الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

القانون المصرى.. يحمى أعمال المبدع من السرقة

القانون المصرى..  يحمى أعمال المبدع من السرقة
القانون المصرى.. يحمى أعمال المبدع من السرقة


تأليف: د.عمرو شكرى
دائماً وقبل أى شيء يجب علينا أن نكرر الشكر والامتنان للدكتور المستشار عمرو شكرى عن هذا الكتاب والمحتوى الذى يناقش دور التكنولوجيا الحديثة فى إيقاف الانتهاكات التى تقع على الأفلام والأغانى باستخدام شبكة الإنترنت التى كما سبق أن ذكرنا بالحلقة الماضية أنها الأهم بالنسبة للمبدعين، تحدثنا بالحلقة الماضية عن الحقوق الاستئثارية على شبكة الإنترنت، والحقوق الاستئثارية أسفل اتفاقيتى «بيرن» و«روما»، و«التربس» و«الويبو»، وأيضاً الحقوق الاستئثارية أسفل القانون المصرى 2002/82 والأهم من ذلك هو معرفة أنواع التكنولوجيا الحديثة ودورها فى إيقاف التعديات، وكيف يمكن للكمبيوتر الشخصى التصفح على شبكة الإنترنت، وأنواع التكنولوجيا الحديثة المستخدمة فى إيقاف أفعال القرصنة، واستخدام التكنولوجيا الحديثة أسفل قضية «سابام» وهو ما ذكرناه بالحلقات السابقة، أما حلقة اليوم فسنتحدث فيها عن أهمية وأنواع وطبيعة الأوامر الوقتية، وأيضاً الأوامر الوقتية أسفل النظم الدولية المختلفة، والأوامر الوقتية أسفل القانون المصرى 2002/82.
يقول المؤلف عن حلقة اليوم فى كتابه:
«سبق وأن شرحنا فى المناقشات السابقة أن التكنولوجيا الحديثة، وإن كان يمكن من خلالها أن تساعد المستخدمين فى نسخ وإتاحة النسخ غير المشروعة على ملايين الناس من المستخدمين الآخرين بدون إذن من أصحابها بما يصيبهم بخسائر فادحة تعرض صناعتهم للانهيار، إلا أنه فى ذات الوقت هذه التكنولوجيا يمكن أن تستخدم بطريقة يمكن من خلالها إيقاف أى أفعال يمكن أن تمثل انتهاكا على حقوق الملكية الفكرية الرقمية. السؤال الذى يحاول هذا الجزء من البحث أن يجيب عنه هو: هل يستطيع أصحاب الحقوق إصدار أمر وقتى من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الاقتصادية المختصة يلزم بها مقدمى الخدمات باستخدام التكنولوجيا الحديثة لرفع المحتوى وغلق المواقع التى تحتوى على أعمال غير مشروعة، كما سبق وأن شرحنا فى الفصل الثانى، أن قانون الملكية الفكرية المصرى رقم 82 لسنة 2002 منح المبدعين حقا استئثاريا من شأنه منع أى أحد من نسخ أو إتاحة أعمالهم للجمهور بدون إذن مسبق منهم ويحق لهم بناء على ذلك اتخاذ الإجراءات القانونية ضد أى معتد أمام المحكمة الاقتصادية. ومن ضمن هذه الإجراءات، ما نصت عليه المادة 179 من قانون حقوق الملكية الفكرية والتى منحت لهم الحق فى التقدم بطلب إلى القاضى المختص لإصدار أمر وقتى لإثبات واقعة التعدى والتحفظ على الأدوات المستخدمة فى إحداثه بهدف إيقاف هذا التعدى وإثبات مسئولية المنتهك. ولكن السؤال المثار الآن يمكن لأصحاب الحقوق استخدام نص المادة 179 من القانون سالف الذكر كسند قانونى لإلزام مقدمى الخدمات فى استخدام التكنولوجيا فى منع الانتهاكات التى تقع من المستخدمين على الشبكة الخاصة بهم؟ للإجابة عن هذا السؤال لابد أن نوضح أهمية وأنواع وطبيعة التدابير الاحترازية فى إنفاذ حقوق الملكية الفكرية الرقمية أولا، يليها مناقشة الشروط التى أوجبت اتفاقيتى «التربس» 1994 و«الويبو» 1996 توافرها لصدور مثل هذا الأمر، يعقبها دراسة تحليلية بين نصوص الاتحاد الأوربى والقانون المصرى الذى ينظم مثل هذه التدابير، وصولا إلى الإجابة على هذا السؤال. 
