السبت 6 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

وزارة الصحـة تحقـق بــرنامـج جمال مبارك بتحريرأسعارالدواء

وزارة الصحـة تحقـق بــرنامـج جمال مبارك بتحريرأسعارالدواء
وزارة الصحـة تحقـق بــرنامـج جمال مبارك بتحريرأسعارالدواء


 لم يكن الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة فى حكومة تسيير الأعمال يدرك وهو يوقع على القرار رقم 499 لسنة 2012 الخاص بالسياسة الجديدة لتسعير الدواء والمعروف إعلاميا وصحيا فى مصر بقرار تحرير سعر الدواء، أنه يحقق برنامجاً كبيرا وهدفا غاليا لجمال مبارك كان من أهم خططه المستقبلية فى حالة إتمام مشروع توريث السلطة وذلك إرضاء لشركات الأدوية العالمية، خاصة الأمريكية والإنجليزية منها والتى اشتكى له المسئولون فيها من قواعد تسعير الأدوية المعمول بها فى مصر لأنها تحد من مكاسبهم واستثماراتهم الدوائية فى القاهرة باعتبارها السوق الأكبر لاستهلاك الدواء فى الشرق الأوسط.
 

 
 وكذلك طلبت هذه الشركات من أعضاء لجنة سياسات جمال مبارك ـــ سواء كانوا وزراء ومسئولين مثل رشيد محمد رشيد وزير الصناعة والتجارة ومحمود محيى الدين وزير الاستثمار ويوسف بطرس غالى وزير المالية أو رجال أعمال ذوى نفوذ مثل أحمد عز ـــ التدخل لتحرير سعر الدواء مع باقى أسعار السلع والخدمات الضرورية لربطها بالأسعار العالمية بدعوى أن ذلك هو السبيل إلى تحرير الاقتصاد المصرى من تدخل الدولة وربطه باقتصاديات السوق الحرة، وكان بعض مسئولى شركات الأدوية الأمريكية العاملة فى مصر يشاركون فى بعثات طرق الأبواب التى كان يشكلها جمال مبارك من رجال الأعمال المقربين له للذهاب إلى واشنطن لطلب المزيد من الاستثمارات الأمريكية فى القاهرة وكان الشرط الأمريكى هو بدء الحكومة المصرية فى اتخاذ إجراءات جدية لتحرير أسعار السلع الحيوية كالطاقة والدواء وغيرها وكذلك تحرير قطاع الخدمات بما يسمح للأجانب بالعمل فى المهن المصرية المختلفة.
 
∎ قرار حاتم الجبلى
 
وجاء الدور على الدواء وخافت لجنة سياسات جمال مبارك من ردة فعل الرأى العام من صدور قرار مفاجئ بتحرير سعر الدواء خاصة فى ظل تردى الوضع الاقتصادى للغالبية العظمى من المواطنين وعدم قدرتهم على تحمل أية زيادة جنونية فى أسعار الأدوية خاصة الأساسية والجديدة منها، وقررت أن يأتى الإجراء بالتدريج فأصدر حاتم الجبلى آخر وزير صحة لمبارك القرار رقم 373 بتسعير الدواء فى مصر بنسبة تقل بـ10 ٪ عن أقل سعر متداول به فى الدواء المسجل بها هذا الدواء، ولم يمر القرار بصورة هادئة كما أراد جمال مبارك وحاتم الجبلى وأحدث رد فعل كبيرا فى الرأى العام وأوساط المهتمين بقضايا الصحة والدواء لأنه يحمل المريض المصرى المزيد من الأعباء لأنه يربط أسعار أدويتهم بأسواق الدول الكبرى حتى وإن كانت أقل 10٪ منها لأن الأسعار مرتفعة أصلا بشكل كبير فى هذه الدول نظرا لارتفاع مستوى المعيشة والدخل القومى فيها.
 

