الأربعاء 23 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

كرموه بالهتافات وأهملوا متحفه لسنوات !!

كرموه بالهتافات  وأهملوا متحفه لسنوات !!
كرموه بالهتافات وأهملوا متحفه لسنوات !!


بعد الرحيل المدوى للرئيس جمال عبدالناصر مساء الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 1970.. وبعد أن ودع العالم كله زعيمًا عربيًا وعالميًا فى جنازة شعبية مهيبة ــ لم ير العالم كله نظيرًا لها فى التاريخ حتى الآن ــ انبرت الأقلام تكتب.. والحناجر تهتف.. ورفاق ثورة يوليو يتبارون فى إطلاق الوعود.. فالكل يكتب ويهتف ويطلق الوعود عن كيفية تكريم الزعيم وتخليد ذكراه.. ولكن سرعان ما تهاوت الكلمات فى هوة النسيان.. وغرقت الهتافات فى بحار الصمت.. وذهبت الوعود فى مهب الريح.. وضاع كل شيء.
 
وبعد أن وعد السادات بوضع تمثال الزعيم الراحل على المنصة الجرانيتية بميدان التحرير.. لم يوضع التمثال.. إلى أن اختفت المنصة تماما أثناء عمليات حفر مترو الأنفاق.. وظل النسيان يمتد والأيام تمضى والسنوات تتوالى.. وظلت أسرة الزعيم عبدالناصر تعيش فى منزل الرئيس البسيط الخاص به بمنشية البكرى الذى لم يغيره أو يبدله منذ أن انتقل إليه قبل قيام الثورة حتى رحيله.. إلى أن تزوج جميع أبنائه.. وظلت السيدة الجليلة تحية كاظم زوجة عبدالناصر حتى رحيلها فى منتصف التسعينيات.. فقام أبناء الزعيم عبدالناصر بتسليم المنزل إلى الدولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحويله إلى متحف فقررت وزارة الثقافة عام 2008 إقامة جناح خاص بدار الكتب المصرية بباب الخلق يضم مقتنيات عبدالناصر.. كمتحف دائم من خلال سيناريو للعرض يشتمل على (12 فاترينة) وجاء ذلك بعد عكوف لجنة علمية متخصصة على دراسة سيناريوهات العرض المتحفى وجمع محتوياته، بحيث تغطى معروضاته أهم الأحداث التاريخية، التى ترتبط بحياة الزعيم الراحل وفترة رئاسته.. هذه المقتنيات اشتملت على تاريخ حياة الزعيم الراحل منذ ميلاده حتى رحيله.. والمعارك السياسية والحروب التى خاضتها مصر.. ودورها فى دعم حركات التحرر العربى والأفريقى والعالمى.. وجرت إعادة تأهيل مبنى المتحف بالشكل الذى يعكس قيمة مقتنياته الشخصية.
وظل الأمر هكذا معلقًا تحت التنفيذ حتى جاءت ثورة 25 يناير 2011 وتلتها ثورة 30 يونيو 2013 فردت الاعتبار للزعيم ولذكراه وأصبح إقامة المتحف فى منزل الزعيم مطلبًا جماهيرًيا.. لأن هذا المنزل له قصة تاريخية ارتبطت بمراحل نضال الرئيس عبدالناصر .. وهو منزل لا بد أن يراه كل الشعب المصرى، بل كل شعوب العالم ليدركوا كيف كان يعيش زعيم وطنى عظيم بحجم وقامة الرئيس عبدالناصر رفض أن ينتقل للإقامة بالقصور الملكية التى كانت متاحة أمامه بلا أى قيد أو شرط.
