الإثنين 26 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
وليد طوغان

بالوثائق: مصر تنقذ بلجيكا من الجوع!!

بالوثائق: مصر تنقذ بلجيكا من الجوع!!
بالوثائق: مصر تنقذ بلجيكا من الجوع!!


عندما اشتعل العالم بنيران الحرب العالمية الأولى فى عام 1914.. كانت مصر هناك فى الصفوف الأمامية.. حيث قدمت مصر  أكثر من مليون مواطن مصرى للقتال والمعاونة فى صفوف قوات الحلفاء فى هذه الحرب.. استشهد منهم 60 ألفاً، هؤلاء المصريون- بشهادة الجميع- تركوا بصماتهم المضيئة فى ميادين القتال بداية من سيناء المصرية ومرورا ببلاد الشام والعراق وصولا إلى بلجيكا وفرنسا واليونان ومالطا... وعندما انتهت الحرب احتفل الحلفاء بالنصر لكن ..بدون مصر!!

المؤلم أنه طوال مائة عام هى عمر هذه الحرب العظمى تتجدد الاحتفالات بالذكرى الخالدة لهذه الانتصارات، وأيضاً تغيب مصر!! لم يرتفع أبدا علم مصر ضمن أعلام الدول الأخرى التى شاركت فى الحرب ، وضاع حق الشهداء وما لهم من امتيازات، وضاع حق مصر فى أن تكون أماكن دفنهم جزءا من أراضيها وفقًا للنصوص الدولية لاتفاقيات الحروب.
فقط فى العام الماضى وافقت بريطانيا على رفع علم مصر فى هذه المناسبة، وإقامة نصب تذكارى إحياءً للدور العظيم الذى لعبه الجيش المصرى فى هذه الحرب. وفى وقت لاحق، وافقت إيطاليا واليونان على القيام بخطوات بهذا الشأن.
وفى نوفمبر الماضى، حيث تحتفل بلجيكا ودول العالم باليوبيل الذهبى للحرب العالمية الأولى، تم رفع علم مصر بشكل لائق ومشرف هناك بوجود وفد مصرى رفيع المستوى. وذلك بعد سنوات من الجحود والنكران للدور المصرى والادعاء أن التمثيل المصرى فى هذه الحرب كان تمثيلاً «شكلياً»!!
هذا التحول فى الموقف البلجيكى لم يكن سهلاً بل تطلب الكثير من الجهد والعرق بمبادرة شخصية تزعمها د.أشرف صبرى بما عرف عنه من رغبة فى استعادة حق مصر فى مكانة تستحقها وتضعها فى مصاف الدول العظمى.
فى البداية رفض الدكتور أشرف صبرى حفيد اللواء إبراهيم باشا صبرى من سلاح الفرسان الذى حارب فى الحرب العالمية الأولى ضمن 100 ألف جندى مصرى إلا أن يكرم جده وزملاؤه الذين حاربوا على الأراضى البلجيكية، فعلى الرغم من تعرض ما يقرب من95% من أراضى بلجيكا للاحتلال أثناء الحرب العالمية الأولى، فإن الـ5% الحرة الباقية من أراضى البلاد تم الدفاع عنها بواسطة الخنادق التى حفرتها السواعد المصرية.
ليس هذا فقط بل لقد دفعت مصر أموالا لكل من إنجلترا وبلجيكا لإنقاذ الثانية من الجوع ولدعم الأولى فى حربها. كما أن السلطان فؤاد الأول سلطان مصر وقتها أرسل أموالا (فى الفترة من 1918 إلى 1920) تقدر بثلاثة ملايين فرنك فرنسى لإنقاذ الشعب البلجيكى من الجوع ومرض السل عبر لجنة الإغاثة البلجيكية، حتى إن ملكة بلجيكا وقتها أرسلت خطابات بخط يدها تشكر شعب مصر على إنقاذه للشعب البلجيكى. وكانت هذه أعلى قيمة تبرعات وصلت لبلجيكا حتى إن الملك ألبرت والملكة إليزابيث زارا مصر بعد الحرب العالمية مباشرة لتقديم الشكر للشعب المصرى، وقاما باستقلال القطار لأول مرة فى حياتهما، حيث إن مصر ثانى دولة فى العالم تدخل قطار السكة الحديد، وشعرا بالفخر بعد ركوبهما القطار وتمنيا أن تصل بلجيكا للتقدم الهائل الذى تعيش فيه مصر آنذاك.
• صاحب حق موثق!!
