مرسي من غير كرسي
هيام هداية
تهليل وتكبير ملأ الميدان أمس منذ ساعات الصباح الأولى بعد ظهور النتائج الأولية لتقدم دكتور محمد مرسى فى نتائج الانتخابات، حيث توافد المئات من أنصار مرسى رافعين العلم المصرى مرددين هتافات: «إيد واحدة»، و«ثوار .. أحرار .. حنكمل المشوار»، «الله أكبر»، مما أحدث ارتباكات مرورية فى شارع قصر العينى ووسط البلد.
كما جابت سيارات تتبع أنصار المرشح الرئاسى الميدان مستخدمين خلالها مكبرات الصوت للتهليل والتكبير وردد المحتفلون فى ميدان التحرير والذى قالوا عنه إنه رمز الثورة المصرية التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك، وجاء الآن بمرسى هو نجاح للثورة، كما ساهم وجود مرسى بالميدان عقب ظهور النتائج فى التأكيد على شرعية الميدان التى نفاها هو وجماعته سابقا، إلا أنه تحدث شاكرا الميدان وثواره فيما وصل إليه وستصل إليه مصر بعد نجاحه.
الجماعة هللت وكبرت إلا أنها سريعا ما أدركت أن نجاحها «صورى»، فليجلس رئيسها على العرش، لكن لن يكون لها سوى هذا «الكرسى»، وكأن الرئاسة له لن تكون له أكثر من حق انتفاع، فعادوا أدراجهم رافعين نصالهم على من أفقدهم نشوة الانتصار بإعلان دستورى مكمل - ناقص لصلاحيات رئيسهم.
الجماعة تقول: إن حل المجلس باطل، وقرار المحكمة الدستورية باطل، واليوم الحكم ببطلان جماعة الإخوان المسلمين ....! فإلى الجماعة بقياداتها لتفسر لنا كيفية الخروج برئيسها من فخ الإعلان الدستورى.
رئيس منزوع الصلاحية
كان هناك تعمد لتشويه صورة الإخوان والحرية والعدالة بالبرلمان وكان دورها هو محو فكرة أن يكون هناك رئيس للجمهورية ممثلا لحزب الحرية والعدالة.. هكذا أكد د.محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين موضحا حديثه قائلا: نجحت القوى السياسية مؤقتا فى تشويه صورة الجماعة مما ترتب عليه حل البرلمان لتنتقل سلطة التشريع بالتبعية إلى المجلس الأعلى، وليظل هو الحاكم الفعلى وهذا ما تدركه الجماعة جيد كما أنها تدرك أنه سوف يسلم السلطة شكلا وليس حقيقة فى 30 يوليو لأن لديه السلطة تشريعية ولا يستطيع أحد أن يفعل شيئا، أما عن نشوة الانتصار مع ظهور النتائج الأولى لتقدم مرسى فى حين إصدار إعلان دستورى يحجم صلاحيات الرئيس فيقول حسين: «نأسف لقيام العسكرى بإصدر الإعلان الدستورى المكمل فى 48 ساعة خاصة بعد مؤشرات تقدم مرشحنا فى نتائج جولة الإعادة .. وبسؤالى عن تعمد المجلس إصدار القرار مع تقدم مرسى، أكد حسين على نية المجلس العسكرى على أن يأتى رئيسهم بلا صلاحيات، وهذا بحجة الاستناد إلى دستور سابق مع أنه حذف النصوص الأخرى من الدستور السابق واختار فقط ما يريده منها بما يتماشى مع تقييد الرئيس وتجميده.
فالمجلس يتحدى الرئيس القادم وخاصة إذا كان من الإخوان المسلمين ممسكا فى يده جميع الخيوط وكأن الرئيس القادم ستكون مهمته التنفيذ بعد أن ملك هو السلطة التشريعية والتنفيذية.
