السبت 15 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الحمى القلاعية تثير الرعب فى قرى مصر

الحمى القلاعية تثير الرعب فى قرى مصر
الحمى القلاعية تثير الرعب فى قرى مصر


عمت حالة من الخوف والفزع والغضب العارم؛ بين الفلاحين ومربى الماشية بعدد من محافظات مصر مثل الشرقية، البحيرة، سوهاج، وأسيوط، لتعرضهم لخسائر اقتصادية فادحة؛ حيث شهدت قرى عديدة نفوقًا جماعيًا للمواشى وبالتحديد تلك التى يمتلكها صغار الفلاحين والمزارعين؛ بسبب انتشار فيروس الحمى القلاعية، الذى يهدد الثروة الحيوانية بالدمار.



فى محاولة للتخلص من المواشى النافقة، قام الفلاحون بإلقائها فى الترع والمصارف وحرقها، وسارعوا إلى ذبح الرءوس المريضة منها قبل نفوقها، وبيع لحومها بالأسواق، والأمر الأشد خطورة هو استيلاء مجهولين على الحيوانات النافقة وإعادة بيعها، ما ينذر بحدوث كارثة صحية وكذلك بيئية من تلوث المياه وانتشار روائح كريهة وعفنة فى جميع أنحاء القرى المتضررة.
وهاجم بيطريون الهيئة العامة للخدمات البيطرية، واتهموها بالتسبب فى ارتفاع عدد البؤر المصابة بالحمى القلاعية لـ 90 بؤرة بمحافظات الجمهورية، بسبب تقاعسها عن تفعيل حملات التحصين المجانى للماشية، وفرض رسوم على صغار المزارعين والمربين، ما دفعهم للعزوف عن تحصين حيواناتهم ضد الأمراض الوبائية.
وأكد ملاك المواشى أنهم يلجأون فى البداية للتعامل مع المرض عن طريق الوصفات البلدية باستخدام الطحينة وتنظيف لسان الحيوان من آثار المرض وإن لم تأت بفائدة يضطرون للجوء إلى الطبيب الذى يستخدم الأدوية والكمياويات. وهناك بعض الحيوانات التى تستجيب للعلاج وحالات أخرى تلقى تموت بسبب المرض.
وقال رضا صالح، أحد المتضررين بمحافظة الشرقية: فيروس الحمى القلاعية منتشر فى البلاد منذ 4 أشهر، وظهرت أعراض المرض على الأبقار والجاموس والحيوانات الصغيرة، وتكبد أهالى قرية كفر الباشا مركز ديرب نجم، خسائر كبيرة بسبب وفاة حيواناتهم متأثرة بالمرض، وفقدت بعض الأسر حيوانات ما بين مواشى وأغنام تصل قيمتها نحو 55 ألف جنيه، بعد أن ظهرت عليها أعراض التهابات وشقوق الفم واللسان وحبوب فى اللسان وتشققات فى الأظافر وتقيحات وجروح، مؤكدا أن هذه الحيوانات تمثل الدخل الوحيد الذى يعيشون منه.
وأكد إبراهيم سليم، من قرية الحلبى - مركز الزقازيق، أن سبب نفوق المواشى تخاذل الطب البيطرى، وعدم تقديم التحصينات والتطعيمات والاكتفاء بتحصيل رسوم دون تحصين وحملات توعية داخل القرى التى تعيش كارثة حقيقية، وأن الأهالى عندما يصابون بالأمراض لا يذهبون للطبيب، بينما يحضرون الأطباء فقط للمواشى لأنها مصدر رزقهم الوحيد.
وأضاف «سليم»: فقدت أحد المواشى الخاصة بى دون تدخل يذكر من المسئولين، ومصاريف العلاج غالية جدا، وهناك بعض الفنادق والمطاعم الشهيرة تشترى المواشى النافقة عن طريق التجار معدومى الضمير. وطالب الدولة بصرف تعويضات للمتضررين بالقرى.
وقال فوزى عبدالدايم: المرض الذى أطاح بالمواشى ليس «حمى قلاعية» لأنه يأتى دون أية أعراض، فهو عبارة عن فوران داخل رءوس الماشية، مما يؤدى إلى وفاتها فى الحال.. وكل ثروتى فى الحياة «جاموسة» ثمنها 17 ألف جنيه، أنفقت عليها 1200 جنيه للطب البيطرى، رغم عدم معرفته بالمرض أو الوقاية منه، إلا أنها ماتت، وأصبحت أجلس فى البيت دون عمل، مطالبا بصرف تعويض.
