الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

500 مستشفى حكومى تواجه المجهول!

500 مستشفى حكومى تواجه المجهول!
500 مستشفى حكومى تواجه المجهول!


عيوب جوهرية شهدتها مسودة قانون التأمين الصحى وفى كل مرة يجرى فتح الطريق أمام الحوار المجتمعى تبقى ذات العيوب متأصلة التى تهدف فى نهاية المطاف إلى إتاحة الفرصة لخصخصة المنظمة الصحية فى مصر وزيادة الأعباء على المواطن.

ومنذ 11 عاما وتحديدا فى 2005 حين ظهرت عشرات النسخ من مسودة قانون التأمين الصحى وفى كل مرة يجرى العمل على علاج السلبيات الخاصة فيها.. وتبقى مواد الخصخصة كما هى وظهرت آخر نسخة معدلة فى مارس الماضى وبها ذات العيوب الجوهرية التى تسمح بأن يجرى إقحام القطاع الخاص للحصول على نصيب من كعكة ما تنفقه الدولة على الصحة.. والمعروف أن حجم المنشآت الصحية الحكومية يبلغ 80 % من إجمالى المستشفيات العاملة فى مصر وتقوم بإجراء 94% من العمليات الجراحية داخل جمهورية مصر العربية وأن أى مساس بها يعنى انهيار هذه الصروح التى تضم كل من المستشفيات الحكومية والجامعية والتابعة لهيئة التأمين الصحى.
• عيوب خطيرة
شدد الدكتور إيهاب الطاهر الأمين العام لنقابة أطباء مصر على أن قانون التأمين الصحى الجديد يحتوى على عدد من العيوب الجوهرية التى لا يجوز معها تمريره بهذه الكيفية بأى حال من الأحوال.. وأكد الطاهر أن قانون الجديد ينص فى مواده على أن هيئة التأمين الصحى الجديدة ستضم المستشفيات إليها عن طريق التعاقد وهو ما يسمح فيه بأن يكون محدد المدة وفقا لمعايير الجودة المعتمدة.. وأشار الطاهر إلى أن كلمة «معايير الجودة» براقة مثل السم فى العسل ولكن لا يمكن أن نستخدمها بطريقة خبيثة من أجل خصخصة المنظومة الصحية ونحن نعلم أن المستشفيات الحكومية لا يلتزم أغلبها بمعايير الجودة نظرا لمحدودية المخصصات المالية المنفقة عليها.. وأضاف الطاهر أن ما يجرى ترويجه حاليا هو أن الحكومة ستنفق على المستشفيات الحكومية بحيث تصل بها إلى معايير الجودة المطلوبة، ولكن السؤال الذى يطرح نفسه.. إذا انخفضت جودة المستشفيات التابعة للدولة فى المستقبل فماذا سيكون مصيرها هى والأطباء العاملين فيها والمرضى؟ فهل سنبيعها؟ أم نقحم فيها شريكا من القطاع الخاص؟ أم نتركها بلا جودة؟.. وأكد الطاهر أن هناك تصريحات من مسئولين فى وزارة الصحة بشأن عدم وجود نية لخصخصة المنظومة الصحية ولكن القوانين يجب ألا يجرى تمريرها وفقا لمبدأ حسن النية.
وقال الطاهر إنه على الحكومة أن تتعامل بنظام التعاقد مع المستشفيات الخاصة فقط وليس مع المنشآت الحكومية ولكن لا يوجد أى استجابة من الحكومة لتعديل نصوص القانون المطروح من التأمين الصحى... وشدد الطاهر على أن وزارة الصحة فى كل مرة تجرى تعديلات على قانون التأمين الصحى يجرى التغاضى عن تلك الأزمة الجوهرية التى تتعلق بإمكانية خصخصة الصحة ورفع التكلفة على المواطن المصرى.
واعتبر الطاهر أن القانون المطروح للمناقشة داخل مجلس النواب به شبهة عدم دستورية لأنه يفرق بين الغنى والفقير لأنه يحدد نصيب كل فرد من الاشتراك وفقا لمجموع أجر كل موظف مضموما إليه البدلات والمكافآت والحوافز وغيرها ولكنه تغاضى عن بعض المخصصات المالية التى لا يجرى منحها إلا لكبار الموظفين ولن يحصل منها على الاشتراك مثل بدل السيارة وبدل السكن وبدل المعيشة فى الخارج.
وتطرق الطاهر إلى أن الدولة أكدت أنها ستتحمل اشتراكات التأمين الصحى للفقراء وهنا يثور الجدل بشأن تعريف الفقير فى القانون فنحن نرى أن تعريفه هو كل مواطن يحصل على دخل أقل من الحد الأدنى للأجور المقدر بـ 1200 جنيه الذى حددته الدولة ولكن الحكومة ترى أن الرقم سيجرى تحديده لاحقا بالتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعى وعدد من الوزارات الأخرى.