 
لذلك كانت المفاجأة كبيرة عندما أصدر وزير الصحة فى حكومة تسيير الأعمال القرار 499 والذى يقضى بتسعير المستحضر الدوائى   طبقا لتحديد حساب سعر البيع للجمهور على أساس أقل سعر بيع فى البلاد التى يتداول بها المستحضر، أى أن نوع الدواء الجديد المسجل فى الولايات المتحدة وأوروبا عندما يسجل ويسعر فى مصر سنشتريه بنفس السعر الذى يشترى به المريض الأمريكى والإنجليزى والإسبانى والإيطالى وهكذا حيث من المعروف أن أسعار الأدوية فى هذه الدول متقاربة وأقل سعر فيها سيكون أكبر بالطبع من إمكانيات المريض المصرى.
 
الغريب أن جميع المهتمين بالشأن الدوائى والصحى فى مصر قد رفضوا هذا القرار واعتبروه تحريرا مرفوضا لأسعار الأدوية إلا الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة فى حكومة تسيير الأعمال ومساعده لقطاع الصيدلة الأخ محسن عبدالعليم بل وصل الأمر إلى أن الأخ محسن بك هاجم فى مؤتمره الصحفى الذى عقده مساء الخميس الماضى الذين انتقدوا القرار وطبقا لما نشرته عنه الصحف والمواقع الإخبارية ومنها الزميل حسام زايد فى بوابة الأهرام فإنه قال: انتقاد القرار يعكس سطحية ثقافية ونقص معلومات لدى من انتقدوه، مطالبا هؤلاء بدراسة القرار ومناقشته مع وزارة الصحة قبل إصدار تصريحات مغلوطة وعشوائية يترتب عليها ضرر المجتمع دون الحاجة إلى ذلك، وأضاف عبد العليم أن كل الادعاءات بأن القرار يعنى تحرير سعر الدواء «كلام كاذب ومغلوط، ومن شأنه إثارة شائعات وفوضى فى الشارع المصرى ومن يصرح بذلك يتحمل المسئولية» والعبارة الأخيرة تحمل تهديدا مبطنا من مساعد الوزير بمقاضاة من يعارض قراره وإلا فليقل لنا سيادته ماذا تعنى عبارة أن من يقول أن القواعد الجديدة لتسعير الدواء هى تحرير لأسعاره سيتحمل المسئولية، ولا أعرف التوصيف القانونى لوصف كلام المعارضين للقرار 994 بأنه كلام كاذب ومغلوط ويؤدى لنشر الشائعات والفوضى وأنه يعكس سطحية ثقافية ونقص معلومات.. تصوروا الشخصيات العامة المحترمة التى انتقدت القرار وصفها مساعد وزير الصحة للصيدلة بأنها تعانى من سطحية ثقافية فى مجال الدواء لأنهم لم يفهموا المغزى العميق اللا شعورى فى الفضاء المتوازى لقرار وزير الصحة رغم أنه من بين هذه الشخصيات الأستاذ الدكتور عبدالفتاح رزق الأمين العام لنقابة الأطباء الذى بادر برفض نقابته لهذا القرار فى بيان شديد اللهجة مؤكدا أن نقابة الأطباء ترفض بشكل قاطع قرار وزير الصحة، بتحرير أسعار الدواء وتسعيرها طبقا للأسعار العالمية مشددا على أن القرار يأتى ضمن قرارات الوقت الضائع التى ترفضها النقابة، وأن الدواء يعتبر سلعة إستراتيجية وقضية أمن قومى لا يجب ترك أسعارها لتحدده الأسواق العالمية، وطالب رزق الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، بإيقاف هذا القرار، لافتا إلى أن الشركات الاستثمارية وبعض الصيادلة الراغبين فى الربح حاولوا طوال عهود طويلة إطلاق وتحرير أسعار الدواء ليكون موافقا للسعر العالمى بغرض زيادة أرباحهم على حساب صحة المريض، كذلك اعترض على القرار كل من غرفة صناعة الأدوية برئاسة الدكتور مكرم مهنى ورابطة منتجى الأدوية، برئاسة د.برهان الدين إسماعيل مؤكدين أن القرار سيؤدى للقضاء على صناعة الدواء فى مصر مسجلين رفضهم العمل به.
 

