الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

الأجانب يسيطرون على 61% من سوق الدواء المصرية

الأجانب يسيطرون على 61% من سوق الدواء المصرية
الأجانب يسيطرون على 61% من سوق الدواء المصرية


على مر السنين استمر العبث بسوق الدواء الحكومى حتى تعرض للانهيار وبات لا يصلح لأى منافسة أمام شركات القطاع الخاص التى توغلت بقوة، خاصة الأجنبية منها حيث استفادت بقوة واستحوذت على الجانب الأكبر من السوق وسط انهيار مستمر لكل المكاسب التى حققتها وباتت القيمة الحقيقية لشركات قطاع الأعمال فى أصولها الثابتة فقط.

بدأ قطاع الدواء الحكومى يعرف طريقه الصحيح إلى مصر عام 1939، حين أنشأ طلعت باشا حرب شركة مصر للمستحضرات الصيدلية والكيميائية، وازدهر هذا القطاع فى الستينيات من القرن الماضى وأصبحت مصر تصدر كميات كبيرة من الدواء إلى الخارج  لأفريقيا وآسيا وبعض دول أمريكا الجنوبية.
• انهيار القطاع الحكومى
بعد سلسلة من الاندماجات والتخلص من بعض الشركات.. أصبحت الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستحضرات الطبية هى الممثل الرئيسى للقطاع الحكومى وتندرج تحتها 11 شركة هى شركة تنمية الصناعات الكيميائية «سيد»، شركة «النيل للأدوية»، شركة «ممفيس للأدوية»، شركة «القاهرة للأدوية»، الشركة العربية للأدوية، شركة «الإسكندرية للأدوية»، شركة النصر للكيماويات الدوائية، شركة الجمهورية للأدوية، الشركة المصرية لتجارة الأدوية، شركة العبوات الدوائية وشركة «مصر للمستحضرات الطبية».
وفى عام 1991 سيطر القطاع الحكومى على 78% من سوق الدواء فى مصر، أما فى 2015 فحقق أقل من 7% وهذا الفارق الكبير ذهب بطبيعة الحال إلى القطاع الخاص وجزء كبير منه للشركات الأجنبية بعدما حصلوا على تسهيلات فى الأراضى والتمتع بإعفاءات جمركية وضريبية وفرض أسعار مغالى فى تقديرها للمنتجات الدوائية.. واكتمل المشهد الكوميدى مع إصرار الحكومة على الاحتفاظ بأسعار عفى عليها الزمن فيوجد 744 منتجا دوائيا تتراوح أسعارها بين 80 قرشا وحتى 33 جنيها، وهذه الأسعار منذ أكثر من 20 سنة ولا تزال مطبقة، أما نفس الأصناف فى القطاع الخاص فيصل بعض الأسعار فيها إلى 263 جنيها، وأحيانا لا يجرى إنتاجها بسبب عدم تحقيقها لأرباح.
واستمر العبث بسوق الدواء فى 2005.. حين قرر أحد وزراء الحكومة نقل جميع شركات الدواء الحكومية إلى أبوزعبل، ورصد 500 مليون جنيه كمرحلة أولى من أجل إتمام هذه الخطة التى جرت من أجل التطوير والبناء، واتضح بعد ذلك أن الخطة الحقيقية هى الاستفادة من أراضى وأصول القطاع الحكومى فى القاهرة ولم يكن يدرك وقتها هذا الوزير أن منطقة أبوزعبل ملوثة للبيئة ولا يصلح فيها إقامة أى مصنع للدواء وجرى إجهاض الخطة فى 2008.. وطوال الثلاث سنوات التى جرى الإعداد فيها للخطة كانت أى مطالب للشركات الحكومية يجرى تأجيلها لحين الانتقال إلى هذه المنطقة الملوثة، وجرى استكمال الانهيار.
وتمثل الشركة المصرية لتجارة الأدوية علامة فارقة فى تاريخ القطاع الحكومى.. حيث كانت تمثل ركيزة أساسية فى جلب المنتجات الدوائية من الخارج التى لا غنى عنها فى السوق المصرية بداية من الأنسولين، أدوية الأورام وألبان الأطفال، ويجرى تكبيلها، لاسيما أن الحكومة مدينة لها بـ 900 مليون جنيه ولم يجر تسديدها حتى الآن.
• القطاع الخاص يسيطر
كان طبيعيا أن تحقق سوق الدواء فى القطاع الخاص فى عام 2015 مبيعات تقدر بـ 33 مليار جنيه.. وذلك دون حساب القطاع الذى تشرف عليه الشرطة أو القوات المسلحة، أما القطاع الحكومى فلا يمثل فى السوق إلا 7% من حجم السوق على أقصى تقدير.
أما بالنسبة للأجانب فيملكون 61% من سوق صناعة الدواء فى مصر، وهو ما يدل على حالة التوغل الشديد من بيوت الخبرة العالمية من أجل الاستفادة من الأمراض المتوطنة بين الشعب.