• أهمية الأوامر الوقتية
أقرت المفوضية الأوروبية فى اجتماعها الذى عقدته فى بروكسل عام 2010 بأهمية الدور الذى تلعبه الأوامر الوقتية فى إيقاف أعمال القرصنة على شبكة الإنترنت. وفى هذا الخصوص قالت إن السرعة التى يصدر فيها الأمر تتفق مع التطور التكنولوجى فى أعمال القرصنة، وهو أمر أفضل من اللجوء إلى المحاكم الموضوعية التى تتطلب وقتا طويلا حتى صدور حكم مُنْهٍ للخصومة. وأضافت المفوضية أيضا أن الأوامر الوقتية من شأنها أن تلزم مقدمى خدمات الإنترنت فى إيقاف أعمال القرصنة التى تقع أو التى من الممكن أن تقع من مستخدميهم فى المستقبل، وهذا من شأنه أن يساعد بصورة فعالة فى إنفاذ قانون حقوق الملكية الفكرية. وهنا المفوضية قد قسمت الأوامر التى تصدر فى هذا الصدد إلى نوعين: أوامر احترازية وأوامر وقتية مانعة. الأولى تعنى إلزام مقدم الخدمة باستخدام التكنولوجيا الحديثة لمنع حدوث أى انتهاكات فى المستقبل يمكن أن تقع على الشبكة الخاصة به. أما الأوامر الوقتية المانعة تعنى أن يتيح مقدمو الخدمات لأصحاب الحقوق وسائل تكنولوجية من شأنها أن تساعدهم فى تحديد العمل غير المشروع لرفعه وإيقاف استمرار التعدى عليه.
•  أسفل النظم الدولية
الغرض من هذا المبحث هو تحديد أهم المبادئ الأساسية المنصوص عليها فى مواد قانون الإنفاذ التى أقرتها الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بالحق فى طلب إصدار أوامر قضائية وبالخصوص أسفل التريبس والويبو والاتحاد الأوروبى وذلك لإجراء مقارنة بين ما سوف تتوصل إليه هذه الدراسة مع نصوص القانون المصرى المنظم لإصدار الأوامر الوقتية. هذا المبحث ينقسم إلى مطلبين على النحو التالى.
 الأوامر الوقتية أسفل اتفاقيتى التربس والويبو
اتفاقية التربس نظمت إصدار أوامر وقتية فى المادة 41/1 والتى أوجبت على الدول الأعضاء أن يضمنوا فى تشريعاتهم من القواعد التى من شأنها أن تمنح لأصحاب الحقوق الحق فى إصدار أمر وقتى احترازى بدون تعقيدات وذلك لمنع أو إيقاف أى تعد قد وقع أو من شأنه أن يقع على أعمالهم المحمية قانونا. فضلا أن نص المادة 50 من «التربس» قد اشترطت على الدول الأعضاء أن تكون النصوص المنظمة لهذه الأوامر فعالة فى إنفاذ حقوق الملكية الفكرية. هذا وقد استقر أغلب الكتاب على أن قياس مدى التزام الدولة المعنية فى تشريعاتها بالشروط التى تتطلبها اتفاقية «التربس» فى هذا الخصوص يرجع إلى مدى قوة هذه الأوامر فى هذه الدولة فى إيقاف ومنع الانتهاكات التى تقع على الأعمال المحمية قانونا. 
