كيف تحب الرياضيات وتكشف أسرار البنات؟!

عنوان الكتاب  Kiss My Mathأو كما نترجمه «عشق الرياضيات» مقصود لجذب الانتباه لمادة ربما تكون ثقيلة الظل على الكثيرين، وهو ثانى كتب «دانيكا ماكيلر» وهى ممثلة شهيرة وشابة متميزة فى علوم الرياضيات، وقد ألقت خطابا أمام «الكونجرس» عن أهمية تعلم النساء للرياضيات والعلوم، وكان أول مؤلفاتها «الرياضيات ليست مللا»، والكتاب مفيد لدارسى الرياضيات ومدرسيهم  وللقارئ العادى الراغب فى فهم الرياضيات وأسرار البنات!


عانت الكاتبة منذ الصغر من الرياضيات، ثم تغلبت عليها بالهدوء والتركيز وطرد الخوف من داخلها، حتى أصبحت عالمة رياضيات، وذلك ما تحاول توصيله إلى من يعانون من نفس المشكلة، وقد وجهت الكتاب للبنات فقط لتشجيعهن على دراسة الرياضيات، حيث يقل عدد من يدرسنها فى أمريكا بشكل كبير عن أقرانهن من الذكور، حيث تنفر الفتيات غالبا من الرياضيات، والفكرة هنا هى التأكيد على أنها شيء يمكن فهمه بل وعشقه أيضا!.. يحفل الكتاب باختبارات عملية على موضوعاته، وعملت الكاتبة على تشجيع الفتيات ورفع ثقتهن بأنفسهن، وتوضيح أهمية الرياضيات بإعطائهن استخدامات عملية فى جوانب الحياة التى تثير حيرتهن، ومنها فهم الشباب والتعامل الناجح معهم، كما كتبت أجزاء من مذكراتها الخاصة لتؤكد  للقارئ أن ما تنصح به ليس كلاما نظريا، وإنما خلاصة تجربة فتاة صغيرة ناجحة.
الكتاب مشوق وبسيط مثل كتب الأطفال، ويتناول الرياضيات بشكل يصل سريعا إلى عقل  القارئ، إذ حاولت الكاتبة أن تقول للبنات: إن علم الرياضيات يتقارب مع علم المنطق، وهو ما سيساعدهن فى حياتهن الشخصية، من الناحية العملية ومن الناحية العاطفية.
فوازير ونصائح من الحياة
نجد فى الكتاب بعض الفوازير كأمثلة لإمكانية تطبيق الرياضيات فى كل شيء، ومنها فزورة قطة سقطت من عمارة ارتفاعها عشرون طابقا ولم تمت، فكيف ظلت حية؟  والإجابة أننا لم نقل فى «نص المسألة» من أى طابق سقطت، والحقيقة أنها سقطت من الطابق الأول فلم يحدث لها شيء!
خلال الحديث عن الرياضيات وبعده، تحاول الكاتبة أن توصل إلى كل فتاة فكرها الرقيق العملي فتجد أحاديث شخصية ونصائح من الحياة، وتشرح الطريق إلى استخدام النجاح الدراسى كوسيلة للنجاح فى الحياة، كما تشير إلى أن حل المسائل الرياضية تمرين يقوى العقل ويساعده على حل المشكلات.
قدمت «ماكيلر» نصيحة لكل فتاة بعدم التظاهر بالغباء أمام الشباب، وعدم الخضوع لآرائهم إذا كانت خاطئة، وتنصح الفتاة التى تريد أن يشعر زميلها المفضل بالسعادة والتميز عندما يتواجد معها بأن تتحدث معه فيما يتقنه أكثر منها، أو أن تطلب منه أن يرفع عنها حملا ثقيلا، أو يناولها كتابا من على رف عال - إذا كان طويلا - وبهذا يشعر أنه متميز ومفيد لها «!» وهكذا لا تضطر الفتاة لتمثيل الغباء أمامه لكى يشعر بالتفوق والرضا عن النفس! 
وتقول الكاتبه تعليقاً على ذلك : «عندما تتسلح الفتاة بالمعرفة يحترمها الجميع، وإن الشباب لا يفضلون التعامل مع فتاة غبية ولا يحبون الزواج منها».
آراء الشباب
وقد استطلعت «ماكيلر» آراء الشباب فى الفتاة الناجحة علميا، فوجدت أنهم متفتحو العقول وتعجبهم الفتاة الذكية، وخرجت بنصيحتها للفتيات بأن هبوط مستواهن العلمى والتقليل من أنفسهن وعدم الثقة بالنفس خطأ، وأن الشاب يفضل الفتاة ذات العقل المتفتح.
وتدعم الكاتبة موضوعاتها بقصص لبنات ناجحات، وتنسب جزءا كبيرا من هذا النجاح إلى إتقان الرياضيات، وتثبت فائدتها فى العديد من المجالات مثل الأزياء، الإعلام، التسويق، والمحاماة.