ورغم ذلك فهذا المنزل البسيط شهد إصدار أخطر القرارات التى اتخذت فى تاريخ مصر المعاصر.. كما زاره غالبيّة زعماء العالم.. وكان شاهداً على اجتماعات مجلس قيادة الثورة التى سبقت إعلان تأميم قناة السويس.. وشهد خطط إقامة السد العالى.. أما حديقته فشهدت حفلات زفاف أبناء عبدالناصر .. وكان هذا المنزل هو السكن الخاص الأول لجمال عبدالناصر.. بعدما خرجت زوجته من منزلهما الأول قبل قيام الثورة شبه مطرودة بعد أن أبلغتها صاحبة البيت، أثناء غياب الرئيس الراحل فى حرب فلسطين أنّها تريد أن تبنى طابقاً آخر فوق مسكنهما.. وبعد أن تقرر تحويل المنزل إلى متحف وتسلمه قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة.. بدأت الخطوات الأولى من إعادة الترميم فى الحديقة.. التى طالها الإهمال والتيبس.. إثر أعوام الصراع.. فى انتظار قرار جمهورى لتحويل المنزل إلى متحف.. تنفيذاً لقرار مجلس الأمّة، الصادر فى 1970 بشأن التنازل عن الدار.. التى كان يقيم فيها عبدالناصر وأسرته طوال حياته.. ومنح زوجته معاشاً قدره 539 جنيهاً و706 مليمات.. على أن يخصّص المنزل بعد ذلك كمتحف ومزار تخلّد به ذكرى الزعيم.. وعقب وفاة زوجة الزعيم الراحل.. أرسل أبناء عبدالناصر خطاباً يطالبون فيه بوقف المعاش وتنفيذ قرار تحويل المنزل إلى متحف مؤكّدين استعدادهم للمشاركة فى تحمل عبء هذا المشروع وتكاليفه، لكن الأمر ظلَّ معلقاً، حتى صدر قرار عام 2008 بتحويله لمتحف إلا أنَّ القرار تعطّل من جديد.
فإذا تحدثنا عن المنزل ومكوناته فإنه يستقبلك، داخل المنزل الذى يقع على مساحة 13 ألفاً و400 متر مربع تشمل مبنى من طابقين  ويتكون المنزل من مبنى رئيسى هو مسكن الزعيم الراحل ومبنى ملحق يضم العيادة والمكتبة.. ثم يقودك البهو إلى السلّم وبجواره مصعد.. وهذا المصعد أضيف إلى المنزل عام 1968.. بعد أن أصيب عبدالناصر بتصلب فى شرايين الساق كإحدى مضاعفات مرض السكر..  ويقود البهو فى الدور الأرضى إلى الجناح الذى يضم مكتب الرئيس ومكتبته.. الذى يحتوى على غرف المكتب والاستقبال ومخزن للصحف وصالون ودورة مياه، كما يتضمن هذا الدور جناحاً من 4 غرف للاستقبال وقاعة عرض سينمائى وقاعة للمؤتمرات.. إضافة إلى منطقة للخدمات تشمل المطبخ والمخزن الخاص به.. ويضمُّ أيضاً جناحاً للرئيس فيه منطقة للمعيشة.. وغرفة مكتب خاصة بالرئيس وغرفتين للنوم ملحق بكل منهما دورة مياه وغرفة للطعام.. إضافة إلى جناح آخر لنوم بقية أفراد الأسرة.. و5 دورات مياه.. وغرفة مُربّية ومخزن و5 شرفات تحيط بجميع الغرف..  وخطة العمل فى منزل الزعيم تنقسم إلى 3 مراحل.. حيث بدأت الأولى بالفعل.. التى تشمل أعمال الترميم والإنشاءات والشبكات.. فيما تشتمل المرحلة الثانية على اللمسات النهائية.. أما المرحلة الثالثة فتخص تجهيز سيناريوهات العرض المتحفى. والمتحف سيحوى عرضاً متعدّد الوسائط.. يوثق بالأفلام التسجيلية تاريخ مصر والأحداث البارزة..  ومازال موعد افتتاح متحف الزعيم الراحل لم يحدد حتى الآن. •