ليالى الأنس والفن والجمال فى فيينا

إذا حلمت أن تختار مدينة رمزا للرفاهية لتزورها، فهل توقعت أن تكون فيينا هى المرشحة الأولى بين مئات المدن، لحصولها لسبع سنوات متتالية حتى الآن على المركز الأول كالمدينة الأفضل من حيث نوعية المعيشة؟

وإذا شعرت بالدهشة لذلك، فهل تدرك أن تلك المدينة التى بدأت معسكرا رومانيا حدوديا- ثم تطورت لتكون مركز الامبراطورية الرومانية المقدسة، ثم عاصمة الامبراطورية النمساوية المجرية حتى انهيار الامبراطورية فى أعقاب الحرب العالمية الأولي- أصبحت الآن وريثة تلك الحضارة بثرائها الثقافى والمعمارى والموسيقى، وبقصورها ومتاحفها وحدائقها المشيدة على الطرازات الكلاسيكية والباروك والقوطى والآرت ديكو، حتى تم اختيارها مقرا للعديد من المنظمات الدولية؟
فلماذا تحديدا سيسعدك أن تقضى إجازتك فى فيينا؟
أولا: إذا كنت من محبى زيارة القصور، فستجد فى وسط فيينا القصر الامبراطورى الهوفبورج المبنى منذ القرن الثالث عشر، وبه متحف لمجوهرات التاج وآخر لزوجة الامبراطور الشهيرة بجمالها سيسى، كما يمكنك زيارة قصر شونبرون الصيفى، والذى تتجاوز مساحته بحدائقه مساحة إمارة موناكو، وتحوى عدة مسارح وحديقة للحيوان، بالإضافة إلى قصر البلفيدير المكون من جزءين بينهما حديقة ويحتويان على لوحات قيمة ومقتنيات فنية.
ثانيا: إذا كنت من هواة زيارة المتاحف ستجد أكثر من مائة متخصصة فى كل شيء بدءا من اللوحات والمجوهرات والتراث الشعبى والفنون التطبيقية والعلوم حتى متحف الشوكولاتة، لكن أشهرها متحف تاريخ الفن ويتضمن اللوحات التى جمعتها الامبراطورية النمساوية طوال تاريخها المجيد لسبعة قرون، وأمامه متحف التاريخ الطبيعى الذى يحتوى على الأحياء والآثار والصخور المكتشفة الدالة على تطور الحياة على الأرض. والمتحفان الأخيران يقعان فى وسط المدينة أمام قصر الهوفبورج.
ثالثا: إذا كنت تحب زيارة الحدائق، فهى منتشرة فى أرجاء فيينا، وأهمها بالقرب من وسط المدينة حديقة الشعب وحديقة المدينة، بالإضافة إلى حديقة قصر شونبرون التى يستغرق التجول فيها بعربة الخيل المميزة الفياكر حوالى الساعة. وتحوى أشجارا ونباتات على الطراز الفرنسى والإنجليزى للحدائق.
رابعا: إذا كنت تهوى الموسيقى الكلاسيكية فأنت فى مركزها فى أوروبا بملحنيها الأشهر شتراوس الأب والابن وموتسارت، وفى مسارحها الأعرق فى أوبرا فيينا التى تعرض سنويا خمسين أوبرا وعشرين باليه، وفى قاعة رابطة الموسيقى الأفضل عالميا فى تجهيزات الصوت، والتى تقدم فى نهاية العام الكونسيرت المذاع على عشرات من قنوات التليفزيون، حيث يحضره المشاهير من دول العالم، بالإضافة لحفلات الفالس الأنيقة والتى تبدأ فى فبراير من كل عام، وقاعات استماع أخرى فى الحدائق والقصور والمسارح.
خامسا: إذا كنت من عشاق فن العمارة فستجد فيينا معرضًا ثريًا زاخرًا بطرز الباروك والكلاسيك والقوطى والآرت ديكو المسمى طراز الشباب، خاصة الشارع الدائرى المسمى الرينج أى الخاتم المحيط بوسط المدينة، وتعتبره اليونسكو محمية ثقافية، لأن كل مبنى فيه تحفة معمارية ثرية، كما توجد به أفخم الفنادق، وستجد طرازات معمارية رائعة للكنائس القوطية مثل الدوم أو كاتدرائية سان استيفان والباروك وأشهرها كنيسة كارل وكنيسة القديس بطرس، غير الكنائس الجميلة الأخرى ككنيسة القديس فرانسيس أسيسى.
سادسا: إذا كنت تهوى زيارة الملاهى وأماكن الألعاب والرياضة، فمن أكبر ملاهى أوروبا منطقة البراتر وتحوى ألعابا للتسالى والمغامرة ومحمية طبيعية ومناطق لمزاولة الرياضة واستادًا كرويًا حديثًا. ويبلغ طول الشارع الرئيسى للمنطقة خمسة كيلومترات محاطًا بأشجار الكستناء، كما تتيح فيينا فى أحيائها المختلفة حمامات سباحة شعبية ومصحات وأماكن استشفاء غير الغابات المحيطة الحافلة بأشجار البلوط والزان، والتى تتم فيها ممارسة رياضة التجوال، وحيث إن نصف مساحة فيينا من المناطق الخضراء.
سابعا: إذا كنت تريد التعرف على العادات الغذائية المميزة فيمكنك ارتياد المقاهى الأنيقة التى يتجمع فيها أبناء الحى والسياح، حيث يمكن مع المشروبات والأطباق الرئيسية والحلويات الاطلاع على الصحف والتسامر وربما سماع موسيقى البيانو. ومن الحلويات المميزة كعكة زاخر وشطيرة التفاح. وفى المساء يتلاقى النمساويون أحيانا فى مطاعم تقليدية للأطباق الخفيفة والسمر ويسمونها الهويرجا والتى تحوى عادة قاعات مغلقة وأخرى مفتوحة بالحديقة لفصلى الصيف والربيع، هذا بالإضافة للمطاعم الراقية والمعتادة المنتشرة فى الأحياء لإرضاء مختلف الأذواق.
وللناش ماركت الذى يعرض مأكولات من أنحاء العالم وبجانبه سوق «البرغوث» لبيع التحف المستعملة.
ثامنا: أما هواة التسوق فسيجدون فيينا مركزا للبضائع الراقية كالمنسوجات والمجوهرات بالقرب من القصر الامبراطورى هوفبورج بوسط المدينة فى شوارع المشاه كيرتنر وجرابن والحى الذهبى وحيث تحوى المتاجر أرقى العلامات التجارية، وذلك بالإضافة لشارع مارياهيلفر الشهير، وكذا منطقة باندورف أوتليت التى تبعد حوالى 45 كيلومترًا عن فيينا وبها أكثر من 170 متجرا عالميا تبيع منتجاتها بتخفيضات تصل أحيانا إلى 70%.
فيينا حلم وليالى أنس تنتظرك، لتحقق الحلم.•