من هذه القصص قصة فتاة خجولة جدا، تغلبت على خجلها بالتركيز فى دراسة الرياضيات، واكتساب الجرأة فى الإجابة عن الأسئلة داخل الفصل، وبعد أن تخرجت وجدت وظيفة فى مجال الأزياء، وهى مديرة مشتريات إحدى كبريات بيوت الأزياء الأمريكية، وكانت المؤهلات المطلوبة للوظيفة هى الأناقة، الجرأة، وإتقان الرياضيات، كما تذكر قصة سيدة كان خوفها الشديد يجعلها دائما تفشل فى اختبارات الرياضيات، ولكنها عندما تغلبت على هذا الخوف أتقنت التعامل معها، وعملت كمحللة مالية فى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون».
من الأمثلة التى تعطيها أيضا طريقة لحساب مدى اهتمام الولد بالبنت، حيث تحكى قصة بنت سافر صديقها فى إجازة مع أسرته، ولم تكن هناك وسيلة للاتصال بينهما إلا الرسائل النصية، فأرسل لها 3 رسائل فى اليوم الأول، ثم 7 فى الثاني ثم 5 فى الثالث، ثم لم يرسل أية رسائل فى الرابع، ثم 1 فى الخامس، ثم 5 فى السادس، وأخيرا 6 فى السابع، فتقول إن البنت كونت جدولا لهذه الأرقام، وبتحليله اكتشفت أنه مهتم بها، ولكنه كان مشغولا فى اليومين الرابع والخامس، ثم عاد إلى مراسلتها حين أتيح له الوقت فى اليوم السادس، واعتمد التحليل على استبعاد أكبر القيم وأصغرها «وهى الصفر والسبعة»، ثم جمع بقية الأرقام وقسمتها على عددها، فيكون متوسط الرسائل اليومية «4» رسائل، وهو عدد لا بأس به!
التفكير بشكل مبهج
تتحدث الكاتبة عن تجربتها الشخصية، وكيف حققت هذه الدرجة من الشهرة، حيث كانت «ماكيلر» تخشى مذاكرة الرياضيات، وكلما ازداد قلقها أهملتها، ثم أدركت أن الأمر ليس بمشكلة، وتغلبت على الخوف بالهدوء والتدريب المستمر، وبدأ نجاحها المتواصل يعطيها مزيدا من الثقة، وأصبحت الرياضيات طريقها للشعور بالنجاح والتميز، ومن هنا صارت عاشقة للرياضيات، وهى تنصح بالتفكير فى الأمور بشكل مبهج دون توتر كوسيلة للتغلب على الخوف وإحراز النجاح.
 يناقش الكتاب كذلك المعادلات وكيفية حلها وإيجاد قيمة المجهول «س»، ويشرح تطبيق ذلك فى الحياة العملية، فالرياضيات تعلمنا اكتشاف الحقيقة، وبينما يمكن فى الحياة أن يتخيل الإنسان شيئا وهميا ويعتقد أنه الحقيقة، فإن الأمر يختلف فى الرياضيات، ففى المعادلة الرياضية عندما يكون هناك مجهول، فمن الممكن التعرف عليه بواسطة بقية المعطيات، وهو ما نسميه فى الحياة «المنطق»، أى رؤية الأشياء كما هى فى حقيقتها.
وأشارت إلى أن التغلب على «الخوف من الاختبارات» يعتمد على الهدوء والتركيز، ويصل بالإنسان - مع الوقت - إلى اكتساب الشجاعة، والشجاعة تقود إلى مزيد من الفهم والتعلم، وتصبح الاختبارات سهلة وبسيطة. 
وتقدم «ماكيلر» إرشادات لمواجهة الاختبارات، تبدأ بتدوين أهم الملاحظات والمشكلات، ثم كتابة ورقة صغيرة بها تلك الملاحظات وأهم القوانين التى تساعد على حل الاختبار، ثم قراءة هذه الورقة ومحاولة فهمها جيدا، فنجد أننا قد فهمنا بعض الأمور الصعبة, ولكن تبقى أمور أخرى لم نفهمها، وهى التى نسجلها فى ورقة جديدة ونتخلص من الورقة القديمة، وهكذا نكون على علم دائم بما يواجهنا من صعوبات ونخصص الوقت الملائم للتغلب عليها، وتصبح الخطوة التالية هى مذاكرة تلك النقاط الصعبة ومحاولة فهمها.
تعتمد طريقة ورقة الصعوبات على حذف ما نفهمه من الورقة, ثم إضافة أى جزء آخر لم نفهمه بعد، وفى ليلة الاختبار تتم قراءة الصعوبات الأخيرة المتبقية عدة مرات، حتى نصل إلى الملاحظات الأخيرة التى يحسن قراءتها قبل الاختبار بدقائق.
عند تسلم ورقة الاختبار، يجب أن نتأمل ما فيها لمدة دقيقة ثم نعود للاختبار مرة أخرى ونقرأه بالكامل، وإذا واجهنا مشكلات وشعرنا بالخوف، فالحل هو أخذ نفس عميق، ثم التفكير فى كلمات تشجعنا وتوحى لنا بالقدرة على النجاح، مع محاولة الاسترخاء والتركيز فى الاختبار. •