وجدير بالذكر أن المادة 41 من «التربس» لا تنظم الأوامر المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية الرقمية. لهذا السبب تم إقرار اتفاقية «الويبو» 1996 لتنظم هذا الحق متضمنة اتفاقيتين: اتفاقية لحماية حق المؤلف وأخرى لحماية حق المؤدى والمنتج على النحو السابق شرحه بعاليه. وفى هذا الخصوص منحت المادة 14 من اتفاقية حماية حق المؤلف والمادة 23 من اتفاقية حماية حق المؤدى والمنتج - من اتفاقية «الويبو» 1996- ذات الحق الذى منحته المادة 41 من اتفاقية التربس إلى أصحاب حقوق الملكية الفكرية. وهذا بالتأكيد يعنى بوجود علاقة وثيقة بين «التربس» و«الويبو» فى هذا الخصوص. بمعنى آخر، أن الأعضاء المنضمين إلى اتفاقية الويبو لابد أن يتضمنوا فى تشريعاتهم ذات الشروط اللازم توافرها لإصدار مثل هذا النوع من الأوامر على النحو المنصوص عليه فى اتفاقية التربس. ولكن السؤال الذى يثار هو كيفية حماية الملكية الفكرية الرقمية فى دولة منضمة فقط إلى اتفاقية التربس وغير منضمة إلى اتفاقية الويبو؟ على سبيل المثال، وعلى النحو السابق ذكره بعاليه، مصر منضمة إلى اتفاقية «التربس» 1994 ولكنها غير منضمة إلى اتفاقية «الويبو» 1996 فكيف لأصحاب الحقوق الرقمية حماية حقهم على شبكة الإنترنت عن طريق الأوامر الوقتية؟ فى هذه الحالة الأمر يخضع لإرادة المشرع المصرى فى مدى رغبته فى حماية حقوق الملكية الفكرية الرقمية فى مصر. باستقراء القانون رقم 82 لسنة 2002 يتضح الآتى: أن المشرع المصرى على الرغم من عدم انضمامه إلى اتفاقية «الويبو» 1996 إلا أنه ضمن فى قانون الملكية الفكرية المصرى نفس مواد الحماية المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية الرقمية المنصوص عليها فى اتفاقية الويبو على النحو الذى شرحناه بإيجاز فى الفصل الأول. وللتذكرة، نصت المادة 147 من القانون المصرى على حق أصحاب الحقوق فى منع أى أحد من نسخ وإتاحة العمل الرقمى المحمى على شبكة الإنترنت بدون إذن مسبق منهم. أيضا هذا الحق قد منحته المادتان 156 و 157 من القانون سالف الذكر إلى كل من المؤدى ومنتج العمل المحمى. 
• قانون الاتحاد الأوروبي
نصت المواد من 12-14 من قانون التجارة الإلكترونية رقم 2000/31 نصت على أن التدابير الاحترازية يمكن إصدارها ضد مقدمى الخدمات حتى لو كانت خدماتهم معفاة من المسئولية. وفى هذا الخصوص نصت المادة 45 من المذكرة الإيضاحية من قانون التجارة الإلكترونية سالف البيان على حق المحكمة أو الجهة الإدارية فى إصدار تدابير احترازية لوقف أو رفع أى قرصنة التى وقعت بالفعل بشرط أن يقوم أصحاب الحقوق بإخطار مؤدى الخدمات بها إعمالا لنص المادة 47 من المذكرة الإيضاحية من القانون سالف البيان. بمعنى آخر لا يجب على المحاكم أو الجهة الإدارية أن تصدر أمرا لأى من مقدمى الخدمات بمراقبة الشبكة الخاصة بهم بصفة عامة بحثا عن أى انتهاكات لم يخطروا بها من قبل أصحاب الحقوق. لأن القول بغير ذلك قد يؤدى إلى انتهاك حق المستخدمين فى حماية خصوصيتهم المحمية إعمالا للمادتين 52 و 59 من المذكرة الإيضاحية الخاص بقانون حماية الخصوصية الرقمية رقم 136 لسنة 2009. 