وقال أسامة السيد، طبيب بيطرى: إن سبب المرض هو عدم قيام الأهالى بتطعيم المواشى ضد الحمى القلاعية، فيتسبب فى نفوق صغار الحيوانات وحديثى الولادة بشراسة مقارنة بالحيوانات الكبيرة التى يتأثر 2% منها بالمرض.
 وأوضح «السيد»، أن أهم تلك الأعراض ارتفاع درجة الحرارة وما يتبعه من خمول وفقدان شهية، وتوقف عمل الكرش، نقص إنتاج الألبان بنسب قد تصل إلى أكثر من 50% من الإنتاجية أو توقف فى إنتاج الحليب، وعلى اللحوم بنسبة تصل إلى 35%، وإجهاض للإناث العشار، وإفراز اللعاب بكمية كبيرة، وتقرحات بدرجات مختلفة على اللثة واللسان والغشاء المخاطى المبطن للفم، وظهور فقاعات وتقرحات على الضرع مثل الموجودة بالفم فى حيوانات الحليب، وظهور التهابات بين الأظلاف وعند اتصالها بالقدم، ما يؤدى إلى عرج للحيوان وحدوث حالات نفوق للحيوانات الرضيعة.
وحذر من خطورة المرض باعتباره مرضا وبائيا معديا للغاية ينتقل عن طريق الهواء ومخلفات الماشية والمياه، وهو من الأمراض الخطيرة التى تصيب الحيوانات مثل الجاموس والأغنام، وتكون الخنازير والأبقار أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس القاتل. وهو من الأمراض المعدية التى تخترق الحدود والحواجز وينتشر بين الأغنام والماشية، وينتقل الفيروس عن طريق الأعلاف الملوثة بالفيروس أو عند تناول الغذاء والماء الملوث، كما يمكن للفيروس الانتشار عبر ذرات الغبار الموجودة فى الهواء خاصة فى المناطق التى تحدث فيه العدوى بين الحيوانات، وقد ينتقل عن طريق الملامسة.
وأكد أن العديد من المواطنين يرفضون الإبلاغ عن المواشى المريضة لديهم، لجهلهم بأعراض المرض.
وأوضح أن الطرق التى يتبعها الأهالى فى التخلص من حيواناتهم النافقة، مثل إلقائها بالترع والمصارف أو حرقها أو رميها على جوانب الطرقات والأماكن الخالية، كل هذه الطرق تزيد من انتشار المرض وخطورته.
وقال الدكتور لطفى شاور، مدير عام التفتيش على مجازر السويس السابق: «الهيئة العامة للخدمات البيطرية تسببت فى انتشار المرض، حيث لم تقم بمراعاة شروط الحجر البيطرى، التى تنظم عمليات الاستيراد من الخارج، كما قامت باستيراد حيوانات حية من أفريقيا، أدت لانتشار الحمى القلاعية».
وأضاف «شاور».. أن الهيئة أصدرت قوانين ساعدت على انتشار الأمراض الوبائية فى مصر، لخدمة المستوردين، مثل القرار 489 لسنة 2014 الذى يسمح بختم اللحوم المستوردة الخاصة بالعجول المستوردة بغرض التربية، بعد انقضاء فترة الحجر البيطرى، التى لا تتجاوز 40 يومًا، مؤكدًا أن الهيئة أدخلت الحيوانات المستوردة، التى لا تستطيع مقاومة الأمراض المتوطنة فى مصر، مثل الحيوانات المستوردة من أستراليا وأوروجواى والبرازيل والسودان والهند وإثيوبيا، والتى تصبح مفرخات لإنتاج أشرس أنواع الفيروسات، التى بدورها تقضى على الماشية البلدية والمستوردة، كما أن الهيئة لا تقوم بحملات توعية للمواطنين للتخلص من الحيوانات النافقة نتيجة الإصابة بالحمى القلاعية، لمنع انتشار المرض، فحتى الآن لا يعرف المربى الصغير شيئا عن التخلص الآمن من الحيوانات النافقة، ويلجأ للتخلص منها فى المجارى المائية أو تركها فى أى مكان، مما يتسبب فى انتشار الوباء.
ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم محروس رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، إنه تم الدفع بعدد كبير من الأطباء البيطريين بالمحافظات للسيطرة على المرض الوبائى، وتنبيه المواطنين بخطورة التحفظ على الماشية المريضة والتى تظهر عليها أعراض المرض، وتعليمهم الطرق الصحيحة للتخلص من حيواناتهم النافقة، مؤكدا أن ظهور حالات نفوق كان نتيجة تخلى المربين عن تحصين الماشية ضد الفيروس.
وأضاف «محروس»، أن عملية تحصين الماشية لا تكلف الفلاح أكثر من 21 جنيها فى السنة. وأن الهيئة أعدت خطة عاجلة التنفيذ، للسيطرة والقضاء على المرض الذى يزداد شراسة فى فصل الشتاء الحالى، تتمثل فى عمل التحصين الدورى المستمر، مع غلق أسواق المواشى الموجودة بالقرب من بؤرة المرض لفترة معينة من الزمن. وتم دفن الحيوانات النافقة وجارى التحصين فى دائرة قطرها 10 كيلومترات بالقرى التى ظهر بها نفوق الحيوانات مجانا، كما تم تشكيل 4 فرق لتحصين الحيوانات والسيطرة الوبائية على البؤرة وتشكيل غرفة لتلقى أى شكاوى عن وجود حالات مصابة، مؤكدا أن جميع اللقاحات متوافرة فى المديرية، وأنه يتم تغيير السرنجات مع كل حيوان يتم تحصينه.
وأوضح أن الطرق التى يتبعها الأهالى فى التخلص من حيواناتهم النافقة، مثل إلقائها بالترع والمصارف أو حرقها أو رميها على جوانب الطرقات والأماكن الخالية، تزيد من انتشار المرض وخطورته. مطالبا المربين بضرورة الاستجابة إلى تعليمات مديريات الطب البيطرى بالإبلاغ السريع عن الاشتباه فى إصابة حالات بالحمى القلاعية.
وفى سياق متصل كشف تقرير رسمى، للإدارة المركزية للطب الوقائى، بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، عن وجود رصيد كافٍ لمواجهة الأمراض الوبائية خلال فصل الشتاء، وأن إجمالى هذه الجرعات الموجودة فى ثلاجات الهيئة، يصل إلى 22 مليونا و147 ألف جرعة، لمكافحة 6 أمراض وبائية.
وأوضح التقرير أن رصيد الهيئة من لقاحات مرض أنفلونزا الطيور يصل إلى 14 مليون جرعة، و3.5 مليون جرعة لمكافحة الحمى القلاعية، و690 ألفا و500 جرعة لمكافحة الجلدى العقدى للأبقار، و2.730 مليون لمكافحة الجلدى العقدى للأغنام، و861 ألفا و350 جرعة لمكافحة الوادى المتصدع، و366 ألف جرعة لمكافحة طاعون المجترات الصغيرة.
وأشار إلى أن احتياجات التحصين للحماية من مرض الحمى القلاعية تصل إلى 5 ملايين جرعة سنويا، موضحا أن الرصيد الحالى البالغ 3.5 مليون جرعة، يعتبر رصيدا آمنا يكفى الاحتياجات الحالية، ويتم التعاقد بصفة دورية قبل انتهاء الرصيد، بالإضافة إلى انتهاء الهيئة من التعاقد مع معهد الأمصال واللقاحات بالعباسية لإنتاج 45 مليون جرعة من أمصال مكافحة مرض أنفلونزا الطيور، للمساهمة فى احتواء المرض والسيطرة عليه.
وعلى جانب آخر، تداول نشطاء الـ «فيس بوك» قصة جزار «ع . أ» تتبع أحد الفلاحين، بمدينة طهطا، فور مشاهدته له متوجهًا لإلقاء «عجل جاموس» نافق على جانب ترعة نجع حمادى، طريق «طما - طهطا الوسطانى» بسوهاج، للحصول على جيفة العجل، رغم أنه ميت بسبب الحمى القلاعية. وسلخ العجل النافق، تمهيدًا لتقطيعه وتعبئته فى أكياس بلاستيكية، استعدادًا لعرضه بمحله للمواطنين على أنه لحم بلدى طازج. •