زارنا فى «صباح الخير» بخيت بيومى: نعيش حالة «توهان» إلا أننى أعيش فى الأرض مرحاً !!

مي الوزير وريشة عصام طه
بخيت بيومى من عشاق الصبوحة، جاء إليها والمؤسسة مبنى من خمسة أدوار، جلس على مكتب الفنان حجازى، وبعد عشرين عاماً جاء ليزور الصبوحة فى مقرها فى مبنى المؤسسة فى الدور السابع، وأعادته أروقة الصبوحة وبورتريهات فنانيها المنتشرة على الجدران إلى أيام الشباب ودعا لها بدوام الشباب وأن تظل على عادتها باحتضان الشباب وأن يرزقها الله بكتيبة من رسامى الكاريكاتير ومن الشعراء والصحفيين الموهوبين خفيفى الظل.. الشاعر الكبير صاحب الألف فزورة والألف موال جاء إلى صباح الخير ليحكى لنا عن تاريخه وكيف كانت بداية المشوار.
• البداية
أنا عاصرت حوالى ثلاثة أجيال، وأنا أعتبر نفسى سعيد الحظ أننى ولدت فى القرن العشرين لأن وقتها مصر كانت حُبلى بالعظماء فى كل المجالات سواء الأدب أو الشعر أو الصحافة والموسيقى والطب وكل المجالات، مصر كانت على موعد مع شخصيات غزت كل المواقع، ففى تخصصى مثلاً بيرم التونسى، صلاح جاهين، فؤاد حداد أساتذة الشعر الغنائى ولدوا فى القرن العشرين.. أما أنا فولدت فى قرية من ريف الدقهلية، وجئت للقاهرة لأبدأ المشوار الفنى ولم أعمل بوظيفة سوى الفن، جئت وثروتى الوحيدة هى حفظى للقرآن الذى كان وصية والدتى التى توفيت وأنا فى سن السادسة، وتعلمت من ثقافة القرآن وتعاليمه الكثير الذى أفادنى طوال مشوارى الفنى، كنت شغوفاً بالقراءة ومازال لدى أغلفة مجلة صباح الخير فى أعدادها الأولى.
وتعلمت من أمثال «ستى آمنة» وعندما هاجرت لم أكن أعلم أننى سأسير فى هذا المشوار الجميل فى متاعبه، وإصراره وفقره، كذلك وفى شهرته، تركت القرية وجئت إلى القاهرة ودخلت جامعة العوالم، لم أعد إلى القرية ولكنى أخذت منها أجمل ما فيها، أدب القرية وتعاليمها، أصبحت ابن البلد الفلاح حافظ القرآن الذى رغم عيشته وعمله فى شارع محمد على كان محافظاً على مبادئه وأصوله.. طموحى بعد نزولى إلى القاهرة لم يكن لإيجاد وظيفة بل إيجاد مطربة تغنى لى أغنياتى، كنت أبيع الغنوة وقتها بـجنيهين، وفى السبعينيات كان مبدئى هو أكون أو لا أكون، ولم أحتج شيئاً من أهلى أو والدى وظللت أعمل، لم أشتغل فى الفن بل عشت بالفن ومازلت أمشى فى الأرض مرحاً وإذا مر يوم على بدون ضحكة فهو غير محسوب من عمرى، وعندما بدأ اسمى يطرح فى وسط الكواكب حسين السيد ومأمون الشناوى ومرسى جميل عزيز، وكان من حسن حظى أيضاً أن أحبتنى أسرة الموجى وأصبحت فرداً من الأسرة وتعلمت كل التقاليد المدنية الجميلة من هذه الأسرة. وإذا رأيتم فى من جماليات أو أصول فهو بسبب ما تعلمته من مدرسة أسرة الموجى، تعلمت كل ما هو جميل.
• صاحب الألف فزورة والألف موال
أول من غنى لى بعد 8 سنوات فى جامعة العوالم «شارع محمد على» كانت ليلى مراد فى آخر أيامها، وبعدها دخلت إلى الإذاعة، غنى لى محمد العزبى ومحمد قنديل «إزى الصحة إزى الحال» ووردة «جيت فى وقتك».
كتبت أغانى أكثر من 60 مسلسلاً للإذاعة والتليفزيون، وحوالى 600 غنوة، مجموعة كبيرة من الإعلانات التى حققت شهرة واسعة مثل «اجرى بسرعة يا واد يا حسين» لمنتج «ريرى» الذى تقاضيت عنه 20 جنيهاً فى أوائل السبعينيات وهى كانت ثروة، وكتبت إعلان شركة مصر للتأمين، وبعد فترة اكتشفت أن أصعب أنواع الكتابة هو كتابة الموال والفوازير والإعلان، وقدمت أشهر أغنية أطفال حتى الآن وهى «حلوة يا زوبة» التى غناها محمود ياسين، لا يوجد فن كتابة لم أخضه وأكتبه، أنا من الجيل المتفرد حتى فى مجال الصحافة، حتى أننى علقت على مباريات كرة القدم وقدمت لها تحليلا بدأته فى مجلة الزمالك فى السبعينيات، وفى الثمانينيات قدمت تعليقاً فى إذاعة صوت العرب فى برنامج قصاقيص تحت عنوان «بخيت بيومى ومندوبة طرزان وكلام فى الجول».
