الإثنين 21 أكتوبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

أنا.. زهرة الربيع!

أنا.. زهرة الربيع!
أنا.. زهرة الربيع!


ثمة علاقة تربط بينى وبين الربيع.. علاقة لا أعرف لها تفسيرا أو عنوانا.. ربما لأن معنى اسمى هو «زهرة الربيع» وهو ما جعلنى دائما أشعر-بكل تواضع - بأننى أجمل وردة فى رياحين الحياة.. ولم لا فالقصة وراء إصرار والدتى على تسميتى بهذا الاسم فى غاية الغرابة: فكانت أمى تتابع أحد البرامج التليفزيونية، وكان ضيف الحلقة الكاتب الكبير والقامة الفكرية الأستاذ فاروق شوشة الذى تحدث عن ابنتيه «رنا ويارا» ومن هنا وقعت  أمى فى غرام  الاسم .
وكلما سألها الناس عن معناها أجابتهم: هى قصة إغريقية قديمة لفتاة فائقة الجمال تدعى «هيرا» كانت دائما ما تتنزه فى الحقول وتتنقل كالفراشة بين الزهور خاصة فى الربيع، ومن شدة ولع أحد الآلهة  بها قام بخطفها وتزوجها.. فأخذت والدتها فى البحث عنها بين المزارع وهى تبكى حتى ظهر لها هذا الإله وطمأنها على ابنتها وأخبرها أنه تكريما لمحبوبته فقد قرر أن يجعل  شهر «آيار» (مايو)  هو شهر الربيع تخليدا لذكراها.. ومع تحريف الاسم على مدار السنين ظهر اسم يارا.. اسمى.. زهرة الربيع!!
ربما ليست هى علاقتى الوحيدة بالربيع؛ فمثلما كان لوالدتى دور كبير فى تسميتى باسمى الذى اقترن بالربيع؛ ارتبط حلول فصل الربيع -بالنسبة لي- بوالدتى أيضا.. فمنذ نعومة أظافرى تعودت أمى على الاستماع إلى «إذاعة أم كلثوم» التى تبث أثيرها عبر موجات الـAM  فكانت عادتها اليومية أن تضبط مؤشر الراديو فى تمام الخامسة مساءً على المحطة لتبدأ إرسالها بأغنية لأم كلثوم تليها أغنية لمحمد عبد الوهاب ثم أخرى لعبدالحليم حافظ ثم فريد الأطرش.
أذكر جيدا أنه فى ذات يوم عدت من المدرسة مرهقة للغاية وغرقت فى سبات عميق لم أستيقظ منه إلا على صوت  فريد الأطرش يشدو «وآدى الربيع عاد من تانى والبدر هلت أنواره وفين حبيبى اللى رمانى من جنة الحب لناره».
ومن حينها ترسخ فى ذهنى أن هناك معادلة بسيطة جدا إذا تحققت تأكدت من حلول فصل الربيع وهى إذاعة أم كلثوم وصوت فريد الأطرش وأغنيته «الربيع»  وفنجان شاى الساعة الخامسة فى يد أمى وهى «تسلطن» على صوت الأطرش الذى تعشقه.
صور ومعانٍ استقرت بذاكرتى مرت عليّ كشريط السينما؛ ولا يزال عبيرها يفوح فى أنفي؛ مشاهد لا تغيب عن خيالى ربما لتظل تذكرنى بحقيقة واحدة أراها دوما -تحديدا كل ربيع - فى عيون أمى التى كانت وستظل التجسيد الفعلى لكل آيات الجمال والحب.
وبمناسبة أعياد الربيع أهدى أمى أزهى باقات الورود وأقول لها: إذا كنت أنا «زهرة ربيعك» فأنت ربيع حياتى.•