الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

لا تؤجل اعتذار اليوم إلى الغد!

لا تؤجل اعتذار  اليوم إلى الغد!
لا تؤجل اعتذار اليوم إلى الغد!


الاعتذار هو أرخص دواء لعلاج أى مشكلة صغيرة أو كبيرة بين شخصين سواء كانا زميلين أو زوجين أو حبيبين .
الاعتذار الصادق هو أسهل وسيلة لرد الاعتبار إلى شخص أخطأنا فى حقه،  فما بالك لو جاء الاعتذار من زوج لزوجته أو حبيب لحبيبته .
الاعتذار فضيلة مهمة وضرورية فى حياتنا ولكن للأسف الشديد فإن الثقافة السائدة فى حياتنا تهمل وتتجاهل هذه الفضيلة..
فالبعض يظن- للأسف- أن الاعتذار هو استسلام وضعف فى الشخصية بينما الصحيح هو العكس، فمن يعتذر هو صاحب الشخصية القوية السوية الواثقة من نفسها، التى لا يقلل من مكانتها شيء إذا اعتذر لو أخطأ!
• عن الاعتذار نتحدث!
ما أكثر الصداقات وقصص الحب التى تحطمت بسبب غياب هذه الثقافة وما أكثر المشاحنات والخلافات بين زملاء العمل لأسباب تافهة ربما يحلها وينهيها كلمة اعتذار صادقة نابعة من القلب.
ولكن المشكلة الأكبر والأخطر تأتى فى الحياة الزوجية، فإن معظم علماء النفس يؤكدون أن الاعتذار بين الزوجين ضرورة صحية ونفسية وعاطفية لاستمرار العلاقة بينهما.. ويقول علماء النفس إن الاعتذار فن يجب أن نتعلمه ولكن للأسف الشديد فإن الثقافة الذكورية السائدة فى مجتمعنا تمنع تعلم هذا الفن الضرورى جدا للحياة الزوجية الناجحة، فالثقافة السائدة فى مجتمعنا ترى أن الاعتذار ضعف للرجل وأنه يقلل من رجولته ومكانته وهيبته فى نظر زوجته وربما للمجتمع حوله أيضا!!
وأذكر شكوى زوجة لى كلامها يؤكد هذا الكلام عندما قالت إن زوجها عندما يخطئ يعتذر لها ولكنه للأسف يطلب منها ألا تخبر أحداً بهذا الاعتذار، خاصة أمه حتى يتفادى توبيخها له ومعايرته بأنه بالاعتذار يكون ضعيفا وناقص رجولة وأن الرجل الحقيقى لا يعتذر أبدا لزوجته مهما كانت الأسباب حتى لا تقوى عليه و«تتمرع»، فهكذا ربته أمه على هذه المبادئ والثقافة الخاطئة للأسف!! وبالطبع وللأسف هى سائدة بكثرة فى مجتمعنا!!
• علاج نفسى
زوجة ثانية شكت لى أن زوجها عمره ما اعتذر لها ولو مرة واحدة طوال حياتهما الزوجية معا التى يمتد عمرها لـ30 عاما وأنجبا خلالها ثلاثة أبناء!!
تقول: أنا مندهشة وحزينة جدا لدرجة أنى أصبت بالاكتئاب عدة مرات على مدى الـ30 عاما ولجأت للعلاج النفسى والعقاقير والسبب أن زوجى دائم الخطأ فى حقى وشديد القسوة وعنيف وعنيد وتحملت كل هذه السخافات منه من أجل بقاء واستمرار أسرتى ومن أجل أبنائى كى لا يتشردوا لو تم طلاقي، ومع ذلك لم يعتذر لى ولا مرة واحدة.. وعندما سألته عن سبب عدم اعتذاره قال: هو أنا عيل أعتذر لمراتي؟! ثم إنى لم أخطئ فى حقك أبدا أنا لا أغلط أبدا..أنت اللى بتغلطى دايما وأنت السبب فى كل المشاكل!!
تقول لي: تصورى هو يرى نفسه قديسا لا يخطئ أبدا، شوفى غروره وصل لفين؟! هو فيه حد فى الدنيا لا يخطئ؟!