أما فى خصوص الشروط الواجب توافرها عند إصدار هذا الأمر، فقد جاءت المادة 3 من قانون إنفاذ حقوق الملكية الفكرية الخاص بالاتحاد الأوربى رقم 48/ 2004 متفقة فى مضمون شروطها مع ذات الشروط المنصوص عليها فى المادة 50 من اتفاقية «التربس»، بمعنى آخر الأوامر الوقتية أسفل قانون إنفاذ حقوق الملكية الفكرية فى الاتحاد الأوروبى لابد أن تكون فعالة ومتناسبة ورادعة وعادلة ومنصفة وألا تكون معقدة دون داع أو مكلفة، وأن تصدر على وجه السرعة دون تأخير لا داع له، وأن تهدف إلى وقف أى تعدى يحدث أو على وشك الوقوع على شبكة مقدمى الخدمات إعمالا لنص المادة 18 من التجارة الإلكترونية رقم 31/ 2000 و المادة 11 من قانون إنفاذ حقوق الملكية رقم 48 لسنة 2004.
تطبيقا لما سلف، فى قضية «لوريال» أصدرت المحكمة العليا فى لندن حكما تمهيديا إلى محكمة الاتحاد الأوروبى تطلب منها تفسيراً لنطاق تطبيق نص المادة 18 من التجارة الإلكترونية رقم 31/ 2000 والمادة 11 من قانون إنفاذ حقوق الملكية رقم 48 لسنة 2004 فى خصوص إذا كان يحق لأى محاكم دول الأعضاء إصدار أمر احترازى لوقف التعدى الذى على وشك الوقوع فى المستقبل وفى حالة إمكانية ذلك، وما الشروط الواجب توافرها حتى يحق لمحاكم الدول الأعضاء إصدار مثل هذا الأمر، مع الأخذ فى الاعتبار المبدأ الذى نصت عليه المادة 15 من قانون التجارة الإلكترونية رقم 31 لسنة 2000 من عدم جواز قيام مقدمى الخدمات بمراقبة أنشطة مستخدميهم بصفة عامة على شبكتهم بحثا عن انتهاكات قد تقع منهم على الأعمال المحمية؟ فى هذا السياق، أصدرت محكمة الاتحاد الأوروبى حكمها بجواز صدور مثل هذا الأمر بشرط ألا تصدر بغرض رصد تبادل المعلومات بين المستخدمين على شبكة الإنترنت بل يجب رصد انتهاكات محددة سلفا بمعرفة أصحاب الحقوق التى تم الاعتداء عليها. وفى هذه الحالة يجب على مقدمى الخدمات أخذ التدابير التكنولوجية اللازمة لوقف التعدى السارى، وأى تعد مماثل آخر قد يحدث فى المستقبل على ذات العمل المحمى الذى سبق وأن تم التعدى عليه من قبل وهو ما انتهت إليه أيضا محكمة العدل الأوروبية فى قضيةSABAM على النحو السالف ذكره فى الفصل السابق.
 الأوامر الوقتية أسفل القانون رقم 82/ 2002
المادة 179 من قانون الملكية الفكرية المصرى رقم 82 لسنة 2002 منحت أصحاب الحقوق الحق فى التقدم بطلب إلى القاضى المختص لإصدار أمر وقتى لحماية حقوقهم المنتهكة، ولكن هذه المادة لم تنظم الإجراءات والشروط الواجب توافرها لإصدار مثل هذه التدابير. فى هذه الحالة، يجب الرجوع إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية المصرى حال كونه القانون الأصلى المنظم لصدور مثل هذه الأوامر والذى يمكن الرجوع إليه لسد أى نقص تشريعى فى نصوص القوانين الخاصة ومنها قانون الملكية الفكرية. الهدف من هذا الجزء من البحث هو الإجابة على السؤال الآتى: هل المادة 179 سالفة الذكر تجيز لأصحاب الحقوق الحق فى طلب أمر وقتى من المحكمة لإلزام مقدمى الخدمات فى استخدام التكنولوجيا لمنع حدوث انتهاكات على حقوقهم المحمية وفقا للقانون المصري؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نتطرق فى البحث إلى تحديد نطاق والشروط الواجب توافرها لإصدار هذا الأمر مقارنة بما سبق شرحه بعاليه.  