 فى آخر إحصائية صادرة من منظمة «أى إم إس» للمعلومات.. جرى الكشف فيها عن حجم مبيعات القطاع الخاص فى سوق الدواء حيث تصدرت شركة «جلاكسو سميث كلاين» الإنجليزية حجم المبيعات فى مصر بمبلغ 2.528 مليار جنيه، أما المركز الثانى فكان من نصيب شركة «نوفارتس» متعددة الجنسيات، ومقرها سويسرا وحققت مبيعات فى 2015 وصلت إلى 2.467 مليار جنيه.. وجاء المركز الثالث شركة «سانوفي» الفرنسية بمبيعات وصلت إلى 1.695 مليار جنيه.
وفى المركز الرابع جاءت شركة فاركو بمبيعات بلغت 1.518، وفى المركز الخامس شركة «إيبيكو» ووصلت المبيعات إلى 1.420 مليار جنيه، وفى المركز السادس شركة «أمون» التى استحوذت عليها شركة «فالينت» الكندية بمبيعات بلغت 1.165 مليار جنيه، وجاءت شركة «فايزر» الأمريكية بعدما حققت مبيعات بـ 1.023 مليار جنيه فى المركز السابع، ثم «إيفا فارما» فى المركز الثامن بمليار جنيه مبيعات، وشركة «ماركيرل» التى بدأت تحصل على أدوية الفيروسات الكبدية وحققت مبيعات بـ 651 مليون جنيه ثم شركة «إم إس دي»  الأمريكية.. وحققت مبيعات بـ 625 مليون جنيه، وشركة «الحكمة» الأردنية وحصلت على مبيعات       بـ 592 مليون جنيه، وشركة «جلوبال نابي» وبلغت مبيعاتها 586 مليون جنيه.
• الدواء أمن قومى
أكد «محمود فؤاد» مدير «المركز المصرى للحق فى الدواء».. أن الأنظمة السابقة مكنت القطاع الخاص من الحصول على تسهيلات أكثر ونفوذا أكبر للسيطرة على سوق الدواء فى مصر من القطاع الحكومى.. وأضاف فؤاد إن التساهل فى منح القطاع الخاص أغلب المميزات قابله فى الجبهة الأخرى إهمال للشركات الحكومية، فجرى حجب جميع خطط التطوير وعدم الاستعانة بالكفاءات العلمية لتذهب إلى الشركات والمصانع الخاصة، فضلا عن عدم تعيين شركات جديدة.
واستكمل فؤاد حديثه أن القطاع الخاص لا يفكر إلا فى تحقيق الأرباح دون مراعاة لأى تسهيلات قدمتها الدولة له.
وأكد فؤاد أن الدواء أصبح أحد العوامل المؤثرة فى القرار السياسى وقد جرى تقديم مذكرة إلى السيد رئيس الجمهورية، من أجل الاهتمام بالسوق الحكومية ويكفى أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كشف عن أن 58 مليون مواطن مصرى ترددوا على المستشفيات فى عام واحد، ونحن بحاجة إلى قطاع حكومى يحقق أرباحا لأنها خط الدفاع الأول للمريض المصرى.
وتطرق فؤاد إلى أن الشركات فى القطاع الخاص تحقق نموا يبلغ فى بعض الأحيان 14 % بينما فى القطاع الحكومى فأحيانا لا يتجاوز النمو 2%.
وحذر فؤاد من خطورة ما تقوم به كل من إسرائيل وإيران من التوسع فى بناء مصانع إنتاج الأنسولين والاتجاه إلى توفير منتجات كبيرة فى أفريقيا من أجل لعب دور فى صناعة القرار هناك بمساعدة من إحدى الشركات الدنماركية، وأن الدولة المصرية تنبهت لخطورة الموقف وبدأ الاعتماد على كيانات مصرية ووطنية لإنتاجه بضخ 50 مليون جنيه لحماية المواطن، خاصة أنه فى عام 2002 ضغطت إحدى الشركات فى الدنمارك.. وهى الأولى فى انتاج الأنسولين فى العالم وحرمت بعض الدول العربية منه على خلفية الرسوم المسيئة للرسول وحدثت بعض حالات الوفيات بسبب هذه الخطوة ونفس الأمر تكرر فى عام 2005، حين ضغطت بعض شركات الدواء الأمريكية على مصر من أجل عدم تسجيل الدواء كما جاء فى اتفاقية التجارة العالمية، ومن جانبه أكد الدكتور جلال غراب - رئيس الشركة القابضة للأدوية السابق - أن القطاع الحكومى يحقق أرباحا ولكنها قليلة للغاية ولا تتناسب مع حجم ما يمتلكه من بنية تحتية، مشيرا إلى أن عمليات تعيينات الموظفين العشوائية بعد الثورة تسببت فى مزيد من التهالك للقطاع، فضلا عن مطالب بعض العالمين بالحصول زيادة وحوافز فى المرتبات مما زاد من الضغوط عليه.
وأضاف غراب إنه كان لديه اقتراح بأن يجرى نقل جميع شركات الدواء إلى الصحراء والاستفادة من ثمن الأراضى والأصول التى تمتلكها شركات القطاع العام، من أجل إعادة تطويره، ولكن لم يجر التنفيذ، مشيرا إلى أن الشركات الحكومية تعانى فى الفترة الأخيرة.•