 
بل إن الدكتور مكرم مهنى أكد فى بيان له أن صناع الدواء فوجئوا بقرار وزير الصحة رقم 994 بشأن تسعير الدواء بما يتنافى مع كل ما قد اتفق عليه مع الجهات المسئولة فى الوزارة، بل على العكس أضاف القرار أعباء جديدة على مصنعى الدواء دون إحداث أى تغير، أو تقديم أى حلول لمشاكل صناعة الدواء المستعصية فى مصر.
 
كذلك رفض القرار الخبير الدوائى المعروف د.ثروت باسيلى الذى أكد فى تصريحات له عقب صدور القرار منتصف الأسبوع الماضى أنه قرار فى ظاهره رحمة، بدعوى أنه سيساهم فى خفض أسعار الدواء فى مصر، إلا أنه فى باطنه العذاب للمريض المصرى، لأنه سيؤدى إلى رفع أسعار الأدوية بدرجة لا يتحملها المواطن المصرى، ومن بين المعارضين أيضا الذين وصف سيادة مساعد وزير الصحة للصيدلة كلامهم بأنه كاذب ومغلوط ويعكس سطحية ثقافية وقلة معلومات الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة والذى تساءل عن السبب فى تغيير القاعدة الحالية لتسعير الأدوية، خاصة أن شركات الأدوية لم تطلب تغييرها، فى الوقت الذى تدعى فيه وزارة الصحة أن قرارها المثير للجدل يؤدى إلى خفض أسعار الأدوية، مع أن الدواء فى مصر هو الأقل سعرا فى العالم.
 
كما انتقد قرار وزير الصحة أيضا المركز المصرى للحق فى الدواء ولجنة الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية وأكدوا أنه يتشابه تماما مع قرار حاتم الجبلى السابق والذى كان بداية محاولة نظام مبارك ربط الأدوية المصرية بالأسعار العالمية وأن القرار رقم 994 لسنة 2102 الذى أصدره فؤاد النواوى والذى يقضى بتسعير الأدوية المرخصة حديثا وفقا للأسعار العالمية، بحيث يباع الدواء فى مصر، وفقا لأقل سعر يُباع به فى الدول التى يتداول بها نفس المستحضر هو محاولة لإعادة إنتاج السياسات القديمة بأسلوب جديد.
 
كذلك أصدر حزب التجمع بيانا يوم الخميس الماضى يهاجم فيه قرار وزير الصحة أكد فيه أن تحرير سعر الدواء يعتبر جريمة متكاملة الأركان يجب إيقافها فورا وإقالة كل من تجرأ وارتكب هذه الجريمة، وأوضح البيان أنه ليس مقبولا أن ما عجز عنه الحزب الوطنى طوال أكثر من 5 سنوات يتم تنفيذه عقب ثورة 25 يناير.
 

 
كل هذه الشخصيات العامة ومنظمات المجتمع المدنى تعارض القرار الجديد لتسعير الأدوية ويعتبرونه تحريرا قاتلا لسعر الدواء، إلا أن هذا لم يعجب مساعد وزير الصحة للصيدلة الذى تجرأ ووصف انتقادات الشخصيات العامة المحترمة لقرار وزارته بأنه يعكس سطحية ثقافية ونقص معلومات وأنه كلام مغلوط وكاذب.. فهل يرضى الدكتور فؤاد النواوى ومساعده للشئون السياسية د.عبدالحميد أباظة وصف معارضى قرار الوزارة بشأن تسعير الأدوية بأنهم يعانون من سطحية ثقافية وهل هذا هو الأسلوب الجديد الذى ستتعامل به الوزارة فى ظل حكم أول رئيس منتخب بإرادة حرة فى مصر.. ننتظر الرد.