يقول د. أشرف صبرى: أرسلت خطاباً مسجلاً لملك بلجيكا أشرح له القضية، وبصفتى حفيد أحد شهداء هذه الحرب، موضحا فى خطابى أنه لا يمكن أن تكون الدولة التى تحفظ حقوق الإنسان هى التى تحرم المصريين حقوق تمجيد ذكرى أجدادهم الذين استشهدوا فى بلجيكا، كما حدث فى فرنسا وإيطاليا واليونان وإنجلترا، فلم يرد على خطابى أحد.. كانت بلجيكا هى الدولة الوحيدة التى تمنع مصر من رفع علمها فى هذه الاحتفالية، فأعددت ملفاً كاملاً بصور الوثائق وصور الشيكات التى قدمتها مصر كمعونة لشعب بلجيكا وأرسلتها لكل الصحف هناك وجمعيات حقوق الإنسان فأرسل لى السفير البلجيكى فى مصر يطالبنى بوقف هذه الحملة التى كان لها دوى هائل هناك وكنت قد وظفت مهاراتى فى الكتابة بأربع لغات، ولأنى مجرد مواطن ولست أى جهة رسمية علاوة على كونى حفيدا لأحد شهداء هذه الحرب جعلنى هذا أتحرك بحرية وأخاطب أى جهة بقوة لأنى صاحب حق موثق ومقدر!!
ويضيف د. أشرف أنه تعجب من عدم الاستجابة، إلا أن ذلك زاده إصرارا، وبعد شهرين قام بإرسال خطابه هذا مدعما بالوثائق للصحافة البلجيكية، ومنظمات حقوق الإنسان هناك، يقول: وبعد أسبوعين من حملتى هذه فوجئت باتصال من الملحق العسكرى المصرى فى بلجيكا يخبرنى بأن ملك بلجيكا قام بإرسال دعوة للرئيس المصرى بناء على مخاطباته التى اقتنع بها وبالوثائق المقدمة. وأنه قد تأثر كثيراً، بخطاب الشكر الذى أرسلته جدته الملكة إلى مصر.. وثنائها على الدور المصرى فى مساعدة شعب بلجيكا. وعندها قام الدكتور أشرف بتسليم الرد إلى وزارة الدفاع، فتقرر مشاركة الجيش المصرى بوفد من قادة أركانه، وبالفعل وللمرة الأولى وبعد مائة عام ارتفع العلم المصرى فى احتفالات الذكرى المئوية للحرب الأولى.. وأثبت دكتور أشرف أنه ما ضاع حق وراءه مطالب.
وهكذا اضطر ملك بلجيكا لتوجيه دعوة خاصة إلى الرئيس السيسى لحضور الاحتفالية التى تقام لتكريم شهداء الحرب العالمية الأولى فى الحادى عشر من نوفمبر من كل عام فى ذكرى الحرب، التى تم فيها رفع العلم المصرى لأول مرة فى بلجيكا اعترافا منها بفضل الجنود المصريين فى هذه الحرب.
وهكذا انتصر د. أشرف صبرى فى جانب من معركته لاستعادة «حق مصر» لدى البلجيك. ولم يكن ذلك سوى جزء يسير لرد جميل شهداء مصر من أبناء القوات المسلحة الذين دافعوا بأرواحهم عن الوطن وعن الكثير من دول العالم على مر التاريخ انتصارا للحق والإنسانية.
• رد خطير من السفير!!
على الفور تكونت بعثة رسمية من مندوب من رئاسة الجمهورية وبعض قادة الجيش وبعض الشخصيات العامة ود.أشرف الذى يقول «لقد سعدت كثيراً عندما رأيت مندوب مصر يقف فى مكان متقدم على مندوب أمريكا فى احتفال بلجيكا بالعيد المئوى لذكرى الحرب العالمية الأولى».
ويضيف: تقدمت باقتراح أن نكون مجموعة تمثل وفداً شعبياً من حوالى ستة أشخاص: أنا والمستشارة تهانى الجبالى وسعادة السفير محمد شاكر وغيرهم ونسافر على حسابنا الشخصى لنلتقى مع الجالية المصرية فى بلجيكا وننظم لمؤتمر صحفى هناك نشرح فيه حقيقة الوضع المصرى والجيش المصرى فنكون خير سفير لمصر فى بلجيكا.. أعددنا كل شىء واتصلنا بأفراد من الجالية المصرية هناك وأعربوا عن سعادتهم وتشجيعهم ومعاونتهم فى إعداد هذا المؤتمر المهم، وقبل موعد السفر بأسبوع، فوجئنا برد غريب من سفيرنا هناك بإنه لا داعى مطلقاً لأى وفود شعبية ليتم الاحتفال الكبير بوجود كل الجاليات الأجنبية فى بلجيكا ماعدا وفد وجالية مصر.. والمثير أنك تجد هناك أعداداً من الإخوان (الشياطين) يملأون السفارات المصرية فى الخارج بينما السفراء المصريون هناك لا يتعدى دورهم مجرد وكلاء لمكاتب الطيران travel agent للوزراء وكبار مسئولى الدولة.
• لا يسقط بالتقادم!!