وأشار الطاهر إلى أنه من غير المقبول أن ترد الحكومة على نقابة الأطباء بأنها أجرت بعض التعديلات وأنه يتبقى بعض المواد الخلافية التى لا تؤثر على القانون وذلك لأن تلك النقاط تمس جوهر المنظومة الصحية ومصير صحة المواطن وقد يؤثر بالسلب على وظيفة الطبيب.
وطالب الطاهر بضرورة توضيح الصورة بالنسبة للشعب حيث إن البعض يردد أن القانون سيسهم فى الارتقاء بالمنظومة الصحية من خلال رفع مستوى وكفاءة المستشفيات وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص من أجل العمل على تقديم رعاية صحية فائقة للمواطن ولكن ذلك سيسمح للمستشفيات الاستثمارية بأن تحدد هى قيمة الخدمة المقدمة ويتيح لها الفرصة بأن تتكتل لرفع قيمة الخدمة المقدمة للمواطن البسيط وسنكون أمام أمرين الأول هو الانصياع لهم ودفع ما يريدون أو تحمل المواطن لتكلفة العلاج بشكل كبير.. وأكد الطاهر أن عدد المستشفيات الحكومية يبلغ 500 مستشفى وبالتالى حين أتعاقد مع القطاع الخاص، فإننى أستطيع فرض شروطى بشكل كامل أما إذا جرى الاستغناء عن المنشآت الصحية الحكومية فإننى أتيح المجال للراغبين فى تحقيق الأرباح لاحتكار المنظومة وتهديد مستقبل الطبيب المصرى.. وأوضح الطاهر أنه لا يعلم لمصلحة من يجرى فتح الطريق أمام القطاع الخاص للحصول على فرصة وتحقيق أرباح ضخمة على حساب الشعب المصرى الذى يعانى من الكثير من الأمراض المتوطنة.
• تهديد مجتمعى
شدد الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الصحة على أنه بالإضافة إلى الأزمات التى تتعلق بخصخصة المنظومة الصحية فى مصر وفقا لمسودة القانون المعروضة، فإن هناك الكثير من العوامل السلبية التى تزيد من الأعباء على المواطنين.. وأضاف خليل أن مسودة القانون الجديد تفرض على المواطن دفع ما يسمى بالمساهمات إضافة إلى الاشتراكات المقررة قانونا وعلى سبيل المثال فإن أى مريض قد يذهب إلى عيادة من عيادات التأمين الصحى فقد يدفع 200 جنيه داخل العيادة الواحدة كمساهمة منه فى إجراء إشاعة أو فحص طبى إذا ما تطلب الأمر ذلك.. وأشار خليل إلى أنه من أزمات القانون الحالى ما يسمح به بضرورة دفع 0.5 % من راتب الموظف عن كل طفل له فى المرحلة التعليمية بدلا من أربعة جنيهات وهو إجراء غير معمول به فى أنظمة التأمين الصحى الاجتماعى.
وأوضح خليل أنه على كل مواطن عائل لأسرة أن يدفع 4% من راتبه عن نفسه و 2 % من راتبه عن زوجته و.0.5 % عن كل ابن من أبنائه فى التعليم أى أن رب الأسرة الذى لديه أربعة أطفال سيجرى اقتطاع  8% من راتبه فى صورة أقساط ربع سنوية.. وأشار خليل إلى أن القانون يشجع على التسرب من التعليم بسبب زيادة الإنفاق حيث إن كل من سيمتنع عن الدفع سيجرى حرمان التلميذ من أداء امتحاناته السنوية فى حين تقول الدولة إنها ستتحمل تكلفة غير القادرين عن طريق تقديم شهادة فقر وبحث حالة أما أصحاب الطبقات المتوسطة فسيدفعون ما عليهم من أموال.
وقال خليل إن الدولة المفترض أن تقوم بتحمل تكلفة التأمين الصحى من خلال الضرائب المربوطة على السجائر والتمويل عن طريق الخزانة العامة للدولة وذلك منذ ميلاد الطفل وحتى وصوله لسن 18 عاما.
• رفض جديد
أكد هيثم الحريرى عضو مجلس النواب أن قانون التأمين الصحى الذى ظهر بصورته الأخيرة لا يمكن الموافقة عليه وذلك لأنه يسهم فى خصخصة المنظومة الصحية المقدمة إلى المواطن.. وشدد الحريرى على رفضه للقانون بصورته الحالية وضرورة إجراء تعديلات عليه حتى يجرى تمريره بالشكل الذى يليق بالمواطن المصرى ويسهم فى خفض معاناة الشعب المادية والصحية.. واعتبر الحريرى أن إصرار الحكومة على تقديم مسودة القانون الصحى والإصرار على إبقاء المواد التى تشجع على خصخصة المنظومة الصحية هو بمثابة سوء نية يجب الوقوف أمامه لحماية المواطنين فى المقام الأول.•