يصف الدكتور حمدى حسن القيادى بحزب الحرية والعدالة الإعلان الدستورى المكمل بأنه انقلاب على الشرعية واستغلال المجلس لسلطاته فى امتلاك زمامها وأصدر هذا الإعلان كما فى وثيقة السلمى ويحيى الجمل.. مشيرا بقوله: هذا يعنى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصبح بصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة، فى حين الرئيس سيكون فارغ اليدين وبصلاحيات منقوصة تجعله فى موقع أشبه برئيس وزراء ضعيف وهذا ما نرفضه كما رفضته كل القوى السياسية وجماهير الشعب لأن هذا التقليص لصلاحيات الرئيس جاء بشكل مبالغ فيه وله خطورة على الرئيس القادم، ويؤكد أن المجلس لايريد ترك السلطة، أما عن موقف الجماعة فيقول حسن: الجماعة رفضت كل هذه المساومات المتمثلة فى الإعلان الدستورى والذى تم إعلانه فى هذا الوقت تحديدا لتفريغ نجاح الإخوان فى الانتخابات الرئاسية، وهذا يؤدى إلى الدخول بنا فى أزمة سياسية حقيقية نتيجة هذه التصرفات، لكن الجماعة ستتخذ موقفا أكثر فاعلية لمواجهة هذا الانقلاب العسكرى.
إعلان دستورى على مقاس مرسى
«إعلان دستورى فى 84 ساعة» كان تعليق الدكتور فريد إسماعيل القيادى بحزب الحرية والعدالة، حيث أكد أن محمد مرسى باعتباره الرئيس القادم لن يسمح بهذا الدور الكاريكاتيرى، مضيفا أن المجلس قد قطع عليهم فرحة الانتصار بالإعلان الدستورى والذى كان يحاول المجلس إقراره منذ فترة، ولكن بالطبع ليس كما جاء الآن على مقاس د. محمد مرسى بما يلزمه من سلطات شكلية بينما يمتلك هو جميع القوى، إلا أنه لا يقبل رئيس أن يأتى وهو منزوع الصلاحيات، كما يفكر المجلس العسكرى خاصة بعد أن تأكدنا بأن هذا متعمد مع بداية ظهور مؤشرات نجاح مرسى ونحن لدينا علم بذلك وراصدين هذه الخطوات، فإصدار إعلان دستورى فى هذا الوقت القصير وفى ساعة متأخرة من مساء الأحد هو انفراد بالقرار وهيمنة على السلطات من المجلس العسكرى كما يضع العديد من علامات الاستفهام لنوايا المجلس، ولذلك قررت الجماعة وحزب الحرية والعدالة بعمل اجتماعات داخل الحزب مع جميع القوى الوطنية لمناقشة هذا الإعلان الذى هو التفاف على إرادة الشعب ويضع رئيسا لا يملك من سلطته إلا اسمه.
هذا فيما تزايدت حدة الكلمات عندما تحدث المهندس سعد الحسينى القيادى بحزب الحرية والعدالة، قائلا: حل مجلس الشعب قرار باطل والإعلان الدستورى باطل وسنطعن على الاثنين. وبمناقشته حول قرار المحكمة الدستورية والذى يقبل الاعتراض تحدث فى حدة قائلا: الإعلان الدستورى المكمل هو إعلان الباطل، كما أن المكتب التنفيذى للحزب يرفض هذا الإعلان الدستورى الجديد وقد وصل هذا الرد إلى المجلس العسكرى على لسان دكتور سعد الكتاتنى مؤكدا على عدم اعترافى بأى من هذا حتى لو قرار محكمة. موضحا أن وضع المحكمة الدستورية كحكم بين الجهات التى يحق لها الاعتراض على نصوص الدستور أثناء صياغته، وأن المحكمة الدستورية لا تفصل فى دستورية الدستور وإنما تتولى الفصل فى القوانين.
مؤكدا فى النهاية بقوله إننا نعلم جيدا أن الإعلان الدستورى المكمل هدفه قطع الطريق على ما تم طرحه من قبل د. محمد مرسى المرشح الرئاسى من خلال حملته الانتخابية وبرنامجه مشروع النهضة.. مضيفا: إن هذا الإعلان يعكس رغبة المجلس العسكرى فى البقاء بالسلطة، ولا يهدف إلا نزع صلاحيات الرئيس. وأشار فى تصريحات خاصة لصباح الخير بأن اجتماع الجمعية التأسيسية سينعقد اليوم الثلاثاء، بمجلس الشورى لمناقشة وضع الدستور، وتشكيل الجمعية التأسيسية