عشت عمرى كله للفن وحتى إننى لم أندم على قرار عدم الزواج أو الانجاب لأن رجلاً مثلى لا يصلح أن يكون رب أسرة ولا يصلح سوى أن يكون مسئولاً عن بخيت بيومى فقط.
• جيت فى وقتك يا حبيبى
• حدثنا عن الأغنية التى تعد نقلة فى مشوارك؟
- «جيت فى وقتك يا حبيبى» التى غنتها وردة، وكذلك كتبت فى شارع محمد على أغنية اسمها «أحمد يا عُمر ماتبصش للقمر» وغنتها شويكار بعد ذلك فى مسرحية، كتبت لشويكار وفؤاد المهندس كلمات حوالى ستة مسلسلات إذاعية.
• الفوازير
قدمت مع آمال فهمى الفوازير على مدار 17 عاماً وكان يصلها ملايين الجوابات على هذه الفوازير، فأنا الشاعر الوحيد الذى أدخل الثقافة فى الفزورة، وكنت أعد للفوازير قبل رمضان بثلاثة شهور، وهناك دكتورة فى جامعة الأزهر اسمها إيناس إبراهيم قدمت دراسة عن فوازيرى وكيف قدم بخيت بيومى الفزورة فى شكل ثقافى لمدة سبعة عشر عاما متواصلة إلا أن فوازير نيللى، كانت نقلة بالنسبة لى وقدمت فيها اختراعات حاول من جاءوا بعدى تقليدها، والبلوكات الكوميدية وكلها مدارس بخيتية النزعة.
• أين هى المواهب على الساحة الآن؟
- أنا محظوظ أنى عشت وسط العمالقة والفنانين، ولكن الفن فى انحدار رغم أن مصر مليئة بالمواهب ولكن صناع المواهب ماتوا، بدليل أنه كانت هناك صاحبة صوت رائع اسمها آمال ماهر، ضلت طريقها لأنها لم تجد من يدير موهبتها بشكل جيد ويوجهها، كان يجب أن تولد فى عصر مأمون الشناوى ليكتب لها غنوة أو الموجى أو بليغ حمدى، فليس هناك وردة أخرى أو نجاة أو فايزة أحمد، لذلك الموجودون فى هذا العصر مظلومون سواء مطربين أو شعراء، فالموسيقى الآن تقدم بالقطعة والتركيب وهذا هو سبب الأزمة التى تعيشها الأغنية الآن، لك أن تتخيلى أن فى حدث مثل افتتاح قناة السويس لم تقدم الإذاعة المصرية عملاً عنها لعدم وجود ميزانية فى الإذاعة.
• هل التركيبة النفسية للمصرى تغيرت وفقد خفة ظله المعهودة؟
- المصرى دمه بقى تقيل، لأنه عريان وعايز يتغطى الأول، فالحالة الاقتصادية عامل كبير ولو ضحك على النكتة يضحك من شفايفه وليس من قلبه، والمونولوجست أصبح «مقلدست» وبرحيل سيد الملاح لم يعد هناك «فن مونولوج»، فالفن أصبح مهنة من لا مهنة له وأصبحنا فى حالة توهان.
• لماذا لم تعد هناك أغنية وطنية تعبر عنا ونستعير فى المناسبات الوطنية الأغانى القديمة فقط؟
- لأنه لم يعد هناك شعراء، والموهوبون منهم أصبحوا يُعدون على أصابع اليد، الشاعر الموهوب الآن تاه حتى لو مطرب صوته جيد من الصعب أن يُحسن الاختيار، فعبد الحليم حافظ لم تكن موهبته فى صوته فقط بل كان يجيد إدارة موهبته وهذا هو سر نجاحه والمؤلف الموجود الآن مؤلف عشوائى، والموهوبون المعنيون بوطنهم يُعدون على أصابع اليد الواحدة وأصبح هناك خلط بين الشعر وبين الشعر الغنائى ونحن بحاجة إلى ثقافة وموهبة.
• إذا استطعنا المقارنة بين شعراء القرن العشرين والواحد والعشرين، هل ستكون منصفة؟
- الشاعر الموهوب الآن تائه، فكل شعراء القرن العشرين ومنهم أنا كنا نكتب لـ «محمد رشدى»، ووردة ومحمد قنديل، فإذا نظرت إلى المناخ العام فكيف يكتب الشاعر وخلفيته بهذا الشكل المتردى.
• ومن من المطربين تراه يعبر عن جيله؟
- على الحجار يعبر عن جيله، مدحت صالح «لسة باقى فيه شوية» محمد الحلو «الحلو فيه كان زمان»، هانى شاكر «حلو قوى لمنصب النقيب»، شيرين لم تجد الملحن الـلى «يبروزها»، آمال ماهر كان يجب أن تُخلق قبل ثلاثين عاماً، «عمرو دياب» صوره على الكبارى حلوة قوى ياريت يزودها شوية.
• مشروعك الحالى؟
- أنا منشغل الآن بحلقات «الأستاذ أخلاق» عمل إذاعى وتليفزيونى.
• الدنيا؟
- زى السيما، وبنتفرج أصل حكاية الفيلم علينا، هى بتجرى واحنا بنجرى وبنتفرج على بعضينا.
الحب، خرج ولم يعُد ومن يجده يتصل ببهية وياسين أو روميو وجولييت.
الزواج، شركة مساهمة لإنجاب الأطفال والمشاكل والسعادة أحيانا.•