الخبر الجديد والسعيد أن البرلمان الإنجليزى قد أعلن مؤخراً أن بلاده سوف تسدد2مليار جنيه من ديونها فى عام الحرب 1917، وهذا الاعتراف يؤكد أن الدين لن يسقط بالتقادم ويعطينا أملاً فى استرداد إن لم يكن كل فليكن جزءًا من حقوقنا المادية تجاههم.. لذلك أعددنا لجنة من المستشارة تهانى الجبالى التى تمتلك خلفية قانونية دستورية عالمية ومدير هيئة البحوث العسكرية بالقوات المسلحة ود.على الغتيت والوزيرة فايزة أبو النجا وأنا لإعداد مذكرة تفصيلية مكتملة الشكل القانونى فأهم شىء فى هذا الصدد هو تفعيل القانون الدولى الذى سيمكننا من استرداد حقوقنا المشروعة..
هل ينجح د. أشرف ورفاقه فى استعادة حقوق مصر والمصريين ورد الدين إلى أهله!!
دعونا نتفاءل وننتظر و.. نرى..
لكن ماذا فعل أجدادنا فى الحرب العالمية الأولى؟؟
 أنها فصول من أسطورة يجب أن نتيه بها فخرا وندرسها لأبنائنا على مر العصور.
أسطورة أمضى د.أشرف صبرى أكثر من 17 عامًا من عمره فى كشف أحداثها، وهو ما مكنه من التوصل إلى معلومات مدعومة بالوثائق عن دور مصر فى الحرب العالمية الأولى ضمنها فى مؤلفه المهم: «رحلة إصرار.. مصر سبب النصر فى الحرب العالمية الأولى».
الفصل الأول: أهمية دور مصر فى الحرب العالمية الأولى.
الثانى: الجيش المصرى ودوره فى الحرب.
 الثالث: الاعتراف بدور سلاح الهجانة المصري- الحدود حاليًا- فى الحرب.
الرابع: أسماء الشهداء المصريين ومقابرهم فى أوروبا.
الخامس: مواقع مقابر الكومنولث فى أوروبا.
السادس: اعترافات رسمية بأهمية الجيش المصرى فى الحرب.
السابع: بدء الاتصال بالمسئولين فى مصر.
الثامن: تغيير جميع القيادات العسكرية بعد اختيار أول رئيس من الإخوان لمصر بعد الثورة.
التاسع: توصية بإنشاء منظمة مصرية لشهداء مصر فى حروبها فى العصر الحديث.
العاشر: جدول حروب الجيش المصرى فى العصر الحديث فى مصر والعالم.
عشرة فصول ترصد كل زوايا هذه الأسطورة أعدكم بمحاولة تقديمها على صفحات صباح الخير فى أعداد لاحقة ربما تسهم فى الكشف عن ذلك المصرى الأصيل المختبئ فينا ليخرج المارد من قمقمه ويعيد ما فاته من أمجاد.
إحدى هذه الزوايا يمكن اعتبارها رحلة لرفع علم مصر فوق أرض أوروبا بالكشف عن أسرار ما حققه الجيش المصرى من انتصارات فى الحرب العالمية العظمى.. مع مقارنة تاريخية بعلاقة جيش مصر بالشعب حتى ثورة 30 يونيو 2013 ومقارنة تاريخ الإخوان المسلمين.
زاوية أخرى نرصدها كدراسة من نوع جديد فصاحبها أستاذ طبيب وله اهتمامات تاريخية واسعة ويحمل بين جنباته الصفات النقية للشخصية المصرية، وإن كانت نشأته وتكوينه قد أضفيا عليه ميزة التنقيب عما يمكن أن يترجم به ليعبر عن مدى عشقه لوطنه، وبالتالى فقد غاص وخطط ورصد وحلل بعقليته الرصينة فيما غفل عنه الزمان بشأن ما قدمته مصر للعالم فى أشد محنة أثناء الحرب العالمية الأولى.. ومن أجل ذلك مضى فى طريقه ليبرهن للجميع أنه بفضل بلده وبتضحيات رجالها وتقديم أموالها وخدمة اقتصادها استطاعت بريطانيا، ومن انضم إليها فى الحرب أن تحصد النصر.
ثم هو- من زاوية أخرى- يعتبر مستندًا وثائقيًا دقيقًا عربيًا ودوليًا بذل فى تجميعه وتحقيقه من الجهد والعرق والوقت والمال الشخصى ما يبعث على الفخر والاعتزاز، لأن دافعه الوحيد هو حب مصر والرغبة فى حفظ حقوق شهدائها الذين ضحوا بدمائهم الغالية فى سبيل تحرير أوطان الآخرين!
نعم إن مصر بخير مادام فيها من يتفانى فى حبها بالعمل والجهد وربما بالمال أيضاً.. نعم إن مصر بخير مادام فيها أمثال المصرى أشرف صبرى. •