محكمة النقض المصرية حددت الشروط الواجب توافرها. فى هذا الخصوص، يجب على المحكمة الاقتصادية التحقق من الأمور الآتية: أولا؛ يتعين على الطالب أن يثبت أن له صفة فى طلبه، ثانيا: أن يكون حق المعتدى عليه محميا بنص القانون، ثالثا: أن تتوافر حالة الضرورة وصفة الاستعجال للتدخل الضرورى وبشكل عاجل من قبل القضاء لإصدار هذا الأمر لحماية هذا الحق. وفى هذا السياق، فإن المحكمة الاقتصادية يجب أن تبحث مدى توافر حالة الضرورة من عدمه. وعند قيامها بذلك يجب أن تجيب على السؤال الآتى: هل فى حالة عدم إصدار مثل هذا الأمر قد يؤثر على ضياع حق صاحب الطلب بطريقة لا يمكن مداركة إصلاحها بعد ذلك حتى ولو صدر له حكم لصالحه أمام محكمة الموضوع، فإذا كانت الإجابة بالإيجاب، على الفور تصدر الأمر الوقتى لحماية هذا الحق. وجدير بالذكر أن المحكمة عندما تجيب على هذا السؤال فإنها تجيب عليه من ظاهر الأوراق دون التطرق من قريب أو بعيد إلى البحث فى أصل الحق الموضوعى محل العمل المراد حمايته. 
وجدير بالذكر أن نطاق الأوامر الوقتية حددته المادة 179 من قانون 82 لسنة 2002 حيث نصت فيما معناه أنه على رئيس المحكمة فى المحكمة الاقتصادية المختصة أن يصدر أمرا وقتيا وذلك عند الاعتداء على أى من الحقوق المنصوص...:.... (1) إجراء وصف تفصيلى للعمل ... (2) وقف نشر... (3) الاستيلاء على النسخة الأصلية - (4) إثبات واقعة التعدى على الحق المحمي… (5 ... (ومنحت الفقرة الأخيرة من المادة 179 لقاضى المحكمة الاقتصادية أن يصدر أياً من التدابير التى يراها مناسبة لوقف الاعتداء. «وهذا يعنى أن المشرع المصرى عمد أن يخالف المبدأ العام الذى أقرته المادة 194 من قانون المرافعات المصرى المعدل التى أوجبت على القاضى المصرى بألا يصدر أى أمر وقتى غير منصوص عليه قانونا. ففى مجال الملكية الفكرية الرقمية، على سبيل المثال، وبناء على ما سبق، يجوز للقاضى أن يصدر أمرا إلى مقدم الخدمات للإفصاح عن هوية مشتركيهم الذين يستخدمون شبكاتهم لتسهيل عملية القرصنة. وأيضا يحق له أن يصدر أمرا إلى مقدمى الخدمات يلزمهم باستخدام التكنولوجيا الحديثة لوقف الاعتداءات التى تقع على الشبكة الخاصة بهم وبرفع المحتوى غير المشروع من على شبكتهم، ولكن لا يستطيع القاضى أن يصدر أمرا لحماية الحق من خشية الاعتداء عليه فى مستقبل، وإن كان ذلك مخالفا لنص المادة 41/1 من اتفاقية «التربس» -على النحو السابق شرحه بعاليه - ولكن باستقراء نص المادة سالفة البيان لم تفصح بصورة واضحة على أحقية القاضى فى إصدار مثل هذا الأمر. 
