ذهاب وعودة.. مسلسل طال أكثر من اللازم

محمد عبد الرحمن
أهم ما يميز مسلسل «ذهاب وعودة»- أحدث ما قدم النجم أحمد السقا، هو إخلاص صناعه فى البحث عن قضية يحتاجها الجمهور فعلا وتقديمها للناس بشكل يناسب الجمهور كافة، ولا يخاطب فئة بعينها، لكن الأزمة تكمن فى أن طبيعة القصة هنا لا تناسب عملاً دراميًا ممتدًا لثلاثين حلقة، فرغم أن محور العمل قضية خطف طفل وهو حدث مثير بالطبع عاطفيا وبوليسيا لكن اقتناع الجمهور أن الأب سيجد الطفل فى النهاية وأن كل محاولات الاقتراب منه حلقة تلو أخرى ستفشل إلا فى الحلقة الأخيرة جعل معدل التشويق يتراجع رغم أهمية ما قدمه لنا صناع «ذهاب وعودة».
نعرف أن الطفل سيعود فى نهاية الحلقة الأخيرة، لكن لو قدمنا القصة فى فيلم سينمائى نعرف أيضا أنه سيعود فى المشهد الأخير فلماذا نظلم المسلسل؟ الإجابة أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن نتتبع مغامرة البطل للبحث عن ابنه 18 ساعة تقريبا هى مدة المسلسل وعلى مدى 120 دقيقة فقط ، لغة السينما هنا مناسبة أكثر للأحداث وتجعل المتفرج يلهث وهو جالس فى مكانه ويتعايش مع البطل ويتمنى أن يقترب من ابنه مشهدًا تلو الآخر، أما فى الدراما فلو فات المتفرج حلقتان أو ثلاث لن يخسر الكثير لأن الطفل لم يعد بعد.
• أهمية القضية
ما سبق نقد للقالب الذى اعتمده صناع العمل وكان سببا فى شعور البعض بالمط والتطويل وغياب التشويق الحقيقى الذى نراه مثلا فى أفلام أحمد السقا كما فى الجزيرة وابن القنصل، الإيقاع السريع فى هذه الأفلام كان سببا رئيسيا فى نجاحها، أما «ذهاب وعودة»، فإذا كان قد افتقد هذا الإيقاع لكنه امتلأ بعناصر إجادة أخرى بداية من القضية التى تؤكد حاجة الدراما المصرية لتبنى قضايا جادة والتوقف عن فكرة الإبداع فى الفراغ التى يتشدق بها عدد كبير من صناع الدراما فى الفترة الأخيرة، تقديم مسلسلات عن حكايات فى المطلق وشخوص من الواقع نعم لكن هذا يجب أن نشاهد ما فى الواقع والسلام؟ هذه ليست دعوة لأن تكون كل المسلسلات «عبر ومواعظ» كما يقولون ولكن لابد من وجود قضية يتمحور حولها العمل وتعيش من أجلها الشخصيات، على أن يكون ذلك فى قالب فنى وإبداعى بكل تأكيد.
مسلسل «ذهاب وعودة» قدم لنا مؤلفًا جديدًا هو عصام يوسف فى أولى تجاربه مع الدراما، بعد روايتين حققتا مبيعات كبيرة هما «ربع جرام» و« 2 ضباط»، وإن كنا توقعنا قبل عدة سنوات أن يكون أول أعماله على الشاشة «ربع جرام» بعد نجاح الرواية لكنه تأخر حتى ظهرت القصة بشكل آخر فى مسلسل «تحت السيطرة» هذا العام.
المسلسل قدم لنا أيضا «إنجى المقدم» كبطلة أولى لأول مرة، صحيح أن الدور ذهب لها بعد اعتذار عدة ممثلات أخريات، لكنها أثبتت أنها جديرة بالمسئولية، وقدمت نفسها جيدا للمشاهد المصرى والعربى أيضا لأن المسلسل حظى باهتمام كون القضية لا تخص المصريين فقط، فتجارة الأعضاء باتت مافيا دولية تؤثر سلبا فى عدة مجتمعات، ولمن لا يعلم فإن إنجى عثرت على سيدة تعرضت لخطف ابنها واستعادته الحمدلله وجلست معها لتعرف الكثير من التفاصيل الشخصية التى يجب أن تعكس كأم عندما تجسد الشخصية أمام الكاميرا.
• خطر إسرائيل
المسلسل هو الأول الذى يلفت الانتباه أيضا إلى أن خطر إسرائيل علينا ليس عسكريا فحسب وإنما فى كل المجالات، فالمافيا التى تخطف ابن أحمد السقا مقرها إسرائيل وهذه ليست مبالغة درامية فقد قدمت عدة أفلام وبرامج وثائقية هذه الحقيقة وأكدتها من قبل، كما أن الأجهزة الأمنية منحت أسرة المسلسل خبرتها فى هذا المجال مبكرا وهو ما يؤكد كما ذكرت أن العمل مهم لكنه كان يصلح أكثر كفيلم سينمائى أو مسلسل مدته لا تزيد على 15 حلقة.
«ذهاب وعودة» لن يمر بسهولة من ذاكرة المشاهد الرمضانى رغم بطء الإيقاع مع الوضع فى الاعتبار اجتهاد صناعه، بداية من النجم أحمد السقا إلى المخرج أحمد شفيق خورشيد وصولا لأصغر ممثل.•