والإجابة بالطبع عن تساؤلها، فأنا أقول إننا كلنا بشر ضعفاء غير معصومين من الخطأ، فكلنا بالتأكيد معرضون للخطأ طوال الوقت، ولكن الفرق أن هناك بشراً يخطئ طوال الوقت، ولكن الفرق أن هناك بشراً يخطئون ويعترفون بخطئهم ويعتذرون وهؤلاء هم الأقوياء جدا والأسوياء، وهناك آخرون يخطئون طوال الوقت ولا يعترفون، وبالتالى لا يعتذرون وهؤلاء مرضى وضعفاء وغير أسوياء على الإطلاق!!
• الاعتذار الصادق
هناك أيضا مشكلة عند بعض الأزواج أنهم لا يقيمون معنى الاعتذار الحقيقى الصادق النابع من القلب ويتصورون أنهم «سى السيد» فى البيت، وأنه صاحب الأمر والنهى والتحكم فى كل شيء وحتى لو أخطأ، فلا يحق لأحد أن يطالبه بالاعتذار لأنه ينتقص من رجولته ويهين كرامته ولكن هناك أيضا مشكلة أكبر وأعمق عند بعض الأزواج أيضا، هى الاستسهال الشديد فى ارتكاب الأخطاء بشكل متكرر وإنه كل ما عليه هو أن يعتذر لزوجته لكى يرضيها ولكن بمرور الوقت وعندما يصبح الاعتذار بمثابة «اللبانة» التى يمضغ فيها مئات المرات فهنا تدرك الزوجة أنه اعتذار وهمى وكاذب وشكلى فقط والهدف الوحيد منه هو أن زوجها يريد فقط أن يشترى دماغه والزوجة ذكية وحساسة جدا وستدرك ذلك على الفور وهنا تدرك أن زوجها يضحك عليها ويستغفلها ومن هنا ستزداد المسافة والفجوة العاطفية والنفسية والجسدية بينهما لأنه سيكون اعتذاراً بلا معنى ولا داعى له «وزى قلته».
• الاعتذار باللافتات
والجدير بالذكر هو انتشار شبه ظاهرة فى مجتمعنا الآن وهى اعتذارات الرجال لزوجاتهم أو حبيباتهم بلافتات وإعلانات فى الشوارع وعلى الكبارى فى القاهرة والإسكندرية ومحافظات عديدة فى وجه بحرى وقبلي.
ففى القاهرة وتحديدا على محور 26 يوليو فى الطريق المؤدى إلى الشيخ زايد فوجئ المارة بلافتة كبيرة معلقة مكان لوحة الإعلانات الضخمة وضعها شاب وكانت مكتوبة باللغة الإنجليزية وكان يعتذر فيها لحبيبته ويطالبها بمسامحته وإعطائه فرصة أخرى وأكد لها أنه بيحبها حقيقي.. ويقال إن هذا الإعلان كلفه نحو مائة ألف جنيه!!
وفى مصر الجديدة وتحديدا فى شارع الحجاز شاهد أهالى المنطقة لافتة معلقة فى الشارع كتب عليها أحد العشاق معتذرا لحبيبته قائلا: «أنا آسف يا عمري.. وعمر ما هزعلك من تاني!»..
وفى المنصورة فاجأ شاب حبيبته التى تدعى «مريم» بلوحة إعلانية كبيرة يعتذر من خلالها عن كل ما بدر منه. وفى محافظة الدقهلية أيضا اعتذر شاب اسمه حسن لحبيبته بتعليق لافتة كبيرة على لوحة إعلانات أمام نادى جزيرة الورد بالمنصورة يطلب منها أن تسامحه ومنحة فرصة أخرى وكانت اللافتات باللغة الإنجليزية كتب عليها: «أحبك يا روش واعتذر بشدة على كل شيء سيئ فعلته لك».. إحدى اللافتات التى كانت مثيرة للجدل كانت فى محافظة بنى سويف، حيث فوجئ أهالى منطقة بنى سويف الجديدة بلافتة كبيرة بعرض الشارع بجوار نادى المعلمين مكتوب عليها: أنا آسف «بحبك» ومرسوم عليها حرفان من أول اسمه واسمها باللغة الإنجليزية، وفى بنى سويف أيضا وفى حى الزهور كانت هناك لافتة كبيرة من القماش معلقة على مدخل الحى مكتوب عليها بخط عريض «آسف» وبجانبها رسم لقلب كبير باللون الأحمر.
وفى النهاية علينا أن نتذكر جميعا مقولة الشاعر الفرنسى «جوتة»: تصحيح الخطأ يصنع الكثير!! •