إذن يحق لأصحاب الحقوق طلب إصدار أمر وقتى من المحكمة الاقتصادية المختصة بإلزام مقدمى الخدمات باستخدام التكنولوجيا فلتر المحتوى والموقع لإيقاف أى انتهاكات يمكن أن تقع على حقوقهم على شبكة مقدمى الخدمات. مع وجوب إعمال المبادئ التى أرستها محكمة العدل الأوروبية المتعلقة بوجوب استخدام التكنولوجيا لوقائع معينة ولمدة زمنية محددة تكفى لكشف المنتهك والأفعال التى يقوم بها. هنا القاضى عند إصداره هذا الأمر لابد وأن يستعين بالجهاز القومى لتنظيم الاتصالات. وسبب الاستعانة بهذا الجهاز، أن قانون إنشائه منح له السلطة الإشرافية ومنح التراخيص لمقدمى الخدمات وبالتالى فهى الجهة الوحيدة التى تستطيع أن تلزم أى مقدم خدمة بتنفيذ أى أمر قضائى يصدر بإلزامها بإتيان أو الامتناع عن عمل معين. 
هذا البحث تطرق إلى تحديد أسباب انتشار ظاهرة القرصنة على حقوق الملكية الفكرية الرقمية على شبكة الإنترنت فى مصر. وفى هذا السياق، هذا البحث تحدث عن أسباب المشكلة وأرجعها إلى ظهور التكنولوجيا الحديثة التى يستخدمها المستخدمون والتى يمدها لهم مقدمو الخدمات. تلك التكنولوجيا التى تساعد المستخدمين على التعامل مع المحتوى بطريقة غير مشروعة بأن يقوموا بنسخ وإتاحة العمل للجمهور بدون إذن من أصحاب الحقوق مما أصابهم بأضرار مالية فادحة تقدر بملايين الجنيهات سنويا. ووصلا لتقليص هذا الانتشار، هذا البحث شرح نطاق الحقوق الاستئثارية الممنوحة إلى المبدعين أسفل الاتفاقيات الدولية والقانون المصرى. وانتهى هذا البحث إلى تطابق حق النسخ وحق عدم الإتاحة للجمهور على النحو المبين بقانون الملكية الفكرية المصرى مع نطاق ذات الحقوق أسفل الاتفاقيات الدولية. وهو يعنى، أن قانون الملكية الفكرية المصرى جاء مواكبا معاصرا لحماية حقوق المبدعين على شبكة الإنترنت. ولتحديد سبب انتشار أعمال القرصنة على الأغانى والأفلام بالرغم من الحقوق الممنوحة سالفة الذكر، شرح هذا البحث الأفعال التى يقوم بها المستخدمون بمساعدة مقدمى الخدمات فى إحداث أفعال القرصنة، من خلال الشرح التفصيلى عن كيفية قيام استدعاء المحتوى من على الشبكة إلى المستخدم النهائى والوسائل التى من خلالها يقوم بأعمال من شأنها تنتهك حقوق المبدعين على شبكة الإنترنت. بعد أن تم تحديد نطاق الحقوق الاستئثارية على الشبكة، هذا البحث استعرض أنواع التكنولوجيا الحديثة التى يمكن لمقدمى الخدمات استخدامها لإيقاف التعدى الذى يقع باستخدام الشبكات الخاصة بهم. فى هذا السياق، هذا البحث قسم الوسائل التكنولوجية الحديثة إلى قسمين: تكنولوجيا منع المحتوي؛ وتكنولوجيا منع المواقع. وانتهى إلى أن استخدام التكنولوجيا سالفة البيان كفيلة أن توقف أو تقلل التعامل مع المحتوى المحمى على شبكة الإنترنت. ولكن أيضا تطرق إلى الآثار السلبية التى يحدثها استخدام هذه التكنولوجيا والتى تتمثل فى انتهاك حقوق المستخدمين النهائيين على الشبكة وخاصة حقهم فى الحصول على المعلومات