من المواقف المضحكة باتت متوقعة للمتفرج مشهدا تلو الآخر، ومع ذلك عندما نتصدى لعمل كوميدى خالص ليس واجبا أن نتكلم عن المنطق، لكن فى هذه الحالة أكمل الكوميديا للنهاية دون الحاجة لأن تتعرض البطلة لواقعة اغتصاب ساذجة، ويظن «حسن» أن الجانى هو «بقلظ» أيضا بمعطيات ساذجة ويكون الحل التصاق الأخين مرة أخرى حتى يقاوما الرجل الشرير وفجأة فى المشهد الأخير، مشهد الزفاف نعلم أن الطبيب بشرهما بأن حالة تبادل الإحساس قد انتهت وإلا كيف كان سيدخل «حسن» على عروسه؟!. •