وحقهم فى حماية خصوصيتهم. لهذا قدم هذا البحث دراسة تحليلية بخصوص المبادئ التى أرستها محكمة العدل الأوروبية فى قضية ما يطلق عليها قضية «سابم». هنا، شرح البحث وقائع القضية وما انتهت إليه هذه المحكمة من جواز استخدام التكنولوجيا الحديثة كأداة فعالة لإنفاذ حقوق الملكية الفكرية الرقمية بشرط أن يكون استخدامها لوقائع معينة ولمدة زمنية محددة. وهذا يعنى أن الشخص المنتهك أو المتعدى لا يحق له أن يتمسك بالحقوق المتمثلة فى حق حماية خصوصيته إذا كان هو يقوم بأفعال من شأنها أن تشكل انتهاكا على حقوق الآخرين مستغلا شبكة الإنترنت فى ذلك. ولبيان عما إذا كان يمكن استخدام هذه التكنولوجيا فى مصر، قدم هذا البحث دراسة مقارنة بين نصوص الاتفاقيات الدولية والإقليمية فى خصوص صدور الأوامر الوقتية ومقارنتها مع نص المادة 179 من قانون الملكية الفكرية المصرى والذى تمنح أصحاب الحقوق هذ الحق أيضا، وانتهى الباحث إلى أن نص المادة سالفة الذكر قد جاءت صياغتها بطريقة تمنح المبدعين الحق فى إصدار أمر وقتى من المحكمة الاقتصادية المختصة لإلزام مقدمى الخدمات باستخدام التكنولوجيا الحديثة لرفع أى محتوى أو موقع يقوم بنشر الأعمال أو المحتوى المحمى بطريقة غير مشروعة وبدون أخذ موافقة مسبقة من أصحاب الحقوق. وهنا يتقدم الباحث بالتوصية الآتية: على القاضى المختص عند إصداره قرارا وقتيا بإلزام مقدمى الخدمات باستخدام التكنولوجيا الحديثة لمنع الأعمال التى تشكل انتهاكاً على حقوق المبدعين على شبكة الإنترنت:
يجب الأمر الصادر أن يكون لوقائع انتهاك معينة. هنا يجب على أصحاب الحقوق تحديد المواقع التى تنشر أعمالهم بطريقة غير مشروعة وبدون إذن مسبق منهم. لابد للقاضى أن يستعين بالجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ليحدد له نوع التكنولوجيا الحديثة التى يمكن أن يلزم مقدمى الخدمات باستخدامها. هنا القاضى عندما يصدر هذا الأمر يجب أن يوجه إلى هذا الجهاز ليقوم بتنفيذ هذ الأمر. بمعنى يجب أن يصدر الأمر بإلزام الجهاز أن يلزم مقدم الخدمة المعنى باستخدام التكنولوجيا لأن هذا الجهاز له السلطة الإشرافية ومنح التراخيص إلى كل مقدمى الخدمات فى مصر.
أيضا يجب على القاضى وقت إصداره هذا الأمر أن يكون محدد المدة، عادة يقوم الجهاز القومى سالف البيان بتحديدها. فائدة الجهاز فى تحديد المدة ترجع إلى، فهمه ودرايته فى معرفة الوقت المناسب الذى يمكن لمقدم الخدمة المعنى من رفع المحتوى والموقع الذى يتيح الأعمال غير المشروعة. 
 
يجوز للقاضى أن يصدر أمرا احترازيا قبل وقوع الفعل غير المشروع. ويكون ذلك إذا استطاع أصحاب الحقوق أن يثبتوا أن ضررا فادحا لايمكن تداركه إذا ما تم نشر عمل معين على شبكة الإنترنت. ولإثبات ذلك، يجوز لأصحاب الحقوق طلب أمر مؤقت بالتحفظ على الأماكن معدة سلفا لإتاحة العمل قبل إتاحته والتحفظ على الأدوات والأجهزة التى يمكن أن تساعد فى إحداث هذه الانتهاكات قبل وقوعها». •